المحتوى الرئيسى

أوكتافيو باث أول مكسيكي يقتنص نوبل.. حرر الشعر من "متاهة العزلة"

04/01 13:53

أوكتافيو باث شاعر مكسيكي يصنفه البعض آخر الشعراء المناضلين، ويراه آخرون ثائرا حرر الشعر من "متاهة العزلة"، ونجح في اقتناص جائزة نوبل للآداب عام 1990 كأول مكسيكي يتوج بها.

حاز أوكتافيو باث، الذي ولد في مدينة المكسيك 31 مارس/آذار 1914، الجائزة الأثمن عالميا اعترافا بدوره الطليعي وتقديرا لسعيه الدؤوب، ليكون شعره حاملا لثقافة بلاده الأصيلة.

كما يأتي تكريمه أيضا تعبيرا عما مثله الأديب طوال مسيرته كنموذج للمواطن العالمي الذي حمل قضية بلاده من عاصمة لأخرى، دون أن يفقد إيمانه بخصوصية الثقافة المكسيكية وأصولها الهندية، ودون أن يضعها في تناقض مع أي ثقافة أخرى تتعاطى معها. 

أوكتافيو باث، الذي رحل عن عالمنا في 19 أبريل/نيسان 1998، مر شعره بـ3 مراحل، وفقا للمترجم التونسي محمد علي اليوسفي، الذي يعد أول من ترجم أشعاره في العالم العربي.

المرحلة الأولى ارتبطت بشيوع مؤثرات البيئة الهندية في المكسيك داخل نصوصه، متأثرا بجده باعث الحركة الأهلية ومؤلف واحدة من أولى الروايات المنادية بالعودة إلى التقاليد الهندية. 

والثانية اتسمت بتفاعله مع الثقافة الاستعمارية الإسبانية، حيث الانفتاح على التراث الإسباني المرتبط كذلك ببعض التقاليد العربية الإسلامية، وتجلت في المرحلة الأخيرة عناوين ارتباطه بالحركة السوريالية التي تركت أثرا في شعره وطريقته في بناء الصورة الشعرية. 

أشرف باث وهو في عمر السابعة عشر على تحرير مجلة "باراندال" الطليعية الأدبية، وجمع فيها بين التقاليد الهندية وانفتاحه على الشعر الإسباني، ثم قضى فترة مهمة من شبابه المبكر في تعليم الفلاحين والعمال، وشهد البؤس والفقر اللذين صاغا فيما بعد انحيازاته كمناضل سياسي قريب من الاشتراكية. 

وعندما اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية 1936 انتقل إلى مدريد عام 1937، وهناك التقى بشعراء إسبانيا الكبار روفائيل البرتي، وبابلو نيرودا، وميجيل أرنانديث، وفي طريق عودته تعرف لأول مرة على باريس، وهي تناهض الاحتلال النازي، واحتك كذلك بالشعراء السورياليين وشعراء المقاومة الفرنسية، وتعرف على كتابات بول أيلوار، ولوي أراجون شعراء فرنسا الكبار.  

بعد عودته إلى دولته الأم، انخرط في العمل السياسي ووضع على رأس أولوياته استكمال طريق مواجهة الديكتاتورية العسكرية المطالبة بنظام ديمقراطي يحرر الناس من الاستغلال الطبقي.  

باث عمل بالسلك الدبلوماسي عام 1945 وظل به لمدة 23 عاماً، وعين سفيراً لبلاده في كل من فرنسا وسويسرا والهند واليابان، وكانت له صلات وثيقة بأقطاب الحياة الثقافية في كل البلدان التي عمل بها.  

على الصعيد الأدبي، التحق بالجماعات السوريالية التي كانت تزدهر عالميا منذ منتصف الخمسينيات، وكان قريبا من زعيم الحركة السوريالية أندريه بريتون، لذلك اتسم شعره دائما بسمة خاصة، وكون فرقة مسرحية باسم "الشعر بصوت عال" قدمت بعض مسرحياته. 

ورغم طابعه النضالي فإن شعر باث ظل نقيا متخلصا من المباشرة، وساعده على ذلك تحوله في المرحلة التي أعقبت انتماءه للسوريالية إلى مواطن عالمي، حيث واصل تجواله في بلاد مختلفة شملت الولايات المتحدة وفرنسا واليابان والهند. 

وخلال تجواله أصبح شعره حاملا لكل هذه الثقافات، لأنه اعتبر نفسه ضيفا فيما كان يسميه بـ"غرف الأصدقاء"؛ تعبيرا عن استجابته لكافة الثقافات التي يتعاطى معها. 

وهناك مرحلة في شعر باث تسمى "الشرقية"، التي تعكس ولعه بالثقافات الشرقية خاصة البوذية، حيث برزت نزعة صوفية واضحة تجلت في عمله الرئيسي "حجر الشمس" 1957. 

ويرى المترجم محمد علي اليوسفي أن شعر باث ثقافي يمسك باللحظة ويعبر عنها ببساطة، حيث تنسجم الفكرة مع الصورة الشعرية دون أن تغيب النزعة الفلسفية، بينما كان الشعر لديه دائما طريقا لبلوغ السعادة. 

وفي ذروة ثورة الشباب عام 1968 استقال باث من العمل الدبلوماسي احتجاجاً على سياسة الحكومة المكسيكية آنذاك تجاه الطلبة واستخدام العنف في قمع المظاهرات، ما أدى إلى مصرع نحو 300، ومنذ ذلك الوقت تفرغ للعمل في الصحافة.

في المجال الصحفي كان باث صوتا معبرا عن التمرد الطلابي يدعو لتحقيق الديمقراطية في بلاده وخارجها أيضا. ويبرز كتابه "الطقس الغائم" هذا الانحياز الذي تأكد بعد ذلك بسنوات عند حصوله على جائزة نوبل للآداب، التي جاءت تتويجا لنضاله. 

وحسب حيثيات منح الجائزة، فاز الشاعر "لا لعمل معين من أعماله الأدبية، ولكن تكريماً لمجمل كتاباته الشعرية والنثرية المتقدة بالعاطفة، والتي تتسم بآفاق ثقافية واسعة وتتميز بذكاء وطاقة إنسانية وقّادة".  

إضافة إلى الشعر كتب أكتافيو المقالات الأدبية والنقد الفني والدين والتاريخ والسياسة والنقد الأدبي، ونشرت له 5 دواوين شعرية صدر أولها سنة 1949 وآخرها سنة 1987. 

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل