المحتوى الرئيسى

حكايات من دفتر المأساة.. «بدأت بزواج عرفي.. وانتهت بعلقة وطلاق» | المصري اليوم

12/13 01:41

ظروف مادية صعبة، عاشتها الأم بعد انفصالها عن زوجها، ورغم أنها لم تنجب إلا طفلة واحدة إلا أنها وجدت نفسها تتحمل كافة أعباء تنشئة وتربية تلك الصغيرة، خاصة بعد تلاعب زوجها فى إجراءات التقاضى، حين طالبت بنفقة للصغيرة، فحصلت منه على أقل القليل، مما كان ميسرا لهم.

عاشت الأم وتدعى «أ. ن» حياة مرفهة فى منزل العائلة، قبل أن تخرج منه إلى عش الزوجية، فى سن مبكرة، وفرحت أسرتها بالعريس الغنى، الذى سيمنحها حياة مختلفة.

مرت الأيام وتعددت الخلافات، بسبب فارق السن بينهما والذى تجاوز 22 عامًا، لكنها الآن أصبحت أما، مسؤولة دون خبرة حياتية ولا قدرات مادية لإعالة الطفلة.

لم تكن ظروف أسرة الأم تتحمل عبئا إضافيا، فاضطرت الأم المطلقة لطرق أبواب المصانع والورش، بحثًا عن فرصة عمل، تعول بها صغيرتها.

لم يكن يتعبها مجهود شغل المصنع، ولكن ساعات العمل التى كانت تتجاوز الساعات الرسمية بكثير، هى التى كانت تؤلمها، لأنها كانت تحرمها من حضن الصغيرة، وحرمت الصغيرة من حقها فى الرضاعة الطبيعية.

تعبت وملت من الصراع النفسى، فقررت العودة لحضن منزل العائلة، ومراعاة لقسوة المشهد، تبرعت العائلة كلها بتكاليف تربية الصغيرة، كى تظل فى حضن أمها.

وتمر الأيام وتتحول الصغيرة إلى عروسة هى الأخرى، يتقدم إليها الخطاب، فى سن مبكرة، لما كانت تتمتع به من جمال، توارثته عن أمها، لكن الأم رغم ذلك لم تستوعب الدرس، ولم تمنح الصغيرة فرصة فى معرفة الحياة، كى لا تُعاد نفس الغلطة، وزوجتها قبل إنهاء دراستها، وقبل حتى أن تكمل السن الرسمية للزواج.

فكان من الطبيعى أن تتكرر المأساة، حيث شربت الابنة نفس الكأس، وعادت هى الأخرى مطلقة لوالدتها بطفلة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، لمجرد أن منظومة عدم الوعى توارثتها الأجيال.

وهنا وجدت الجدة نفسها مسؤولة فى تلك المرة عن ابنتها وحفيدتها، فما كان لهما إلا الخروج للعمل، فى أى فرصة متاحة لهما، على أن تتبادلا معا رعاية الصغيرة.

وحين تستمع إلى الجدة ومبرراتها فى تكرار نفس المأساة مع ابنتها، تؤكد أنها كانت تطمح فى أن تلقى بابنتها إلى حضن زوج، يعوضها غياب الأب، الذى حرمت منه فى سن صغيرة.

أما «م.ع»، فمعاناتها من الفقر الشديد، دفعتها كربة منزل إلى الخروج للعمل لدى إحدى الأسر، وكانت تلك هى المرة الأولى، التى تطرق فيها أبواب العمل، كانت تعمل لدى أسرة ثرية، وفرحت كثيرًا بتلك الفرصة، التى وفرت لها دخلًا وفيرًا، وظلت طيلة الوقت تشعر بالعرفان لمن أتاح لها تلك الفرصة، كانت سيدة من أحد معارفهم. وكلما كانت تتحدث إليها كانت تطلب منها أن تمن عليها بأى مطلب، بعد أن أنقذتها وأسرتها من الفقر، فما كان من السيدة الأخرى إلا أن تطلب يد ابنة «م. ع» الصغرى للزواج من ابنها، وكانت العروس هى رد الجميل.

زُفت الصغيرة إلى الشاب، الذى كان هو الآخر فى مقتبل العمر، ولم تكن العروس قد أتمت السن القانونية، فاضطرت الأسرتان إلى تحرير ورقة عرفية، لحين توثيق العقد.

مرت الشهور على الزواج، اختلفت فيها الزوجة الصغيرة، مع شريك الحياة مرارًا وتكررًا، خاصة أنها كانت تقطن فى بيت عائلته، مما زاد من تدخلات الأهل، التى عقدت الأمر، وضاعفت من أوجه الخلاف.

حينها طلبت الفتاة بحقها فى الانفصال، لكن العريس رفض، وهددها بالعقد العرفى، الذى لن يسمح لها بأى مخرج للفرار من تلك الزيجة، إلا برضاء الطرفين.

لم تتمكن العروس الطفلة من مغادرة منزل الزوجية، وعاشت مكرهة عليه، حتى تورط الزوج فى قضية تعاطى، وحكم عليه بالسجن، دب هنا لدى أسرتها الأمل فى استخدام حقهم القانونى فى الانفصال عنه.

وتقدمت العروس بطلب رسمى للمحكمة، إلا أن طلبها قد رُفض، ورفضت المحكمة الاعتراف بالورقة العرفية.

وتحكى «ف. س»، معاناتها مع ابنتها، بعد أن تزوجت فى سن مبكرة عرفيا، قبل تسجيل الزواج رسميا بعد بلوغ السن، لكن انتهى الحال سريعا بالطلاق، بعد تزايد الخلافات بين الطرفين بسبب تعاطى الزوج المخدرات، حيث قالت: «أول سنة جواز كان كلها مشاكل، بسبب أنى كنت بخرج اشتغل علشان أساعد فى المصروف، لكن هو كان دائما ياخد منى مرتبى بحجة الصرف على البيت، لكن اكتشفت أنه بيصرف منه على كيفه».

وتضيف: «بشتغل فى مصنع ملابس جاهزة، وهو سواق، اتفقنا نحط القرش على القرش، وكنت مصدقة أنه بيشتغل وبيقبض، لكن فجأة لقيته قعد فى البيت، واكتشفت إن الرخص مسحوبة من سنتين، وأنه داوم على الشرب والتعاطى، وكان ساحب كل فلوسى، ولما اعترضت، ضربنى ومد إيده يخنقنى من رقبتنى أنا وبنته، فضلت أستغيث بالجيران، والشارع اتلم».

وتتابع: «كل محاولات الصلح فشلت، وطردنى من الشقة بهدومى، حتى منع رجلى من الشارع اللى فيه قرايبى، رجعت عند أهلى، وهم أصلا مش حمل مصاريف تانى، ونفسى أعلم بنتى وادخلها أى حضانة تتعلم كويس، لكن هلاحق على كل ده منين».

مثلما للزواج المبكر حكايات ومآس، فإن له طرقا وأساليب للتهرب والتحايل، لا يعلمها إلا أطراف هذا العالم، حيث يقول الشيخ السعيد الشافعى، أمين عام جمعية المأذونين، وكيل نقابة المأذونين بالقاهرة، إن من ضمن أسباب انتشار الزواج المبكر، كثرة طرق التحايل لتوثيق عقود الزواج بشكل غير شرعى، وأنه كلما تم سد إحدى هذه الطرق، تظهر طرق أخرى للزواج المبكر الذى أكد أنه ينتشر أكثر فى الريف عن المدن، وفى الأحياء الشعبية عن غيرها، فى إشارة إلى دور التعليم والوعى فى هذه القضية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل