فيروس كورونا: هل ستستمر العادات التي نكتسبها خلال فترة الحظر؟

فيروس كورونا: هل ستستمر العادات التي نكتسبها خلال فترة الحظر؟

منذ 4 سنوات

فيروس كورونا: هل ستستمر العادات التي نكتسبها خلال فترة الحظر؟

\nهذه روابط خارجية وستفتح في نافذة جديدة\nإذا كنت تعيش في عزلة حبيس المنزل، فتذكر: أنك لست الوحيد. ففي هذه الفترة، يعيش ربع سكان العالم تقريباً تحت الحظر. وملايين الأشخاص يحاولون التكيف مع الظروف الجديدة الناتجة عن القيود المفروضة على الحركة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.\nولكن ماذا لو أن بعض التغيرات التي طرأت على أسلوب حياتنا ستبقى مستمرة؟\nإليك بعض المجالات في حياتنا،التي يبدو أن التغيرات التي طرأت عليها ليست مؤقتة، كما نظن، وإنما سترافقنا لبعض الوقت في المستقبل:\nالمزارعون وعمال البناء مثلاً، مضطرون إلى الخروج من منازلهم للقيام بأعمالهم، ولكن بالنسبة للكثيرين، الذين يقومون بأعمال مكتبية، أصبح المنزل الآن مكتبهم الجديد.\nوقد اضطرت الشركات في أنحاء العالم إلى أن تطلب من موظفيها العمل من منازلهم، وتشمل القائمة شركات كبرى مثل آبل ومايكروسوفت.\nكان العمل من المنزل اتجاهاً رائجاً، قبل ظهور الفيروس، ولكن وفقاً لليبي ساندر، خبيرة السلوك التنظيمي في جامعة بوند الأسترالية، فإن فيروس كورونا "يمكن أن يكون نقطة التحول التي تجعل من العمل عن بعد هو القاعدة."\nوكان استطلاع أجرته شركة الاستشارات الدولية International Work Group ومقرها لندن، قدر أن أكثر من 60 في المئة من الشركات في جميع أنحاء العالم لديها سياسة عمل مرنة.\nلكن هذه النسبة تتغير بشكل كبير من بلد إلى آخر، ففي حين تبلغ 80 في المئة في ألمانيا، فهي لا تزيد عن 32 في المئة في اليابان. وتتوقع الشركة الاستشارية أن الاتجاه إلى المرونة في العمل سيتعزز ويستمر.\nإطالة الدردشة عبر الإنترنت، وتأجيل المواعدة\nوقال بليك مورغان المحلل المختص بالاتجاهات والتيارات الجديدة لبي بي سي "لن تكون الحياة طبيعية حقاً لسنوات عدة قادمة."\n"وأضاف سيتذكر الناس في جميع أنحاء العالم أنهم قبل أيام قليلة كانوا يخافون من جراثيم جيرانهم".\nوقد تكون المواعدة والعلاقات العاطفية من بين أكثر القطاعات في حياتنا تأثراً بانتشار فيروس كورونا والحظر والعزلة المرافقين له.\nولجأت مواقع المواعدة على الإنترنت في أنحاء العالم إلى الطلب من عملائها أن يطيلوا مدة التعارف والمغازلة الافتراضيين مع تأجيل اللقاء الواقعي.\nويضيف مورغان "سيفكر الناس مرتين قبل أن يضعوا أنفسهم في احتكاك عن قرب مع الآخرين".\nيمكن أن تؤدي تجربة الحجر الصحي والعزلة الذاتية إلى تغييرات في الطرق التي نفضلها في الترفيه عن أنفسنا.\nخذ السينما على سبيل المثال، في السنة الماضية ذهب إلى دور العرض السينمائية نحو 506 مليون شخص، بحسب نتائج بحث أجرته شركة Statista لتحليل البيانات، في ارتفاع بأكثر من 18 في المئة عن العدد المسجل قبل عامين.\nورغم الإقبال على دور السينما، ارتفع أيضاً عدد الأشخاص في العالم الذين اشتركوا في منصة بث نتفليكس بنسبة 47 في المئة خلال الفترة نفسها ليصل إلى 161 مليون مشترك.\nوالآن مع إغلاق صالات السينما، من المتوقع أن يشترك مزيد من الأشخاص في خدمات منصات البث على الانترنت.\nوقال مورغان لبي بي سي "في إيطاليا وإسبانيا، على سبيل المثال، ارتفع عدد مرات تنزيل تطبيق نتفليكس لأول مرة بنسبة 57 في المئة و 34 في المئة على التوالي، فالناس حسب مورغان "يتوقون إلى الترفيه، والهرب من الواقع أكثر من أي وقت مضى".\nولكن هل سيستمر الاتجاه إلى الترفيه الداخلي؟ يعتقد ريتشارد غرينفيلد، وهو استشاري مختص في صناعة الترفيه ومقيم في الولايات المتحدة، أن تبني عادة مشاهدة عبر منصات البث سيتنامى بشكل كبير ما سيسبب مشاكل خطيرة لأصحاب المسارح في دول مثل الولايات المتحدة.\nوقال غرينفيلد في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمزإن "سلوك الناس تغير بالفعل، ولكن هذا (فيروس كورونا) يسرع عجلة التغيير". وأضاف "أعتقد أن معظم شركات المعارض العالمية ستعلن إفلاسها بحلول نهاية العام".\nمن ناحية أخرى، فإن ابتسامات عريضة سترتسم على وجوه مدراء شركات صناعة الألعاب الإلكترونية.\nوقد ارتفع الاقبال على هذه الألعاب بشكل ملحوظ في الصين إبان فترة الحظر والعزل الذاتي، وسجل متجر تطبيقات آبل في الصين قفزة كبيرة في الإقبال على تنزيل تطبيقات الألعاب.\nأدى انتشار وباء كورونا إلى حالة من الفوضى غير المسبوقة في صناعة السفر والسياحة، وقد يتسبب في تحول جذري في الطريقة التي ننظر بها إلى السفر في المستقبل.\nويمكن أن يؤدي الوباء إلى خسارة 50 مليون وظيفة حول العالم وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة، وبحسب تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الشهر الماضي فإن خسائر شركات الطيران في أنحاء العالم قد تزيد عن 113 مليار دولار في عام 2020، وذلك قبل أن تعلن الولايات المتحدة فرض قيود صارمة على السفر.\nوهناك نحو 1.1 مليون حالة إلغاء حجوزات طيران، كما انخفضت الحجوزات بنسبة 50 في مارس/آذار و40 في المئة في أبريل/ نيسان، و25 في المئة في مايو/أيار.\nكما عانت صناعة السياحة من ضربة كبيرة بسبب العزلة الذاتية وحظر التجمع، ومن المتوقع أن تعاني المناطق التي تعتمد بشكل كبير على السياحة من أوقات عصيبة.\nولكن هل هناك أي فرصة جيدة وسط هذه الأزمة؟\nتعتقد فريا هيغينز ديسبيولس، أستاذة إدارة السياحة في جامعة جنوب أستراليا، أن "هذا الوباء أتاح فرصة قيمة وغير متوقعة". لقد شهد العديد من المواقع السياحية حول العالم ما يطلق عليه اسم فرط السياحة، وتسبب هذا في ردود فعل محلية عنيفة أحياناً ضد الأعداد المتزايدة من السياح".\nكما قد تؤدي الأزمة الصحية إلى إعادة التفكير في الاعتماد على السياحة لتحقيق النمو الاقتصادي.\nوأضافت هيغنز ديسبيولس لبي بي سي "يعتقد العلماء أن الأوبئة قد تنبع من إفراط البشر في استخدام البيئة والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، والسياحة جزء كبير من هذه الظاهرة".\nوقالت "إذا لم نعمل على تحقيق توازن بين اقتصاداتنا وبين الحدود التي تضعها الطبيعة، فسيحصل المزيد من الأزمات".\nالتسوق عبر الإنترنت ليس رائجاً في أنحاء العالم كما قد تعتقد، وحتى في الأماكن التي ينتشر فيها استخدام الإنترنت بشكل واسع.\nففي دول الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، هناك ما يقرب من 30 في المئة من المستخدمين الذين لم يتسوقوا عبر الإنترنت خلال عام 2019، وترتفع هذه النسبة إلى 45 في المئة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و 74 عاماً.\nلكن من شأن العزل، والإغلاق، والحظر أن تتسبب في تغيير كبير في الوضع قريباً.\nوقالت ميديا إقبال، الخبيرة الاقتصادية في شركة يورومونيتور إنترناشيونال للأبحاث، لبي بي سي "من السلوكيات المتوقع تغييرها هو التسوق عبر الإنترنت، وسيشمل ذلك الفئات العمرية التي تكون عادة أقل إقبالاً على هذه التجربة"\nوقد سجل موقع JD.com للبيع بالتجزئة على الإنترنت في الصين، ارتفاعاً بنسبة 215 في المئة خلال فترة 10 أيام بين أواخر يناير/كانون الثاني وأوائل فبراير/شباط.\nومن المرجح أن يتكرر الأمر في العديد من الدول حول العالم مع استمرار فرض الإغلاق والحظر، ما يعزز الاتجاه لمزيد من التسوق عبر الإنترنت.\nأظهرت صور الأقمار الصناعية انخفاضاً ملحوظاً في تلوث الهواء في الصين على مدار الأسابيع القليلة الماضية، وذكرت تقارير أن، الصين التي تعتبر من أكبر المساهمين في التلوث الجوي في العالم، شهدت انخفاضاً بنسبة 25 في المئة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال الفترة من 3 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.\nومع ذلك، من المرجح أن ترتفع مستويات التلوث مجدداً بمجرد عودة الحياة الطبيعية إلى حد ما في الصين وبقية العالم، خاصة في المناطق التي يتم فيها نشر حزم المحفزات الاقتصادية.\nلكن النشطاء يرون أن هناك فرصة للتغيير.\nوكتب مارشال بورك، الباحث في جامعة ستانفورد الأمريكية، في مدونته إن الإغلاق الذي نجم عن مشكلة بهذا الحجم "يمكن أن يؤدي إلى بعض الفوائد (الجزئية) الكبيرة، الأمر الذي يشير إلى أن ما يجتاج التغيير هو طرقنا المعتادة في القيام بالأشياء".\nوحسب بورك، فإن التحسن المؤقت في جودة الهواء في الصين أنقذ حياة 4000 طفل دون سن الخامسة، و73000 شخص ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاماً، وهذا أكثر بكثير من العدد الرسمي للوفيات في البلاد، والذي يزيد عن 3000 شخص.\nوأضاف "قد يكون فيروس كورونا في حال صمدنا بعده، مساعدا لنا لنقوم بأعمالنا ولكن بتلوث أقل".\nالاستشارات الصحية (البُعادية) أي عن بعد، هي استخدام الاتصالات والتكنولوجيا الافتراضية لتقديم الرعاية الصحية خارج المرافق الطبية التقليدية. ويحظى هذا الاتجاه بالتشجيع من منظمة الصحة العالمية، إذ يعتقد الخبراء أنه يمكن أن يخفض التكاليف، ويسهل الوصول إلى الخدمات الطبية إلى أعداد متزايدة من الناس.\nومع انتشار الوباء الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، أصبحت الرعاية الصحية البُعادية أكثر أهمية لتشخيص العدوى وعلاجها.\nوقال ستيف ديفيس خبير السياسة الصحية في جامعة ويست فرجينيا الأمريكية"الخدمات الصحية عن بعد يمكن أن تكون وسيلة للتوفيق بين الحجر الصحي الذاتي للحد من انتشار الفيروس والحصول على العلاج الصحي المطلوب".\nوقد أصبحت الرعاية الصحية عن بعد جزءاً من جهود حكومة الولايات المتحدة لمعالجة المصابين بفيروس كورونا. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 17 مارس/آذار تغييرات في نظام التأمين الصحي، ستسمح بتوسيع تقديم الرعاية الصحية للمرضى والمسنين والذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة عن بعد.\nفي مقال نشر في 4 مارس/آذار على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، تناول هارالد جيمس، أستاذ التاريخ والشؤون الدولية في جامعة برينستون، التأثيرات المحتملة لانتشار وباء كوفيد - 19 على العولمة.\nوجاء في المقال أن "الأوبئة لاتكتفي فقط بنشر مآسي المرض والموت، ولكنها أيضاً تجعل الناس يصبحون أكثر ريبة، وفي نفس الوقت أكثر سذاجة، وأقل رغبة في التعامل مع أي شيء يبدو أجنبياً عنهم أو غريباً".\nفهل تنطبق الحالة على انتشار فيروس كورونا المستجد؟\nأثار قرار ترامب وصف فيروس كورونا المستجد بـ "الفيروس الصيني"، جدلاً، كما تورطت البرازيل في مشكلة دبلوماسية مع الصين عندما اتهم أحد أبناء الرئيس جايير بولسونارو في تغريدة على تويتر بكين بالتستر على انتشار الفيروس على غرار ما فعلته سلطات الاتحاد السوفيتي حين حجبت المعلومات حول كارثة تشيرنوبل النووية عام 1986.\nوخلص جيمس إلى أن "فيروس كورونا من المحتمل بالتأكيد أن يسرع بعملية تلاشي العولمة".\nكما اتفق خبراء على نفس الاستنتاج، وحذروا من أن التوترات التي أوجدتها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تفاقمت بسبب فيروس كورونا.\nوترى فيكي ريدوود، المستشارة في شركة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث، أن "التهديد الأكبر للعولمة خلال العامين الماضيين كان التوترات بين الولايات المتحدة والصين".\nوتضيف ريدوود أنها تعتقد أن الفيروس سيجعل الاستعانة بمصادر خارجية في التصنيع أقل جاذبية بالنسبية للشركات.\nولكن هناك اعتقادات بأن انتشار جائحة كورونا قد يكون له تأثير مختلف تماماً.\nويقول ريتشارد بالدوين، الخبير الاقتصادي الدولي في معهد الدراسات العليا في جنيف، "قد يقدم لنا هذا الوباء في النهاية درساً عظيماً. سنرى أن التعاون متعدد الأطراف أمر ضروري".

الخبر من المصدر