المحتوى الرئيسى

أزمة كورونا ومسارات الانتخابات الأمريكية المقبلة

04/10 01:03

يواجه الرئيس الأمريكي أزمة كبيرة في الكونجرس، لا تقتصر علي التوجهات المطروحة من نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب بل وعدد كبير من أعضاء الحزب الديمقراطي، والذين يسعون لاستثمار ما يجري في اطار معالجات أزمة كورونا من قبل مسئولي الإدارة الأمريكية

وبالتالي فهناك توقعا باستمرار التجاذب بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي علي إدارة الأزمة، وارتباط ذلك بإجراء الانتخابات الاستهلالية للرئاسة، وتوقف المناظرات العلنية وبصورة غير مباشرة للتصفية النهائية، وهو ما سيواجه بأزمات حقيقية ليست متعلقة فقط بكيفية إدارة الحملة الإنتخابية للحزب الجمهوري، والتي كان يتصور أنه سيحسمها بصورة كبيرة لتأتي إشكالية كورونا لتغير من وقائع ما سيجري. 

ويتعلق ذلك ليس - بإنتقاد إدارة الرئيس ترامب لأزمة كورونا، وما يرتبط بها من تطورات خاصة وأنها كشفت عن قصور في الإدارة، ووجود عيوب هيكلية في النظام الصحي الأمريكي بأكمله - وإنما بغياب الضمانات الصحية للمواطن، وفشل الأجهزة المتخصصة ليس علي مستوي الولايات والمدن الكبرى وامتداده وإنما إلى مستوى الأمة الفيدرالية. 

وهنا مكمن الخطورة التي لم يدركها الرئيس الأمريكي، خاصة مع المقارنات الدولية الكبيرة التي تمت علي مستوي الدول الأخرى وطريقة تعاملها مع الأزمة ، فالصين علي سبيل المثال باتت في موقع أفضل، وخرجت للعالم بخطاب جديد برغم ما فيه من غموض وعملت علي استثمار أطروحاتها، وهو ما سيوظف لاحقا في إطار مقايضات جديدة ربما ستصل إلي حالة التجاذب السياسي في ملفات التعامل مع ايران، والاتفاقيات التجارية ، وحركة رؤوس الأموال ، وكلها موضوعات ستنعكس علي مسارات تعامل الإدارة الأمريكية مع الأزمة وإنعكاساتها علي اتجاهات الحملة الانتخابية الراهنة في ظل بعض الاحتمالات. 

الأول: تأجيل الخطوات الاجرائية لحملات المرشحين علي الجانبين ، وهو ما قد يؤدي في محصلته إلي احتمالات تأجيل الانتخابات الأمريكية نفسها ، وعدم إجرائها في نوفمبر المقبل حال استمرار الأزمة أو علي الأقل امتداد تأثيراتها ، وفي ظل مخاوف مطروحة علي شعبية الرئيس الأمريكي ترامب نفسه ، وتصاعد حالة الاعتراض والتحفظ علي سياسته الراهنة خاصة وأن خطابه السياسي بات يثير تحفظات سلبية في قطاعات كبيرة ، مع استمرار انتقاده المباشر لبرنامج أوباما كير وعدم وجود البديل الجاهز ، وبرغم ما صرح به الرئيس ترامب بأن الانتخابات العامة فى الولايات المتحدة ستستمر - كما خطط لها - فى الثالث من نوفمبر القادم. 

الثاني: نجاح مخطط الكونجرس في محاصرة الرئيس ترامب في دائرة محددة إثر تشكيل لجنة تقصي ومتابعة من داخل الكونجرس حول إدارة الرئيس ترامب لأزمة كورونا، وما سوف تؤدي إليه من تداعيات حقيقية مكلفة، الأمر الذي قد يفتح الباب حول اتهامات الرئيس ترامب بالتقصير، وهو اتهام يرتب له الديمقراطيون استثمارا لما يجري، وسيكون له تداعياته في كل الأحوال علي مسار الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري برغم تأجيل الحزب الديمقراطي، المؤتمر المخصص لاختيار منافس ترامب فى الانتخابات الرئاسية القادمة حتى أغسطس، والذى كان من المفترض عقده فى يوليو. 

ومن ثم فإن الدخول في مواجهات جديدة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي سيتجاوز إشكالية العزل التي نجح الرئيس ترامب في النجاة منها مع التكرار بثبات قاعدته الانتخابية، وعدم تضررها بأية انعكاسات طوال الفترة الماضية، وهو الأمر الذي سيتغير في ظل وضع الرئيس الأمريكي وفريق مستشاريه في مقارنة دائمة مع الخارج، حيث لن يكفي الخطاب الإعلامي المكرر الذي يطرحه الرئيس ترامب خاصة مع الصراع الراهن داخل الكونجرس علي تصدير أزمة حقيقية للرئيس، وهو ما سيؤثر بالفعل علي إدارة العملية الانتخابية علي المستوي الفيدرالي بأكمله خاصة - وأنه وبخلاف الخوف من كورونا والذى سيحول دون مشاركة فعالة في التصويت- هناك تصور باحتمال تراجع مشهد الانتخابات بشكل عام داخل الولايات حيث تم إرجاء الانتخابات التمهيدية، وتراجعت كافة المناظرات السياسية أمام حالة توافق إتضحت في موافقة مجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية على حزمة ترامب لتحفير الاقتصاد رغم الخلاف القائم بينهما.  

الثالث: سيكون الرئيس الأمريكي في مأزق سياسي حقيقي بسبب سرعة التعامل مع المشهد الداخلي، فمن ناحية سيعمل علي لم شمل حزبه ، ويعلي من توجهاته الإيجابية والتأكيد علي أنه نجح في تحقيق مكاسب اقتصادية حقيقية، ونهض بالاقتصاد الأمريكي ، وهو ما رفع شعبيته طوال الفترات الأخيرة لتأتي أزمة كورونا وتغير من وقائع ما يجري الرابع : لن تكون الانتخابات الأمريكية المقبلة مجرد استحقاق سياسي داخلي بل سيكون حدث مرتبط بتفاعلات ما سيجري سواء في الكونجرس أو خارجه. 

ولعل الرئيس ترامب يدرك تبعات ما يجري، وسيحاول الالتفاف عليه بما يملكه من خطاب شعبوي قادر علي التعامل مع تكتيكات الحزب الديمقراطي ، حيث يحتاج الأمر إلى حماية التصويت في عام 2020 والتأكد من أن إقبال الرأي العام مرتفع وبما يمكن مسئولي العملية الانتخابية للتأكد من أن ملايين الأمريكيين ستتاح لهم الفرصة للإدلاء باصواتهم. 

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل