المحتوى الرئيسى

21 عاما على مؤامرة اعتقال أوجلان.. تواطؤ يفضح حقيقة الدور التركي

02/15 04:22

يمر اليوم، 21 عاما على مؤامرة اعتقال القائد الكردي عبدالله أوجلان، تلك العملية الاستخباراتية المُعقدة، التي تكشف جانبا لا بأس به من حقيقة الدور التركي، في منطقة الشرق الأوسط.

هذه "المؤامرة"، كما تسميها الأدبيات التركية، شملت تواطؤ دول ومنظمات دولية وأجهزة مخابرات ودبلوماسيين لإعتقال شخص واحد، ليكون سجنه استهدافا لفكرة التحرر الكردية.

ففي ليلة 15 فبراير 1999، اختطفت عناصر المخابرات التركية بدعم من الموساد الاسرائيلي والمخابرات الامريكية عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني من العاصمة الكينية نيروبي.

ونقلته فورا إلى مكان مجهول في تركيا، بتواطؤ من السلطات الكينية والسفارة اليونانية في نيروبي التي ظل أوجلان ضيفا بها لمدة نحو أسبوعين، بعد حملة مطاردات طويلة له على يد تركيا وحلفاءها، منذ خروج القائد الكردي من سوريا 1998 بعد تهديدات تركية باجتياح الأراضي السورية، وتوقيع اتفاقية سيئة الذكر، التي يستغلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كذريعة لتدخلاته في الشمال السوري.

أقامت تركيا محكمة صورية حكمت على قائد ما يمكن اعتباره حركة التحرر الوطني الكردية بالإعدام، لكن أنقرة التي فعلت كل ما استطاعت لاعتقاله، عدلت الحكم بعد 3 سنوات من صدوره إلى سجن مدى الحياة كقربان لأوروبا ضمن مساعي الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، ليبقى أردوغان في عزلته إلى اليوم في سجن إنفرادي بجزيرة إمرالي.

في ذروة الحرب الباردة، وتحديدا عام 1978، أسس أوجلان حين كان في عمر الـ30، حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" كحزب ماركسي لينيني في بداية تكوينه الأيديويوجي، للدفاع عن القضية الكردية، خاصة مطلب إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا.

وفر من البلاد عام 1980 بعد ملاحقات أمنية من النظام التركي، حيث اختار أوجلان اللجوء إلى الشعب العربي دون سواه فعبر إلى سوريا ثم لبنان وهناك ارتبط بحركات الكفاح الفلسطينية وعقد مؤتمر حزبه بأحد المخيمات الفلسطينية في لبنان.

وفي سنة 1984، أطلق من منفاه ثورة الكفاح المسلح بقيادة حزب العمال الكردستاني، لتقابل السلطات التركية الهجمات التي شنها الحزب بحرب إبادة ضد الاكراد، وصنّفت أنقرة وحلفاؤها الغربيون الحزب على بأنه منظمة إرهابية.

وعلى الرغم من التطور الجذري في فكر وفلسفة أوجلان الذي ظهر في الكتب والمجلدات التي اخرجها للفلسفة الانسانية المعاصرة وما طرحه من حلول لمشكلات المنطقة عبر التعايش السلمي في "الشرق الأوسط الديمقراطي" بدلا من مشروع تركيا واسرائل والغرب "الشرق الأوسط الجديد"، فإن وجود أوجلان في السجن إلى اليوم يمثل دليلا على دور تركيا في هذا المشروع الاستعماري للهيمنة على المنطقة، ودور تركيا الوظيفي في تنفيذ هذا المشروع، وعقاب الدول أو الشعوب التي تقف في وجهه وعلى رأسها الشعب الكردي.

وقال "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، في بيان بهذه المناسبة، بعد مرور واحد وعشرين عاماً على المؤامرة الدولية بحق قائد الشعب الكردي باتت أبعاد المؤامرة الدولية أكثر وضوحا فتلك المؤامرة التي تورطت فيها أكبر قوى الهيمنة العالمية والتي بدأت بأسر القائد أوجالان لا زالت مستمرة إلى يومنا الراهن ضد شعوب الشرق الأوسط ورسم مستقبلها حسب مصالح قوى الهيمنة.

تلك القوى أستطاعت أسر القائد بدنياً، ولكنها لم تتمكن من أسره فكرياً أو كسر إرادته في توجيه الشعوب إلى السبيل الذي ينهي إستعبادها واستغلالها، ورأى في الدفاع عن الشعوب مهمة تاريخية على عاتقه واستطاع تجاوز كل المعيقات والحواجز الموضوعة أمام إيصال فلسفته وأفكاره إلى الشعوب".

وتابع البيان: "لقد وجدت قوى الهيمنة أن فكر ورؤى أوجالان ستشكل عقبة أمام ما تخططه لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها، لذا قررت تحييده ، وعندما سلمته إلى النظام التركي، قال رئيس وزارتها: "لقد وضعوا قنبلة في حضننا ولا نعلم ماذا نفعل بها” مما يدل على أن المخطط والمنفذ أكبر من الدولة التركية، حيث وضعت تلك القوى نظاماً خاصاً للقائد الأسير في سجن منفرد خاص في جزيرة نائية معزولة عن العالم ولا زالت تشرف عليه جاعلين من النظام التركي واجهة لكافة ممارساتها".

مؤامرة اعتقال أوجلان، لم تكن سوى حلقة في سلسلة مؤامرات تعرضت لها شعوب المنطقة، من بينها الشعب الكردي، بداية من اتفاقية "ﺳﺎﻳﻜﺲ- ﺑﻴﻜﻮ" عام 1916، تلك الاتفاقية ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ سيئة السمعة، ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻗﺘﺴﺎﻡ ﻣستعمرات السلطنة ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ.

ﻭﻗﺴﻤﺖ ﻛﺮﺩﺳﺘﺎﻥ ﺇﻟﻰ 5 ﺃﺟﺰﺍﺀ، وجرى ﺇﻟﺤﺎﻕ ﻛﻞ ﺟﺰﺀ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ (ﺳﻮﺭﻳﺔ، ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﺗﺮﻛﻴﺎ، ﺇﻳﺮﺍﻥ، ﺃﺭﻣﻴﻨﻴﺎ)، وانكشفت الاتفاقية السرية، لتكون المسألة الكردية على موعد مع أول محاولة لاعطاء الكرد بعض حقوقهم في تقرير المصير والانضمام إلى المنظمة الأممية، عصبة الأمم كشعب ودولة مستقلة، لكن الأطماع الدولية والتطرف القومي الذي قامت عليه الدولة التركية في مطلع العشرينيات من القرن الماضي وقف أمام هذه المحاولة.

على الرغم من قبول السلطنة العثمانية المهزومة معاهدة الصلح التي أقرت استقلال كردستان والشعب الكردي، في معاهدة "سيفر" التي قبلت بها الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، عندما بدأت أوروبا في اقتسام تركة ما كان يسمى "رجل أوروبا المريض" العثماني.

وقعت تركيا على هذه المعاهدة يوم 10 أغسطس 1920، ونصت بنود المعاهدة الخاصة بهذا الشأن على حصول كردستان على الاستقلال حسب البندين 62 و63 من الفقرة الثالثة في المعاهدة.

وكعادة الدولة التركية في نقض العهود والمواثيق، رفضت "الحركة القومية التركية" بزعامة مصطفى كمال أتاتورك، بعد أن تولت الحكم في تركيا في 29 أكتوبر 1923 ما ورد في هذه المعاهدة، وأصرت على تسوية جديدة تحققت لها بالفعل في معاهدة "لوزان" 1923، التي تجاهلت ما أقرته معاهدة "سيفر" من حقوق الكرد.

وأبرمت معاهدة لوزان عام 1923 بين تركيا ودول الحلفاء المنتصرة في الحرب، وقسمت بموجبها رسميا السلطنة العثمانية، واسست الجمهورية التركية برئاسة مصطفى كمال اتاتورك.

لتتولى بموجبها تركيا دورها كدولة وظيفية في الشرق الأوسط معتدية على حقوق الكرد بتطرفها القومي، ومعادية للإسلام والشيوعية بتطرفها العلماني وتحالفها مع الغرب الرأسمالي، ومؤدية لوظيفتها في إقامة شرق أوسط متشرذم ومقسم تهضم فيه حقوق الشعوب.. قبل أن يعيد أردوغان استغلال الدين في السياسة التركية لدغدغة مشاعر الاسلاميين بالمنطقة بتحالفه مع الاخوان ومبايعته لمرشدهم خلال شبابه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل