المحتوى الرئيسى

الجزائر في أسبوع.. انتخاب الرئيس الثامن ومحاكمة رموز السابع

12/14 18:02

لم يكن أسبوع الجزائر المنتهي كبقية أسابيع عمر الأزمة السياسية طوال أشهرها الـ10 الماضية، إذ شهد تدافعاً قياسياً في الأحداث الحاسمة التي يقول المراقبون إنها رسمت حدود ما بعد الأزمة. 

أسبوع دخلت فيه الجزائر عهداً جديداً بانتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً ثامناً للبلاد بنسبة مشاركة غير متوقعة مقارنة مع دعوات المقاطعة وحالة الاحتقان الشعبي التي تخللت العملية الانتخابية التي جرت الخميس الماضي.

كما شهد الأسبوع المنصرم إصدار القضاء الجزائري أحكامه النهائية بحق 17 شخصية من رموز نظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة تراوحت بين 3 سنوات إلى 15 سنة سجناً نافذاً، كان أبرزهم رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال.

بعد تأجيلها مرتين متتاليتين في عام واحد، أجريت الخميس الماضي سادس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ الجزائر، بنسبة مشاركة إجمالية بين الداخل والجالية في المهجر وصلت إلى 39.83%، شارك فيها 9 ملايين و774 ألفاً و804 ناخبين من أصل 24 مليوناً و741 ألفاً و161 ناخباً، فيما ألغي مليون و243 صوتاً.

وجاء يوم الجمعة حاملاً معه اسم الرئيس الجديد للبلاد، بعد أن أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات تصدر المرشح المستقل عبدالمجيد تبون نتائج الانتخابات بنسبة 58.15% من أصوات الناخبين، بعد حصوله على 4 ملايين و945 ألفاً و116 صوتاً، ليُحسم الاستحقاق الرئاسي من دوره الأول.

وشاءت الأقدار، كما أجمعت وسائل الإعلام المحلية، أن يعود عبدالمجيد تبون إلى المشهد السياسي رئيساً للبلاد بعد أن أخرجه بوتفليقة من أضيق الأبواب، وأن يخلف "المُقال، المستقيل المُقيل".

وانفردت "العين الإخبارية" بعد قرابة ساعة من بدء عمليات الفرز، بالكشف عن تصدر المرشح المستقل عبدالمجيد تبون نتائج الانتخابات في قرابة 20 محافظة في البلاد، نقلاً عن مصادر سياسية جزائرية.

وبذلك، تكون الجزائر قد تجاوزت أكبر امتحان سياسي في العقدين الأخيرين كما ذكر خبراء لـ"العين الإخبارية" رغم المخاض الصعب لإجراء الانتخابات الناجم عن حالة الاحتقان الشعبي ومقاطعة محافظتي تيزيوزو بجاية التي سجلت بها أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات لم تتعد 1%.

وبعد إعلان نتائج الانتخابات، كشف الرئيس المنتخب للجزائر عبدالمجيد تبون، الجمعة، أولويات ولايته الرئاسية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عبر خطاب هادئ ترجمه متابعون على أنه اعتراف ضمني بصعوبة المهمة ومعرفة دقيقة في الوقت ذاته بالألغام التي تنتظره عند دخول قصر "المرادية" الجمهوري.

وحدد الرئيس الجزائري الجديد أولوياته في "إعادة لم شمل الجزائريين" الذين قسمتهم الأزمة السياسية إلى أكثر من جبهة، وتعهد بـ"التجاوب مع مطالب الحراك الشعبي" الذي وصفه بـ"المبارك على الجزائر".

وفي الشأن السياسي، كشف تبون أجندة برنامجه الرئاسي، المرتكز على تعديل الدستور الذي عده خبراء قانونيون بـ"الملغم"، مع تعديل قانوني الأحزاب والانتخاب، وفتح حوار شامل مع الطبقة السياسية والحراك الشعبي "دون إقصاء أو انتقام" كما قال.

تبون تحدث أيضاً عن "عهد جديد للجزائر من خلال طي صفحة الماضي"، مفنداً في الوقت ذاته أن يكون "حاملاً رسالة ولاية بوتفليقة الخامسة"، وشدد على أن المرحلة المقبلة ستكون "سيفاً على التركة الثقيلة" التي تركها النظام السابق المتهاوي.

وجدد تعهده بمحاربة الفساد و"متابعة العصابة أينما كانت"، وفق تعبيره، وعدم منحها أي عفو رئاسي، واستعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج وفصل المال عن السياسة، مبدياً "ثقة كبيرة" في استرجاعها، لكنه رفض الكشف عن "الخطة المعتمدة"، وبرر ذلك بأن "الكشف عنها يعني تمكن العصابة من إعداد خطة معاكسة" كما قال في ندوته الصحفية مساء الجمعة.

أما اقتصادياً، فيعد عبدالمجيد تبون أول رئيس يحكم الجزائر بتكوين وخلفيات اقتصادية، واعترف بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به بلاده، لكنه أفصح عن الوصفة التي قال: "إنه بإمكانها تجاوز الوضع الصعب"، وحدد بعضاً من خطة النهوض الاقتصادي بوضع حد لتدهور القدرة المالية للبلاد وتضخيم الفواتير التي وصفها بـ"الكارثة".

وأكدت نتائج انتخابات الرئاسة الجزائرية حجم التيارات الإخوانية لدى الناخب الجزائري، بعد حصول مرشح الجماعة عبدالقادر بن قرينة على 17.38%، لتكون بذلك الخيبة الرابعة للإخوان في الاستحقاق الرئاسي بعد 1995 و2004 و2009.

وبتفكيك النسبة التي حصل عليها المرشح الإخواني، ذكر خبراء ومحللون سياسيون لـ"العين الإخبارية" أن النسبة على "ضعفها" لا تعني أن التيار الإخواني الذي مثله عبدالقادر بن قرينة بات قوة سياسية جديدة في الجزائر، وليس مؤشراً على اقتناع الناخبين بالتوجهات الإخوانية التي ينظر إليها الشارع الجزائري على أنها "لا تفهم من الديمقراطية إلا العملية الانتخابية.

وحدد الخبراء ثلاثة أصناف من الناخبين الذين صوتوا للمرشح الإخواني، أولها المحسوبون على هذا التيار من بقية التيارات الإخوانية، والصنف الثاني الذي أسماه المراقبون بـ"الناخب المعاقِب" لبقية المرشحين بالمرشح الإخواني دون معرفة ببرنامجه الانتخابي أو اقتناع به.

أما الصنف الثالث، وهو "الذي لا يعرف المرشح الإخواني"، إذ إن الإخواني عبدالقادر بن قرينة وتياره المسمى "حركة البناء" من التيارات المجهولة في الساحة السياسية لدى كثير من الجزائريين، عكس بقية المرشحين، واختاره هؤلاء الناخبون الذين كانوا مترددين أو مترقبين، مفضلين التصويت على "شخصية غير معروفة".

وعشية الانتخابات الرئاسية، أصدرت محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، الثلاثاء الماضي، أحكامها النهائية ضد 17 مسؤولاً بارزاً في عهد الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، بالسجن بين 3 سنوات إلى 15 سنة، وتبرئة اثنين آخرين، في قضايا فساد تتعلق بمصانع تركيب السيارات الأجنبية بالجزائر والتمويل الخفي للأحزاب وحملة بوتفليقة.

وكان أكبر حكم حضوري صدر في حق رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى بـ15 سنة سجناً نافذاً، وهو الشخصية السياسية البارزة التي كانت تنوي خلافة بوتفليقة، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية.

بالإضافة إلى سجن رئيس الوزراء السابق عبدالمالك سلال 12 سنة، ونجله فارس بـ3 سنوات سجناً نافذاً.

بينما نال وزير الصناعة الأسبق عبدالسلام بوشوارب الهارب إلى وجهة مجهولة أكبر عقوبة بـ20 سنة سجناً الذي يوصف بـ"الأب الروحي للفساد بالجزائر" والذي أصدرت المحكمة الأحد الماضي أمراً دولياً بالقبض عليه.

وقضت المحكمة ذاتها بالسجن 10 سنوات نافذة ضد وزيري الصناعة والمناجم السابقين يوسف يوسفي وبدة محجوب و7 سنوات سجناً لرجل الأعمال المثير للجدل علي حداد ومعه أحمد معزوز، و6 أخرى لحسان عرباوي و3 سنوات سجناً لمحمد بايري، بينما تراوحت الأحكام بالسجن النافذ لبقية المتهمين بين 7 سنوات و3 سنوات سجناً.

كما برأت المحكمة عبدالغني زعلان، المدير السابق لحملة بوتفليقة الانتخابية، من تهمة "التمويل الخفي للحملة الانتخابية"، لكن القاضي أمر بإعادته إلى سجن الحراش لمحاكمته في قضايا فساد عندما كان وزيراً للأشغال العمومية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل