المحتوى الرئيسى

فيروس كورونا: كيف تتجاوز محنة فقدان الوظيفة إثر تفشّي الوباء؟

04/02 20:42

هذه روابط خارجية وستفتح في نافذة جديدة

تخطت طلبات الحصول على إعانات البطالة، التي تقدمها الحكومة الأمريكية في حالة فقدان الوظيفة، مطلع الأسبوع الحالي، حاجز الثلاثة ملايين طلب، بما يفوق عدد الطلبات التي قدمت في ذروة الركود الاقتصادي في عام 2009؛ إذ لم تتعدّ طلبات الحصول على إعانات البطالة حينها 665 ألف طلب.

لكن هذه المرة قفز عدد الطلبات في أسبوع واحد من 282 ألف طلب إلى أكثر من 3 ملايين طلب. ولا يشمل ذلك العمال المستقلين ولا العمال المؤقتين، الذين لا يستحقون إعانات حكومية في الكثير من الولايات.

غير أن ارتفاع معدلات البطالة لا يقتصر على الولايات المتحدة وحدها؛ إذ سرحت شركات عديدة حول العالم ملايين الموظفين إثر تفشي فيروس كورونا المستجدّ. ويصف ديفيد بلوستاين، أستاذ علم النفس الإرشادي بكلية بوسطن، هذا الارتفاع بأنه "أزمة وليدة أزمة"، ويقول إننا على أعتاب جائحة عالمية من البطالة.

وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب السرعة التي سُرِّح بها هؤلاء الموظفون، وبعضهم طلبت منه الشركة الحصول على إجازة مفتوحة غير مدفوعة الأجر، وبعضهم فُصل تعسفيا من العمل.

ولا شك أن فقدان الوظيفة يفرض تحديات مالية على الكثيرين الذين فقدوا مصدر زرقهم فجأة، لكن ماذا عن تداعياته النفسية؟ وكيف يمكن أن تتجاوز محنة فقدان الوظيفة؟

فيروس كورونا: عمال يتحدثون عن معاناتهم بسبب فقدانهم لوظائفهم جراء الوباء

يعد جيمس بيل، الذي شارف على الأربعين، واحدا من الأمريكيين الذين قدموا طلبات للحصول على إعانات مالية بعدما أُغلقت الحانة التي كان يعمل بها في مدينة "سانتا فيه" أبوابها.

وقبل أن يُسرّح من وظيفته، كان بيل يحصل على أجر أسبوعي بالإضافة إلى الإكراميات، وكان يعيل أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أطفال، أكبرهم في السابعة من عمره.

ويقول إن قرار التسريح كان صادما رغم أنه كان يتوقع انهيار الحانة التي يعمل لحسابها، مشيرا إلى أن راتبه كان يكفيه بالكاد.

وبحث بيل أيضا في المؤسسات الخيرية التي تقدم مساعدات مالية للعاملين في الحانات، لكنه يخشى أن تعجز هذه المؤسسات عن تلبية الطلبات بسبب كثرة المتقدمين.

ويقول إنّ ما كان يهوّن عليه وقع صدمة فقدان الوظيفة، هو أنه تخلص من المخاوف التي كانت تراوده يوميا من الإصابة بفيروس كورونا. ويوضح أنه في الأسبوع السابق للفصل من العمل، كان لا يتوقف عن تعقيم المقابض بالحانة، إذ كانت المخاوف والهواجس تتناوب عليه من فقدان الوظيفة ومن الإصابة بالعدوى.

ولفت إلى أن أكثر ما يخشاه الآن هو هذه الحال من الغموض، فلا أحد يعرف إلى متى ستستمر هذه الأوضاع.

قد يتعرض أي شخص لمحنة نفسية تحت وطأة فقدان الوظيفة، لكن هذا الشعور في الوقت الراهن سيتضاعف في ظل هذه الحالة من الغموض التي نعيشها.

وعن أساليب التعامل مع الضغوط النفسية يقول آدم بنسون، أخصائي نفسي في نيويورك، إن البعض سيحاول إخضاع كل شيء للسيطرة، لكن في النهاية يجب أن نعترف في قرارة أنفسنا أن بعض الأمور يجب أن تخرج عن سيطرتنا سواء رضينا أم لم نرض.

ويرى بعض علماء النفس أن فقدان الوظيفة لا يقل إيلاما عن فقدان شخص عزيز عليك. إذ يمر المرء بالمراحل الانفعالية المرتبطة بالحزن، بدءا بالصدمة والإنكار، ثم الغضب والمساومة، وفي النهاية تصل إلى تقبّل الأمر الواقع والأمل.

ويقول بنسون إنه قد يكون من الأفضل عندما تجد شخصا فقد وظيفته، أن تساعده في الاعتراف بالمشكلة، وعندها سيشفق على نفسه ولن يكبت المشاعر التي تنتابه.

وذلك لأن البعض يحاول إنكار عمق الألم الذي ينتابه بسبب الفقدان، وأكثرهم يقول لنفسه: "لماذا أشعر بالحزن، مادام الجميع قد فقدوا وظائفهم مثلي". لكن بنسون يقول إن هؤلاء عندما يدركون أنهم فقدوا بالفعل شيئا مهما، مثل فرصة أو أمل أو علاقة، سيشعرون بألم الفقدان.

وأجريت دراسة حديثة استندت إلى بيانات من 100 لقاء مع موظفين بعد تسريحهم من العمل مباشرة ثم مرة أخرى بعد 12 أسبوعا من فقدان الوظيفة. ولاحظت المشرفة على الدراسة سارة دامسيك، الأستاذة المساعدة لعلم الاجتماع والعمالة والتوظيف بجامعة بنسلفانيا، أن الموظفين كانت تنتابهم في البداية مشاعر الغضب بعد أن أبلغوا بتسريحهم.

وتقول دامسيك إن هذا الغضب قد يكون مردُّه الشعور بأن الإدارة سرّحتهم لأنها عثرت على موظفين غيرهم يؤدون المهمة بأجر أقلّ أو أنها لم تعتبرهم جزءا حقيقيا من فريق العمل يصعب الاستغناء عنه.

غير أن هذه الأبحاث أجريت في وقت الرخاء قبل الأزمة الحالية لفيروس كورونا.

وفي الوقت الراهن قد يعلق الموظفون هذا التسريح في البداية على الأوضاع الاستثنائية في ظل تفشّي فيروس كورونا.

ويقول كاري كوبر، أستاذ علم النفس التنظيمي بجامعة مانشستر، إن الناس قد ينحون باللائمة على الوباء العالمي بدلا من أن يلوموا أنفسهم. لكن كلما طال أمد التدابير والإجراءات التي فرضها تفشّي الوباء، ستدرك المؤسسات أنها لن تحتاج لهذا العدد من الموظفين، وأن التطبيقات والأجهزة التكنولوجية قد تحلّ محل الكثيرين. وهذه هي تداعيات الوباء على المدى الطويل.

وتقول رائدة الأعمال دونا بيرتاتشيني، إن الحل لتجاوز الأزمة هو تقبُّل الأمر الواقع على قساوته. وقد انهارت مؤسستها التي تمتلكها منذ 35 عاما في ولاية كونيتيكت، في مجال الإنتاج السينمائي والتليفزيوني، تحت وطأة الأزمة المالية، وأنهى عملاؤها جميع التعاقدات توفيرا للنفقات، وبذلت مجهودا شاقا لإعادة بناء الشركة.

وتقول بيرتاتشيني إن الوباء الحالي سيبدّل الأوضاع تماما. ورغم تعليق جميع المشروعات في الوقت الراهن، إلا أن الأمل يحدوها في أن العمل سيُستأنف والأوضاع ستتحسن في الوقت المناسب.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل