يوميات أسبوع | المصري اليوم
الجمعة: انقلب المسجد رأسًا على عقب بسبب أطفال استغلوا دخول آبائهم فى الصلاة وبدأ لهوهم الطفولى. وعبثًا ما حاولت أحتفظ بتركيزى فى الصلاة، لكن بسمة حانية غلبتنى وأنا أتأملهم: طفل فى الخامسة يتزعم طفلًا فى الرابعة وطفلًا فى الثالثة. لاحظت أيضًا أن طفل الثالثة وديع ومسالم، بينما الطفلان الآخران متنمران وعنيفان بشكل واضح. وبدا الأمر لى أكبر من فارق السن ولكنها المنحة الربانية للوداعة واللطف فى الشخصية. وفكرت كم نحن البشر متباينون غاية التباين. هذا يغلب عليه الرضا والسماحة وهذا يغلب عليه العنف والمشاكسة. وها هو الصغير يذهب إلى أبيه- المستغرق فى صلاته- ملتصقًا به ولائذًا إليه.
ولكن القط يحب خناقه كما يقولون، ولذلك كان الصغير يرجع إليهما كل مرة لأنه يريد اللعب. وفى النهاية الحياة تستمر، وتجد مخرجًا للجميع، وكما يقول الفرنسيون: «سى لا فى»، أى «هذه هى الحياة».
السبت: لا شك أن لعنة إغريقية قديمة تطاردنى تجعلنى أشاهد الناس الذين يبصقون فى الشوارع. أشاهدهم بكثرة غير معقولة. أنا فى الأصل أسير فى شوارع مصر منكمشًا محاذرًا أن تقع عينى على أكوام القمامة القبيحة التى تؤذى عينى وتؤلم روحى. وأحاول أن أشيح بصرى عن كل منظر مؤذٍ. وفى النهاية لا أجد سوى أن أرفع رأسى باحثًا عن قطعة من السماء الزرقاء بين البنايات المتطاولة، ككتكوت التوى عنقه!
ومع ذلك لا يكاد رجل يبصق فى الكرة الأرضية إلا واللعنة القديمة تجعلنى أراه! أغمض عينى على الفور ولكن بعد أن يلتصق المشهد بذاكرتى. ولهم فى ذلك طقوس عجيبة تدل على أنهم يستمتعون بما يفعلون. يقذف بشدقيه كرة من اللعاب الأبيض الوفير المختلط برغاوى. لا أذكر أننى بصقت مرة واحدة فى حياتى، وبفرض أننى حاولت فإن شدقىّ لن يستطيعا تجميع هذه الكمية الهائلة، فهل لهؤلاء الأوغاد غدد لعابية نشطة إلى هذا الحد؟ ومما يزيد الأمر سوءًا أنهم لا يقاومون هوايتهم فى توجيه البصقة بينما هم يسيرون بدون توقف. ولذلك إياك أن تتجاوزه فى اللحظة الفاصلة فتصبح بين عاشق البصق وصندوق القمامة! أنت تفهمنى طبعًا.
Comments