المحتوى الرئيسى

عن وباء الكورونا ومخاطره.. فى مواجهة التعصب والعنصرية!

03/31 23:00

 يتبدى العالم هذه الأيام خائفا، مذعورا، تجتاحه بالرعب جرثومة لا يراها ولا هو يقدر أنها تكمن فيه ولسوف تجتاح جسده جميعا وتجبره على الذهاب إلى المستشفى، أو يتكفل أهله بتوصيله وتأمينه حيث يلقى العلاج، ليمكنهم أن يستردوا، ولو بحذر، الشعور بالأمان.. أقله حتى إشعار آخر!

وحّد وباء «كورونا» بين دول العالم، على اختلاف الجنس والأعراق، فإذا هم متساوون فى الخوف بل الذعر من جرثومة لا تُرى بالعين المجردة، تكمن داخل الجسد الإنسانى فتتوالد بمعدلات فلكية، ثم تخرج منه إلى المحيط المجاور فتضربه بالعدوى... لا تتوقف عند حدود الدول، وتخترق إجراءاتها فى ظل خوف المكلفين بحمايتها.

كانت الصين أول من أعلن عن انتشار هذا الوباء، بمسئولية أخلاقية رفيعة المستوى، وعن مباشرتها مكافحته.. وخرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يظهر الشماتة.. فلما ظهر الوباء بين الأمريكيين اضطر إلى ابتلاع لسانه، ثم إلى سؤالها المساعدة بالأدوية التى توصلت إلى اكتشافها أو تحضيرها لصد الهجوم الشامل لهذا الوباء الذى لم يكن العالم يعرفه بما يكفى.

ولقد تحقق فى ظل الخوف المتعاظم من هذا الوباء شىء من التضامن والتعاطف والتثبت من وحدة المصير.. وكانت روسيا أول من بادر فأرسلت بعض التجهيزات الطبية والوسائد والأغطية إلى إيطاليا المنكوبة... فى حين اضطر الرئيس الأمريكى إلى الاعتراف بتفشى الوباء فى أكثر من ولاية، ثم إلى إعلان نيويورك «مدينة منكوبة» وفرض الحصار ومنع الدخول إليها والخروج منها.. قبل أن يلحق بها بعض كبريات المدن فى ولايات مختلفة.

أما عند العرب فقد تشاطرت معظم الدول، ولا سيما الأغنى، فى التكتم على انتشار الوباء فيها، لا سيما الدول الأغنى بالنفط، وسبقت قطر إلى الإعلان عن أعداد المصابين فيها، خصوصا وإنها مشاطئة لإيران التى ضربها الوباء مسجلا أرقاما مرتفعة جدا فيها.

وبعد لبنان، اعلنت دولة الإمارات عن أعداد المصابين فيها، ثم اندفعت الكويت إلى استدعاء مواطنيها من الخارج بينما كانت أعداد المصابين بالوباء فى تزايد..

وفى حين ظلت السلطات السورية صامتة، فقد حاولت تركيا إنقاص أعداد المصابين، ثم أجبرها تفاقم الوضع الصحى إلى كشف «السر الحربى» وإعلان الأرقام الفعلية.

العالم كله تحت الحصار الآن، والتجول ممنوع فى مختلف أنحاء العالم، إلا فى بعض ساعات النهار.. وفى العديد من الدول تمت الاستعانة بالجيش لفض التجمعات ومنع التواصل بين البشر لحمايتهم من خطر الإصابة أو انتقال العدوى إذا ما تكاثروا فى مكان واحد.

أثبتت جرثومة «كورونا» أنها لا تقل خطورة عن القنبلة الذرية، مع فارق واضح أنها أسرع انتشارا وأعظم قدرة على تخطى المسافات بحيث استطاعت أن تضرب المجتمعات، على اختلاف درجة التقدم أو التخلف، فى أربع رياح الأرض، وبسرعة البرق قفزت من الصين إلى دول أوروبا الأكثر تقدما وعزلة، سويسرا والنروج، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومنها إلى المكسيك والبرازيل، واقتحمت الهند فارضة أن ينام المصابون على فرش فى الهواء الطلق لتعاظم أعدادهم.. أما ذروة المأساة ففى بعض أرقى الدول الأوروبية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

على أن الإنسان يخوض هذا التحدى غير المسبوق بالعلم والتجربة ومحاولة التعرف إلى الأسباب، ثم إلى خصائص هذا الداء الوبيل ومكامن قوته وقدرته الهائلة على تخطى حدود الدول مختلفة المناخ، المتباينة فى درجة التطور والمعرفة بأسرار الميكروبات وقدرتها المذهلة على اختراق الحواجز عند الحدود المحصنة، وتجاوز اختلاف المناخ والتقاليد والعادات فى الأكل والشرب وأسباب التجمع وأعداد المجتمعين.

إن الإنسان واحد، سواء تبدى جبارا لا يهزم، أم ضعيفا يعجز عن مقاومة الداء الذى يختبئ فى حشاياه: يأتيه من الهواء المثقل بالميكروبات، ويتنقل بحرية مقتحما الحواجز بين الإنسان وأخيه، بين الزوجين، بين الأم وأطفالها..

لقد سقط ملايين البشر فى الحرب العالمية الأولى (1914ــ 1918)، وسقط ملايين آخرون فى الحرب العالمية الثانية (1939ــ 1945)، كما سقط الملايين فى حروب أخرى مختلفة (الحرب الأمريكية فى فيتنام)، الحرب العراقية الايرانية فى ( 1979ــ 1988)، ثم غزو صدام حسين (الكويت 1991).. ثم فى مواجهة الغزو الأمريكى (2003) للعراق واحتلاله وتسليم صدام حسين إلى «الشيعة» لتكون فتنة لا تبقى ولا تذر، وتغطى الاحتلال ونهب النفط وتشجيع المتآمرين على وحدة العراق..

وبغض النظر عن الأسباب والنتائج، وعن الأسباب والدلالات السياسية لهذه الحروب التى قسمت دول العالم بين مؤيد ومعترض ومحايد يسكنه الخوف..

بغض النظر عن أسباب تلك الحروب ونتائجها، والتى تثبت أن الأطماع ونزعة استعمار الغير باحتلال بلاده، أو احتكار أسباب العلم لفرض استمرار التخلف فى مجتمعات إنسانية فرضت عليها دهور الاستعمار وغلبة الأقوياء بالسلاح أو بالمال العجز عن اللحاق بركب التقدم وتوفير شروط السلامة لأبنائها.

بغض النظر عن ذلك كله فإن أهم ما يجب أن يرسخ فى الضمير: أن الإنسان واحد، فى الأرض جميعا، من دون التوقف أمام الجنس أو لون البشرة، وأن أمام هذا الإنسان، بعد، تحديات هائلة و«حروبا قاسية» وغير محسوبة أو متوقعة ليس فقط تجاه أخيه الإنسان، بل أساسا تجاه ما يفسده من أسباب السلامة فى المناخ بسبب مخرجات الصناعات الحربية، وفيها القنابل الذرية والهيدروجينية.. إلخ وحروب الميكروبات القاتلة التى لجأت لها بعض الدول فى فترات معينة..

كذلك فإن بين الأوبئة القاتلة العنصرية التى تغذى الشعور بالتفوق على الآخر، كما هى حال الصهيونية..

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل