المحتوى الرئيسى

متى يتم استئناف القتال في ليبيا؟

01/22 22:03

هل هناك بارقة أمل فى حل سياسى حقيقى فى ليبيا، بعد انتهاء مؤتمر برلين يوم الأحد الماضى؟!

فى نفس يوم انعقاد المؤتمر، قلت إنه ما لم تحدث معجزة، فإنه يصعب تصور حدوث انفراجة حقيقية للأزمة المستمرة منذ إسقاط واغتيال معمر القذافى نهاية عام ٢٠١١.

هناك عدة معضلات فى الأزمة الليبية، لكن أظن أن مشكلة الميليشيات هى الأخطر على الإطلاق، ومن دون القضاء عليها، سوف يستمر إعادة إنتاج المأساة، إن لم يكن اليوم، فغدا.

لا يمكن تصور حدوث انفراجة، فى حين يستمر تدفق المرتزقة الذين جندتهم ودربتهم وموّلتهم تركيا إلى ليبيا، قبل وأثناء وبعد انعقاد المؤتمر. تقارير من مصادر مختلفة تتحدث عن استمرار تدفقهم، بل إن المبعوث الدولى غسان سلامة، أقر بوجودهم خلال تصريحاته المختلفة فى الأيام الماضية، ولديه آمال أن يتوقف الرئيس التركى عن إرسال المزيد منهم فى الفترة المقبلة، ولا أعرف حقيقة على أى أساس يبنى الدكتور سلامة آماله؟!

البيان الختامى الذى صدر فى نهاية انعقاد مؤتمر برلين جيد إلى حد ما، لكن المعضلة الأكبر، هى كيف يمكن تنفيذ عناصر البيان على أرض الواقع؟!

البيان يقول إن المشاركين التزموا تجنب التدخل فى النزاع الليبى، وحض الأطراف الدولية على القيام بالمثل، وهو كلام نظرى، غير قابل للتطبيق إلى حد كبير، والسبب أن التدخل الإقليمى والدولى صار عضويا، ويصعب التخلص منه بسهولة!

يؤكد البيان «التزام المشاركين باحترام حظر الأسلحة المفروض منذ عام ٢٠١١ وتنفيذه تنفيذا تاما». وهذا البيان أيضا يتم انتهاكه من كل الأطراف، وخلال انعقاد المؤتمر تحدثت تقارير كثيرة عن استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين من تركيا، إلى حكومة الميليشيات فى طرابلس.

والبند التالى يقول: «ندعو كل الأطراف للامتناع عن كل عمل من شأنه أن يفاقم النزاع، بما فى ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة لصالح مختلف الأطراف».

السؤال ما هى قدرة المشاركين على ترجمة الدعوة للالتزام بهذا النص؟. سمع الجميع الرئيس التركى، وهو يتفاخر بأنه سيرسل مستشارين وقوات وأسلحة إلى ليبيا. فماذا فعلت الدول الكبرى المشاركة فى المؤتمر خصوصا روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا؟!.. ومن الذى سيطبق عقوبات مجلس الأمن بحق منتهكى الحظر، إذا كان عدد كبير من الأعضاء الدائمين يؤيدون أردوغان سرا أو علنا، أو وقعوا معه صفقات كبرى فى هذه الأزمة؟!

يقول البيان إن «الهدنة يجب أن تترافق مع إعادة تمركز الأسلحة الثقيلة والمدفعية والطائرات، بغية تجميعها فى ثكنات، ووضع حد للتحشيد العسكرى».

والسؤال من الذى سيفعل ذلك، وعلى أى أساس؟ قوات الجيش الوطنى دخلت أحياء كثيرة فى طرابلس، وسيطرت على سرت واقتربت من مصراتة، فهل ستتخلى عن كل ذلك مقابل وعود، قبل أن يتم الاتفاق على أسس ثابتة وراسخة للحل العادل.

ينص البيان على نزع سلاح الميليشيات والجماعات المسلحة وتفكيكها، على أن يتبع ذلك دمج عناصرها فى المؤسسات الأمنية والمدنية. هذا بند مهم جدا، لكن المشكلة مرة أخرى هى عدم وضع الآليات والأسس، التى يتم على أساسها هذا النزع والتفكيك هناك كلام جميل وطيب فى البيان، عن أهمية توحيد المؤسسات الليبية، خصوصا البنك المركزى والمؤسسة الوطنية للنفط وضمان أمنها، ووضع حد للاعتقال التعسفى، وإغلاق مراكز احتجاز المهاجرين وطالبى اللجوء، واحترام حقوق الإنسان بشكل كامل. لكن كل هذا الكلام، لن يتم تطبيقه قبل تشكيل حكومة توافق وطنى حقيقى على أسس صحيحة.

المؤتمر قال إنه تقرر عقد قمة ليبية ــ ليبية فى نهاية هذا الشهر فى جنيف، من أجل تشكيل حكومة موحدة مهمتها التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية.

ربما يكون هذا البند هو الأهم، خصوصا فى ظل تشكيل لجنة من عشرة مراقبين عسكريين لمراقبة وقف إطلاق النار. لكن كل المؤشرات على الأرض تقول، إن الطرفين حفتر والسراج، يرفضان الجلوس معا. هما لم يجلسا فى موسكو قبل عشرة أيام، ولم يجلسا فى برلين يوم الأحد الماضى، والتصريحات الصادرة عن المعسكرين تقول إن الفجوة بينهما كبيرة جدا، ويصعب ردمها، والاشتباكات المتقطعة تتواصل، والسؤال ليس هل يتم استئناف القتال أم لا، بل متى يحدث ذلك؟

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل