المحتوى الرئيسى

تحدٍّ والتزام في بيوت أصحاب "متلازمة داون".. ملائكة في "الحظر"

04/04 05:10

ربما يحتاجون للخروج من المنزل، والعودة لأنشطتهم الفنية والرياضية والثقافية، وممارسة حياتهم بشكل طبيعى، أكثر من أقرانهم الأسوياء، لكنهم كانوا أكثر التزاماً مع اشتداد أزمة «كورونا»، وفرض حظر التجول، واستوعبوا بفطنتهم الملائكية ما يدور حولهم من أحداث محتدمة وقلاقل.

فى زيارة لمنازل أصحاب «متلازمة داون»، لمشاركتهم أنشطتهم اليومية، فوجئنا بنماذج إيجابية فى شَغل أوقات الفراغ، فبعضهم انهمك فى الأعمال المنزلية، وآخرون أبدعوا فى المشغولات الفنية، فى حين حرص المتفوقون دراسياً على متابعة دروسهم التعليمية «أون لاين»، وضربوا مثلاً فى الجد والاجتهاد ينافى الصورة المأخوذة عنهم، فكانوا كالزهرة التى تشع جمالاً وعطراً على أفراد أسرهم، وتنشر البهجة فى بيوتهم الدافئة.

حين دخل العامل إلى البيت لإصلاح التليفون، وطلبت منها والدتها الدخول إلى غرفتها، انصاعت مريم نعيم للأوامر على الفور، فهى تعى أن مناعتها أقل من غيرها، وقد تنتقل إليها الفيروسات سريعاً بمخالطة المرضى، وفور انتهاء مهمة العامل ومغادرة البيت، أسرعت لمساعدة والدتها فى مسح الأسطح بمنظفات معقمة، وغسلت يديها جيداً ورشتها بالكحول.

«مريم» طالبة فى الفرقة الثالثة بكلية الآداب قسم مكتبات، وتتحلى بقدر وافر من الذكاء، يميزها عن أقرانها من «متلازمة داون»، وبحسب والدتها المهندسة سناء منير، لم يكن سهلاً عليها البقاء فى البيت لفترات طويلة: «يومها كله تقريباً بيكون برة البيت، بين جامعة وأنشطة مختلفة، ورغم التحول الكامل ولا مرة قالت لى عايزة أخرج».

تقضى «مريم» يومها فى الرسم والتلوين، وممارسة الأعمال المنزلية، كترتيب سريرها وغرفتها، ومساعدة والدتها فى المطبخ، وأحياناً تتولى مهمة إعداد وجبة الإفطار، وتخصص وقتاً لمتابعة دروسها الجامعية «أون لاين»، بمساعدة والدتها: «لو الجزء اللى هتذاكره بسيط وواضح باسيبها تذاكره لوحدها، ولو أصعب بحاول تبسيطه وتلخيصه لها وحل أسئلة».

كما تهوى «مريم» القراءة، وتجتهد لفهم المحتوى، بما تسمح له قدراتها العقلية، أما أمتع أوقاتها فتقضيه مع والدتها وشقيقها الأكبر، يتبادلون الضحكات والقفشات.

3 معارض كانت تستعد لها «هاجر»، للمشاركة بمشغولاتها الفنية، وكذلك ملتقى «أولادنا» لفنون ذوى الاحتياجات الخاصة، لولا فرض حظر التجول، لكنها واصلت العمل فى المنزل لشغل وقت فراغها، بفنون مختلفة كمشغولات الخيط والنول والخرز وصنع الحلى.

هاجر بسيونى، طالبة فى الصف الثانى الإعدادى، كانت حياتها حافلة بالأنشطة، ووقتها مشغولاً طوال الوقت قبل تداعيات أزمة «كورونا»، فتذهب إلى مدرستها صباحاً، وبعد أن تعود إلى بيتها، تمكث لفترة قصيرة، ثم تخرج لمواصلة أنشطتها الفنية، وهواياتها المتنوعة، ما بين الرسم والموسيقى ومشاهدة العروض المسرحية، الأمر الذى اختلف فى الظروف الحالية، وفقاً لما ذكرته والدتها المهندسة إنعام جابر.

«مفيش خروج، مفيش سلام ولا بوس ولا أحضان»، تعليمات فرضتها الأم، والتزمت بها «هاجر» داخل المنزل، منذ انتشار فيروس «كورونا»، فتجلس فى غرفتها لصنع الأعمال اليدوية، ثم تدير جهاز الموسيقى، وتؤدى حركات الاستعراض، الذى كانت تتدرب عليه بمسرح البالون، بمشاركة فرقة رضا للفنون الشعبية.

كما تقضى «هاجر» وقتاً فى تصفُّح شبكة الإنترنت، بصحبة إخوتها، ومشاهدة الكارتون، وتسعد كثيراً حين يناديها الآخرون بلقب «السفيرة»، لطموحها وهدفها بأن تكون مؤثرة فى المجتمع، وخير سفير لأقرانها من «داون سندروم»، وتتطلع دائماً لأن تكون فى مكانة أفضل.

بين الديكوباج والصلصال الحرارى وقشر البيض، تقضى منة حلمى وقتها، لا تعبأ بالتحذيرات المتكررة من فيروس «كورونا»، ولا يشغلها فرض حظر التجول، فكل همها أن تنجز أعمالها الفنية البديعة، التى منحتها لقب فنانة تشكيلية رغم ظروفها الخاصة.

«منة»، ٢٠ عاماً، تدرس بالصف الثانى الإعدادى، ولها مواهب متعددة، فبخلاف الفنون التشكيلية، كانت تؤدى قبل فرض «الحظر» البروفات النهائية لمسرحية «الكنز»، من أعمال فرقة الشمس، التابعة للبيت الفنى للمسرح.

سمية البدرى، والدة «منة»، ومعلمتها الأولى فى الأشغال الفنية، حيث نمت بداخلها تلك الموهبة، وحالياً تقضيان أيام «الحظر» فى عمل أجمل القطع الفنية: «بنشتغل طول الوقت، أنا أعلمها حاجة، وهى تعلمنى».

نصيحة تلقتها «منة» من مخرج العرض المسرحى، الذى تحرص على التواصل معه، بالبقاء فى البيت، وعمل فيديوهات لنصح الآخرين بذلك، وعلى الفور استجابت ونشرت ٣ فيديوهات توعوية، عبر صفحتها الشخصية على «فيس بوك»، وكذلك بثتها على قناتها بموقع «يوتيوب»، التى تحظى بالعديد من المتابعين.

ضوابط صارمة تفرضها والدة «منة» داخل المنزل، فالخروج ممنوع نهائياً، وجميع الإجراءات الوقائية متبعة، لظروف صحية، لا تتعلق فقط بـ«منة»، إنما لأنها أيضاً مريضة «كانسر»، وزوجها يعانى من السكر، وبالتالى فهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، ولا تنسى الصغيرة أن تختلس بعض الوقت، لمشاهدة المسلسل الأحب لقلبها «ونيس»، رغم أنها تحفظه عن ظهر قلب.

«أنا كريم.. خليك فى البيت»، كتبها بخط اليد على لافتة، ورفعها خلال الفيديو، الذى سجله لتوجيه نصيحة للمواطنين عبر صفحته على «فيس بوك»، بالبقاء فى المنزل، للحماية من خطر الإصابة بفيروس «كورونا».

يقضى كريم أحمد، ٣٢ عاماً، خلال فترة «الحظر»، فى عمل مشغولاته الفنية، من سبح، وسلاسل ومشغولات بالخرز يعلمها ويهديها لأطفال العائلة، فيسهر فى تنفيذها طوال ساعات الليلة، خاصة أنه ليس فى حاجة للاستيقاظ مبكراً، والذهاب إلى عمله موظفاً فى دار الكتب والوثائق الرسمية.

لوحة أهداها «كريم» لمحافظ جنوب سيناء، عن سانت كاترين مطرزه وبكامل بهائها، ومن شدة إعجابه بها، طلب منه إعداد ١٠ لوحات أخرى لشرائها منه، المهمة التى أنجزها فى ٣ أيام فقط.

فى البداية، شعرت والدته إيمان الزهيرى بأن المسئولية ستكون ضخمة عليها، للقيام بدور المعلم والموجه والأم على مدار ساعات اليوم، الأمر الذى لم يحدث، خاصة بعد أن شرحت له سبب البقاء فى البيت: «فتحت له التليفزيون، وورّيته حال البلاد كلها، والأطباء وأطقم التعقيم بزيهم المميز، وبعد ما فهم فوجئت بقيامه بتسجيل الفيديو لنصح الآخرين».

لوحة أهداها «كريم» لمحافظ جنوب سيناء، عن سانت كاترين مطرزة وبكامل بهائها، ومن شدة إعجابه بها، طلب منه إعداد ١٠ لوحات أخرى لشرائها منه، المهمة التى أنجزها فى ٣ أيام فقط، مستغلاً فترة «الحظر»، وتؤكد والدته أنه ينفق على نفسه بالكامل من دخل المعارض التى يشارك بها بمشغولاته الفنية.

بمجرد أن يُرفع الأذان، يسرع صوب دورة المياه للوضوء، على أمل أن ينزل للمسجد ويصلى فى جماعة، ويلتقى بالشيخ «هشام» الأحب إلى قلبه، العادة التى ودعها بمجرد اشتداد أزمة «كورونا» وفرض حضر التجول، وصارت وحدها تؤرقه فى يومه الطويل. مصطفى نوفل، أو الفرعون الصغير، كما اشتهر، بمجرد أن يستيقظ من النوم، يتأهب للاستحمام، ثم يرتدى ثيابه الأنيقة، ويصفف شعره الناعم، ويضع عطره المفضل، التفاصيل التى يحرص عليها، وأهلته ليكون أول «موديل» من متلازمة داون. أما الهواية الأخرى التى يجد «مصطفى» نفسه بها، فهى مساعدة والدته فى مهامها المنزلية، فلا يتوانى عن تلميع الأثاث، وغسل المواعين، وحتى «خرط الملوخية»، بشرط وحيد أن تصوره والدته، ليطالعها أصدقاؤه على صفحته الشخصية بـ« فيس بوك».

وبحسب والدته إيمان صباح، لم يكن صعباً على «مصطفى» استيعاب خطورة «كورونا»، فيختلس النظرات من شرفة المنزل مساء، ويتساءل: «لسة الحكومة موجودة؟ حيث اعتاد النزول لمتجر والده، الخاص بالأجهزة الإلكترونية، ولاحظ انتشار أفراد الأمن فى مدينته كفر الزيات، وأوامرهم بغلق المحلات، والبقاء فى المنزل، ثم فهم باقى المشهد من والديه.

«مصطفى»، ١٨ عاماً، ويدرس فى الصف الثانى الإعدادى بمدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة بمدينة طنطا، ما دفع والدته للاستعانة بمدرس خاص للشرح ومراجعة الدروس، بينما يذهب فقط للمدرسة فى أوقات الامتحانات، وتأمل والدته مواصلة تعليمه، وحلمه بأن يكون عارضاً لبيوت أزياء عالمية.

وأوصت الهيئة في هذا الإطار باللجوء إلى أدوية أكثر أمانا مثل فاموتيدين (Pepcid) أو سيميتيدين (Tagamet) أو إيزوميبرازول (Nexium) أو لانسوبرازول (Prevacid)

"الحمى والسعال وضيق التنفس" أعراض باتت معروفة عن فيروس كورونا المستجد

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل