المحتوى الرئيسى

مواقف العرب من "صفقة القرن".. أقوال علنية وأفعال خفية؟

01/29 14:01

رغم الرفض الفلسطيني لـ"صفقة القرن"، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبدو متفائلاً من أنه سيحصل على موافقة الفلسطينيين على خطته التي يقول إنها تهدف إلى تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، معولاً على "عدة دول عربية" تدعم مبادرته، دون أن يسميها.

تصريح ترامب يثير تساؤلات حول الدول العربية التي تدعم صفقة القرن، خصوصاً وأن التصريحات العربية العلنية تؤكد على "دعم الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

لكن مشاركة دول عربية في ورشة المنامة والتي أعلنت فيها واشنطن الجانب الاقتصادي من الصفقة في حزيران/يونيو الماضي يفتح باب التكهنات بأن تكون تلك الدول -أو بعضها- هي من يقصدها ترامب. وهذه الدول ـ التي شاركت في الورشة ـ هي السعودية والإمارات ومصر والأردن وقطر والمغرب، إلى جانب البحرين التي استضافت الورشة.

ويرى الكاتب الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان أن ترامب يقصد كلاً من السعودية والإمارات وقطر وسلطنة عمان، ويتابع في حديث لـDWعربية: "هذه الدول شاركت في ورشة المنامة ولها علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل ولذلك فإن ترامب يعوّل عليها".

صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه جاريد كوشنر يعرض الجانب الاقتصادي من صفقة القرن في المنامة في حزيران/يونيو 2019

ويصنف عطوان الدول العربية من حيث مواقفها من "صفقة القرن" إلى نوعين، ويوضح: "هناك عرب يقومون بالتطبيع مع إسرائيل ويعتمدون بشكل مباشر على الحماية الأمريكية، وهؤلاء سيرضخون للإملاءات الأمريكية"، ويضيف: "في المقابل هناك عرب، وهؤلاء هم الأغلبية، يرفضون الصفقة".

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن كلاً من مصر والأردن والمغرب أمام قرار "تاريخي" وخيارات "صعبة"، ويتابع: "استقرار الأنظمة في هذه الدول سيكون مهدداً في حال وافقت على صفقة القرن، فالشعب المصري يرفض الصفقة والشارع الأردني يطالب بإلغاء التطبيع وفي المغرب هناك حركة نشطة ضد التطبيع".

لكن الباحث المصري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د. بشير عبدالفتاح يرى أن هناك رفض عربي "واضح" للصفقة، ويقول في حديث لـDWعربية: "الدول العربية جميعها أعلنت أنها لن تقبل بحل لا يتضمن قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"، ويتابع: "ربما هناك خطاب آخر يسمعه ترامب من بعض هذه الدول ولكن الواضح هو أن هناك رفض لهذه الصفقة، على الأقل حتى الآن".

من جانبه يعتقد المحلل السياسي جهاد حرب أن المواقف الظاهرة لبعض الدول العربية تجاه "القضية الفلسطينية" و"صفقة القرن" تختلف عن مواقفها "الخفية"، ويضيف لـDWعربية: "لكن وبالرغم ذلك لا يمكننا الحكم على مواقف دول دون أن نسمع تصريحاً واضحاً منها".

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

ويرى عبدالباري عطوان أيضاً أن تصريحات بعض الدول العربية تتناقض مع أفعالها فيما يتعلق بـ"القضية الفلسطينية"، ويقول: "بالأمس كانت القناة الإسرائيلية تبث من قلب الرياض في وقت كان يقول فيه وزير الخارجية السعودي إن الإسرائيليين غير مرحب بهم"، ويتابع: "لم يعد أحد يصدقهم".

وجاء تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود بعد أن أصدرت إسرائيل قراراً يسمح لمواطنيها بالسفر إلى السعودية في حالات معينة، في خطوة تدل على تقارب بين البلدين الحليفين للولايات المتحدة والعدوين لإيران. وأعرب الأمير فيصل عن اعتقاده بأن قضية مشاركة إسرائيل في المنطقة ستكون مطروحة على الطاولة بعد التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وباستثناء مصر والأردن، لا تقيم الدول العربية علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. وتشترط الدول العربية تسوية القضية الفلسطينية للتطبيع مع اسرائيل.

لكن زيارة مسؤولين إسرائيليين إلى دول خليجية في السنوات الأخيرة هو ما أثار قلق الفلسطينيين حيال إمكانية تغير المواقف العربية، كما يقول جهاد حرب، ويتابع: "هناك خوف من عملية التطبيع والوصول إلى تفاهمات مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، بحيث يصبح وجودها طبيعي دون أن تصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين".

باستثناء مصر والأردن، لا تقيم الدول العربية علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل

وكان من المقرر أن يزور وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس العاصمة الإماراتية منتصف الشهر الجاري، قبل أن يؤجل الزيارة لأسباب أمنية. وكانت أبو ظبي قد استضافت كاتس في نهاية حزيران/يونيو الماضي، كما سبقته إلى أبو ظبي وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف في تشرين الأول/أكتوبر عام 2018.

ورغم هذه الزيارات، يؤكد حرب على ضرورة عدم استباق الأحداث وعدم الاستعجال في إطلاق أحكام على بعض الدول العربية، ويوضح: "سواء أكانت أيّ دولة عربية رافضة للصفقة أم داعمة لها، لا يمكننا القول إنها تراجعت عن موقفها الداعم للقضية للفلسطينية ما لم نرَ ما يدل على تغير هذا الموقف في قراراتها وكيفية تصويتها في المحافل الدولية".

ويعتقد حرب أن موقف الدول العربية من "صفقة القرن" بعد إعلانها سيكون "موقفاً موحداً" لكنه "مختلف في الصياغة"، ويوضح: "سيكون هناك رفض شديد من بعض الدول، ورفض لا يثير حساسية الموقف مع الإدارة الأمريكية من بعض الدول الأخرى".

لكن عبدالباري عطوان يرى أن موقف دول الخليج من صفقة القرن سيكون "الصمت" كالعادة، ويتابع: "إذا أرادت هذه الدول فرض صفقة القرن على الفلسطينيين فلا يمكنها أن تفعل شيئاً سوى الرشوة المالية"، ويختم: "والشعب الفلسطيني لن يقبل الرشوة مقابل التضحية بفلسطين".

لم تنجح قمة كامب ديفيد، التي عُقدت في يوليو/ تموز عام 2000، وجمعت آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في التوصل إلى اتفاق بشأن وضع القدس أو ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وبعدها انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 2000 على إثر زيارة رئيس الوزراء آنذاك، ارييل شارون، للمسجد الأقصى.

على إثر الانتفاضة الثانية، قررت إسرائيل الانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية. وانسحبت بعض القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ليتم بعدها إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 21 مستوطنة في القطاع، وفقًا لخطة ارييل شارون. وبنت إسرائيل جداراً عازلاً يصل طوله إلى 750 كيلومتراً حول الضفة الغربية، بهدف منع وقوع هجمات.

بلغ الصراع في الشرق الأوسط ذروته عام 2006. في حين كانت إسرائيل تشن حرباً ضد حزب الله في لبنان، ساد الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة. وفي عام 2007، أضعف انقسام السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم، الجانب الفلسطيني.

في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شنت إسرائيل هجمات اسمتها عملية "الرصاص المصبوب" على مجموعة أهداف في غزة. الهدف من هذه العملية كان إضعاف حركة حماس والقضاء عليها. وسبق الضربة العسكرية الإسرائيلية، تصعيد للصراع بين حركتي فتح وحماس. لكن بعد سيطرة حماس على القطاع، عاد التوتر. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009، انتهى الصراع بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفقًا للمصادر الفلسطينية.

بقي الصراع مستمراً عام 2009، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي، نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، ما أجج الصراع بين الجانبين. في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت اسرائيل عملية اسمتها "عمود السحاب". بعدها وافقت الحكومة الإسرائيلية وحماس على وقف إطلاق النار مرة أخرى.

تعد حرب غزة عام 2014 أو ما يعرف بعملية "الجرف الصامد" الصراع العسكري الأكثر عنفاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العشرين سنة الماضية. الحرب، التي استمرت سبعة أسابيع، تسببت في مقتل أكثر من ألفي شخص.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل