المحتوى الرئيسى

جوارديولا ضد زيدان: لأن مهاجما وهميا واحدا لا يكفي لتصبح فيلسوفا

02/27 13:13

جلس سيرجيو أجويرو ورحيم سترلينج وديفيد سيلفا على مقاعد بدلاء فريق مانشستر سيتي في مباراته أمام ريال مدريد في دور الـ16 في بطولة دوري أبطال أوروبا، ثلاثة من أفضل اللاعبين في الفريق وربما في العالم في مباراة هامة كتلك، لو خسر بيب جوارديولا المباراة لكان لاستبعاد الثلاثي الأثر الكافي لتنقلب الصحافة والعالم كله على فلسفة بيب، لكن فلسفته أتت بثمارها، فكيف حدث ذلك؟

قال كيفين دي بروين بعد نهاية المباراة إن الفريق تعود على مفاجآت كثيرة من مدربه في الأعوام الأربعة التي دربهم فيها، لكن "هذه المباراة خاصة وصل الأمر فيها أن اللاعبين لم يكونوا مدركين بشكل كامل ما هذه الخطة التي سنلعب بها!".

حال دي بروين ولاعبيه سيتي لم يختلف عن حال المشاهدين حول العالم أو حال زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد ولاعبيه، أقدم بيب على اللعب بطريقة لم يعهدها الكثيرين، اللعب بـ٤-٤-٢ لكن دون مهاجمين!

مهاجم وهمي واحد لا يكفي

في واحدة من أفضل مباريات بيب، وقبل أن يشتهر بخطته وفلسفته المختلفة أقدم بيب على إقحام ميسي في مركز جديد نسبيا على العالم، أو بوصف أدق لم يعد يستخدم منذ زمن بعيد، اللعب كمهاجم وهمي، أفقدت تلك الخطة فريق ريال مدريد اتزانه، لم يفهم قلبي الدفاع ماذا يفعلان، هل يتقدما لحصار ميسي خارج منطقة الجزاء ويترك أي منهما مركزه أم يظلا بلا عمل طيلة المباراة، النتيجة ٦-٢ لبرشلونة في سانتياجو برنابيو.

خطة بيب ببساطة هي اللعب بـ٤-٤-٢ لكن بدون مهاجمين، حول بيب مهاجمي الفريق خيسوس ورياض محرز على أقصى طرفي الملعب، فيما شغل موقع المهاجم الكلاسيكي كلا من برناردو سيلفا ودي بروين كلاعبي وسط متقدمين جدا، أو مهاجمين وهميين، لماذا يا بيب؟

لم يلعب بيب بمهاجم وهمي واحد، بل لعب بمهاجمين وهميين، ليس السبب هذه المرة إرباك قلبي دفاع مدريد لكن عدة أسباب متنوعة.

أدرك بيب أن أحد أخطر أسلحة ريال مدريد هو حرية تقدم قلبي الدفاع في بناء الهجمة وفي الزيادة الهجومية، حرم الإسباني خصمه من تلك الميزة بأن تحول دور قلبي الهجوم لديه (سيلفا ودي بروين) للضغط على قلبي الدفاع في المراحل الأولى من اللعب، فمنعا بشكل كامل أي خطورة لهما، لم يتقدم سيرخيو راموس إلا في كرة واحدة فقط طيلة المباراة بعد أن فقد سيلفا الكرة أمامه في الشوط الثاني، تقدم ثنائي الوسط لشغل المركز الوهمي للمهاجم أربك بشكل حقيقي لاعبي وسط مدريد فالفيردي وكاسميرو، فأضطر الثنائي طيلة المباراة للتنازل عن أي دور هجومي والاكتفاء بملاحقة ثنائي وسط/هجوم سيتي فعزل لوكا مودريتش في الموقع رقم ١٠ في وسط الملعب وتراجعت خطورته طيلة المباراة.

لم يكن ضغط قلبي دفاع مدريد هو السبب الوحيد في هذا التعديل الجذري، لكن سببا آخر ربما أكثر أهمية ساعد بيب على الاقتناع بتلك الخطة وتجريبها، ظهيرا ريال مدريد!

في خلال السنوات الثلاث التي سيطر فيها زين الدين زيدان على أوروبا وبطولة دوري الأبطال بشكل كامل كان العنوان الرئيسي لخطة هجومه هو ظهيري الجنب، سرعة وأداء هجومي عوض بالكامل غياب الكثير من الالتزام الدفاعي لدى الثنائي داني كارباخال ومارسيلو، في هذه المباراة حاول بيب أن ينزع عن ريال مدريد أهم عنصر في خطة زيدان، ظهيرا الجنب.

بنقل خيسوس ومحرز على أقصى طرفي الملعب أصبح تحول ظهيري ريال مدريد (كاربخال وميندي) للحالة الهجومية أمر مستبعد تقريبا، لم يقدم كاربخال أي خطورة هجومية قبل الدقيقة ٧٠ في المباراة، فيما قدم فيرلاند ميندي (مدريد) أداء مثالي على عكس زميله على الجبهة الأخرى ميندي (سيتي)، مثالية أداء ميندي ريال مدريد ارتبطت بالتمرير السليم للكرة ومحاولة التقدم الهجومي مستغلا فقدان محرز للكرة كثيرا، فيما تراجع أداء ميندي سيتي بفضل تمريراته الخاطئة وتراجعه أمام إيسكو أحد أفضل لاعبي الفريق الملكي.

لكن في النهاية تراجعت عرضيات الثنائي الملكي وتراجع دورهما الهجومي ما منح ظهيري سيتي مهمة أسهل في مراقبة وضغط جناحي مدريد إيسكو وفينيسيوس.

منحت الخطة لسيتي قدرات مذهلة للسيطرة على كل مساحات الملعب، فقد سيتي الكرة عدة مرات في الشوط الأول وتراجع استحواذه بشكل أكبر في الشوط الثاني، ليس لتخلي بيب عن قناعاته لكن للصعوبة التي وجدها لاعبي فريقه في تناقل الكرة مع تغير المراكز كل هذا التغيير، ما أعلنه دي بروين بعد المباراة لم يعني أن اللاعبين لم يفهموا الخطة، لقد فهموها تماما ونفذوها بدقة عالية، لكن عانى الفريق الذي تعود على أنماط من التمرير والتموضع أمام هذا التغيير المفاجئ الذي صحبه اختلاف في مراكز اللاعبين وتمركزهم فقطعت العديد من الكرات ولم يتغير الأمر مع مرور الوقت، لكن الفريق كان قادرا تماما على تخطى فقدان الكرة بالضغط المميز طيلة الوقت.

خطة بدون أهداف وخطأ جو هارت المعتاد

من السهل أن نقيم خطة بأنها عبقرية طالما فاز الفريق المباراة، في حالة هذه المباراة، لم تفز الخطة ولم يتقدم سيتي إلا بعد أن قام بتغيرها وعاد للعب بـ٤-٣-٣، لكن الخطة مازالت مذهلة رغم تقدم ريال مدريد عكس سير المباراة، لماذا؟

سجل إيسكو هدفا عكس سير المباراة، تكفي هذه الكلمة لنفهم مدى نجاح خطة جوارديولا، لم يتقدم أيسكو لريال مدريد إلا من خطأ مضاعف بدأه إلكاي جوندوجان وأكمله كايل ووكر، لكن لا تقيم الخطط بمعزل عن صناعة الفرص، سدد سيتي ٨ كرات على مرمي مدريد مقابل ٣ للريال قبل الهدف، انفرد خيسوس ومحرز أربع مرات قبل أن يتقدم الملكي، نجحت الخطة في قتل كل أسباب خطورة ريال مدريد، لكن هدفا عكسيا سجل لا يمكن أن يجعلنا نغفل عما قدمه بيب كما فعل جو هارت.

قال جو هارت حارس مرمى الفريق السابق أن بيب عطل فريقه عن التسجيل، ولو لعب بخطة ٤-٣-٣ كما أنهى المباراة لسجل سيتي أكثر من هدفين وأنهى الجولة مبكرا.

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل