المحتوى الرئيسى

2020.. عام حسم المصير لـ«رواد الأعمال» في مصر | المصري اليوم

01/18 22:14

هل ينتصر السياق الوطنى للمشاريع الجديدة لدعم الاقتصاد الحقيقى والإنتاج.. أم ينتصر تيار الاندماجات أو الاستحواذات؟ إطلاق الخيال والفرص كفيل بلعب دور في الحد من الاحتكارات والهيمنة.. ويمكن أن يلعب دورًا في تقديم خدمات جديدة تسهل حياة الناس

تدفقت- ومازالت- على مصر في السنوات الأخيرة أحجام كبيرة من المنح المقدمة لكل ما يعنى بريادة الأعمال، كما تقوم مؤسسات مالية وغير مالية مصرية بدعم أنشطة كثيرة أيضا في هذا الاتجاه.

وأصبحت هناك جمعيات و«معامل» وحضانات ومجلات مصرية وعربية كثيرة (وإقليمية وعالمية طبعًا) متخصصة في هذا الشأن، كما تواجدت مراكز لريادة الأعمال في الجامعات الكبرى، على رأسها جامعة النيل والجامعة الأمريكية على تباين بينهما، وجامعة عين شمس والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.. وغيرها، لتساعد الطلاب على إتمام أبحاثهم، وتحويل الأفكار «التجريدية» إلى مشاريع وشركات.

وأنشئت صناديق استثمار متخصصة في تقديم تمويلات للشركات الصاعدة وأصحاب الأفكار، وأصبحت أخبار الجولات الترويجية للشركات البازغة محل اهتمام، وأصبح حضور أي محفل- أو قمة بلغة العلاقات العامة الجديدة- لريادة الأعمال كثيفًا بما لا يقارن بأى فعل اقتصادى آخر أو سياسى طبعًا، ولم يعد بإمكان منتديات كبرى، مثل منتدى الشباب في شرم الشيخ أو دافوس، تجاهل الظاهرة.

أصبح هناك قاموس كامل يرتبط بالمفهوم وأصحابه، وامتلأت صفحات شبكات التواصل بإعلانات عن مدربين لتأهيل الشباب ليكونوا رواد أعمال ناجحين، وصدرت آلاف الكتب حول الموضوع ذاته، وأصبح من واجبات أي رجل أعمال كبير أن يتحدث أمام رواد الأعمال وينصحهم ويقدم لهم تجربتهم. وبقدر بريق الازدهار والنجاحات في ريادة الأعمال، فإن قصص الفشل في هذا المجال كبيرة جدا، غير أنه لا أحد يتوقف عندها، مع أن أهم مُعلم لرائد الأعمال هو أخطاء غيره أو أخطاؤه، هذا إن أفاد منهما.

تعقد مؤتمرات محلية وعربية وإفريقية ودولية عديدة على مدار العام لهذا الغرض، ويتم تقديم جوائز تمويلية أو مكافآت ومنح لأصحاب أفضل الأفكار التي تم تحويلها إلى تطبيقات على الأرض. وتقيم السفارة الأمريكية بالقاهرة فعالية كبيرة كل عام لاختيار رواد مصريين للسفر إلى الأسبوع العالمى لريادة الأعمال، كما تشارك الجامعة الأمريكية في ملتقى سنوى كبير لانتخاب فائزين بمنح وجوائز، ومثلها منظمة «أشوكا» البريطانية.

وأصبحت أخبار الاندماجات والاستحواذات التي تتم على الشركات البادئة- ستارت ابس- تحتل عناية من كبريات الصحف والمواقع العالمية والعربية والمحلية يوميا. وحسب دراسات عالمية شاركت فيها الجامعة الأمريكية، فإن البنية التحتية العامة في مصر تمثل تحديًا كبيرًا، وإذا تمكنت شركة/ شخص بطريقة ما من النجاح في مصر، فسيكون قادرًا على التوسع في أي مكان في العالم، لأنه من خلال بناء شركته في مصر ينتهى به الأمر إلى بناء فريق قوى للغاية يمكنه التوسع والتكيف في أي مكان عبر الكرة الأرضية، ولدى مصر جميع أنواع العملاء الذين ترغب أي شركة في الحصول عليهم من أجل التحقق من صحة نموذج العمل والمفهوم بأكمله.

وتقول دراسة إن «المصريين لديهم طموح وسريعون في التعلم، وإذا ذهبت للتحقق من ذلك، ستلاحظ أن عددًا كبيرًا جدًا من المطورين في مصر ليس لديهم أي خلفية تعليمية في علوم الكمبيوتر أو أي نوع آخر من الهندسة، لكنهم يتعلمون ذاتيًا، ويعمل الكثير منهم الآن في الشركات الناشئة والشركات التكنولوجية في الولايات المتحدة وأوروبا، كما أن الشركات الناشئة الخليجية يمكنها الاستفادة من المواهب الهندسية في مصر.. وإذا كنت من رواد الأعمال وتحتاج إلى جمع مليون دولار في جولة البذور في دبى، فستحتاج فقط إلى 200 ألف دولار في القاهرة للقيام بالشىء نفسه، هذا لا يحتاج إلى أي تفسير إضافى».

الدراسات تتحدث عن تحديات كبيرة أمام ريادة الأعمال في مصر، منها ضعف مشاركة المرأة فيها، واستمرار وجود بيئة غير مواتية ثقافيا أو اجتماعيا قياسا على آخرين، والصعوبات التشريعية، وأهمها تسهيل دخول السوق، والأهم الخروج منها، التصفية خاصة عند الفشل لبدء مشروع آخر.

على جانب آخر، وتقليديًا، اعتاد أهل اليسار أن يرفضوا أو ينتقدوا الحلول الفردية والترويج لها، كما كان حالهم مع قصص الأستاذ مصطفى أمين عن الذين هاجروا من مصر إلى أوروبا وناموا في الشارع وباعوا جرائد وغسلوا الصحون ثم أصبحوا مليونيرات، واعتاد اليسار أن يقول إن هذه العملية تنطوى على وعد بجنة لا تجىء إلا في أقل القليل، كما أن مثل هذا النمط لا يصنع تقدم دولة، فالتنمية تحتاج إرادة سياسية ورؤية قبل أن تحتاج إلى أفراد شطار يستطيع كل منهم عمل مشروعه الخاص.

أما الليبراليون الكلاسيكيون فيرون أن ريادة الأعمال بمثابة نبيذ قديم في وعاء جديد، فمنذ بدأت الأعمال بمفهومها الحديث، وكل يوم يحاول أشخاص بلا عدد عمل مشروع تجارى أو صناعى أو خدمى أو زراعى جديد، سواء نجحوا أم فشلوا، وكل شركة كبيرة كانت في البداية مجرد عمل صغير.. ويكفى أن الحاج محمود العربى لم يسمِ نفسه يوما رائد أعمال. الآن وفى مصر تحديدا لم يعد ترفًا عند اليمين أو اليسار تجاهل ظاهرة الصعود الكبير لريادة الأعمال وتعقّد أبعاد هذه الظاهرة السياسية والاقتصادية أو الاجتماعية في المستقبل الوشيك.

لقد لعب وقف التعيينات في الحكومة وأيضا في القطاع العام دورا مؤثرا في زيادة البطالة بين النساء والجامعيين بشكل خاص، وأدى عدم التعيين بالحكومة إلى انصراف الشباب إلى المشروع الخاص عموما، وزاد من التوجه الأخير ضعف الدخول من العمل لدى الغير وفقدان الأمان في الوظائف الخاصة وعدم الرضا عن محتوى العمل أو ما يعد به في المستقبل بالإضافة إلى مستجدات التكنولوجيا.

أدى كل ذلك إلى تسريع وتيرة نمو ريادة الأعمال بمصر، كما أن التطور السريع في هذا المجال والذى بلغ درجة أن الشركات متعددة النشاط باتت تترقب صناع الأفكار من الشباب المصريين وتتعقبهم، بل أقول تحاول مصادرتهم لصالحها أو لصالح توجهها من البداية أو التهامهم إذا أفلتوا وأقاموا نشاطا ناجحا يهدد فرصها وسياستها.

هذا التطور جعل كل ناشئ أعمال يحلم بشركة عالمية تشتريه، تماما مثل لاعب الكرة الذي يريد أن يلعب في ناد كبير عالمى. ومنذ واقعة سيطرة «أمازون» على شركة «سوق دوت كوم» ثم لاحقا الاستحواذ على شركات مثل «اطلب» و«سويفل» والأمل في أن يهتم مستثمرون عالميون بمشاريع رواد الأعمال المصريين يغزو كل العقول تقريبا.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل