المحتوى الرئيسى

ليبيا.. معركة "أبناء المختار" ضد "العثمانيين المرتزقة"

01/20 10:03

قالوا عن ليبيا وعاصمتها «طرابلس» إنها عروس البحر والشمال الأفريقى، وهى «الدولة القارة» لمساحتها الكبيرة، وعلى أرضها سجل التاريخ أروع صور المقاومة الشعبية والجهاد فى مواجهة الغزاة، على أرضها قديماً كُتبت صفحة لمقاومة الغازى العثمانى، ثم الاحتلال الإيطالى الذى اشتراهم من «بنى عثمان». وعلى أرضها تكتب أيضاً الآن صفحة جديدة لـ«أحفاد عمر المختار» فى مواجهة تحالف الأتراك والإخوان والإرهاب.

ورغم أن ليبيا تبدو كمن يملك كل شىء بفضل اقتصادها النفطى كأكبر احتياطى فى القارة السمراء، فإنها تبدو الآن وكأنها لا تملك شيئاً، فالصراع جعل حياة الليبيين جحيماً يومياً وأحرق الأخضر واليابس، خصوصاً أن الأمر بات يتعلق بمصير أمة ودولة، إما أن تقع إلى الأبد تحت سيطرة قوى التطرف الظلامية، أو تتخلص منها بضربة قاضية على أيدى رجال الجيش الوطنى الليبى وأبطالها الوطنيين. وتمثل ليبيا واحدة من بؤر الصراع الأكثر تعقيداً، يعرف كثيرون أن هناك صراعاً ما، لكن فهم خريطة ليبيا ليس سهلاً، وهذا لصعوبة الوضع فى ليبيا وتداخل أبعادها القبائلية والعسكرية والجهوية، لتشكل توليفة غير مسبوقة تعقد كثيراً من الحسابات اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً. ولا شك أن المعركة فى الوقت الحالى ليست معركة الليبيين وحدهم بل معركة عربية وإقليمية، تضطلع فيها مصر بدور أساسى هو امتداد لدور قديم يعود إلى ارتباط البلدين حضارياً وسياسياً ومصيرياً.

تأسست المملكة الليبية سنة 1951 بعد الاستقلال، وكانت ذات نظام ملكى اتحادى بين الأقاليم التاريخية الثلاثة المكونة لليبيا: برقة وفزان وطرابلس تحت مسمى «المملكة الليبية المتحدة»، وفى سنة 1963 تم إلغاء النظام الاتحادى وسميت «المملكة الليبية» تحت قيادة الملك محمد إدريس السنوسى، ولم تكن وقتها تعرف ليبيا أى شكل للتنظيم الحزبى أو السياسى. ومع الانقلاب أو «ثورة الفاتح» التى قادها معمر القذافى الرئيس الليبى الراحل الذى أسس النظام الجماهيرى والذى عرّفه هو بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه دون وصاية من خلال المؤتمرات الشعبية الأساسية، واعتبر بعض المحللين السياسيين أنه كان نوعاً من أنواع الديمقراطية المباشرة التى عرفت فى بعض العصور اليونانية القديمة، حيث قسمت نظرية المؤتمرات الشعبية وفق المناطق، كل منطقة تختار مؤتمرها الشعبى وتحدد لجنة لتسييره، سواء على مستوى المدينة أو القرية، وتجتمع هذه المؤتمرات سنوياً لوضع جدول أعمال يتم مناقشته فى المؤتمر الشعبى العام الذى يناقش كل القضايا.

ومع اندلاع اضطرابات مرحلة ما سمى بـ«الربيع العربى» عام 2011 الذى أطاح بنظام «القذافى»، بدأت ليبيا تعرف مرحلة سياسية جديدة يظهر معها التنظيم الحزبى بشكله الحديث، إذ تم إسقاط النظام الجماهيرى، وأسست قوى ليبرالية وإسلامية أحزاباً سياسية، مع إصدار المجلس الانتقالى قانون الأحزاب عام 2012 لتعرف ليبيا الأحزاب بعد حظرها فى فترة «القذافى»، والتى تنافست لاحقاً فى انتخابات المؤتمر الوطنى، ثم انتخابات مجلس النواب عام 2014.

وأتى تحالف القوى الوطنية كأبرز الكيانات الحزبية التى أعقبت نظام «القذافى»، والذى ضم عدداً من الأحزاب والمنظمات وترأسه السياسى الليبى محمود جبريل كتيار ليبرالى، واستطاع خلال انتخابات 2012 بالمؤتمر الوطنى التأسيسى الحصول على أعلى نسبة من أصوات الناخبين مكّنته من حيازة 39 مقعداً فى المؤتمر الوطنى العام، إلا أنه مع تحايل الإسلاميين لاحقاً تمكنوا من السيطرة على المؤتمر الوطنى، ثم أيدوا التحالف لاحقاً فى 2014 «عملية الكرامة» التى أطلقها الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر، خصوصاً مع ضغط الإسلاميين لطرد التحالف من العاصمة بعد 2014 والقوات الموالية له. أما جماعة الإخوان، فأسست حزب العدالة والبناء عام 2012 فى بنغازى، وانتخب محمد صوان رئيساً للحزب، وجاء الحزب فى انتخابات المؤتمر الوطنى خلف تحالف القوى الوطنية بنحو 17 مقعداً، ليؤيد الحزب لاحقاً تحالف «فجر ليبيا» الذى انقلب على مجلس النواب المنتخب عام 2014 بعد فقدان الإسلاميين الأغلبية فيه وهزيمتهم هزيمة ساحقة. وقد تسبب انقلاب الإسلاميين أو تحالف الإخوان فى الجحيم الذى تعيشه ليبيا، بعد السيطرة على المؤتمر الوطنى سابقاً، ثم الانقلاب على شرعية البرلمان المنتخب، والاعتماد على ميليشيات الإرهاب.

ويتوافق مع حزب الإخوان أحزاب أخرى، مثل حزب الاتحاد من أجل الوطن وحزب الرسالة وحزب الوطن وحزب التغيير وهى أحزاب داعمة فى الوقت الحالى لحكومة فايز السراج. وهناك أحزاب أخرى تتباين انتماءاتها، مثل حزب المشروع الوطنى وحزب التجمع الوطنى وحزب التجمع الليبى وحزب الجبهة وتيار ليبيا الدولة.

وشهدت ليبيا انتخابات مجلس النواب عام 2014 ولاقى الإسلاميون هزيمة ساحقة دفعتهم للانقلاب على شرعيته والتمسك بالمؤتمر الوطنى التأسيسى المنتهية ولايته.

فى الوقت الحالى، تخضع العاصمة «طرابلس» وبطبيعة الحال مدينة «مصراتة» وبعض المدن القريبة منها لسيطرة كتائب مسلحة وتيارات مرتبطة بتيار الإسلام السياسى ممثلاً فى الجماعة الليبية المقاتلة وجماعة الإخوان وتيارات متشددة، بعد انقلابهم على نتائج الانتخابات فى برلمان 2014 الذى فقد فيه الإسلاميون الأغلبية، حملت أحياناً اسم «فجر ليبيا» وفى أوقات أخرى «بركان الغضب» وأوقات أخرى «الشروق» وهى مسميات مختلفة للكيانات نفسها. ومع النجاح المتتالى لقوات الجيش الوطنى الليبى واتجاه بوصلته إلى الغرب، كونت ميليشيات العاصمة فى الفترة من أغسطس، وسبتمبر 2018 تحالفات جديدة، بهدف التصدى لتحركات الجيش. وتأتى «كتيبة ثوار طرابلس» كأكبر المجموعات المسلحة فى «طرابلس»، ويصل عدد أفرادها إلى حوالى 1300 مقاتل، يقودها هيثم التاجورى وهو شخصية مشهورة فى «طرابلس»، إذ يتمتع بنفوذ كبير بعد أن كان مجرد ضابط شرطة. القوة الثانية هى «قوة الردع» وهى الأكثر تسليحاً وعدداً يقودها عبدالرؤوف كاره، وهى إحدى كبرى المجموعات العسكرية المسلحة فى «طرابلس» ويقع مقرها داخل مجمع «معيتيقة» فى الجهة الشمالية الشرقية، ذات توجه سلفى وتتكون من حوالى 1500 جندى، وتحل محل الشرطة فى المدينة فى حفظ الأمن ولديها شعبيتها.

القوة الثالثة تتمثل فى «القوة الثامنة» أو «النواصى»، وتقوم ببعض أدوار الشرطة فى العاصمة، وتتكون من حوالى 500 عنصر ينتشرون فى منطقة «سوق الجمعة»، وتلعب دوراً مهماً فى تأمين وحماية مقار حكومة فايز السراج، وهى من بين القوات الأكثر تسليحاً فى الغرب الليبى. أما القوة الرابعة وهى قوة التدخل المشترك «أبوسليم»، يقودها عبدالغنى الككلى وتشتهر بـ«ميليشيا غنيوة»، وتعد عنصراً مهماً فى المعادلة الأمنية والعسكرية فى «طرابلس»، وتوجد فى حى «أبوسليم» الذى يعد مركزاً للإجرام وتجارة المخدرات، وتعمل هذه الكتيبة على حفظ الأمن فى هذه المنطقة الخطيرة. أما القوة الخامسة فهى «كتيبة باب تاجوراء»، إحدى الكتائب ذات النهج السلفى، تتحالف مع قوات الردع الخاصة بقيادة عبدالرؤوف كاره، وهى متورطة فى أعمال خطف وقتل. ومعظم تلك الفصائل المسلحة مشكلة من تحالفات الإخوان مع الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل