المحتوى الرئيسى

أمجد مصطفى يكتب : مصر دولة الملحنين وعاصمة الطرب العربى

04/08 20:57

مصر هى دولة الطرب من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء، ومن هنا بدأت الاجساد تتمايل طربا، بجمل موسيقية تقشعر لها الابدان، مصر هى قبلة الغناء العربى، هى دولة الملحنين والمجددين فى الموسيقى والغناء، لم تمر فترة زمنية الا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة، هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش، وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب وسلامة حجازى ومحمد عثمان، هنا أرض الكنانة والمكانة.

مصر هى الشريان الذى قام بتغزية العالم العربى بكل حرف وجملة غنائية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الاذاعة المصرية التى حملت عبر اثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الاصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكرنا ماضينا الجميل. فى حلقتين سابقتين ذكرنا أن مصر فنانة من 7 آلاف سنة فى الجزء الأولى قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفه عامة، وريادته، وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى. وفى هذا الجزء الثالث سنواصل رغم فيروس الكورونا المنتشر عالميا تاريخنا فى عالم التلحين، وما أكثر ما قدمت مصر للعالم العربى من ملحنين، لذلك فالجزء الخاص بالملحنين سوف نواصل الكتابة عنه لعدة اجزاء حتى نعطى هؤلاء الرواد حقهم الطبيعى.

<< الشيخ محمد عبدالرحيم المسلوب 1793- 1928 اشتهر بتلحين الأغانى على طريقته اللى ابتكرها لتكون نواة لأسلوب مختلف يمكن أن يكون نموذجا لإبداع فن جديد. انتشرت ألحانه وسطع نجمه وأصبح بالفعل صاحب مدرسة جديدة فى التلحين والغناء، اعتمدت على الألحان المصرية المحلية اللى استمدها من الفن الشعبى. كانت هذه المدرسة هى الأساس الذى سار عليه عبده الحامولى ومحمد عثمان فى أواخر القرن التاسع عشر، حيث قاما بتطوير قالب الدور القديم إلى شكله الحديث الذى ظهر فى أدوار الشيخ سيد درويش واستمر حتى سنة 1938 حين لحن الشيخ زكريا أحمد آخر أدواره لأم كلثوم «عادت ليالى الهنا».

أصبح الشيخ عبدالرحيم أستاذ عصره وعلامته فى الألحان والطرب وأتقن فنون الدور والموشح والأغنية الخفيفة، بالإضافة إلى الإنشاد الدينى وغنى من ألحانه مطرب القرن التاسع عشر الشهير محمد سالم.

من أدوراه «العفو يا سيد الملاح»، «البدر لاح فى سماه»، «فى رياض الجلنار»، «أنعم وزار زاهى الجبين»، و«أسيل خدك يتعاجب بخاله ويسحر العين»، و«جميل زمانك لك صفا»، وترك ثروة هائلة ضخمة من الألحان أصبحت مادة تراثية لأجيال من الفنانين.

<< سلامة حجازى هو مطرب وملحن وصاحب فرقة مسرحية وغنائية شهيرة ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

ولد فى عام 1852 بحى رأس التين بالإسكندرية، وتوفى عام 1917.

وتلقى مبادئ القراءة فى الكتّاب، وبدأ حياته مقرئا للقرآن الكريم وتعلم أصول فن الإنشاد وأوزان النغم والأداء.

ثم عمل مطربا وممثلا وملحنا، كما عُين شيخا للطرق الصوفية ورئيسا للمنشدين. وعمل مطربا وظل يحيى الحفلات الغنائية على التخت فى الأفراح، ثم كون تختا والتف حوله بعض الشعراء والزجالين ونظموا له قصائد لحنها بنفسه وتغنى بها بصوته، واجتهد أن يقدم القصائد القديمة فى قالب جديد.

وفى عام 1884 بدأ فى تقديم حفلة غنائية أسبوعية على مسرح «فرقة الخياط». وانضم إلى فرقة «القرداص والحداد» المسرحية عام 1885، كما انضم إلى فرقة إسكندر فرح وظل ممثلها الأول نحو ست سنوات. وفى عام 1905 كون فرقته الشهيرة التى حملت اسمه وافتتحت عروضها على مسرح «سانتى» بحديقة الأزبكية، كما قام بتمثيل الروايات المسرحية فى دار الأوبرا وشارك فيها بألحانه وصوته ومن هذه المسرحيات «هارون الرشيد» و«المظلوم» و«ليلي» و«القضاء والقدر» و«شهداء الغرام» و«البرج الهائل». وكون مع جورج أبيض فرقة «جورج أبيض وسلامة».

وقدم من ألحانه روايات «أنيس الجليس» و«أبو الحسن» و«على نور الدين» و«خليفة الصياد». ويعتبر الشيخ سلامة حجازى رائد فن الأوبريت فكان صوته يناسب هذا اللون أشادت به الممثلة العالمية «سارة برنار» عندما شاهدته فى رواية «غادة الكاميليا».

وقام بتشجيع سيد درويش وقدمه على المسرح.

<< فنان الشعب سيد درويش يعتبر الأب الروحى للموسيقى المصرية.

 ولد سيد درويش عام 1892 فى حى كوم الدكة بالإسكندرية وكان أيضاً يرفع الأذان بصوته فى مساجد الإسكندرية.

 قلب سيد درويش الأوضاع كلها فى المضمون والشكل، ولم تعد الموسيقى بعد سيد درويش تشبه ما كانت عليه قبله بأى حال، وهذا الانقلاب هو الذى أحدث النهضة الموسيقية التى استمرت بعد رحيله، اعتمد سيد درويش على أسس جديدة، حيث ارتبط اللحن بمضمون النص اى أن الموسيقى تعبر عن الكلمات، كما أنه دمج الأعمال الشعبية والتراث فى موسيقاه، حتى يمنح

لم يكن أثر سيد فى عالم الاوبريت والأوبرا العربية فقط بل كان له تأثير كبير فى الموشح والدور والطقطوقة والمونولوج الشعبى والأناشيد الوطنية وغيرها من ألوان الغناء العربى فى شتى مواضيعه فقد أضاف إلى هذه التلحين البارع الأوبريتات ومنها أوبريت شهرزاد ظهرت هذه الأوبريت للمرة الأولى أواخر عام 1920 وأوائل العام 1921 وكان انقلاب فى عالم الموسيقى العربية والألحان المسرحية، كما لحن أوبريت العشرة الطيبة النص لمحمد تيمور ونظم أغانيها بديع خيرى ولحن أوبريت الباروكة ولحن أوبريت «كليوباترا وانطونيو» اقتبس هذه الأوبرا للمسرح العربى الأستاذان سليم نخلة ويونس القاضى وقدماها لمنيرة المهدية التى قدمتها لسيد درويش لوضع موسيقاها ولكنه لم يلحن منها إلا الفصل الأول وقد حاول إتمام تلحينها فى فصليها الثانى والثالث محمد عبدالوهاب. وكان هدف درويش أن يقول للعالم اننا يمكننا أن نقدم اوبرا عربية ونجح بالفعل فى وضعنا على الخريطة العالمية لكن رحيلة المبكر، حيث مات وهو فى سن 31 عاما لم يجعله يكمل مسيرته.

سيد درويش جعل رسالة التعظيم فى الجهاد الوطنى، الطريقة التى سار عليها الشيخ سيد فى ألحانه للأوبرا كانت منهجية صحيحة وكأنه تخرج من من أرفع المعاهد الموسيقية.

وكان يقول دائما إن الموسيقى لغة عالمية ونحن نخطئ عندما نحاول أن نصبغها بصبغة محلية يجب أن يستمع اليونانى والفرنسى والرجل الذى يعيش فى غابات أواسط أفريقيا إلى موسيقانا فيفهم الموضوع الموسيقى ويتصور معانيه لذلك قرر أن يلحن «البروكة» لقد وضع لها موسيقى يفهمها العالم كله. هذا هو سيد درويش الذى وصل بنا إلى العالمية قبل أن يرى مئات ممن ادعوها الحياة. هو أول فنان مصرى وصل بالاغنية المصرية إلى العالمية سواء بالحانه الشرقية الخفيفة أو الاوبرات العربية التى قدمها.

<< محمد عبدالوهاب 13 مارس 1901–4 مايو 1991، لقب بموسيقار الأجيال. بدأ حياته الفنية مطربًا بفرقة فوزى الجزايرلى عام 1917 م. فى عام 1920م قام بدراسة العود فى معهد الموسيقى العربية. بدأ العمل فى الإذاعة عام 1934 م وفى السينما عام 1933. ارتبط بأمير الشعراء أحمد شوقى ولحن أغاني عديدة لأمير الشعراء، غنى معظمها بصوته ولحن كليوباترا والجندول من شعر على محمود طه وغيرها.

كان يعشق الاستماع إلى شيوخ الغناء فى ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازى وعبدالحى حلمى وصالح عبدالحى، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التى يغنى فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه.

حكاية عبدالوهاب مع أحمد شوقى تستحق أن تطرح لأنها تؤكد كيفية صناعة النجم وان مصر بدأتها عام 1924 عندما أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبدالوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقى الذى طلب لقاء عبدالوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبدالوهاب ما فعله به أحمد شوقى بمنعه من الغناء وهو صغير حتى لا يتأثر صوته، وذكر أحمد شوقى بذلك الذى أكد له أنه فعل ذلك خوفًا على صحته وهو طفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقى. وتعتبر السبع سنوات التى قضاها عبدالوهاب مع أحمد شوقى من أهم مراحل حياته، حيث اعتبر أحمد شوقى مثله الأعلى، كان أحمد شوقى يتدخل فى تفاصيل حياة عبدالوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب، وأحضر له مدرسا لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية.

بدأ نجم محمد عبدالوهاب يبزغ على إثر تقديم أحمد شوقى له فى الحفلات، فقدمه إلى رجال الصحافة والأدب مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والمازنى، وكذلك رجال السياسة مثل أحمد ماهر باشا وسعد زغلول ومحمود فهمى النقراشى.

ولحن له العديد من القصائد مثل: دمشق، النيل نجاشى، مضناك جفاه مرقده.

لحن للعديد من المطربين والمطربات فى مصر والبلاد العربية منهم وأم كلثوم وليلى مراد وعبدالحليم حافظ وفيروز ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد ووردة الجزائرية وصباح

<< زكريا أحمد شيخ الملحنين المصريين فى العصر الحديث أحد عمالقة الموسيقى العربية، ولد سنة 1896، لأبٍ حافظٍ للقرآن وهاوٍ لسماع التواشيح ما أكسب زكريا الحس الموسيقي. دخل الكتاب، ثم درس بالأزهر، وذاع صيته بين زملائه قارئًا ومنشدًا. درس زكريا الموسيقى على الشيخ درويش الحريرى الذى ألحقه ببطانة إمام المنشدين الشيخ على محمود، كما أخذ زكريا الموسيقى عن الشيخ المسلوب وإبراهيم القبانى وغيرهما. فى عام 1919 بدأ زكريا رحلته كملحن بعد أن اكتملت لديه معرفة الموسيقى وتفاصيلها، حيث قدَمه الشيخ على محمود والشيخ الحريرى إلى إحدى شركات الأسطوانات. فى عام 1924 بدأ التلحين للـمسرح الغنائى، ولحَن لمعظم الفِرَق الشهيرة مثل: فرقة على الكسَّار، وفرقة نجيب الريحانى، وزكى عكاشة، ومنيرة المهدية. وبلغ عدد المسرحيات 65 مسرحية لحَّن فيها أكثر من 500 لحن.

فى عام 1931 بدأ التلحين لأم كلثوم، حيث لحن لها تسعة أدوار أوَّلُها هو ده يخلص من الله سنة 1931، وحتى دور عادت ليالى الهنا سنة 1939. كما لحَّن لأم كلثوم الكثير من أغانى أفلامها مثل الورد جميل، غنى لى شوى شوى، ساجعات الطيور، قولى لطيفك. كما لحن لها فى الأربعينيات عددًا من الأغانى الكلاسيكية الطويلة التى صارت علامات فارقة فى تاريخها مثل الآهات، أنا فى انتظارك، الأمل، حبيبى يسعد أوقاته، أهل الهوى، الحلم. واختلف معها سنة 1947 حتى عام 1960 عندما لحن لها آخر روائعه هو صحيح الهوى غلاب، وتوفى فى 14 فبراير 1961.

<< محمد القصبجى 15 إبريل 1892–26 مارس 1966 كان صاحب مدرسة خاصة فى التلحين والغناء ولم يقلد أحدا فى ألحانه، وقد صنع فى ألحانه نسيجًا متجانسًا بين أصالة الشرق والأساليب الغربية المتطورة فكان بذلك مجددا ارتقى بالموسيقى الشرقية نحو عالم جديد، واهتم كثيرا بالعنصر الموسيقى إلى جانب العنصر الغنائى فى أعماله. ولد فى حى عابدين بالقاهرة، وبدأ فى مزاولة أول نشاط موسيقى له والذى تمثل فى إحياء الأفراح.

أول عمل تلحينى احترافى له هو دور (وطن جمالك فؤادى يهون عليك ينضام) من كلمات الشاعر الشيخ أحمد عاشور.

فى عام 1920 اتجه القصبجى اتجاها آخر فى تلحين الطقاطيق، والتى كتبها الشيخ يونس منها طقطوقة «بعد العشا» وطقطوقة «شال الحمام حط الحمام» وفى 1923 استمع محمد القصبجى إلى السيدة أم كلثوم وكانت تنشد قصائد فى مدح الرسول وأعجب بها وفى عام 1924 لحن أول أغنية لأم كلثوم وهى «آل إيه حلف مايكلمنيش» وظل من ذلك اليوم يعاونها لآخر يوم فى حياته، سواء كملحن أو عازف للعود فى فرقتها، باعتراف أبرز الموسيقيين والنقاد، زعيم التجديد فى الموسيقى المصرية. تعلم الموسيقار عبدالوهاب على يديه العزف على العود.

قدم القصبجى ألحانًا عديدةً للسينما وكان من أكثر الملحنين إنتاجا طوال 50 عاما وقدم للمسرح الغنائى الكثير، فقد قدم لمنيرة المهدية عدة مسرحيات هي: «المظلومة» و«كيد النسا» و«حياة النفوس» و«حرم المفتش» كما قدم لنجيب الريحانى ثلاثة ألحان فى أوبريت «نجمة الصباح».

وقام القصبجى أيضاً بتلحين الفصل الأول من «أوبرا عايدة» الذى غنته أم كلثوم فى فيلمها عايدة فى أوائل الأربعينيات وكان محمد القصبجى يتطور ولكن فى إطار المحافظة على النغمة الشرقية الأصيلة.

لحن أكثر من 90 أغنية من خلال 38 فيلما أشهرها: وداد ونشيد الأمل وليلى بنت الفقراء وشاطئ الغرام وغيرها، كما يرجع له الفضل فى تطوير قالب المونولوج بخصائص وسمات لم تكن موجودة من قبل وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة لجهوده العظيمة فى مجال الموسيقى.

لحن يا طيور لأسمهان فكان لأول مرة فى تاريخ الغناء العربى، يضع القصبجى لحنا حقق التطابق التام بين الموسيقى ومعانى الكلمات فى جميع مراحل اللحن، لقد جاء اللحن معبرًا لما جاء به النص. قدم القصبجى فى هذا اللحن حركة الطيور عن طريق الموسيقى وعبر التوزيع الهارمونى، وكانت هذه أول مرة فى تاريخ الغناء العربى تأخذ فيه الموسيقى دور البطل فى العمل الفنى، وقبل هذا اللحن كانت الموسيقى فى الغناء العربى موظفة لمرافقة صوت المطرب والتعبير عن المعانى المغناة. قدم القصبجى فى هذا اللحن أطلق عليه البعض بانه من الألحان التجريبية فى الموسيقى العربية، وهى نادرة جدا.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل