المحتوى الرئيسى

علي نار هادئة

12/14 10:15

لدى بعض الشخصيات القدرة على جذب الآخرين، قد يكون لبراعتهم في الاستماع، أو لقدرتهم الكبيرة على الاحتواء، فأحيانًا يكون للروح أكبر الأثر على ترك بصمة لدى البعض ببراعة فائقة.

ولهذه القدرة بريقها فهي تعتبر من القدرات النادرة التي لا يتمتع بها الجميع ، ويكون لهذه الشخصيات أسلوب ناعم يتمكنوا من خلاله من السيطرة علي من حولهم وتسويتهم بكل هدوء كمن يتمكن من عمل فنجان القهوة المنعشة ذات المذاق المحوج والبن الغامق بكل ما فيها من جاذبية الوجه وجمال الطعم والتي دائمًا ما يتم تسويتها علي نار هادئة لضمان الحصول علي أجود نكهة.

قد يقترب إليك من يمتلك تلك الموهبة ويراقبك بكل هدوء وثبات ويتعامل معك برفق ولين ويستمع إليك جيدًا حتي تعتاد أن تتحدث معه ومع الوقت تشعر بنكهة تلك القهوة التي يتم تسويتها وخصوصًا عندما يكون هذا الشخص حريص علي الاقتراب منك دون أن يشعرك بذلك مباشرة، علي العكس يحاول جاهدًا أن يحدثك بلغة الصمت التي هي أحيانًا أبلغ كثيرًا من لغة الكلمات.

تلك الحالة الإنسانية وهذا المشهد قد يظهر في حياتك وأنت في مقتبل العمر ، حيث البدايات الجميلة وقد يتأخر ظهوره إلي منتصف العمر أو آخره، في الوقت الذي يصبح وجوده في حياتك أمر خطير مثله كمثل اللعب بكرات اللهب التي قد تحرقك وتحرق من حولك ، وأحيانًا ما تكون هذه المشاعر صادقة، وأحيانًا أخري تكون مجرد فتنة عابرة وخصوصًا إذا جاءت في الوقت الصعب الذي لا يمكن أن تقترب فيه أكثر لأن القرب يقضي علي الآخرين ، وهنا تتحول تلك العلاقات إلي فتنة واختبار صعب يجب أن تنجح في اجتيازه دون أن تجرح مشاعر المقربين لك ودون أن تتعدي حدود المولي عز وجل.

تذكر دائما أن المولي عز وجل يراقب الحدث وهناك من يسجله بدقة، وأن الفتنة دائمًا ما تفتح أبواب الشيطان الذي يلهث وراءك ليفسد حياتك المستقرة ويلعب بالمشاعر ،ويشعل النار بداخلك .

الاختبار الأصعب هو كيف تتخلص من تلك الفتنة دون أن تؤذي غيرك وخصوصًا المقربين لك، وكيف تميز بين الحقيقة والوهم، فالرغبة تدفع صاحبها ليخوض التجربة وقد تكون تلك الرغبة مجرد نزوة عابرة وليست حقيقية تنتهي مع الوقت وقد تكون انجذاب جسدي زائل دون مشاعر حقيقية صادقة.

الأصعب والأخطر هو الانجذاب الروحي عندما يكون حقيقي ونابع من الروح ولا علاقة له بالرغبة الجسدية ، فهذه الحالة من أصعب الفتن لأنها لا تبطل مع الوقت وربما تزداد ، وليس بالضرورة أن يكون هذا الانجذاب حب جامح فقد يكون مجرد شعور بالأمان النفسي والروحي ، شعور بالسكينة والسلام.

ويحتاج هذا الانجذاب الروحي لتصنيف دقيق حتي لا يتم خلط الأمور ولا الانجراف وراء مشاعر مشوشة غير حقيقية ،فالتعود علي شخص ما قد يوحي لصاحبه بأنه حب ، وفِي الحقيقة يظل مجرد تعود قد يزول بزوال الشخص الذي يتسبب فيه، ويصعب الأمر كلما كان المرء بشخصية مزدوجة تتأرجح بين العقل والجنون ، منقسم علي نفسه، متهور لأقصي الحدود، مغامر ومقامر يهوي أن يسعي وراء الهدف حتي النهاية ، ويتلذذ بمتعة الانتصار الصعب الذي جاء بعد مخاطرة ، تلك الشخصية قد تغرق صاحبها في الفتن القاسية ، وقد تتهور دون أن تعقل الأمور من حولها ، وقد تراهن حتي النهاية دون أن تحسب خطاها ، فيلهث خلفها الشيطان ليغرقها في التجارب الصعبة والتي أحيانًا قد تبلغ من الخطورة ما قد يدمر صاحبها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل