المحتوى الرئيسى

فيروس كورونا: كيف أدى الوباء إلى إنقاذ حياة النحل البري؟

06/01 13:07

هذه روابط خارجية وستفتح في نافذة جديدة

بينما لزم الناس منازلهم هذا الربيع استراحت الحياة البرية من أثر البشر والمركبات والملوثات. وفي إسرائيل شوهدت الخنازير البرية في شوارع مدينة حيفا، بينما وصلت الدلافين إلى مياه البوسفور التركية التي تزدحم عادة بحركة السفن.

ويشير العلماء إلى حاجة النحل البري إلى الانتعاش مجددا، بعدما تناقصت أعداده تناقصا سريعا حول العالم بسبب فقد بيئته الطبيعية والتلوث واستخدام المبيدات، وغيرها.

وتقول جيل بركينز، مديرة هيئة حماية النحل بالمملكة المتحدة: "هذه الكائنات ذات أهمية كبرى للغذاء الذي نستهلكه وللريف كما نعهده، فهي تسدي خدمة مكتملة للنظام البيئي".

وبدون النحل سيختلف العالم تماما وستتغير حياتنا بشكل هائل، لأنه يعد المُلقِّح الأهم بالعالم، إذ يلقح ثلث الطعام الذي نتناوله و80 في المئة من النباتات المزهرة. وتناهز القيمة الاقتصادية العالمية للنحل والحشرات الملقحة الأخرى 150 مليار دولار وتسهم بنحو 850 مليون دولار في الاقتصاد البريطاني سنويا، وفق دراسة أجرتها جامعة ريدينغ.

وكان الانخفاض الكبير في تلوث الهواء من بين الآثار البيئية الضخمة التي خلفها الإغلاق على مستوى العالم، إذ أن انخفاض عوادم السيارات بالطرق يساعد النحل كثيرا في القيام بعمله، فتلوث الهواء يقلل بشدة أريج الزهور، بحسب دراسة أجريت عام 2016. وتؤدي الملوثات لتحلل جزيئات الأريج المنبعث من النباتات، ما يصعب على النحل رصد غذائه، وبالتالي يتعين عليه قطع مسافات أطول بحثا عن الرحيق قبل العودة لأعشاشه.

وقد وجدت الدراسة أن تركيزات الأوزون بمقدار 60 جزءا للمليار، وهو ما تصنفه الهيئة الأمريكية لحماية البيئة كمعدل "منخفض"، تكفي لإحداث تغييرات كيميائية تشوش النحل وتحد من قدرته على البحث عن غذائه.

ويقول مارك براون، أستاذ علم البيئة التطوري بجامعة رويال هولواي بلندن: "حين يقل تلوث الهواء لا يلزم على النحل قطع مسافات طويلة ويمكنه التقاط المزيد من الرحيق، وبالتالي يكون قادرا على تربية عدد أكبر من صغاره".

ويقول براون إن لقلة المركبات في الشوارع فوائد أخرى للنحل إذ يرجح أن يقل عدد النحل الذي يموت مع تراجع السيارات خلال الإغلاق. وفي عام 2015 قدرت دراسة أجراها باحثون كنديون عدد النحل الذي قتلته المركبات على الطرق بأنحاء أمريكا الشمالية بـ 24 مليارا سنويا.

ومع تقليص البلديات البريطانية للنفقات بسبب جائحة كورونا، عدل الكثير منها عن قطع الحشائش التي تنمو بجانب الطرق ما جعلها بيئة خصبة للنحل. ويقول براون إن انتشار الزهور بها "أفاد النحل بما وفره من طعام إضافي زاد من تعداده".

وقد حث خبراء البيئة بالمملكة المتحدة البلديات على ترك الحشائش تنمو لسنوات بجانب الطرق، وأطلقوا حملة باسم: "أتركها، لا تقصها!"

ويشير براون إلى أن البلديات ربما أدركت الآن الفائدة المالية والبيئية لعدم قطع الحشائش خلال الإغلاق، وربما تواصل تركها بعد رفع القيود المفروضة حاليا.

لكن المتنفس الذي وجده النحل البري لا يعني بالضرورة زيادة إنتاج العسل، إذ واجه أصحاب المناحل والمزارع الذين يعتمدون على النحل في تلقيح محاصيلهم صعوبات بسبب القيود المفروضة على السفر.

ويشير جيف بتيس، رئيس اتحاد أبيمونديا الدولي للمناحل، إلى اعتماد المناحل التجارية في كندا والعديد من البلدان الأوروبية بكثافة على العمال الموسميين واستيراد ملكات النحل من أنحاء العالم لاستمرار خلايا المناحل. وتحصل بريطانيا، على سبيل المثال، على العديد من ملكات نحل العسل من إيطاليا، وينقل النحل عادة جوا.

لكن بتيس يقول إنه مع توقف الحركة الجوية في أوروبا يجري نقل النحل الآن بريا "وإذا لم تجد المناحل العمالة المطلوبة لإنتاج العسل ستكتظ المناحل"، ما سيدفع النحل للتفرق وتشكيل مستعمرات جديدة قبل الآوان.

ومن شأن هذا أن يخلف تداعيات خطيرة على المزارع، إذ يعتمد كثير من أصحابها على نقل خلايا النحل التجارية لتلقيح مزروعاتهم. وتقدر وزارة الزراعة الأمريكية قيمة ما يلقحه النحل من محاصيل في الولايات المتحدة، كاللوز والقثاء والقرع، بنحو 15 مليار دولار سنويا.

وهناك حاجة إلى حوالي مليوني مستعمرة نحل لإنتاج اللوز في ولاية كاليفورنيا وحدها، على سبيل المثال. وتزهر أشجار اللوز في فبراير/شباط ومارس/آذار، وبحلول إبريل/نيسان تُنقل خلايا النحل التجارية لبقاع أمريكية أخرى لتلقيح زراعات غير زراعات اللوز. وخلال العام الجاري، استغرق نقل النحل أمدا أطول من المعتاد لالتزام بعض السائقين بالحجر الذاتي لمدة 14 يوما قبل العبور من ولاية لأخرى.

ورغم التحسن المؤقت لوضع النحل البري، فقد أعاقت قيود السفر محاولات حماة البيئة لجمع المعلومات عن وضع الحشرات. وعادة ما يدرس الباحثون انتشار الحشرات كل ربيع، لكن الهيئة البريطانية لحماية النحل اضطرت لتعليق بحثها الشهري الذي يباشره متطوعون خلال رحلات لرصد أعداد النحل الطنان في البلاد.

وتقول بركينز: "لا تعد رحلات البحث من المهام الضرورية في ظل الحظر، وبالتالي طُلب من المتطوعين التوقف ولم يعد بإمكاننا جمع المعلومات".

وتقول كلير كارفيل، الباحثة البيئية التي تدير برنامج رصد الحشرات الملقحة ببريطانيا، إن الباحثين البيئيين ناشدوا الجمهور المساعدة في جمع البيانات العلمية في تلك الأثناء، من خلال ما يوصف بـ"عِلم المواطن"، كبديل عن الدراسات الرسمية المتوقفة الآن.

ويمكن لأي شخص المشاركة في البرنامج عبر ملء بيانات ما يعرف بحساب معدل زيارة الحشرات للزهور، وذلك بمتابعة مساحة صغيرة من الزهور في حديقته لمدة 10 دقائق وعد الحشرات التي يلاحظها وملء استمارة على الإنترنت.

وتقول كارفيل: "يمكن لأي شخص أمامه مساحة من الزهور ولديه بضع دقائق القيام بذلك"، مشيرة إلى أن الأقبال هذا العام كان كبيرا على المشاركة في حملة "علم المواطن".

وفي إبريل/نيسان الماضي، تم ملء 250 استمارة على الإنترنت – أكثر من ضعف العدد الذي تلقوه في نفس الفترة من العام الماضي. وتقول كارفيل: "استمتع الناس بالقيام بشيء محدد خلال وقتهم".

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل