المحتوى الرئيسى

كيف اختلف تعامل ترامب وأوروبا مع أزمة البطالة الجماعية؟

04/02 16:05

مباشر – أحمد شوقي: لاقت القفزة القياسية لطلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع قبل الماضي استقبالاً متوازناً بشكل مفاجئ من قبل القادة السياسين في البلاد.

وقفز عدد الأشخاص المتقدمين للحصول على إعانة البطالة في الولايات المتحدة إلى 3.3 مليون شخص خلال الأسبوع الماضي بزيادة 3 ملايين طلب تقريباً عن الأسبوع السابق له.

وبحسب رؤية تحليلية نشرتها "نيويورك تايمز"، فإن القادة في الولايات المتحدة يبدو أنهم يعتبرون البطالة الجماعية عرضًا مؤسفًا ولكن لا مفر منه لفيروس كورونا.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معلقاً على قفزة طلبات إعانة البطالة: "إنه ليس خطأ أحد، وبالتأكيد ليس خطأ ما في هذا البلد"، فيما كانت الاستجابة الأولية للحكومة الفيدرالية هي مشروع قانون مرره مجلس الشيوخ بقيمة تريليوني دولار من شأنه أن يوفر مدفوعات نقدية أكبر لمن فقدوا وظائفهم.

لكن الانهيار المفاجئ للتوظيف لم يكن حتميا، بل فشل فادح للسياسة العامة هو الذي تسبب في إلحاق ضرر فوري بحياة ملايين الأمريكيين، ومن المرجح أن يترك أثراً مستمراً على مستقبلهم وعلى الاقتصاد والمجتمع.

وسوف يتم الشعور بالألم بشكل حاد في المناطق الأقل ثراءً في الدولة، والتي كانت تعاني حتى قبل أزمة فيروس كورونا وبعد عقد من النمو الاقتصادي الثابت ولكن غير المتكافئ.

وكانت أول وأفضل فرصة للحكومة الأمريكية لمنع البطالة هي إبقاء الفيروس الجديد تحت السيطرة من خلال نظام الاختبار والحجر الصحي المستهدف مثل الذي نفذته عددا من الدول الآسيوية.

ولكن حتى بعد أن أصبح واضحًا أن إدارة ترامب فشلت في الاستعداد للوباء (الولايات المتحدة أصبحت أكبر دولة عالمياً في عدد الإصابات)، كان لا يزال بإمكان صناع السياسة اختيار تحديد أولويات التوظيف من خلال دفع الأموال للشركات لإبقاء العمال في وظائفهم خلال فترة الإغلاق.

واختارت عدداً من الدول الأوروبية حماية الوظائف، بعد فشلها أيضا في السيطرة على انتشار الفيروس وبالتالي اضطرت إلى تأمين أجزاء كبيرة من اقتصاداتها.

ووافقت الدنمارك على تعويض أرباب العمل بما يصل إلى 90 بالمائة من رواتب الموظفين، وفي هولندا يمكن للشركات التي تواجه خسارة لا تقل عن 20 بالمائة من إيراداتها أن تتقدم بالمثل إلى الحكومة لتغطية 90 بالمائة من كشوف الرواتب.

كما أعلنت المملكة المتحدة أنها ستدفع ما يصل إلى 80 بالمائة من الأجور لأكبر عدد ممكن من الشركات التي تحتاج إلى المساعدة، مع عدم وجود حد أقصى لمبلغ الإنفاق العام.

فيما تدفع بعض الدول لأصحاب العمل رواتب العمال الذين لا يعملون فقط، وبموجب مخطط "كورزاربيت" (العمل لوقت قصير) الألماني، استمرت الحكومة في المساهمة في سداد رواتب العمال بدوام جزئي.

وتتوقع الحكومة الألمانية أن 2.35 مليون عامل سيستفيدون من المبادرة خلال الأزمة.

في كلتا الحالتين، فإن الهدف هو الحفاظ على العمال في الوظائف القائمة - للحفاظ على النسيج الاقتصادي إلى أقصى حد ممكن، لصالح العمال والشركات.

وقال وزير العمل الدنماركي "بيتر هاميلجارد" لصحيفة "ذي أتلانتك": "ما نحاول القيام به هو تجميد الاقتصاد، الأمر يتعلق بالحفاظ على القوام الرئيسي بقدر ما نستطيع".

ويعتبر الحفاظ على الوظائف مهم لأن الوظيفة لا تتعلق فقط بالمال، حيث يوفر العمل للموظف إحساسًا بالاستقلالية والهوية والهدف، وبالتالي لا يعوض شيك إعانة البطالة أي من هذه الأمور.

كما يفقد الأشخاص الذين يتركون وظائفهم أيضًا مزاياها - وفي الولايات المتحدة، يشمل ذلك تأمينهم الصحي.

وهناك مجموعة كبيرة من الأبحاث حول حالات الهبوط الاقتصادي السابقة التي تثبت أن الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، حتى لو وجدوا وظائف جديدة في نهاية المطاف، يعانون من ضرر دائم لإمكانات مكاسبهم وصحتهم وحتى مستقبل أطفالهم، حيث أنه كلما طال الوقت للعثور على وظيفة جديدة، كلما كان الضرر أشد.

وكافحت الشركات الأمريكية منذ فترة طويلة لزيادة حريتها في التخلص من العمال خلال الفترات الهبوطية للاقتصاد، ويميل الاقتصاديون الأمريكيون إلى الاتفاق مع طلب الشركات بحجة أن الانفصال السهل يسهل إجراء تعديلات في تخصيص الموارد، مما يسمح للشركات الأضعف بالتعافي والنمو القوي لأعمالها.

 وهذه حجة مشكوك فيها حتى في الأوقات العادية، لقد تجاوز الاقتصاد الأمريكي أوروبا وقد تكون حرية تسريح العمال عاملاً في هذا التفوق، لكن الفوائد تعود في المقام الأول إلى المساهمين.

وكان النموذج الأوروبي أفضل بالنسبة للعمال الذين شهدوا نمواً أسرع في الدخل منه في الولايات المتحدة.

والهبوط الاقتصادي الحالي ليس مثالًا على نوع "الهدم البناء" (نظيرة اقتصادية تدعو للتخلص من الممارسات القديمة من أجل إفساح المجال للابتكار في عملية التصنيع لتزيد الإنتاجية) الدوري للسوق الحرة الذي يميل أولئك الذين يتبنون هذه النظرية إلى الاحتفال به -  لكنها أزمة صحة عامة.

لقد أصاب المرض الولايات المتحدة وهي بحاجة إلى الراحة لبعض الوقت، ولكن لا يوجد سبب واضح للاعتقاد بأن الاقتصاد سيستفيد من أنواع التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تسهلها البطالة، حيث لم يكن هذا الانكماش الاقتصادي ناتجًا عن نشاط حاد لبناء العقارات أو الكثير من المقامرة في "وول ستريت".

 لكن الزمة نتجت عن فيروس، ويمكن أن يساعد الحفاظ على العلاقات بين الشركات والعمال على تسريع التعافي الاقتصادي في نهاية المطاف بمجرد أن ينتهي الوباء.

ويمكن للشركات الاحتفاظ بالموظفين المدربين وذوي الخبرة، وتجنب حاجة الأفراد للبحث عن وظائف والشركات للبحث عن عمال.

وبذلت الولايات المتحدة بعض الجهود للحفاظ على الوظائف، وخاصة في الشركات الصغيرة، حيث يتضمن مشروع قانون الإنقاذ 367 مليار دولار للقروض المقدمة للشركات الصغيرة التي يمكن الإعفاء من سدادها إذا تجنب المستفيدون تخفيض الوظائف والأجور.

ولكن هذا أقل من ثلث المبلغ الذي يقدر الخبراء أنه سيكون مطلوبًا لتقديم دعم شامل للشركات الصغيرة، في حين لا يتطلب مشروع القانون الشركات الكبيرة التي تحصل على عمليات إنقاذ للقيام بجهود مماثلة.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل