المحتوى الرئيسى

حرب الوردتين.. نزاع أسرتي لانكاستر ويورك صبغ 3 عقود من تاريخ إنجلترا بلون الدم.. ملحمة انتهت برباط المصاهرة بين السلالتين المتحاربتين.. وشعار واحد جمع الأبيض والأحمر في وردة

01/18 23:44

هنري بولينجبروك أسس سلالة لانكاستر الملكية عام 1399

ريتشارد دوق يورك أشعل أولى معارك التمرد ضد لانكاستر في 1455

قانون الوفاق حكم العلاقة بين الأسرتين لسنوات طويلة

زواج هنري السابع من إليزابيث يورك كتب نهاية الصراع المرير

حرب انتهت برباط المصاهرة بين المتحاربين، يمكن لمن يتمعن في قراءة تاريخ أوروبا في العصور الوسطى أن يصادف هذا الأمر يتكرر بشكل يلفت النظر، نزاع ينشأ على شرعية سلالة ما في تولي عرش مملكة ما، تجري أنهار من الدماء بين المتحاربين لسنوات طوال، وغالبا ما ينتهي الأمر بزيجة توثق عهود السلام.

حرب الوردتين في إنجلترا من أشهر النزاعات التي تكرر فيها هذا النمط. ومثل مآس كثيرة، تحولت حرب الوردتين من نزاع شرعية على عرش إلى ملحمة ألهمت أدباء وكتّاب أوروبا ربما حتى الآن، ولعل بعض ممن تابعوا المسلسل الشهير (صراع العروش) قد تنبهوا إلى شيء من التشابه بين وقائع المسلسل وأحداث حرب الوردتين، لا سيما فيما يتعلق بلقبي العائلتين الرئيسيتين المتنازعتين؛ لانكاستر (لانستر في المسلسل) ويورك (ستارك في المسلسل).

ويصادف تاريخ اليوم 18 يناير ذكرى زواج الملك هنري السابع (من سلالة لانكاستر) من إليزابيث يورك عام 1486، ليضع هذا الزواج نهاية لحرب الوردتين المريرة، وليوحد رمزي الأسرتين في شعار واحد عبارة عن وردة واحدة باللونين الأبيض والأحمر.

وحرب الوردتين هي حرب أهلية امتدت لثلاثة عقود (1455 - 1485)، بين أسرتي لانكاستر ويورك، المنحدرتين من عائلة بلانتاجانت، حول شرعية تولي عرش إنجلترا، وسُميت بذلك نسبة إلى الوردتين اللتين اتخذتهما الأسرتان شعارين لهما (الوردة الحمراء لأسرة لانكاستر والوردة البيضاء لأسرة يورك)، وأول من أطلق عليها حرب الوردتين كان الشاعر والأديب المسرحي الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير.

بدأت الجذور المبكرة لهذه الحرب عام 1399، عندما أزاح هنري بولينجبروك ابن عمه الملك ريتشارد الثالث من عرش إنجلترا، واستولى عليه ليتوج نفسه ملكًا باسم هنري الرابع، مؤسسًا بذلك أسرة لانكاستر الملكية، ومن بعد وفاته انتقل العرش إلى ابنه هنري الخامس ثم ابن الأخير هنري السادس.

ووجد ريتشارد يورك، الدوق الثالث من أسرة يورك، صغر سن الملك هنري السادس فرصة سانحة للطعن في شرعية توليه العرش، فقد تولى هنري السادس العرش باعتباره الوريث الشرعي عندما كان رضيعًا يبلغ 9 أشهر، وبعدما شب عن الطوق أحاط به عدد من المستشارين الانتهازيين والمنتفعين، استغلوا ضعف شخصيته وحداثة سنه ومرضه العقلي لتوسيع نفوذهم والتصارع على السلطة.

وفي 22 مايو 1455، قاد ريتشارد دوق يورك جيشه الصغير متوجهًا به نحو لندن معلنًا أن هدفه هو القضاء على "المستشارين الفاسدين" للملك هنري. قابل ريتشارد جيش هنري في مدينة سانت ألبانز شمال لندن، فأصبحت هذه المدينة الصغيرة ساحة لأول معارك حرب الوردتين وهي معركة سانت ألبانز الأولى، وانتهت بانتصار جيش يورك ومقتل عدد كبير من قادة عائلة وجيش لانكاستر وإصابة الملك هنري السادس نفسه.

كان من أبرز نتائج معركة سانت ألبانز احتفاظ هنري السادس بعرشه، لكن مع تعيين أسرة يورك حماة للدولة، على أن الملك هنري السادس شُفي من مرضه العقلي في العام التالي، وعزل ريتشارد يورك من منصب الوصي على العرش، فتجددت المعارك بين أسرتي لانكاستر ويورك.

ظلت الأسرتان تتبادلان موقعي المنتصر والمهزوم لخمس سنوات تقريبًا، وفي 10 يوليو 1460 وقعت معركة نورثهامبتون، انتصرت فيها أسرة يورك، ودخل جيشها لندن منتصرًا وبحوزته الملك هنري السادس أسيرًا، وطالب ريتشارد يورك بحقه في اعتلاء العرش، لكن نشأ نزاع في البرلمان البريطاني على الاعتراف بشرعية ريتشارد، وانتهى النزاع بتمرير قانون الوفاق، الذي يقضي بالاعتراف بريتشارد يورك الخليفة الشرعي من بعد الملك هنري السادس في حال وفاته بدلًا من الطفل الرضيع إدوارد (ابن هنري السادس) وقد قبل ريتشارد يورك بهذه التسوية.

على أن ريتشار يورك قُتل في آخر أيام العام 1460 في معركة ويكفيلد بينما كان يقاتل بعض مواقع المتمردين من أسرة لانكاستر شمال البلاد.

وبحسب قانون الوفاق أصبح أكبر أبناء ريتشارد يورك، إدوارد مارس ذو الثمانية عشر عامًا الوصي الشرعي للحكم من بعد وفاة والده وورث عنه جميع الألقاب، وقد توِّج رسميًا كحاكم للبلاد في شهر مارس من عام 1461.

والتقى إدوارد بجيش لانكاستر وهو قادم من ويلز بقيادة جاسبر تيودور، وانتصر عليه في معركة تقاطع مورتيمر بمدينة هيريفوردشاير، لكن الكفة عادت تميل لصالح جيش لانكاستر.

ولمدة عقد كامل، استمرت المعارك بين الأسرتين، وقضى الملك هنري السادس نحبه مقتولًا في برج لندن عام 1471 فاستتب الأمر لفترة طويلة للملك إدوارد الرابع من أسرة يورك، إلى أن توفي في 9 أبريل عام 1483، فتجددت الضطرابات السياسية في البلاد.

كانت وصية إدوارد الرابع وهو على فراش موته أن يكون شقيقه الأصغر ريتشارد الثالث حاميًا للبلاد من بعده ليحكم إنجلترا، وتوّج ريتشارد الثالث بعد ذلك ملكًا لإنجلترا.

وبعد تتويج ريتشارد الثالث ظهرت ثورات ضده جنوب البلاد، ففي 18 أكتوبر 1483 قاد دوق باكنجهام هنري ستافورد ثورة لتعيين هنري تيودور، وهو أحد اللانكاستريين، ليكون حاكمًا للبلاد.

ولم تكن ثورة باكنجهام هي نهاية المؤامرات الموجهة ضده، فلم يكن ريتشارد يشعر بالأمان بسبب الثورات التي يواجهها، وبالإضافة إلى كل ذلك فقد عانى بسبب عدم وجود وريث يخلفه في الحكم من أسرة يورك ليكون خليفته من بعد فقدانه لزوجته وابنه إدوارد مديلهام ذو العشر سنوات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل