المحتوى الرئيسى

تحليل: الاتفاقية النووية مع إيران على حافة الهاوية

01/16 09:06

"لنتخيل كيف ستنتهي جولة التصعيد الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، إذا كانت تملك أسلحة نووية؟"، يقول مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل. لذا يجب إيجاد سبل لدفع إيران مجددا للتمسك بالتزاماتها في الاتفاقية النووية. ويأمل بوريل أنه من خلال تفعيل آلية التحكيم المنصوص عليها في الاتفاقية أن ينفتح الباب أمام نقاشات جديدة مع الحكومة في طهران.

والتصريحات الأخيرة في طهران لاتخاذ الخطوة الأخيرة للخروج من الاتفاقية النووية "مثيرة للقلق"، كما قال بوريل أمام البرلمان الأوروبي. وأوضح أن "الأمر لا يتعلق بالنسبة إلينا بعقوبات"، فالأوروبيون يريدون فقط التوصل إلى حلول لتحريك البلاد من أجل العودة إلى التزاماتها. وهنا يرتبط الأمر بعدد أجهزة الطرد المركزي التي يتم بها تخصيب اليورانيوم وكثافة التخصيب وكمية اليورانيوم التي يحق تخزينها؛ وقد تنصلت إيران من جميع هذه الالتزامات. وقبل الاجتماع الخاص لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضية أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن إيران في ظل هذه الظروف بإمكانها في غضون سنة أو سنتين امتلاك المواد النووية اللازمة لإنتاج أسلحة نووية.

والسؤال هو ما هي المعلومات المعلومات الجديدة التي رشحت بين يومي الجمعة والثلاثاء لتفسير التحول المفاجئ في موقف الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا) الموقعة على الاتفاقية النووية؟ فقبل نهاية الأسبوع لم تكن هذه الدول مستعدة لتفعيل آلية التحكيم لحل النزاع حول الاتفاقية، بغية منح مزيد من الوقت للاتصالات مع طهران. لكن الآن تم فجأة تفعيل الآلية وبهذا تبدأ فترات زمنية قد تعني إعادة اعتماد العقوبات الدولية لعام 2015 في غضون شهرين.

ويتهم وزير خارجية إيران جواد ظريف الأوروبيين بالخضوع لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية. وبالفعل يضغط دونالد ترامب على الاتحاد الأوروبي منذ انسحابه من الاتفاقية النووية عام 2018 لفعل نفس الشيء والتطلع إلى مفاوضات جديدة. وأمام هذا قال بوريل إن الاتحاد الأوروبي يعمل بنية جيدة ويريد الحفاظ على الاتفاقية التي تمثل أكبر نجاح سياسي خارجي للأوروبيين.

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

شرخ في وحدة الصف الأوروبي

توحد لندن وباريس وبرلين غير مضمون، فرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تحدث في مقابلة تلفزيونية عن صفقة جديدة "صفقة ترامب" مع ايران. إذن، هل تم تفعيل آلية التحكيم المنصوص عليها في الاتفاق لإقناع جونسون بالموقف الأوروبي المشترك؟ علما أن الإشارات من لندن كانت متباينة.

ورئيس الدبلوماسية الأوروبية بوريل أكد في المقابل أن وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب وقع على رسالة الدول الأوروبية الثلاث الداعية إلى الحفاظ على الاتفاقية النووية. "لم يتخل أحد عن الصفقة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا تواصل مراقبتها". والاتفاقية مدونة في بيان لمجلس الأمن الدولي وماتزال قائمة. والاتفاقية جزء هام من هندسة نزع السلاح الدولية.

وداخل البرلمان الأوروبي، حيث تم قبلها طوال ساعات مناقشة تمويل سياسة المناخ، يكشف النقاش حول إيران أن هناك نقصا في خبراء في السياسة الخارجية داخل المجموعة. ولم يعد يوجد خبراء في سياسة الشرق الأوسط ويقتصر الأمر على مناشدات عبر الأحزاب لتوخي العقلانية في التعامل مع إيران والحفاظ على وحدة دول الاتحاد الأوروبي والنية الحسنة للأوروبيين للعمل كوسطاء من أجل احتواء التصعيد المهدد.

والواضح في ذلك أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه ما يقدمه سوى الكلمات الرنانة: فآلية الدفع "Instex" التي يراد من خلالها تجنب عقوبات الولايات المتحدة ومنح ايران تجارة خارجية محدودة لا تعمل إلى يومنا هذا. وهنا قدم الاتحاد الأوروبي وعودا لم يقدر على الالتزام بها. فجيمع الآمال معقودة الآن على الجهود الدبلوماسية الجديدة في إطار نظام التحكيم التي ينسقها بوريل.

بوريس جونسون أرسل إشارات غير واضحة من لندن بشأن النزاع النووي مع طهران ومحاولة الأوروبيون إنقاذ الاتفاق

وتم عبر جميع الأحزاب اعتبار ذلك كإشارة ايجابية وربما مأمولة بأن اعترفت الحكومة في طهران بإسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية وقدمت اعتذارها. والآن يجب الكشف عن كافة ملابسات الحادثة المروعة. كما أن الجميع يناشد الحكومة الايرانية عدم الإقدام مجددا على قمع المظاهرات ضد النظام بعنف. وفي المفاوضات مع ايران يجب الحديث أيضا عن وضع حقوق الانسان، كما يطالب متحدثون باسم الخضر والليبراليين في البرلمان الأوروبي.

فأمل الاتحاد الأوروبي معقود الآن على رئيس دبلوماسيته، دوزيب بوريل. لكن هذا ذي التأهيل والخبرة الاقتصادية والذي كان رئيسا للبرلمان الأوروبي ومن ثم وزيرا للخارجية الإسبانية لمدة عام، وبالتالي ليست لديه الخبرة الكافية فيما يتعلق بالاتفاق النووي والمفاوضات مع إيران. وبشكل العام ليس لا يستطيع بوريل أن يترك انطباعا بوجود سياسة خارجية أوروبية قوية. لكن هل هو مفاوض قوي ناجح خلف الأبواب الموصدة؟ هذا ما لايمكن معرفته حتى الآن.

باربارا فيزل/ م. أ. م

كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.

الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .

سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.

في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.

طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.

أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.

في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.

في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.

في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.

في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.

كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.

آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.

بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل