المحتوى الرئيسى

«أطفال ومراهقين ومسنين» في مواجهة الشارع.. ماذا يفعل كورونا بالمشردين؟ (معايشة) | المصري اليوم

03/30 21:48

وسط زحام ميدان رمسيس بالقاهرة، يحاول الطفل كريم محمد، 15 سنة، الاتصال بأحد أصدقائه، وبعد عدة محاولات لم يتلق إجابة، بدا الطفل قلقًا بعدما فقد الونس الذي طالما ألفه مع أقرانه من أطفال الشوارع أو المُشردين الذي يعج بهم الميدان.

«شيشتك هتعديهم.. بطلها واحميهم».. حملة لـ«التضامن» للوقاية من «كورونا»

«التضامن»: حشد الموارد بين الجمعيات الأهلية لمواجهة «كورونا»

وزير التضامن: تفعيل «البطاقات المتوقفة» لمواجهة «كورونا»

الحكومة اتخذت إجراءات صارمة لمواجهة فيروس كورونا «كوفيد 19»، لكن أحدًا لم يعر المشردين وأطفال الشوارع أي اهتمام، ليظلوا على حالهم، نائمين أسفل الكبارى أو على الأرصفة أو جوار المحال المغلقة، بعضهم في ملابس رثة.

يتكرر المشهد بصورة لافتة، خاصة بعد أن فقد معظمهم المأوى والقوت، فدور العبادة التي كانت تأويهم أحيانًا من البرد القارس، وتسمح لهم أحيانًا بقضاء حاجاتهم ونظافتهم الشخصية، باتت مغلقة، وأصبح ملاذهم الوحيد الشارع والناس.

في ميدان رمسيس، جلس «كريم» أمام واجهة مقهى مغلق يتأمل حركة المارة، والوفود الخارجة من محطة القطار، لم يجد وسط هؤلاء أيًا من أصدقائه الذين رافقوه رحلته بالشوارع قبل أسبوعين بحثًا عن «لقمة أو مأوى»، لكنه لم ييأس: «بشوفهم بالليل، لما الحظر بيبدأ. كلنا بنخاف ونتقابل مع بعض عند الجنينة وسط الميدان».

قبل 3 سنوات، ترك «كريم» منزل أسرته، وهو يعرف عنوان والدته، وأحيانًا يذهب إليها في منطقة الدويقة، ويعود إلى الشارع: «محدش بيسأل عليا، ولا بيصرف عليا، وعندي أخ أصغر مني، وبرضه بيلف في الشوارع».

مثل الجميع، سمع «كريم» عن فيروس كورونا، وتعليمات الحفاظ على النظافة الشخصية: «الناس بتقول لي: روح استحمى»، لكنّه يرد عليهم: «الجامع خلاص قفل، ومليش بيت».

يبرر الطفل عدم عودته إلى بيت أسرته في ظل خوف الناس من الفيروس المستجد: «هيطرودني»، لكنه يرحب: «يا ريت لو حد أخذني عنده وفكر يرعاني».

قبل انتشار «كورونا»، اعتاد «كريم» الذهاب إلى مسجد الفتح من أجل «الفطار والغدا والعشا»، لكن مع قرار إغلاق دور العبادة، فقد الطفل الوجبات الثلاث: «النّاس في الجامع قالوا لىّ: الموائد اتمعنت علشان التجمعات».

أحيانًا يشتري «كريم» مناديل ورقية من الأموال التي يجمعها من المارة، ويحاول بيعها أو التسول بها: «ساعات ناس بتديني فلوس ومش بترضى تاخد المناديل، وساعات بيضربوني ويجروا مني علشان خايفين».

قبل قرار إغلاق المطاعم جزئيًا، كان «كريم» يمر على أي محل ويستجدي عطف العاملين: «الناس كانت بتديني اللي أنا عايزه»، ولكن الآن: «محدش من أصحاب المحلات بيتحمل يشوفنا».

ينطلق الطفل في الشوارع باحثًا عن أقرانه، وبعد عناء يعثر عليهم وسط حديقة الميدان، جميعهم أعياهم البحث عن طعام، الخوف يرتسم على ملامحهم لا من وباء لكنّ من مصيرهم، أحدهم صرخ: «سمعت لو جه لنا برد ممكن نموت، طب في عيال معانا تعبانة».

لا يرغب «كريم» في شىء سوى «بطارية لتليفونى الصغير، علشان أتصل بأصحابي لو جرى لي حاجة».

«غريب».. بلا سند

بجسد نحيل وملابس رثة، جلس غريب حسن محمد، 80 سنة، على رصيف بشارع الجلاء، كان يعمل في «محل بويات» قبل شهر واحد حتى توفي صاحب المحل، وقرر أبناؤه الاستغناء عن خدماته لأنه «لم يعد يصلح للعمل، وأصبح عمالة زائدة».

الرجل الثمانينى متزوج ويرعى زوجته، وبعد الاستغناء عنه لم يعد قادرًا على الوفاء بالتزاماتها، فقرر ترك المنزل: «هصرف عليها وعليا منين؟»، وزاد إصراره على موقفه بعدما ذهب إلى مستشفى الصدر بالعباسية، وأخبره الأطباء: «المناعة عندك ضعيفة، وممكن تصاب بكورونا، خليك في البيت».

لم يعبأ «غريب» بتعليمات الأطباء، وتوجه إلى الشوارع بحثًا عن عمل: «الناس قالوا لىّ إنت متنفعش تشتغل، والحال واقف»، لم يعبأ العجوز، واتخذ من الرصيف مأوى له: «الموت من الجوع أقوى من الفيروس. ربنا مرزقنيش بعيال تراعيني».

على رصيف مقابل لأعمال تطوير مثلث ماسبيرو، يجلس فارس فهمى محمد، 77 سنة، بين الحطام باكيًا ماضيه: «روحتى فين يا صحة؟»، بعد أن وجد نفسه وحيدًا فور وفاة زوجته قبل 20 سنة، فاتخذ من الشارع مأوى له: «ربنا لم يرزقني بأولاد، وأهلى صلتي انقطعت بهم».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل