حكم إنشاء شبكات المحمول فوق المساجد.. الافتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء سؤالا من سائل يقول" هل يجوز لشركة اتصالات استئجار مئذنة مسجد ليكون مكانًا لاستقبال معلومات الاتصالات -الهواتف- للشركة.\nوأجابت الدار، في فتوى لها، أنه لا مانع شرعًا من استئجار إحدى مآذن المسجد ليكون مكانًا لاستقبال معلومات الاتصال إذا كانت أجرة ذلك ستعود إلى منفعة المسجد، ما دام ذلك لا يعطِّل استخدام شيء من مرافق المسجد فيما وقفت من أجله، والممنوع إنما هو الاستخدام المعطِّل.\nوقال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن بِناءُ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ -بالتحايل على القانون، أو بمخالفته- أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، والحرمة أشدُّ لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضي الزراعية -المحظور البناء عليها- ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يُقصَد به وجهه.\nوأضاف « جمعة » فى إجابته عن سؤال: « ما حكم بناء المساجد على أراضى زراعية؟» أن من القواعد التى قررتها الشريعة أن "درء المفسدة مُقدَّمٌ على جلب المصلحة"، كما أن الشريعة راعت ترتيب المصالح وترتيب المفاسد عند التعارض.\nوأوضح أن ترتيب المصالح يكون بتقديم أكثرها نفعًا، كما أن ترتيب المفاسد يكون بتقديم أقلها ضررًا، ومِن ثَمَّ قَدَّم الشرع تحصيل مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند التعارض، كما قَدَّم دفع المفسدة التي تلحق بالمجموع على دفع المفسدة التي تلحق بالفرد عند التعارض والأراضي الزراعية عماد الاقتصاد المصري، والبناء عليها يُعَدُّ إهدارًا واضحًا للثروة الزراعية في مصر.\nوتابع أن مساحة الأراضي الزراعية في مصر لا تتجاوز 4% من إجمالي أرضها، وهذه المساحة ضئيلة لا تفي بحاجة أهل مصر، ولا تحتمل النقصان بحال، ونقصانها يترتب عليه ضررٌ على المجتمع كله، ويزيد من مصاعب الوصول للاكتفاء الذاتي؛ حيث يؤكد الخبراء أن مصر بحاجة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية إلى الضِّعف حتى تصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.\nوواصل أن تقديم مصلحة الجماعة واعتبار المآلات يقتضي وجوب التنبه إلى الفساد الذي يمكن أن يسببه التساهل في البناء على الأرض الزراعية وما يؤثره ذلك من إضعافٍ للاقتصاد القومي.\nوأكد أن الحفاظ على الرقعة الزراعية له بُعد استراتيجي؛ حيث إن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية هو سبيل التخلص من التَّبَعِيَّة السياسية، وما حرص المستعمر عبر التاريخ على شيءٍ حرصَه على أن يتحكم في المحاصيل الأساسية القُوتِيَّة للدول التي يرغب في وقوعها تحت تَبَعِيَّتِه.\nوأشار إلى أنه من المقرر شرعًا أن "للحاكم تقييد المباح"؛ لأنه هو المنوط بتقدير المصالح وتحقيقها، ولَمَّا كان للثروة الزراعية أهميتها -كما سبق بيانه- للنهوض بالوطن ومصلحة أفراده وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم؛ مَنَع وَلِيُّ الأمر البِناء على الأراضي التي يتحقق بها هذا المراد، ووجب على الأفراد الامتثال لهذا المَنْع، وكان عصيانهم حرامًا شرعًا.\nوذكر أنه قد نصت المادة 152 من القانون رقم 53 لسنة 1966م والمعدل بالقانونين؛ رقم 116 لسنة 1983م، ورقم 2 لسنة 1985م على أنه: ( يُحظَر إقامة أية مبانٍ أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبانٍ عليها).\nوأفاد أن الواضح من هذه النصوص أن المشرِّع في قانون الزراعة وفي التعديلات التي أدخلت عليه حرص على إضفاء الحماية اللازمة للرقعة الزراعية وصيانتها مِن التبوير أو مِن كل فعل -أو امتناع عن فعل- يؤدي إلى المساس بخصوبتها، أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك.\nواستكمل أن القانون اعتبر أن المساس بتلك الحماية المقررة لها هو عملٌ يرقى إلى مصافِّ الجريمة الجنائية التي توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر، بل وقَرَّر في بعض الأحوال ضرورة التدخل العاجل من جهة الإدارة دون انتظارٍ لحكم القضاء؛ إمَّا بوقف أسباب المخالفة؛ للحيلولة دون استِفْحالِها، وإمَّا بإزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض الزراعية إلى ما كانت عليه.\nواختتم أن القانون في ذلك لم يكن متعسفًا، بل أوجد البديل؛ حيث جعل في زمام كل جهة كردونًا للمباني يستطيع أهل القرية البناء فيه، كما أعطى الحقَّ لملاك الأراضي الواقعة بزمام القرى في إقامة مسكنٍ خاصٍّ أو مبنًى يخدم الأرض، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرارٌ مِن الوزير المختص.