المحتوى الرئيسى

في الظل والعلن ـ علاقات إسرائيل مع العالم العربي

01/28 21:31

يحوز مخطط السلام للشرق الأوسط الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اهتمام كبير في كثير من البلدان العربية التي لها علاقات مختلفة مع اسرائيل ومرت بتغيرات كبيرة.

رسميا لا تربط اسرائيل والعربية السعودية أية علاقات، لكن في الحقيقة خطا البلدان منذ 2002 خطوات كبيرة نحو بعضهما البعض. ففي تلك السنة أطلق الملك السعودي السابق عبد الله مبادرة لحل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. وفي عام 2015 التقى ممثلو البلدين مجددا لإجراء محادثات. ويجمع البلدان القلق من البرنامج النووي الايراني الذي يُعتبر في الرياض وكذلك القدس كتعبير عن تطلع اقليمي للقوة. ولهذا السبب لم تعد الحكومة في الرياض تسمح بتحويل أموال لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية. وهي خطوة صغيرة من الناحية الفعلية، لكن هامة من الناحية الرمزية قامت بها اسرائيل نهاية الأسبوع المنصرم حين وقع وزير الداخلية الاسرائيلي ترخيصا يسمح للاسرائيليين لأول مرة بالسفر إلى العربية السعودية. وهذا الترخيص يتم منحه فقط في حالتين: لأسفار لأسباب دينية مثلا لأداء الحج أو لأسفار عملية. والشرط هو أن تكون دعوة من الحكومة السعودية متوفرة. لكن العربية السعودية أوضحت الاثنين (27 كانون الثاني/ يناير 2020) أن زيارات الاسرائيليين إلى المملكة غير مرحب بها.

البحرين تتبع في موقفها تجاه اسرائيل مواقف العربية السعودية إلى حد كبير. وفي حزيران/ يونيو 2019 على هامش اجتماع "مبادرة السلام العربية" التي دعت إليها العربية السعودية في بداية العقد الجديد تحدث وزير الخارجية البحرينية، خالد بن أحمد الخليفة في صحيفة "تايمز أوف اسرائيل" عن علاقة بلاده باسرائيل، إذ أنه لم يشأ التحدث بعدُ عن وجود علاقات دبلوماسية رسمية، لكنه أوضح أن البحرين تعترف بحق وجود اسرائيل:" اسرائيل بلد في المنطقة...وهي موجودة لتبقى". والبحرين تتطلع إلى السلام مع اسرائيل. وقبل عام من هذا الكلام كان قد شجب مقاطعة اسرائيل بتحفيز من الجامعة العربية.

راعي ووسيط: الشيخ حمد بن خليفة رئيس قطر في قطاع غزة في 2012

وحتى علاقات اسرائيل مع قطر تحسنت، ورسميا لا وجود لهذه العلاقات، لكن في الكواليس يتعاون البلدان منذ مدة، لاسيما فيما يخص منح المساعدات من الإمارة الخليجية إلى قطاع غزة، لأن المسؤولين في القدس يدركون أن الوضع المادي المتردي يدفع الكثير من الفلسطينيين إلى التطرف. ومنذ أن تولت حركة حماس في 2007 السلطة في قطاع غزة، فإن قطر هي أهم مانح أجنبي للأموال لأراضي الحكم الذاتي الفلسطينية. وإلى حد الآن استثمرت قطر أكثر من 1.5 مليار يورو، كما أن قيادة حماس في المنفى لها مقرها في الدوحة. ومن تم يمكن لقطر أن تمارس التأثير السياسي على قيادة حماس. وبما أن قطر تربطها أيضا علاقات بسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية في الضفة الغربية، فإنها بالنسبة لإسرائيل إلى جانب مصر أهم الوسطاء الإقليميين في صراع الشرق الأوسط. كما أن قطر تأمل من جانبها أن تتحرر من العزلة السياسية التي انزلقت فيها بسبب الحصار الذي فرضته عليها العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيين منذ 2017.

جانب من لحظة التقارب العربي الاسرائيلي: التوقيع على اتفاقية السلام كامب ديفيد

لعبت مصر دوراً رياديا في عملية التقارب العربية الاسرائيلية. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 أعلن الرئيس الأسبق أنور السادات أنه سيتوجه إلى آخر نهاية العالم وحتى إلى الكنيسيت إذا كان ذلك يقود إلى سلام دائم في المنطقة. وعلى هذا الأساس وجه إليه رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق مناحين بيغن الدعوة، وفي العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس العام تحدث أنور السادات أمام البرلمان الاسرائيلي، وبذلك بدأت عملية سياسية انصبت بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مارس 1979 في اتفاقية سلام اسرائيلية فلسطينية. وحاليا يبذل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الجهد من أجل التوسط في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

وحتى مع الاردن تقيم اسرائيل منذ ابرام اتفاقية سلام في تشرين الأول/ أكتوبر 1994 علاقات سياسية منظمة. لكن البلدان لم يحققا تقاربا حقيقيا. فالسكان الأردنيون ـ خمس مجموعهم من لاجئين فلسطينيين ـ يرفضون السياسة الاسرائيلية في الضفة الغربية. وحتى بالنظر إلى القدس تحصل خلافات متكررة. فطبقا لاتفاقية السلام، فإن العاهل الاردني هو راعي المواقع الاسلامية والمسيحية في المدينة. وهو يرى دوما طعنا في هذا الدور. وبرودة العلاقات انكشفت في 2018 عندما تخلى الملك عبد الله عن جزء من اتفاقية السلام بضغط سياسي داخلي قوي. ويحاول سياسيون من كلا الطرفين بلورة العلاقات قدر الإمكان بدون مشاكل.

جانب من احتفال يهود تونسيين في كنيس الغريبة في جربة

العلاقات الاسرائيلية مع شمال افريقيا لا ترتكز أخيرا إلى العدد الكبير من اليهود الذين هربوا من هناك بعد تأسيس دولة اسرائيل ولهم ارتباط عاطفي قوي بأماكن أصلهم. وتقيم اسرائيل علاقات جيدة مع العديد من دول المغرب العربي. ففي عام 1994 أقام المغرب وموريتانيا وتونس علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من السنة نفسها افتتحت اسرائيل مكتب اتصال في العاصمة المغربية الرباط. وفي المقابل أقام المغرب مكتبا في القدس. وبعدها بسنة كثفت أيضا موريتانيا واسرائيل علاقاتهما ونفس الخطوة اتخذتها تونس بعد سنة. لكن، توجد أيضا محادثات خارج القنوات الرسمية. وعلى هذا النحو التقى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، حسب معلومات غير مؤكدة رسميا في أيلول/ سبتمبر 2018 في نيويورك وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. وحتى هنا نجد أن العلاقات المتوترة مع ايران هي التي تربط بين البلدين. وقطع المغرب العلاقات الدبلوماسية مع ايران، إذ أن الحكومة المغربية تتهم طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية بتقديم الدعم لجبهة البوليساريو. وتقاتل هذه الميليشيا لنيل الصحراء الغربية استقلالهاعن المغرب.وباتت علاقات اسرائيل صعبة مؤخرا مع تونس التي أعلن الرئيس المنتخب فيها في 2019 أن أي شكل من أشكال العلاقات مع اسرائيل هو "خيانة".

نظرة إلى مرتفعات الجولان عند قرية قنية

التوتر يسود بشكل خاص علاقات اسرائيل مع سوريا. فمنذ حرب الأيام الستة في 1967 حين قاتلت اسرائيل ضد سوريا ومصر والأردن تحتل اسرائيل مرتفعات الجولان التي ظلت إلى ذلك الحين جزء من الأراضي السورية. وتحث الأمم المتحدة اسرائيل منذ 1981 على استرجاع تلك المرتفعات المحتلة. لكن اسرائيل تشترط من أجل ذلك ابرام اتفاقية سلام شاملة. والعديد من المفاوضات غير الرسمية انتهت بدون نتيجة. وفي آذار/ مارس 2019 اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمرتفعات الجولان كجزء من الأراضي الإسرائيلية ـ وهي خطوة اثارت غضباً في بلدن عدة من العالم العربي.

وخلال الحرب في سوريا وطدت وحدات من إيران وميليشيا حزب الله التابعة لها حضورها في أجزاء واسعة في البلاد. وهذا الوجود يشكل تهديدا مباشرا لإسرائيل، وانطلاقا من هذا السبب شن الجيش الاسرائيلي عدة هجمات على مواقع الإيرانيين وحزب الله في سوريا. وإلى حد الآن لم تتمكن اسرائيل من طرد إيران والميليشيات التابعة لها من سوريا.

لم تنجح قمة كامب ديفيد، التي عُقدت في يوليو/ تموز عام 2000، وجمعت آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في التوصل إلى اتفاق بشأن وضع القدس أو ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وبعدها انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 2000 على إثر زيارة رئيس الوزراء آنذاك، ارييل شارون، للمسجد الأقصى.

على إثر الانتفاضة الثانية، قررت إسرائيل الانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية. وانسحبت بعض القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ليتم بعدها إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 21 مستوطنة في القطاع، وفقًا لخطة ارييل شارون. وبنت إسرائيل جداراً عازلاً يصل طوله إلى 750 كيلومتراً حول الضفة الغربية، بهدف منع وقوع هجمات.

بلغ الصراع في الشرق الأوسط ذروته عام 2006. في حين كانت إسرائيل تشن حرباً ضد حزب الله في لبنان، ساد الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة. وفي عام 2007، أضعف انقسام السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم، الجانب الفلسطيني.

في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شنت إسرائيل هجمات اسمتها عملية "الرصاص المصبوب" على مجموعة أهداف في غزة. الهدف من هذه العملية كان إضعاف حركة حماس والقضاء عليها. وسبق الضربة العسكرية الإسرائيلية، تصعيد للصراع بين حركتي فتح وحماس. لكن بعد سيطرة حماس على القطاع، عاد التوتر. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009، انتهى الصراع بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفقًا للمصادر الفلسطينية.

بقي الصراع مستمراً عام 2009، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي، نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، ما أجج الصراع بين الجانبين. في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت اسرائيل عملية اسمتها "عمود السحاب". بعدها وافقت الحكومة الإسرائيلية وحماس على وقف إطلاق النار مرة أخرى.

تعد حرب غزة عام 2014 أو ما يعرف بعملية "الجرف الصامد" الصراع العسكري الأكثر عنفاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العشرين سنة الماضية. الحرب، التي استمرت سبعة أسابيع، تسببت في مقتل أكثر من ألفي شخص.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل