بعد 3 عقود على انتهاء الحرب.. قنابل السوفيات تفتك بالأفغان

بعد 3 عقود على انتهاء الحرب.. قنابل السوفيات تفتك بالأفغان

منذ 4 سنوات

بعد 3 عقود على انتهاء الحرب.. قنابل السوفيات تفتك بالأفغان

يتنهّد غلام محي الدين بهدوء وهو يتذكر ابنه البالغ من العمر 14 عامًا الذي قتل الربيع الماضي بقنبلة أُلقيت القرن الماضي على تلال ولاية باميان وسط أفغانستان.\nوقال محي الدين الذي عثر على أشلاء نجله الذي لم يعد ذلك اليوم: "كنا نعرف أن الجبل يشكل خطورة".\nوأضاف: "كنا على علم بوجود الألغام لكننا لم نتمكن من العثور عليها. دُفنت في الرمل بعد المطر".\nبعد 40 عامًا على الاجتياح السوفياتي لأفغانستان وثلاثة عقود على انتهاء النزاع، لا تزال مخلّفات الحرب تحصد الأرواح في أنحاء البلاد.\nوقتل مجتبى، نجل محيي الدين، مع صديقية (12 و14 عامًا) في 17 مايو عندما كانوا يبحثون عن التوت في هذه المنطقة ذات الطبيعة الخلابة حيث تغطي الثلوج قمم الجبال.\nوعندما لم يعد أي منهم في اليوم التالي، بدأ محي الدين وغيره من سكان قريته الصغيرة أهنكاران بالبحث عنهم.\nوقال محي الدين: "وجدت ابني ولم يتبق منه إلا صدره ورأسه".\nوقتل مجتبى وأصدقاؤه بذخائر صغيرة من نوع "إي أوه-2,5 آر تي إم" التي استخدمتها القوات السوفياتية بكثرة إذ ألقتها كالمطر في أنحاء أفغانستان في السنوات التي أعقبت اجتياحها في ديسمبر 1979.\nويتذكّر محي الدين (44 عامًا) الحرب جيّداً. وقال إنه كان يحضّر الشاي "للمجاهدين" الذي كانوا يختبئون في الجبال وينصبون كمائن للدوريات السوفياتية.\nومؤخراً، استخدم النظام السوري وروسيا هذه الذخائر العنقودية في سوريا، بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" صدر عام 2016.\nوأكد بشير أحمد الذي يقود فريقًا من "مجموعة دنماركية لإزالة الألغام" أن "هذه (الذخائر) هي الأخطر، إنها حساسة جداً تجاه أي ذبذبات".\nوتعمل المنظمة الإنسانية في عدة ولايات أفغانية منذ عام 1999 لإزالة أي متفجرات خلّفتها الحرب.\nوتم تمشيط تلال باميان، الولاية التي كانت تضم تماثيل ضخمة لبوذا نحتت في جبالها الصخرية في القرن السادس ميلادي قبل أن تفجرها طالبان، للعثور على ألغام وغيرها من المتفجرات.\nوعلى مقربة من الموقع حيث قتل مجتبى وأصدقاؤه، حدد عمال المجموعة الدنماركية لإزالة الألغام باللون الأبيض المسارات التي تدل على المناطق الآمنة.\nوقال المسؤول عن الولاية في المجموعة حبيب نور "هذه آخر ساحة معركة نطهرها في باميان، وتعود إلى العام 1986".\nوقريبًا ستكون باميان، المنطقة التي تسكنها غالبية من أقلية الهزارة الشيعية وغير المتأثرة نسبيًا بالعنف الذي تشهده باقي مناطق أفغانستان اليوم، الأولى بين 34 ولاية يتم تطهير جميع مناطقها من الألغام.\nوعثرت المجموعة الدنماركية على 26 متفجرة في المنطقة المحيطة بأهنكاران وحدها.\nوقال نور "استكشفنا المنطقة مستفيدين من المعلومات التي قدمها الناس من خلال مقابلة سكان قاتلوا هناك".\nوفي الموقع القريب من أهنكاران الذي زارته فرانس برس، يعمل عناصر فريق إزالة الألغام بحضور طبيب وقائد فريق بشكل دائم.\nوعمل الفريق المكون من ثمانية أفراد ارتدوا دروعًا واقية زرقاء اللون بصمت لم يكسره إلا صوت الغربان وطنين أجهزة الكشف عن المعادن.\nوأفادت زرقاء (26 عامًا) أنها عثرت للمرة الاولى قبل عدة أيام على ذخيرة عنقودية.\nوقالت: "شعرت بخوف شديد"، واصفة كيف حفر فريقها بحذر حولها قبل أن يدمرها عبر تفجير متحكّم به.\nوالعام الماضي، قتلت الألغام وغيرها من "مخلفات الحرب القابلة للانفجار" أو جرحت 1391 أفغانيًا، بحسب إحصائيات الحكومة. وكان أكثر من نصف الضحايا من الأطفال.\nوقال رئيس عمليات إزالة الألغام ومقرها كابول في الجمعة الدنماركية عبد الحكيم نورزاي إن "المتفجرات تعمل بعد مئة عام. سيتحلل البلاستيك والمعدن لكن ليس المتفجرات".\nوأعرب أحمد، قائد فريق نزع الألغام، عن غضبه جرّاء استمرار معاناة بلاده من الاجتياح السوفياتي.\nوقال "دمروا حياتنا. بسببهم، علينا العمل في مجال نزع الألغام بدلاً من أن نكون أطباء أو مهندسين أو أساتذة"، مضيفًا أنه يعمل على نزع الألغام منذ العام 2003 وقد اصابه الملل من عمله الشاق.\nوأثناء نزوله من الجبل، قابل الفريق مجموعة من الأطفال الذين كانوا يلعبون خارج مدرسة القرية المتواضعة.\nوابتسمت ناهدة (11 عامًا) التي ارتدت حجابًا أبيض اللون بخجل وهي تتذكر مجتبى "كان ابن عمي. بكيت عندما سمعت بأنه توفي".\nولدى سؤالها إن كانت تعرف شيئا عن الحرب مع الاتحاد السوفياتي، ردت "لا أعرف من أين جاءت القنابل".

الخبر من المصدر