المحتوى الرئيسى

رغم رحيله.. الدكتور "فهمي حجازي" يعيش في ذاكرة محبيه

12/12 18:53

قائمة طويلة من الإنجازات يمتلكها دكتور محمود فهمي حجازي، لكن السيرة الحسنة هي التي تبقى داخل صدور الناس، مع وفاته لم يتذكره أحد بكونه الحاصل على جائزة الملك فيصل فحسب، بل لأنه كان مُعلمًا قديرًا وإنسانًا خلوقًا.

تُوفي أمس دكتور محمود حجازي، أستاذ علوم اللغة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، عن عمر يناهز الـ79 عام، وقد نعته عدد من المؤسسات منها؛ مجمع اللغة العربية ووزارة الثقافة وهيئة الكتاب وجامعة القاهرة.

حينما طالعت إسراء صبحي خبر وفاة أستاذها شعرت بحُزن شديد، فهو مُعلم اللغة الذي درّس لها في عامها الأول، بكلية الآداب سنة 2014، كان حدثًا كبيرًا كما تصف إسراء تدريس دكتور حجازي لطلاب السنة الأولى "كان وقتها لسه راجع من برة بعد سنين سفر"، وقد كان مُعتادًا أن الأساتذة القادمين من الخارج بقيمة الفقيد يقوموا بالتدريس لطلبة الماجستير والدكتوراه فقط "كانت لفتة جميلة منه كل الناس بتتكلم عنها".

تأثرت إسراء كثيرًا بدكتور حجازي الذي كان مُختلفًا عن بقية أساتذتها، تتذكر حيرتها وشعورها بالضغط كطالبة في السنة الأولى بسبب كمّ التكليفات التي عليهم الالتزام بها "كان دكتور محمود غير كدا خالص، قرر علينا كتاب واحد وفصول من مرجع تاني، مكنش متقل علينا المنهج"، على النقيض من دكاترة أصغر من حجازي سنًا وقيمة كما تُضيف اسراء.

أجيال عدّة تتلمذت على يد دكتور حجازي، وبينما كانت إسراء من أصغر طلبته، كان دكتور خيري دومة، أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب، من الأجيال الأكبر سنًا "أنا تعرفت عليه وأنا بتخرج، كان وقتها لسه راجع من قطر كان بيأسس جامعتها في أوائل التمانينيات"، فقد أحبّ دكتور دومة أن يستفيد من علمه الواسع باللغة "مكنش مُدعي علم، كان عالم حقيقي".

ومن بين من تعلموا على يديه أيضًا كان الكاتب الصحفي "إيهاب الملاح"، والذي قدّم مقال تحية له يقول فيه "كان يُدرّس لنا مدخل إلى اللغة، وأتذكر أنني كنت مبهورًا وأنا أستمع إلى محاضراته العميقة البسيطة، كأن ذهني يتلقى موجات نورانية كاشفة تزيح بهدوء رواسب "العك" التي تجرعناها في المدارس عن اللغة".

بجانب العلم العظيم التي استفادت منه إسراء، كانت الذكرى الأطيب بالنسبة لها أن دكتور حجازي قد غرز بداخلها الثقة بقُدراتها، ظلّ حديثه يتكرر داخلها في كل مرة تشعر فيها بالضعف "كان بيقولنا أنا كنت طالب زيكم وكنت بعاني في المحاضرة، عشان كدا كنت بحضر نفس المحاضرة مرتين"، حينما سمعت طالبة التمهيدي ذلك الحديث للمرة الأولى انبهرت لأن "دكتور بحجمه يقولنا كدا ويقول إن اللي أنا فيه مش جاي من فراغ"، وظلّت تتبع نصيحته "لازم نبقى عارفين إننا قدراتنا محدودة لكن في نفس الوقت لازم نطور من نفسنا".

صفات إنسانية عديدة تمتع بها دكتور حجازي، ففضلًا عن حُبه للطلبة، كان أكاديميًا رفيعًا لا يُحبّ التدخل في الصغائر، كما يُضيف دكتور دومة "عمري ما شفته دخل خناقة مع حد، طول الوقت تفكيره عملي بتاع إنجاز"، لكن ذلك لا يعني أنه يُحب العمل بمفرده، فقد كان أيضًا مُحبًا للعمل الجماعي "لما نبقى عايزين نعمل برنامج للتدريس نسهر عنده وننجز البرنامج في سهرتين".

ورغم عدم حُبه للدخول في المعارك، لكنه كان مُنصفًا، يحكي سيد محمود، الصحفي المختص بالشأن الثقافي، أنه حينما قدّم بالدراسات العليا بكلية الآداب، رفض رئيس القسم انضمامه دون سبب "كانت اللايحة تشترط موافقته"، فقدّم تظلم لوكيل الكلية الذي شغل دكتور حجازي المنصب حينها "ولما عرف اللي حصل بالظبط وإن رفض رئيس القسم كان مُتعنت لهوى شخصي"، قام دكتور حجازي بقبول التظلم "قالي أنا هوافق لأن سلطتي أعلى منه"، كما نصحه بأن من حقوقه تقاضيه أيضًا في مجلس الدولة.

يشهد الجميع للراحل بروعة إنتاجه علاوة على غزارته أيضًا؛ فقد ألف عضو المجمع العربي العديد من الكتب والترجمات منها كتاب "مدخل إلى علم اللغة"، "البحث اللغوي" و"علم اللغة بين التراث والمناهج الحديثة" وغيرها، ويُعلق دكتور دومة عن إنجازه قائلًا "كان فاهم جدًا، وبيقدم العلم اللي عنده بأبسط صورة ممكنة"، أسلوبه البسيط في الشرح هو نفسه الذي اتسم به خلال مُحاضراته، فكما تذكر إسراء "كان بيشرح لنا بفُصحى بسيطة وعامية".

رحل دكتور حجازي لكنه ترك أثره في نفوس الكثير؛ سواء كانوا شباب مازالوا في أول الطريق أو أساتذة كبار، وعلى قدر مشواره الكبير كان حُلمه، كما يقول الدكتور خيري دومة: "كان نفسه مصر تبقى أحسن، وإن الناس تفكر بشكل علمي بعيد عن الخرافات".

مشوار دكتور محمود فهمي حجازي في سطور:

*كان أول مدرس مصري للغة الألمانية بالتعليم العام

*أستاذ علم اللغة ورئيس قسم اللغة العربية ومدير مركز اللغة العربية بجامعة القاهرة

*أستاذ زائر في عدد من الجامعات الأوروبية

*عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة

* أول رئيس لدار الكتب والوثائق القومية

*مُنح عدد من الأوسمة والجوائز:

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل