عندما تعالج مشكلة أو تمضى فى إصدار قرارات تحدد مصير أشخاص فعليك التعقل وتحقيق اكبر قدر من التوازن وان يكون لديك من التهيئه ما ينبغى لتكون الناقد والمقوم والمصحح للأمر حتى تزيل ما به من اعوجاج.. فالقرارات الجريئه القاضيه بهدم أو إلغاء شىء ليست حلا فى كثير من الأحوال. فعلى سبيل المثال مهرجانات غنائيه يسمعها ما يزيد عن ١٠٠ مليون شخص ليست بالشىء الذى يمحى بجرة قلم أو قرار ومع تأييدى التام لاحكام النقابه على المهرجانات من حيث تعديها على الذوق العام والتقاليد فى بعض منها وكذلك فى اصوات بعض مطربيها فلقد فرضت المهرجانات الشعبيه نفسها على الساحه بقوه وآخرها مهرجان بنت الجيران والذى تم غناؤه فى ستاد القاهرة بحضور ٦٠ الف مشاهد حيث لم يخرج علينا شاكوش أو عمر كمال بقرار من انفسهم أو بمزاجهم الشخصى ولم يفرضوا تواجدهم جبرا وانما كانت الأمور رسميه مئه فى المئه وبدعم واضح من الجهات المختصه والتى لها الكلمه العليا والنهائية فيما يخص ظهورهم فى الحفل من عدمه.\nوأنا هنا لا أتحدث عن تلك المهرجان فقط وانما اتحدث بشكل عام عن المهرجانات المنتشرة فى غالبية أوساط المجتمع ومراحله العمريه المختلفه وهناك منها الصالح والمتزن ومنها الفاسد الذى لا يصلح ابدآ كما أن هناك تعددا فى اسباب سماع هذه المهرجانات من قبل البعض فهناك من يسمعها تماشيا مع حاله تسرى بداخله نتيجة كبت أو غيره وهذا طبيعى فليس كل من يسمعها يقصد أن يصير راقصآ وانما توجهه حالته المزاجيه لذلك الامر فهل تملكون القدره على وقف تغيرات الحاله المزاجيه لدى الأفراد والتحكم فيها أو دخول قاعات الافراح لإيقاف بث المهرجانات أو أن هذه القاعات تصدر قرارا بمنع عرض المهرجانات فى الافراح ؟! هل الافراد فى عصور الانفتاح بما تملكه من ثقافه ووعى ستقبل بفرض نمط غنائى معين عليهم أو أنك فى التو واللحظه تقرر وقف المهرجانات وملاحقه مطربيها برا وبحرا وجوا فى العموم دون تفرقة.\nأظن أن هذا ضرب من ضروب الخيال.. وأنا لا ابرر للافراد سماع مهرجانات معيوبه عديمة المعنى والذوق ولا أدافع فى المطلق عن المهرجانات وانما أتحدث من قبيل المنطق والحكومه كى نضع الأمور فى نصابها فالمريض يمكن التعامل مع حالته المرضيه دون بتر أصابعه وكذلك الفن يمكن خدمته بطريقه غير جلد المطربين عبر اولا الاعتراف بفن المهرجانات وهذا هو جوهر واساس القضيه' وثانيا تقنين وتنظيم هذه النوعيه من الفنون فالمهرجانات ماهى الا جمل تحمل رسائل مجتمعية بألفاظ عاميه شعبيه شديد الصراحه ودقيقة فى المعنى فتاره تعبر عن قيمة الاصحاب واوقات الشده والفرح وعن الرجوله والشجاعه وتارة تعبر عن المحبين والرومانسيه وهناك من يعبر ايضآ عن هذه القيم بشكل يغلب عليه الإسفاف والتدنى وانا والجميع نؤيد منعها بشدة فلا مانع من ذلك اطلاقا.\nوبتكملة الاسباب المختلفه لسماع المهرجانات لدى البعض نجد منها عاملا مؤثرا جدا وهو طغيان هذه المهرجانات على مراحل المراهقه والشباب فى عصرنا هذا بشكل كبير جدا حيث أصبحوا يسمعونها فى كل مكان سواء فى الافراح أو عربات الركوب أو التوك توك بدرجه كبيره جعلتهم يتعودون علي سماعها حتى أننا نجد أن منهم من يريد تقليدهم وعمل مهرجانات مثلهم وهذه حاله مجتمعيه وثقافيه عامه لغالبية المراهقين والشباب والتى فرضها عليهم التطور والانفتاح وخاصة السوشيال ميديا فهم حريصون بشدة على مسايره الحداثه فى كافه المجالات سواء مأكل أو ملبس أو مشرب أو فن وهم بنسبه كبيره ارض خصبه لنمو مثل هذا النوع من الاغانى وهذه حقيقه لا نقاش فيها ..\nونجد أن غالبية سامعى المهرجانات سواء صغارا أو كبارا لا يقيمون المهرجانات من حيث اصوات مطربيها فما يشغلهم هو الكلمات والجمل الرنانه والتوزيع والوزن الواحد مثل (سكر محلى محطوط على كريمة)\n(حب عمرى نسيته وفاتنى ) (وداع يا دنيا وداع انا اللى باع ومكملشى الحياه لو بيك أو من غيرك دى هتمشى)....... الخ.. كما ان حفظ مقاطعها سهل جدا ومن هنا اصبح التعود عليها وعدم استغرابها امرآ ليس بالصعب فأصبحت اكثر انتشارآ فى المجتمع.\nومن ناحية اصوات مطربيها فاذا تم الاخذ فى الاعتبار جودة وجمال الصوت فلمَ غنى محمد رمضان على سبيل المثال؟ والسؤال هنا من أصدر له تصريح الغناء وكيف اقتنع بصوته فى الوقت الذى تم فيه منع آخرين من أخذ التصريح مثل بيكا طالما أن التقييم يقوم على أسس كثيره أولها الصوت وجودته؟\nوالحقيقه التى لا تقبل جدالا أن المهرجانات فرضت نفسها ككتله واحده بما تحمله من أصوات مختلفه فى الجوده فمنها الجيد والمتوسط والسيئ ومع ذلك تسير فى طريقها محققه لنسب مشاهدة عاليه وايرادات ضخمه غير متأثره بهذا الانحراف الصوتى والتباين الشديد فيه.\nفى النهايه اقول لا ضرر ولا ضرار ولا إفراط ولا تفريط وعلينا التعامل مع الظاهره المجتمعيه بمزيد من التعقل والتوازن والحرفيه بنظريه وسطيه لا يضيع معها معالم الفن ولا نجترى فيها على حقوق أشخاص كثير من الناس نعترف بجمال أصواتهم وهذا ليس من قبيل المجامله فالفنان هو من يفرض نفسه على الساحه بحسابات عدد لا بأس به من المجتمع لان معيار النجاح لدى مجتمعنا هو الانتشار بغض النظر عن اى عوامل فنيه أو مسميات أخرى وهذه ثقافه مجتمعيه تعودنا عليها فى الغالب فالمهرجان الناجح هو ما يحقق اعلى المشاهدات والايرادات وهذا تقييم غالبيه المصريين حتى أن البعض يظن أنه ربما مخطئ فى تقييمه وحكمه عليه عندما يشاهد انتشارا واسعا له على السوشيال ميديا .\nوبالرجوع إلى الزمن الجميل فان اغانى لعدوية مثل السح الدح امبو وكركشنجى حققتا نجاحا هائلا بالرغم من وجودها بجانب اغاني عمالقة الطرب حيث حققت مشاهدات فاقت اغانى مشهوره جدا وقتها رغم أنها فنيا قد تكون أقل من الاغانى التى تعدتها وهذه هى فلسفه المجتمع المصرى وذوقه العام ومدى ثقافته وتقبله لأنماط الفن المختلفه وهو أمر واقع علينا قبوله والان أيضا نفس الفكره نجد أن بعض اغانى مهرجانات قد اكتسحت اغانى أخرى لمطربين مشهورين لهم باع وتاريخ طويل فى الغناء ولينتقد من ينتقد وليصرخ من يصرخ.\nأكرر مره اخرى واهم من يتخيل ان احدا يمكنه وقف هؤلاء المطربين أو مهرجاناتهم فالحكم الاول والاخير للشارع ومدى تقبله لهذه النوعيه من الاغانى وهذا مزاجه الخاص وله حرية الاختيار ومن حق النقابه ايضآ فلترة وتقييم الأعمال ومنع المخالف منها للاداب والذوق العام لكن منعها فى المطلق امر خيالي وغير منطقي بالمرة.. وأنا اقترح انشاء نقابه لمطربي المهرجانات والاعتراف به كفن شعبى بفضل اكتساحه للأرقام القياسية فى المشاهدات والتى بالطبع لن تأتى من قبيل الصدفه أو المجامله فكل فرد أدرى باحساسه وبما يؤثر فيه فاتركوا لهم حرية الاختيار .