المحتوى الرئيسى

مطورون عقاريون وخبراء في ندوة «عقارات المصري اليوم»: الحكومة مهدت لانطلاق التنمية العمرانية.. وحانت لحظة القطاع الخاص | المصري اليوم

02/24 11:22

حافظ القطاع العقارى على معدلات نمو قوية خلال السنوات السابقة في ظل دعم حكومى غير مسبوق، لما له من قدرات على توليد فرص العمل وقيادة التنمية في مجالات الاقتصاد الأخرى، كما يأتى هذا الاهتمام انعكاسًا لنظرة مستقبلية من القيادة السياسية لضرورة خلق مجتمعات عمرانية جديدة، تستوعب الزيادات السكانية المتسارعة.

وتناقش «عقارات المصرى اليوم»، في أولى ندواتها، شكل المنظومة العقارية في مصر بما تشمله من تشريعات وأراض، والعلاقة التشابكية بين الحكومة والقطاع الخاص، وأكد مسؤولو منظمات الأعمال المعنية، ورؤساء كبرى شركات التطوير العقارى، على الدعم الذي يوليه الرئيس عبدالفتاح السيسى للقطاع الخاص وتوجيهاته للحكومة بمنحه دورًا أكبر في عمليات التنمية خلال الفترة المقبلة. وتطرقت الندوة لعدد من الموضوعات أهمها مشكلات التسجيل العقارى وكثرة طروحات الأراضى وغياب قواعد البيانات المنظمة للسوق.

■ ما تقييمكم للتطورات التي شهدها الاقتصاد المصرى في 2019 وانعكاساته على القطاع العقارى؟

- هشام شكرى: الاقتصاد حصد العديد من المؤشرات الإيجابية خلال 2019، أهمها ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى، والتراجع المتواصل لأسعار الفائدة والتضخم، مع صعود قيمة الجنيه لأول مرة أمام العملات الأجنبية، بما قضى على مفهوم الدولرة، أضف إلى ذلك ما شهده قطاع البنية الأساسية من حجم إنجاز غير مسبوق في مشروعات طرق وكهرباء وتحلية مياه، وغيرها خلال العامين الماضيين، كل هذه التطورات ستنعكس إيجابًا على كافة القطاعات بما فيها العقارات، ولدينا أيضا الانتعاش الملحوظ في النشاط السياحى والذى يسهم في تحسن معدلات الإنفاق ومنه الإنفاق على شراء الوحدات، إجمالا يمكن القول إن عام 2019، كان ختامًا لسنوات من التأسيس للانطلاق الاقتصاد المصرى خلال 2020 وما بعده.

- طارق شكرى: العام الماضى كان إيجابيا للغاية للاقتصاد الكلى، ومهمًا للقطاع العقارى، ويمكن رصد عدة متغيرات طرأت على السوق، منها دخول عدد كبير من شركات صغيرة ومتوسطة، بما أثرعلى توازنات السوق، وكان سببًا مباشرًا في حالة اللغط حول تباطؤ المبيعات ومدى قدرة الشركات على الاستمرار، أيضا الضغوط الشرائية وارتفاع التكلفة، والذى أجبر المطورين على تعديل أفكارهم باللجوء إلى تصغير مساحة الوحدات، وتقديم عروض سداد طويلة الأمد وصلت إلى 10 سنوات، بهدف تنشيط المبيعات في ظل المنافسة القوية، ولكن في المقابل ضغطت على حجم السيولة المطلوبة لتنفيذ المشروعات، وأدخلت الشركات في دورات تشغيلية كما لو كانت أداة بنكية، كما سنلاحظ خلال الأعوام المقبلة اتجاها أكبر من المطورين نحو الصعيد.. وتقديرى أن العام الجديد يحمل قدرا أكبر من التفاؤل، في ظل المبادرات التي تتخذها الحكومة لتنشيط السوق.

- أيمن سامى: أعتقد أن تراجع الفائدة وما صاحبه أيضا من تراجع في معدلات التضخم- أسهما في تحسن القدرة الشرائية للمواطنين، وإن كان ليس بالقدر المطلوب، ولكنه أثر إيجابا على حركة الشراء في السوق العقارية، فالتقارير الصادرة عن مكتبنا في القاهرة تشير إلى انتعاش الطلب على القطاعات غير السكنية، واتجاه أغلب المطورين إلى إدراج المشروعات الإدارية والتجارية ضمن خططهم الرئيسية، باعتبار أن القطاع الإدارى والتجارى أصبح من ضمن أفضل أدوات الاستثمار، وبلغت نسبة الإشغالات في الإدارى 95%، كما ارتفع متوسط الزيادة في الإيجارات 20%، كما حدث نمو كبير في القطاع الفندقى مع تحسن مؤشرات السياحة.

- أيمن سامى: سيشهد توسعات جديدة في مناطق مختلفة مع بدء حركة تنمية الأراضى التي تم تخصيصها العام الماضى، كما سيبدأ تشغيل مناطق جديدة مثل العاصمة الإدارية بعد نقل الوزارات، وأيضا في مدينة العلمين حيث حدث طلب كبير على الأبراج وخاصة من القطاع الخاص.

- علاء فكرى: أؤيد كل ما سبق باستثناء كيفية النظر إلى تراجع سعر صرف الدولار، لأنه يضعف من الميزة التنافسية للصادرات، ويفتح شهية المستورد، وبالنسبة للعقارات، كان 2019 عام تحول وتغيير واسع في شكل السوق واللاعبين فيها، في ظل ارتفاع كم المعروض، كل ربع من العام كانت السوق تأخذ منحنى مختلفا، الجانب الإيجابى في هذه التغيرات جاء لصالح المستهلك، الذي أصبح لديه فرص وعروض متنوعة، أما في 2020 فلا أتوقع اختلافا كبيرا في شكل السوق عنه العام الماضى، بل إن الأمر قد يزداد صعوبة، خاصة أننا مقبلون على عام يشهد تخمة في المشروعات المعروضة، وننتظر تحسن القدرة الشرائية للمواطن حتى يحدث الرواج المأمول.

- وليد مختار: النقطة الإيجابية أن السوق خلال العام الماضى شهدت توازنا في حركة النمو بالقاهرة الكبرى، بعد أن كان توجه الدولة والمطورين والشراء نحو التجمع الخامس وامتداده بالعاصمة الإدارية، فقد شهدنا خلال 2019 اتجاها نحو غرب القاهرة، وظهرت لنا مدن جديدة مثل سفنكس الجديدة وتوسعات أكتوبر، ومشروعات عقارية كبرى، وطرق إقليمية ومحاور رئيسية لهذه المنطقة كما حدث في الشرق، هذا التوازن يؤدى لتوزيع المطورين على الخريطة، ويعيد إصلاح الخلل السابق في التفاوت الكبير في أسعار العقارات في التجمع و6 أكتوبر، كما يمكن القول إن مدن الجيل الرابع التي تبنتها الدولة خلال العام الماضى جاءت كلها بمعايير مختلفة وأسس متنوعة تضمن لها النجاح واستدامة النمو، سواء في العلمين أو الجلالة أو المنصورة الجديدة.

وأخيرا فإن الاستقرار السياسى الذي شهدته مصر خلال آخر عامين، في منطقة تنطوى على كثير من التوترات الجيوسياسية، جعل مصر مقصدا آمنا للاستثمار الأجنبى، وزاد من فرصنا في تصدير العقار. قد تكون مؤشرات الاستثمار الأجنبى لم تعكس هذه الحالة حتى الآن، لأن الأمر يحتاج إلى وقت لتحول وجهة الاستثمار نحونا، وقد نتحمل جزءا من هذا التراجع لأن حركة الحكومة في وضع التشريعات والحوافز المطلوبة لجذب تلك الاستثمارات الأجنبية- لم تكن على نفس سرعة حركة الأموال الأجنبية.

- عبدالناصر طه: ليس لدىَّ تخوفات حول السوق لأن ديناميكية الأسواق تجعلها تعدل مساراتها إذا ما حدثت مشكلة، ونفس الأمر للدولة، هي الأخرى تعدل مساراتها، تدخل في تجربة، وإذا ما حدثت مشكلة تظهر بمفهوم مختلف، مثل طرح مشروعات بنظام الشراكة مع القطاع الخاص خلال الفترة الأخيرة، أيضا آليات السوق تعيد رسم خريطة اهتمامات المطورين، فنحن سوق كبيرة وتنمو بمعدلات قوية، وبالتالى الطلب لم يعد مقصورا على الوحدات السكنية، وإنما على الخدمات أيضا مثل الصحة والتعليم والترفيه، كما يوجد العديد من الملفات الحديثة على السوق، في 2019، وستقودها الفترة المقبلة، مثل إعادة إحياء الاندماج بين القطاعين العام والخاص، في تجربة شركة مصر الجديدة للإسكان، هذه التجربة قد يكون لها آثار كبيرة ويمكن أن تحيى كيانات ماتت إكلينيكيًّا وترسم توجهًا جديدًا للدولة.

الأمر الثانى ظهور كلمة «الأصول» من جديد إلى السطح، مع تشكيل الصندوق السيادى، والتفكير في استغلال مقار الوزارات القديمة بعد النقل للعاصمة، وأيضا الأصول العقارية غير المستغلة التابعة للبنوك والمحافظات، ومشروعات إحياء المناطق القديمة بالقاهرة الكبرى، والتى تشهد نموا كبيرا تقوده الدولة ولا أحد يقدر عليه غير الدولة. ملفات كبيرة من الاستثمارات الضخمة وعوائد بلا حدود، تحتاج فقط من الحكومة وضع القواعد والاستراتيجيات المطلوبة للاستغلال الأمثل لتلك الأصول وتحديد دور القطاع الخاص، وأيضا من الملفات الصاعدة التطوير الصناعى، فهو مجال مهم وجاذب للاستثمارات الأجنبية، والدولة تضعه على أولوياتها.

■ بالحديث عن شكل العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص.. فقد أثارهذا الحديث زخما واسعا خلال 2019، فكيف يمكن الوصول لعلاقة متوازنة بين الطرفين؟

- طارق شكرى: دور الحكومة كلاعب قوى في القطاع العقارى، كان بالفعل أحد أبرز مجالات النقاش، وأعتقد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد في أحاديثه الأخيرة، على انحسار هذا الدور بشكل واضح في السنوات المقبلة، وفى تقديرى الشخصى أن العديد من مشروعات المدن الكبرى كانت تحتاج بالفعل إلى ضخ استثمارات ضخمة وبشكل متسارع وقوى، ولذا لزم تواجد الحكومة كمحرك لتنمية تلك المناطق ومحفز بمشروعاتها لدخول القطاع الخاص من بعدها، وأتمنى بعد أن تجاوزنا تلك المرحلة أن تتراجع الحكومة تدريجيا لخلق التوازنات الصحية في السوق وبالأخص أن المستثمر الأجنبى الذي تستهدفه الحكومة يضع نصب عينيه عند اتخاذ قرار الاستثمار عاملين هما إنفاذ العقود، ودور الحكومة في السوق.

■ هل نقل المستثمرون ذلك في اجتماعهم الأخير مع الدكتور مدبولى؟

- طارق شكرى: بالفعل كان ذلك محور حديثنا خلال اجتماع لجنة تحسين مناخ الاستثمار، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، وأكدنا ضرورة التركيز على تحسين شكل إنفاذ القوانين خاصة أن ترتيب مصر في تقرير سهولة ممارسة الأعمال جاء في مرتبة متأخرة.

- وليد مختار: دخول الحكومة كان مفيدا في تلك الفترة، لأنه كان يجب أن تأخذ زمام المبادرة والريادة لاقتحام المناطق الجديدة، ووضع أسس التنمية، ولكن نقطة الخلاف حاليا حول التوقيت المفترض لتوقفها عن ممارسة هذا الدور حتى تفسح المجال لمطورى القطاع الخاص، لاستكمال ما قامت به من تنمية لهذه المدن، أعتقد أن الأمر قد يحتاج إلى مزيد من الوقت، للوصول إلى نقطة تلاق حول دور كلا الطرفين في إطار من الشفافية والمرونة، وما يطمئننا أن الحكومة تعى تماما أن نجاح المطور مهم لنجاحها، وأن عليها التركيز في القيام بدورها في تنفيذ مشروعات الإسكان الاجتماعى وترك المجال مفتوحا للقطاع الخاص في مجالات الإسكان المتوسط وفوق المتوسط.

- علاء فكرى: أرى أنه يمكن تقبله في أمور لها أبعاد استراتيجية، وفى أوقات ذات ضرورة ملحة كما حدث معنا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر عقب ثورتين، ولكن بناء وحدة سكنية حتى لو في المشروعات الاجتماعية، هو دور يمكن أن ينهض به القطاع الخاص من خلال منحه الحوافز والإعفاءات المطلوبة، ويبقى دور الحكومة الرئيسى في التنظيم والرقابة، كما أن القول بأن حل مشكلات إنفاذ العقود سيغير شكل الحياة الاقتصادية في مصر، ربما يغيب عنه أننا نتعامل أحيانا مع عقود مفتوحة من طرف واحد يمكنه إضافة أي بند كما يشاء.

■ ألا تتفاءل بمبادرة الحكومة لإدخال القطاع الخاص في الإسكان الاجتماعى؟

-علاء فكرى: الشروط التي وضعتها الحكومة حتى الآن في مشاركة القطاع الخاص في الإسكان الاجتماعى- يمكن أن تعيق أي شركة، لأن هامش الربح شبه معدوم، والشركة تتحمل كافة المخاطر، والسقف السعرى ثابت، وتشترط ألا تحصل من العميل أي أقساط إلا بعد البناء، الأمر يحتاج إلى سياسات أكثر مرونة.

■ أيفسر ذلك عدم تفعيل المبادرة حتى الآن؟

- وليد مختار: يجب أن نتعاطى مع ملف الإسكان الاجتماعى بغير الصورة النمطية القاتمة الموجودة لدينا، علب سكنية بمساحات ضيقة وألوان كئيبة، في العالم كله تحصل مثل تلك المشروعات على جوائز في التصميم، والابتكار لاستخدام مواد مختلفة وأشكال متقدمة للسكن تسمح بالبناء الكثيف وبتكلفة معقولة، وعند إسناد المشروع لمطور خاص بالتأكيد المنتج سيكون مختلفا، المشكلة في هذه المبادرة أن كل الأفكار والشروط المطروحة للمشاركة في تنفيذ تلك المشروعات تقليدية، ونفس الأساليب المستخدمة في مشروعات أخرى، ومع الاشترطات الموجودة، سيلتفت المطور أكثر نحو التدفقات النقدية للمشروع، والتمويل والاقتراض، وهذه أول خطوة لفشل التجربة.

■ وهل لدى المطور الخاص القدرة الفنية والملاءة المالية ليحل محل الحكومة في مشروعاتها؟

- هشام شكرى: يجب أن نتفق أننا لن تصحو غدا ونجد الحكومة انسحبت من السوق كلية، لكن المطلوب وضع خطة الانسحاب التدريجى، والبدء مثلا في تحويل الكيانات الاستثمارية التابعة لها إلى مطورعام للأراضى في المدن الجديدة، لتقوم على وضع المخطط العام والترفيق، وإعادة طرحها بالشراكة مع مطورى القطاع الخاص، وبالتالى نصل إلى نقطة وسط، تحافظ الدولة على تنفيذ رؤيتها لتنمية المدن الجديدة، وفى نفس الوقت لا تدخل في التفاصيل حتى تصل للمستهلك النهائى بنفسها، أما عن قدرة المطور على البناء بحجم أعمال الدولة، فهذا يتوقف على طبيعة العلاقة بين الطرفين، لو هنتكلم عن تسعير أراضى مرتفع وفترات سداد مضغوطة، فإن مشكلة المطور لن تكون الكفاءة الفنية ولكن القدرة المالية، معظمنا يقدر على مضاعفة حجم أعماله ولكن المشكلة في السيولة المالية، في ظل فترات سداد الأرض بلغت في أقصاها أربع سنوات مع فائدة تحميل الأقساط بفائدة البنك المركزى المرتفعة

- أيمن سامى: كل ما قيل عن مشكلة في العلاقة بين الطرفين، قد يكون سليما ولكن يجب ان ننظر إلى ان عدد الوحدات التي يتم بناؤها من الطرفين، لا يضاهى حجم النمو في الطلب السنوى، لم نصل في مرحلة ما من تاريخ السوق أن نجحنا في بناء 1.2 مليون وحدة سنويا، ولا حتى ربع هذ الاحتياج، إذن المشكلة في تقسيم الاحتياج على الشرائح، هذا الأمر يعيدنا إلى أهمية وجود إحصائيات دقيقة للسوق، وتنظيم العلاقة بما يخدم الطلب الحقيقى في كل القطاعات، وذلك بالنظر إلى الطلب بطريقة علمية معلوماتية.

- هشام شكرى: المشكلة الكبرى ليست في المعلومات ولكن بتشبيك المعلومات وتحليلها وربطها معا، فهو الذي نبنى عليه المؤشرات، وأهم مؤشر هو القدرة الشرائية ومدى قدرة الطلب الحقيقى على شراء الوحدة بتكلفتها الحالية، وفى رأيى أن هذا الأمر هو أساس كل المشكلات، وإذا تحسنت القدرة الشرائية، فلن تكون هناك مشكلة في السوق، هذا يحتاج مجموعة سياسات لتقريب الطرفين ومنها آليات جديدة وميسرة للتمويل، وتحجيم أسعار الأراضى، من خلال قرار استراتيجى لتثبيت أسعار الأراضى لمدة 3 سنوات، والتخلى عن اللوائح التي تجبر جهات الولاية لإجراء زيادة 15% سنويا.

■ تقرير التنافسية العالمى يشير إلى تدنى ترتيب مصر في مؤشر جودة إدارة الأراضى لـ136، ما أسباب تراجعنا في الترتيب وهل ما زلنا نعانى من عدم وضوح الرؤية حول الاستغلال الأمثل للأرض وتنميتها؟

- وليد مختار: لدينا ثروة ضخمة كبيرة من الأراضى في مصر، وهذا ما نلمسه عند عرض مشاريعنا في المعارض الخارجية، نرى في الأجنحة الأخرى مشروعات لا تتجاوز في مساحتها 5% من المشروع المصرى ويتم التعامل معها وكأنها مشروعات ضخمة، والمشكلة الأزلية في مصر هي تعدد جهات الولاية، دولة الإمارات اتخذت منهجا وهى أن تكون لديها جهة واحدة لها السيادة على كافة الأراضى، ويتعامل معها المستثمر أيا كان نشاطه، وتحصل من خلالها على كافة المعلومات عن الأرض ونشاطها والتراخيص المطلوبة، أما في مصر فلدينا جهات ولاية مختلفة تقوم على طرح الأراضى، وعندما تطرح هيئة المجتمعات العمرانية قطعة أرض، تجد محفظة أراض في بنك أو تابعة للمحليات أو هيئة التنمية السياحية يتم طرحها في نفس اللحظة، وبالتالى يصعب على المستثمر أن يجد خريطة عامة لطرح الأراضى يبنى عليها قراره وخططه الاستثمارية بوضوح، خاصة ان هذه الجهات لا تتواصل مع بعضها، وكل قطعة يتم طرحها من جهة تكون باشتراطات بنائية وأسعار للمتر وطرق سداد مختلفة، وهذا يمثل نوعا من التشويش بين الشركات، ويزيد الأمر صعوبة على الشركات أن هيكل التكلفة في السوق حاليا متقارب جدا، سابقا كانت الأرض تمثل 10% من تكلفة الوحدة، بما يعطى مساحة لاختلاف نسب الأرباح من مطور لآخر، ولكن وصولها لـ40% جعل هامش الربح معروفا ومقدرا ويصعب التنازل عنه.

■ ألا تحمل فترة المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان الأسبق، مسؤولية ارتفاع سعر الأراضى؟

- طارق شكرى: أتفق مع هذا الرأى لأن المزادات التي بدأها أحمد المغربى، وزير الإسكان الأسبق عام 2005، كانت سببا في زيادة الأسعار.

- علاء فكرى: ليس فقط المزادات ولكن خفض كميات الأراضى المطروحة ضاعف من المشكلة.

- وليد مختار: لا أتفق مع تحميل المغربى كامل المسؤولية، لدينا عنصران مرتبطان هما سعر الأرض وكيفية سدادها. المغربى عندما عمل المزادات طرح الأراضى على 10 سنوات منها 3 سنوات فترة سماح وكان أمرا مقبولا جدا.

- هشام شكرى: لا يجب أن نربط سعر الأرض بآلية طرحها، في المزاد يتم الترسية للأعلى سعرا، ولكن بعدها تتفاوض الجهة صاحبة الولاية لتحسين السعر مع الشركة الفائزة، ونفس الأمر لو تم التخصيص بطرح مباشر، المشكلة أن الجهة صاحبة الولاية تضع قيمة مفترضة للأرض وترفض التنازل عنها حتى لو كانت غير اقتصادية.

■ ولكن الشركات تقبل بهذه الأسعار؟

- هشام شكرى: الشركات مضطرة للاستمرار في العمل والتنمية، وعليها أن تؤقلم التكلفة الجديدة من خلال زيادة سعر الوحدة، فالحكومة هي المحتكر الوحيد للأراضى، ولا يوجد أمامنا بدائل، المفروض أن يتم تعديل طريقة تقييم الأرض لتكون وفقا لحسابات تكلفة الوحدة السكنية وهامش ربح المطور، وبالتالى نضع سعرا للأرض لا تزيد عليه، لخلق التنمية، لو تم التقييم بهذه الطريقة لن نرى الأرقام الجزافية التي يتم فرضها.

■ هل يمكن أن نجد انفراجة في طرح الأراضى الفترة المقبلة؟

- طارق شكرى: مشكلة الأرض كانت الإتاحة والسعر، الأولى تم حلها بل في تقديرى الشخصى، أن الطرح أصبح كثيفا بشكل يخل بالتوازن المطلوب للسوق، ويؤدى إلى منافسة غير صحية بين المشروعات، وهذا يعنى أن المطور لن يستطيع أن يلتزم بسداد الأقساط المطلوبة، لأن قدرته على البيع والتحصيل أصبحت أضعف. بعض الشركات تلجأ إلى حرق الأسعار حتى تسدد التزاماتها، وهو ما قد يقود السوق للسقوط، أما ما يتعلق بالأسعار فذلك حديث عن اللبن المسكوب، والشركات قبلت الأسعار «اضطراريا»، لكن في النهاية الأسعار أصبحت واقعا والحكومة لا تقدر حاليا أن تخفض السعر أو حتى تثبته، لأن أي تصرف في ملك الدولة سيتهم الموظف بإهداره للمال العام، كما أنه يخل بالمنافسة بين المشروعات حيث يوجد سعر مرتفع سابق ومنخفض جديد، والحل الوحيد في ظل ما وصلنا إليه حاليا، هو إعادة النظر في كثافة الطروحات أو عمل هدنة طرح وعدم النظر إليها باعتبارها مصدر دخل للموازنة العامة، وإجراء دراسات حقيقية عن المناطق المطلوبة وحجم البناء والمستويات المستهدفة، حتى لا تنجرف السوق كلها إلى مشكلات يصعب التعامل معها.

■ كم المدة الزمنية للهدنة؟

- طارق شكرى: «عامين كفاية جدا» لامتصاص ما حدث من طروحات سابقة وأن يكون الطرح بعدها مدروسا.

- وليد مختار: يجب أن ننظر إلى المشترى أيضا، البيع للمطور يوفر ضمانة حقيقية لتنمية الأرض، كما أن نجاح الحكومة في بيع مساحات كبيرة ليس هو المقياس الوحيد للنجاح لأنك قد تطرح أفضل المناطق، ويشتريها مستثمر يبحث عن أرباح وليس تنمية، ولذا يجب على الحكومة أن تتأكد أن المساحات التي يتم بيعها تكون لكيان مؤهل لتنميتها، ومشروعات الساحل الشمالى خير دليل، فهى ثروة مهدرة وعقارات ميتة. كما أتفق على أهمية الهدنة حاليا لأن الخاسر الأكبر هو الدولة.

- هشام شكرى: من المهم النظر إلى فكر صانع القرار في تعريف الأرض، هل هي سلعة أم أداة من أدوات التنمية؟ لو تعامل معها كسلعة، فالعائد المادى هو الفيصل، والفترة السابقة استخدمت الأراضى المطروحة كوسيلة لتقنين وإضفاء صفة الرسمية على أموال تحصيلها من مشروعات خارج القطاع الرسمى، أما لو تعاملت الدولة مع الأرض باعتبارها مادة خام للتنمية، فستضع أمام عينيها الاحتياجات الفعلية وطرق الطرح وخلافه، وهذا يعود بنا لمفهوم جودة إدارة الأرض، الأرض تكتسب قيمتها من مشروعات التنمية التي تنفذ عليها.

- علاء فكرى: الأرض صداع في رأس كل مطور ونرى أن الحكومة لا تنظر إليها من منطلق التنمية فقط ولكن كمصدر للعائد وسد عجز الموازنة، والإشكالية الأخرى أن قيمة الأقساط محملة بفوائد مرتفعة، في السابق طرحنا أن تكون الأرض مقابل الانتفاع والقطاع الخاص لا يرفض ذلك ولكن الدولة تنتظر دائما العائد.

■ قلتم في السابق إن أزمة السوق في تدنى القدرة الشرائية.. فلماذا لا نجد إقبالا على التمويل العقارى كأحد الحلول؟

- هشام شكرى: الفائدة المرتفعة الفترة السابقة أدت إلى عزوف الكثير عن التمويل العقارى هذا بخلاف المشكلات الإجرائية فحتى لو افترضنا أن سعر الفائدة انخفض إلى 3%، فقد يساعد بشكل نسبى على إنعاش التمويل العقارى ولكن لن يؤدى لانطلاقه لأن 40 -60% من الاقتصاد المصرى غير رسمى، ويشترط قانون التمويل العقارى إثبات الدخل رسميا للحصول على الموافقة، هذا يعنى أن 50% من العملاء ممن لديهم الرغبة في الشراء لن يستفيدوا من منظومة التمويل العقارى.

■ عرفنا مشاكل تسويق الوحدات السكنية لكن ما تفسيركم لانتعاش قطاع المشروعات غير السكنية؟

- هشام شكرى: بسبب التأجير التمويلى، هذا النوع من التمويل ينطبق فقط على المشروعات التجارية والإدارية دون السكنية، ويتميز بإجراءات سهلة وميسرة خاصة أن الأصل والعقد باسم جهة التمويل، ولا تنتقل ملكيتها إلا بعد سداد كامل قيمة الوحدة.

- أيمن سامى: هناك سبب آخر لزيادة الطلب على القطاعات غير السكنية، ذلك بسبب تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى والرؤية الإيجابية للشركات العالمية الكبرى لنمو الاقتصاد الأمر الذي دفعهم إلى زيادة استثماراتهم وزيادة عدد الموظفين والخروج إلى مقار إدارية أكبر، ولذلك شاهدنا حركة انتقال واسعة من وسط البلد إلى التجمع الخامس، الجزء الإدارى لمشروع كايرو فيستيفال بلغت نسبة الإشغالات فيه 100% وتقوم حاليا توسعات جديدة ضخمة لتلبية الطلبات، الشق الثانى يرتبط بتحسن القوة الشرائية، وزيادة المبيعات في المحال بما جعل الإيجارات ترتفع.

- هشام شكرى: في اعتقادى أن تطبيق الحكومة قانون حظر تحويل ترخيص السكنية إلى الإدارية «حتى لو هيدفع غرامات»، مهم جدا لتنشيط الطلب على القطاع الإدارى دون الحاجة لتشريعات جديدة، خاصة أن طبيعة البنية التحتية مختلفة تماما في القطاعين، كما أنه سيوقف المضاربة على الإيجارات السكنية بسبب قدرة المالك على تأجيرها لمكاتب بأسعار مضاعفة، وبالتالى تطبيق هذا القانون خلال فترة انتقالية، سيعمل على العودة بأسعار الإيجارات السكنية إلى معدلاتها الطبيعية، كما أنه يمثل تفريغا ناعما للقاهرة القديمة، وخفض الكثافات السكانية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل