المحتوى الرئيسى

قيادة الولايات المتحدة هى ما يحتاج إليه العالم وقت الجائحة

03/31 22:58

نشرت مجلة Foreign Affairs مقالا للكاتب Nicholas Burns يرى فيه أن السبب الرئيسى وراء فشل العالم فى مكافحة انتشار فيروس كورونا هو غياب الولايات المتحدة عن قيادة العالم... ويدعو الكاتب الولايات المتحدة أن تقود العالم من خلال دعوة قادة الدول للتعاون المشترك، وإيجاد سبل لمواجهة الآثار السلبية الاقتصادية للوباء، وأن تضع الولايات المتحدة خلافاتها مع الصين جانبا من أجل محاربة الوباء... نعرض منه ما يلى:

لم يسبق للعالم من قبل أن واجه أزمة مثل كوفيد ــ 19، والتى وضعت أنظمة الرعاية الصحية وقدرات الدول على العمل المشترك تحت الاختبار... فى مثل تلك الأوقات، تبدأ مؤسسات السياسة الخارجية الأمريكية فى قيادة الدول ورسم المسارات لتجاوز الأزمة.

للأسف، أمضى الرئيس ترامب السنوات الثلاث الماضية فى تحطيم هذه المؤسسات وتشويه قيادة الولايات المتحدة للعمل المشترك الذى تدعو له، وهو أحد أسباب عدم كفاءة العالم فى مواجهة الوباء إلى الآن. حتى الآن لا يستطيع سوى القليل من قادة العالم مواجهة الأزمة، مجلس الأمن صامت، منظمة الصحة العالمية تقدم إرشاداتها ولكنها تفتقد إلى قيادة توصل صوتها. أغلقت الدول الأوروبية حدودها واتجهت إلى الحلول الوطنية. قام ترامب بمحاولة واحدة لقيادة العالم من خلال مكالمة هاتفية جماعية واحدة مع قادة أوروبيين وكنديين ويابانيين فى منتدى مجموعة السبع الذى يرأسه حاليا.

سيكون من الصعب تجنب تأثيرات هذا الوباء السلبية بدون قيادة الولايات المتحدة. ركز قادة الدول أولا على توضيح حجم التهديد لمواطنيهم، ولكن يجب أن يتم مكافحة الوباء على المستوى العالمى بدعم من الدول القوية، والتى لن تتم فى غياب قيادة الولايات المتحدة، أقوى دولة فى العالم.

فى الأزمة المالية العالمية 2008 ــ 2009، أدرك الرؤساء الأمريكيون ــ جورج دبليو بوش ثم باراك أوباما ــ أن على الولايات المتحدة أن تقود العالم لمنع تحول الركود إلى كساد عظيم واستخدموا مجموعة العشرين لتوحيد أقوى اقتصاديات العالم.

طوال تاريخها، كانت الولايات المتحدة محظوظة لأن لديها قيادة ذات رؤية فى أوقات الأزمات الكبرى. لسوء الحظ، ترامب ليس منهم. فسياسته الخارجية «أمريكا أولا» تدفعه إلى التصرف بمفرده بدلا من التنسيق مع الآخرين. يبدو أنه غير قادر على رؤية أن الولايات المتحدة يمكن أن تصبح أقوى وأكثر فاعلية من خلال مواجهة أزمة فى متناول اليد مع حلفائها وشركائها.

منذ بداية أزمة الفيروس، وفى مؤتمراته الصحفية اليومية، نادرا ما يذكر ترامب عملا ملموسا يتم القيام به جنبا إلى جنب مع الحكومات الأخرى. لم يتخذ أى إجراء دولى هام، وقد أضعف العديد من الوكالات الفيدرالية التى عادة ما تقود الاستجابة العالمية لمثل هذه الأزمات مثل وزارة الخارجية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وإدارة الأمن الصحى العالمى والتهديدات البيولوجية فى مجلس الأمن القومى (الذى تم حله فى 2018)... لن يكون مفاجئا الفشل الكارثى لهذه المؤسسات فى التعامل مع الموقف.

لم يفت الأوان بعد على تشكيل تحالف دولى للبدء فى الحد من انتشار وباء كوفيد ــ 19.. يجب على الإدارة الأمريكية أن تنضم إلى قادة عالميين آخرين لإطلاق ثلاثة جهود دولية لمواجهة أصعب التحديات التى يشكلها الوباء؛ واحد يتكون من كبار القادة، وواحد يتكون من صانعى السياسات الاقتصادية، وواحد يتكون من الولايات المتحدة والمسئولين الصينيين.

أول الجهود يجب أن توجه قيادات مجموعة العشرين للتركيز على التحديات الصحية والاقتصادية المقبلة. يجب أن يبدأ ترامب مع هؤلاء القادة اجتماعات عبر الهاتف لمناقشة كيفية التخفيف من الآثار الصحية والاقتصادية، وأن يجتمعوا أسبوعيا إذا لزم الأمر لتقييم الإجراءات المتبعة وحل الخلافات التى قد تنشأ. يمكن لترامب إنشاء هذه المجموعة هذا الأسبوع. ليس هناك مجال لتضييع الوقت.

على رأس جدول أعمالهم المزدحم يجب التركيز على تبادل البيانات الدقيقة حول انتشار الفيروس وعلاجه والاختبارات التى أجريت حوله، مما سينتج عنه فائدة كبيرة للخبراء الذين يسعون إلى فهم الفيروس. إلى جانب نقل المعدات والأدوات وتقديم الدول التى تعافت مساعداتها للدول الأخرى والاتفاق على وسائل توزيع عادلة بمجرد توفر اللقاح... من غير المحتمل أن يحدث ذلك دون ضغوط من أعلى إلى أسفل من قادة مثل ترامب وشى جين بينج.

سيسمح تعاون القيادات هذا بالتواصل بشكل أكبر وخاصة حول القرارات التى تؤثر على الدول الأخرى، مثل قرار غلق الحدود... كما أن دول مجموعة العشرين هى الأكفأ الآن فى تنظيم رحلات لعودة المئات المحاصرين فى الدول الأجنبية إلى بلدانهم، ومساعدة السفارات والقنصليات فى حماية مواطنيها المحاصرين فى مناطق الوباء.

يجب على معظم قادة العالم أن يبعثوا برسالة موحدة تؤكد على تعاونهم فى محاربة الوباء. فمثل هذه الرسالة، وخاصة إذا خرجت من ترامب، سيعطى العالم ما يحتاجه من أمل.

مع توقف الاقتصادات الكبرى، يجب على ترامب وغيره من القادة تولى الإشراف على مجموعة ثانية رفيعة المستوى تتكون من وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية من دول مجموعة العشرين ينصب فيها تركيزهم على مواءمة السياسات المالية والنقدية للحد من أضرار ركود اقتصادى عالمى محتمل.

قدم رئيس مجلس المحافظين لنظام الاحتياطى الفدرالى جيروم باول وزملاؤه فى البنك المركزى فى كندا وأوروبا واليابان مثالا جيدا فى وقت سابق من هذا الشهر فى تنسيق الشريحة الأولى من الإجراءات المشتركة لتحفيز الاقتصاد العالمى. ولكن لا يمكن لهذه الدول أن تنجح فى تبنى سلوك عالمى نشط دون مشاركة مسئولين من البرازيل والصين والهند وغيرهم من القوى الصاعدة.

هناك أيضا بعض المشكلات التى تحتاج إلى حل فورى. الأول هو خفض الحواجز الجمركية على المنتجات والأجهزة الطبية التى ستكون ضرورية لاستجابة صحية أكثر نجاحا. لن يكون ذلك سهلا فى وقت تحاول فيه الحكومات الوطنية حماية أسواقها الوطنية، لكن تكلفة الفشل فى ذلك ستكون باهظة. والأمر الآخر هو إعادة تقييم العقوبات المفروضة حاليا على حكومات مثل إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا ورفع أى عوائق تعوق المساعدة الإنسانية، مؤقتا على الأقل. لا يجب على مواطنى هذه البلدان أن يفقدوا حياتهم بسبب أخطاء حكوماتهم. إلى جانب ذلك من الممكن لهذه الدول أن تهدد بإطلاق موجات عدوى جديدة.

أخيرا، تحتاج إدارة ترامب إلى إقامة اتصالات أكثر تواترا بين واشنطن وبكين ــ بين ترامب وشى جين بينج نفسيهما، بين وزير الخارجية مايك بومبيو ونظيره، وبين وزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوشين ونظرائه. وكقوتين عالميتين رئيسيتين، يجب على الولايات المتحدة والصين التعاون لتخفيف الآثار السلبية للأزمة وتوفير القيادة العالمية.. فسبب هذه الأزمة هو فشل واشنطن وبكين فى وضع توتراتهم جانبا وتوحيد قوتهم لمكافحة الوباء.

قد ازدادت حالة عدم الثقة والعداء بين الولايات المتحدة والصين. فخلال الأسابيع القليلة الماضية، خاضا حربا كلامية متواصلة حول من المسئول عن الوباء. اتهمت الصين الجيش الأمريكى بأنه زرع الفيروس فى ووهان لإضعاف الصين، فى حين أشار ترامب إلى الفيروس بـ «الفيروس الصينى».

يجب على واشنطن وبكين إيقاف لعبة اللوم والبدء فى العمل سويا لإيجاد الحلول وإلا سيكون من الصعب تجنب المزيد من التوترات والانقسامات العالمية التى نحن فى غنى عنها الآن... وهناك الكثير من المخاطر على سمعة القوتين العظميين ومصداقيتهما. فى حين أن الصين تستحق الثناء على حملتها فى التأكيد على أهمية «التباعد الاجتماعى» والمساعدات الإنسانية الأخيرة للاتحاد الأوروبى وغيرها، إلا أنها لا تزال تتعرض لانتقادات شديدة لقمعها فى البداية معلومات حول الوباء وعدم المشاركة الكاملة للبيانات حول الفيروس. فى غضون ذلك، وفى ظل غياب ترامب عن قيادة العالم، سيكون من الصعب إصلاح صورة الولايات المتحدة إذا غابت فى وقت احتاجها العالم فيه..

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل