المحتوى الرئيسى

فرويد وخدمة العمر | المصري اليوم

12/07 02:15

قال فرويد: لقد أتيتك طالبًا خدمة العمر التى لن أنساها لك ما حييت. قلت متوجسًا: خير يا فيلسوف؟. تنحنح قليلًا ثم فاجأنى: أريدك أن تدخل امتحان الإنجليزى بدلًا منى وأنا واثق أنك ستجاوب على الأسئلة بسهولة، فمستواك معروف. قلت وأنا أنظر إليه فى ذهول: وهل المشكلة فى هذا الموضوع تتعلق بمستواى فى الإنجليزى؟.. ماذا عن اللجنة والمراقبين والدكاترة والمعيدين والبوليس والنيابة وضياع مستقبلى لو اكتُشفت الحكاية؟. قال محاولًا أن يطمئننى: لا تقلق.. الأعداد عندنا مهولة فى آداب عين شمس.. لسنا مثلكم حيث دفعتكم قليلة وكلكم تعرفون بعضكم البعض.

ظللت أنظر إليه وأنا لا أصدق ما يطلبه منى، ومن جانبه لم يتوانَ عن الضغط والإلحاح ومحاولة تهوين الأمر. قال: نحن نمتحن فى خيام كبيرة والدنيا سويقة، فلا أحد يعرف أحدًا، والمراقبون كلهم موظفون من خارج الجامعة.. كل ما سيطلبونه منك قبل بدء توزيع الأوراق هو أن تريهم كارنيه الكلية أو الإيصال الدال على دفع المصروفات.

الغريب أننى بعد أن تجاوزت الصدمة التى أحدثها طلبه المفاجئ، ومع تقليب الأمر فى الدماغ وجدت كلامه معقولًا.. نحن فعلًا نعيش فى مولد وصاحبه غايب، ولهذا فإن احتمالات اكتشاف الأمر محدودة. ومع استمراره فى الطَرْق على الحديد وجدت معارضتى للفكرة تتلاشى، ورغبتى فى مساعدته تتقدم على ما سواها.. وقتها حدثت نفسى بأن الصديق الذى لا يخاطر من أجل صديقه ليس صديقًا حقيقيًا. سألته: فى أى يوم امتحانك؟. أجاب: غدًا؟. فى أى ساعة؟. قال: اطمئن.. امتحاناتى كلها تبدأ الساعة الثالثة عصرًا بعد كل امتحانات العباد. أطلقت ضحكة عريضة وأنا أصيح: آه يا ابن الفقرية.. ما فيش نصيب، فامتحانى يبدأ غدًا فى نفس التوقيت.. ثم أضفت: والله كنت أنوى أن أغامر وأفعلها لأجلك، لكن الآن لا أستطيع يا سيد فرويد.. اذهب وابحث عن مغامر مجنون غيرى.

أحسست به يتهاوى معنويًا بعد الجهد الذى بذله فى إقناعى. سألته: أما كان من الأجدى أن تنفق كل هذا الوقت فى مراجعة المادة؟. قال: أى مراجعة يا عزيزى.. أنا لا أفقه شيئًا فى اللغة الإنجليزية، والغش وحده هو صاحب الفضل فى مرورى بالكاد طوال السنوات السابقة. تساءلت فى دهشة: ولماذا لا تعتمد على الغش هذه المرة أيضًا؟، قال: الأمر لا يحتمل المغامرة بعد رسوبى فى مادتين. كنت أعلم أن الرسوب فى حد ذاته لا يقلقه، لكن ما يشغله حقًا هو أن يرسب هو وتنجح فتاته مديحة التى تزامله فى نفس القسم ثم تتجاوزه، وهو الشىء الذى قد يعرقل ارتباطهما فى المستقبل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل