المحتوى الرئيسى

علاء الأسواني: جريمة قتل جماعي يرتكبها نظام السيسي

03/31 09:31

تخيل أنك تخوض حربا ضد جيش من الأعداء وتمكنت من أسر بعض جنودهم ثم حدث أن جنديا أسيرا أصابته أزمة قلبيةهل تتركه يموت أم أنك سترسله إلى المستشفى لإسعافه. طبقا لقواعد القانون والدين والانسانية فان واجبك يحتم عليك أن تسعف الجندي الاسير وتنقذ حياته.. صحيح أنه عدوك وإن كان يحاربك لكنه في اللحظة التي أسرته فيها أصبحت حياته وصحته من ضمن مسؤولياتك الأخلاقية والقانونية 

تخيل أن حريقا كبيرا شب في أحد السجون.. هلسيسعى رجال الاطفاء إلىانقاذ الضباط والجنود فقط ويتركون المساجين يموتون حرقا. ان واجب رجال الإطفاء يحتم عليهم انقاذ جميع الموجودين في السجن، ولو انهم تركوا المساجين يحترقون لكانوا يرتكبون جريمة بشعة ضد الانسانية لأن السجن عقوبة سالبة للحرية فقط وليس من ضمن العقوبة احراق السجناء

في مقاله* لـ DW عربية يقترح علاء الأسواني على القراء مشاركته في فكرة جديدة. (08.01.2020)

في هذا المقال* يضع علاء الأسواني المواطن المصري أمام اختيارين. (25.02.2020)

في مقاله* لـ DW عربية ينشر علاء الأسواني لأول مرة "نص التحقيق السري" مع حسني مبارك. (03.03.2020)

ان نظام السيسي يرتكب الآن جريمة قتل جماعي لا تقل بشاعة عن قتل الأسرى وإحراق السجناء. في مصر عشرات الألوف من السجناء الذين يقضون عقوبة قانونية وعشرات الألوف من المعتقلين المحبوسين بدون محاكمة تحت مسمى الحبس الاحتياطي الذيقد يستمر لمدة سنوات.

على عكس البروباغندا التي يمارسها النظام فان الحقيقة المؤسفة أن السجون المصرية تعاني من ازدحام السجناء وتكدسهم الشديد، كما أنهم يفتقرون إلى قواعد النظافة الاساسية وإلىالرعاية الطبية لدرجة أن المرضى منهم كثيرا ما يموتون داخل السجن بسبب منع العلاج عنهم. مع انتشار وباء كورونا في كل أنحاء العالم فرضت الحكومات اجراءات لمنع الازدحام وفرضت العزلة المنزلية على المواطنين بل ولجأت دول كثيرة إلى حظر التجول حتى لايختلط الناس فينتشر الوباء.

الحكومة المصرية أغلقت المطاعم والمقاهي والمساجد والكنائس كما أنها ألغت كافة الاجتماعات والعروض الفنية والمباريات الرياضية وطالبت المصريين بالبقاء في بيوتهم. النظام المصري يفهم جيدا اذن خطورة تكدس الناس في أماكن ضيقة لأن وباء الكورونا ينتقل عن طريق الأنفاس والسعال والعطس، ولو أن شخصا واحدا يحمل العدوى سينقلها في الزحام إلى عشرات الأشخاص.

المؤسف أن النظام المصري الذي يتخذ كل هذه الاجراءات لمنع الاختلاط والزحام يتجاهل في نفس الوقت حقيقة أن السجون المصرية بحالتها الراهنة هي قنبلة موقوتة قدتؤدي إلى انتشار وباء كورونا ليس فقط في السجون وانما في مصر كلها. لقد ارتفعت مطالبات داخل مصر وخارجها باطلاق سراح المعتقلين المحبوسين احتياطيا واتخاذ اجراءات لمراقبتهم في منازلهم وفي نفس الوقتلابد من توفير أماكن واسعة فسيحة ونظيفة للسجناء الذين يقضونعقوبة قانونية..

الإفراج عن المعتقلين والسجناء الذين قضوا معظم العقوبة هو اجراء تتخذه الآن دول العالم الواحدة تلو الآخرى. فقد أعلنت الحكومة الفرنسية انها ستفرج خلال أيام عن 6 آلاف سجين، بينما أفرجت السودان وأثيوبياوإيران والكويت وأفغانستان ودول أخرى عن عشرات الآلاف من المعتقلين والسجناء خوفا من انتشار وباء كورونا في السجون المزدحمة ثم انتقاله إلى الخارج ليقتل آلاف البشر.

نظام السيسي يرفض بشدة الافراج عن المعتقلين ومن أجل تبرير هذه الجريمة فانالاعلام المصري الذي تديره المخابرات يردد الحجج التالية:

أولا:إن حالة السجون المصرية ممتازة و في منتهى النظافة والجمال             

هذا الكلام لا يستحق مناقشته لأن مئات التقارير الحقوقية المصرية والدولية تؤكد التكدس الشديد في السجون وانعدام أبسط قواعد النظافة والرعاية الطبية بالإضافةإلى القمع والتعذيب. كما تؤكد ذلك مئات الشهادات من أهالي المعتقلين الذين يرون أبناءهم يتدهورون صحيا يوما بعد يوم وهم عاجزون عن انقاذهم. النظام يستعمل ما يسمى بمجلس حقوق الانسان للتغطية على الجرائم التي ترتكب داخل السجون. هذا المجلس يشكله النظام ويختار اعضاءه ويمنحهم مرتبات كبيرة حتى يقوموا بدور "المحلل" فيغطون على جرائم النظام ويجملون صورته في الغرب ويساعدونه على الافلات من العقاب.  

ثانيا:هؤلاء السجناء ارهابيون ومن الخطر اطلاق سراحهم                            

هذه الحجة يسوقها النظام من باب الاستعباط لأن هناك عشرات الألوف من المعتقلين تحت الحبس الاحتياطي.. هؤلاء لم تثبت عليهم أي تهمة بل انهم لم يحاكموا أساسا ومعظمهم من معتقلي الرأيأي انهم عبروا عن آراء لم تعجب نظام السيسي فقام باعتقالهم. نحن نطالب بإطلاق سراح معتقلي الرأي لأنهم ليسوا مجرمين ولاإرهابيين لكنهم أصحاب رأي، أما السجناء الذين يقضون عقوبة فلابد من تحسين ظروف حبسهم ومنع تكدسهم ورعايتهم طبيا، ليس فقط من أجلهم وانما من أجل سلامة ملايين المصريين الذين سيصيبهم الوباء اذا انتشر لا قدر الله في السجون.

ثالثا: المطالبة بإخراج المعتقلين مؤامرة من أجل هدم الدولة         

هنا يستعمل النظامكالعادة نظرية المؤامرة السخيفة ضد كل معارضي السيسي. إن من ينتقد السيسي ليس عدوا لمصر، لأن السيسي ليس مصر وإنما هو مجرد حاكم يصيب ويخطئ، والخلط بين شخص الحاكم والوطن علامة على التخلف الفكري وحيلة تلجأ إليها الأنظمة المستبدة لرفع الحاكم إلى مقام فوق النقد والمحاسبة.

إذا كانتالمطالبة بالإفراج عن المعتقلين مؤامرة ضد مصر،فماذاعن بقية دول العالم التي تواصل الافراج عن المعتقلين والسجناء الذين قضوا جزءا كبيرا من العقوبة. هل كل هذه الدول من الغفلة بحيث تنفذ مخططاتتؤدي إلى تدميرها؟!

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل