مصر- كورونا تعمق هموم اللاجئين الأفارقة

مصر- كورونا تعمق هموم اللاجئين الأفارقة

منذ ما يقرب من 4 سنوات

مصر- كورونا تعمق هموم اللاجئين الأفارقة

في مايو/ أيار عام 2019، أتت إخلاص مع شقيقتها، إلى القاهرة هرباً من النزاعات المسلحة في مدينة كردفان السودانية، لتحصل بعدها على اللجوء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتعمل هي وشقيقتها كعاملات في المنازل حتى بدأت أزمة كورونا تتكشف، ومعها بدأ المواطنون يتخذون احتياطاتهم ويلتزمون منازلهم فخسرت الشقيقتان مثل كثير من عاملات المنازل وظيفتهن.\n"قالوا لنا فيه مرض خطير وأمراض معدية، ولم نعد نحتاج لخدماتكم"، تقول إخلاص في حديث مع DW عربية، بعدما فقدت عملها هي وشقيقتها لدى إحدى الأسر المصرية وسط العاصمة المصرية القاهرة.\nفي البداية ظنت إخلاص وشقيقتها أن الأزمة لن تستغرق أكثر من شهر، لكن مرت حتى الآن أكثر من ثلاثة أشهر ولم ينته الأمر بعد كما "لم يطلبهن أحد للعمل مجدداً منذ ذلك الحين". فيما تشكو من غياب المساعدات التي تقدمها المنظمة.\n5 ملايين لاجئ في مصر\nومنذ منتصف مارس/ أذار، قلّصت مفوضية اللاجئين أنشطتها مع التعهد باستمرار تقديم المساعدات المالية، وخصصت خطوطاً هاتفية طارئة لتلقي شكاوى اللاجئين. ونصحت المفوضية اللاجئين وملتمسي اللجوء باتباع التوصيات المقدمة من السلطات المصرية وخاصة وزارة الصحة والسكان ووزارة الداخلية للتعامل مع الفيروس.وسجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكثر من 249 ألف لاجئ وطالب لجوء في مصر حتى يونيو/ حزيران 2019، من بينهم أكثر من 43 ألفاً من السودان. وهم يمثلون ثاني أكبر جنسية من اللاجئين الذين يعيشون في مصر، بالإضافة إلى جنسيات إريتريا وإثيوبيا والعراق وجنوب السودان وسوريا واليمن. وتقول الحكومة المصرية إن عدد اللاجئين والمهاجرين في مصر بلغ أكثر من 5 ملايين.\nالبطالة ودوامة الخوف من الفيروس\nفي زمن كورونا، لم يقتصر الأمر على فقدان غالبية اللاجئين لأعمالهم وتردي أحوالهم الاقتصادية، بل تعاظمت مخاوفهم من الإصابة بالفيروس، في هذا السياق تقول السيدة السودانية "وضعنا صعب وخايفين، لذلك نحن ملتزمين بالمنزل ونغادره في أضيق الحدود".\nوأضافت "بناخد احتياطاتنا ونرتدي الكمامة عند نزول الشارع، ونستخدم المطهرات وأدوات التعقيم قدر المستطاع"، فيما تنتظر انتهاء الأزمة حتى تعود لعملها.\nوأكدت بعثة منظمة الصحة العالمية بالقاهرة في مؤتمر صحفي يوم 30 مارس/ آذار، أن الحكومة المصرية منذ فترة ومع تطبيق المبادرات الرئاسية التي تتعامل مع اللاجئين كجزء من المجتمع، من حيث توفير كل الخدمات الصحية وتقديم العلاج مجاناً، وهو ما سيتم اتباعه في حالة كورونا.\nعلى كرسي متهالك، جلست إسكالو فيرتانيوس كيداني السيدة الإريترية تروي قصتها إذ تكافح للعيش مع طفلتيها الأولى عمرها عامين ونصف والثانية عاماً، منذ أن وطأت قدمها إلى مصر قبل 3 أعوام هرباً من قسوة الحياة هناك وحبس زوجها.\nاستغرق أمر حصولي على تصريح اللجوء عدة أشهر، بعدها حصلت على مساعدات غير منتظمة، تقول إسكالو لـ DW عربية، "أجريت مقابلات عدة بالمفوضية طلباً للمساعدة لكنهم كانوا يطالبونني بالبحث عن عمل".\nمع طفلين صغيرين بلا عمل ولا مال ولا مساعدات\nحاولت البحث عن عمل، وذهبت لمكتب لعمالة الأجانب في منطقة الزمالك، وعندما يعرفون ظروفي وأن لدي طفلتين بحاجة للرعاية "يقولون لي سنتصل بكِ، ولا يفعلون". لاحقا ذهبت للشكوى بمكتب منظمة سانت أندروز لخدمات اللاجئين التي تساعد الأسر التي تواجه مشكلات انقطاع المساعدات من المفوضية، "ظلوا يساعدوني حتى شهر مارس/ آذار، حينها قالوا لي لن نستطيع مساعدتك بعد الآن"، تضيف إسكالو.\nمجموعة ناشطين أفارقة ومصريين يقدمون مساعدات للاجئين الأفارقة\nمع انقطاع المساعدات المادية، تخلت إسكالو عن أثاث شقتها والأجهزة الكهربائية التي كانت بها، كما عجزت إسكالو عن دفع الإيجار لأكثر من شهرين، "أبلغني صاحب العقار بأنه يمر بظروف صعبة، ولا يستطيع أن يتحمل عدم دفع الإيجار أكثر من ذلك".\nرغم تأثرها بأزمة كورونا، إلا أنها لا تعرف أصلا أي شيء عن الوباء ولا تخرج كثيرا من المنزل، حتى أن جارتها أعطت لها زجاجة مطهر لم تعرف كيف تستخدمها، وتقول: "لا فرق بين حالة كورونا وحالتي، ما يهمني الآن في أن أجد طعام لطفلتي".\nوسبق وأن حذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في فبراير/ شباط 2019، من أن برامج الدعم الأساسية للاجئين في البلاد تتعرض لضغوط شديدة، وذلك بسبب الارتفاع في أعداد الوافدين وعدم كفاية الموارد، بسبب اتساع رقعة النزاعات.\nوخلال العامين الماضيين، ازداد عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر بنسبة 24%، ويعيش حوالي 80% من مجموع هؤلاء في ظروف إنسانية بائسة، عاجزين عن تلبية حتى أبسط احتياجاتهم كالغذاء أو المأوى أو الرعاية الصحية، بحسب الموقع الرسمي للمنظمة.\nرماذ قاضي اذماتي ناشطة سودانية في مساعدة اللاجئين من جنسيات مختلفة\nتفاقم أزمة كورونا على اللاجئين، بات يعيق نشاط المبادرات التطوعية لمساعدتهم مثل مبادرة "إحنا أهلك.. إحنا ناسك"، التي دشنتها الشابة السودانية رماذ قاضي اذماتي العام الماضي لمساعدة اللاجئين من جنسيات مختلفة، مع 15 متطوعاً من جنسيات مختلفة ومصريين أيضا. فساعدت إسكالوا وغيرها ممن عجزوا عن سداد الإيجار وقدمت لها بعض المساعدات المادية.\nتقول رماذ، التي تعيش في مصر منذ 20 عاما، لـDW عربية، "بدأنا نشاطنا العام الماضي من خلال جمع التبرعات وتوزيع المساعدات على اللاجئين من جميع الجنسيات، لكن الأوضاع هذا العام صعبة حيث تشكو كثيرون من أن أزمة كورونا تسببت في توقف جميع الأنشطة التى كانوا يعملون بها مما أدى لعجزهم عن سداد إيجارات المساكن".\nالناشطة السودانية رماذ تضيف "نقدم لهم مساعدات مادية لحمايتهم من التشرد في المقام الأول بعدها نعمل على توفير مساعدات غذائية، حيث نوفر 150 وجبة يومياً لتوزيعها عليهم". نشاط رماذ شجع لاجئين آخرين مثل عبد العزيز الشاب الإريتري وزملائه من شباب وفتيات دشنوا حملة "الطمأنينة" لمساعدة متضرري أزمة كورونا في مجتمع اللاجئين الإريتريين.\nيقول عبد العزيز بينما يجهز وزملائه هدايا للأطفال احتفالا بالعيد: "بدأنا نشاطنا في منتصف شهر رمضان الحالي بعدما وجدنا استغاثات للاجئين وشكاوى من تضررهم من الأزمة... غالبيتنا طلاب ونحاول أن ندخر من مصروفنا لتقديم أي مساعدة حتى لو كانت بسيطة".\nفي السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.\nأثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.\nتعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.\nفي عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.\nبالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.\nلا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.\nالجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .\nتتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.\nعرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.\nمنذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.

الخبر من المصدر