أزمة في فندق «وندسور» التاريخي بـ«وسط القاهرة» | المصري اليوم

أزمة في فندق «وندسور» التاريخي بـ«وسط القاهرة» | المصري اليوم

منذ 4 سنوات

أزمة في فندق «وندسور» التاريخي بـ«وسط القاهرة» | المصري اليوم

على مسيرة خطوات من سينما «ديانا»، إحدى سينمات وسط البلد الشهيرة، ومن خلف أفيشات أحدث الأفلام الموجودة بالسوق، يمكن للمار أن يلاحظ جانبًا مُغبّرًا من فندق «وندسور» العريق، الذى انقطعت الكهرباء عن حروف اسمه المكتوبة بالنور، إلا أنها مازالت موجودة هناك مُطفأة لكنها موجودة، مُعلنة عن وضع الفندق الحالى المرتبك، فمنذ أواخر سبتمبر الماضى وبعد حادثة متصلة بإنشاءات مترو الأنفاق للخط الثالث من حوله، يخضع الفندق لإجراءات هندسية مطوّلة فى محاولة لإنقاذه والإبقاء عليه، لم يتضح بعد إن كانت ستفلح أم لا.\nبالاقتراب أكثر، يستطيع المدقق أن يميّز تصدعات واضحة فى واجهة الفندق وأعمدة صيانة منصوبة تحمى بنيانه- الذى يقع فى 6 طوابق- من السقوط. على بُعد أمتار من المبنى، ثبتت ماسورة طولية عملاقة يبلغ قطرها عدة أمتار، تملؤها المياه إلى ثلثها تقريبًا، فيما تشى النوافذ المفتوحة بالأدوار العليا والمدلى منها ستائر حريرية برحيل نزلائه منه على عجالة.\nبدأت القصة بالتحديد فى الثلاثين من سبتمبر، كان الإشغال متوسطًا، والأعمال الفندقية تجرى على قدم وساق فى رحاب إنشاءات المترو المستمرة منذ عامين، حينما أحس الموجودون بما يشبه الزلزال، فضلًا عن صوت جلبة مفزعة.. وقتها، كانت حماية الشاغلين من الأجانب الهمّ الأول للقائمين على الفندق، كما يروى فيليب أنيس، مدير الفندق، الذى يعمل به منذ أربعين عامًا، فيقول لـ«المصرى اليوم»: «أول شىء قمنا به كان إجلاء النزلاء، وقمنا بنقلهم إلى فندق اللوتس التابع لإدارة الفندق».\nسريعًا، حاول القائمون على الفندق اتخاذ الإجراءات القانونية بعمل محضر بالوضع فى قسم الأزبكية، تولى محامى أصحاب الفندق نقله إلى إدارة الحى وشرطة السياحة ووزارة السياحة- وفق فيليب- ليتضح لاحقًا أن السبب فى هذه الأزمة هو إنشاءات المترو التى تسببت فى ميل نحو 10 سم بالمبنى، ثم دق ماسورة صرف المترو لاحقًا، متسببةً فى هبوط أرضى بالمنطقة المحيطة بالفندق وهبوطه وتأثر أساساته، لتضطلع من لحظتها الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق بمهام الصيانة.\nلم يسلم المعمار المميز للفندق من الداخل من التصدعات الحادثة، فالجدران الداخلية تضررت هى الأخرى، ما نتج عنه تساقط دهان الحوائط، وبالرغم من إحاطة الفندق بالمتاريس، إلا أن موظفيه والقائمين عليه يترددون عليه يوميًا ويمرون فى طرقاته لجلب الأوراق والسجلات فى بعض الأحيان، فيما يدلفون إلى البدروم بصفة دورية لرفع المياه التى تتراكم بمساعدة مواتير حتى لا يتأثر المبنى من ناحية أخرى.. تعمل شركة مترو الأنفاق على حقن أساسات الفندق والأرض الواقعة حوله بالخرسانة- بحسب فيليب- فيما تنتظر إدارة الفندق تقرير اللجنة الفنية فى يناير المقبل تمهيدًا لأعمال الترميم.\nبالرغم من عدم استعداد الفندق لاستقبال نزلاء فى الفترة الحالية، إلا أن صفحته على مواقع حجز الفنادق لاتزال مفعّلة، ويشرح مدير الفندق: «متاح على أساس عدم خسارة نزلاء وندسور المخلصين، واللى بيتواصل معانا بنحوّله على فندق اللوتس»، فيما يؤكد مدير الفندق أن 95% من نزلاء الفندق الأجانب أوروبيون وأمريكان على وجه التحديد، يقصدون خدمة عريقة أسس لها السويسريون الذين أداروا الفندق سابقًا، وتوارثها موظفون مصريون مميزون وطبقوها بحذافيرها حتى اليوم.\nأما عن موظفى الفندق والقائمين عليه، فيصف «فيليب» أوضاعهم قائلًا: «نصفهم بييجى هنا يوميًا يتابع الدنيا، والنص التانى انتقلوا للعمل مع زملائهم فى اللوتس، رواتبهم ماشية حتى الآن وتأميناتهم تدفع»، فيما يُنقل عن المالكين المصريين (ويليام عطية دوس وأولاده) مطالبهم بتسريع العمل فى صيانة الفندق وترميمه، نظرًا لالتزام الإدارة تجاه الموظفين، وتوقف الحجوزات بالتأكيد، فضلًا عن إمكانية تضرر سمعة الفندق المكتسبة عبر عقود من الخدمة المميزة.\nورغم عدم تمكن محررة «المصرى اليوم» من الدخول إلى المبنى لاعتبارات السلامة، يستطيع أن يروى «فيليب» مشتملات الفندق التى يحفظها شِبرًا شِبرا، منذ 40 عامًا، لاتصاله به، فيعددها قائلًا: «الفندق يحتوى على كوفى شوب، ومطعم وبار، وحجرات فندقية، تتصل معماريًا بعقار سكنى مالكه يونان».\nوعن وضع سكان العقار، يؤكد «فيليب» أنهم نقلوا إلى مساكن مؤقتة لحين الصيانة والترميم، فيما يؤكد أن المبنى عمره حوالى 120 عامًا.\nيذكر أن فصلًا من تاريخ الفندق ورد فى كتاب «مقتنيات وسط البلد» للأديب الراحل مكاوى سعيد، فيقول إنه بُنى مطلع القرن الماضى ليكون بمثابة حمامات للأسرة المالكة فى مصر، ثم تحول فى وقت لاحق إلى نادٍ للمستثمرين، حيث كان مقصدًا مهمًا للضباط الإنجليز، وذكر أيضًا أن صالة ناديه بالطابق الأول كانت مقصدًا للضباط الأحرار، وأن البار الملحق به لايزال - حتى نشر الكتاب- يحظى بشعبية لدى الأوروبيين. أما فى السبعينيات والثمانينيات، وفق «مقتنيات وسط البلد» فقد أصبح وجهة للسينمائيين المصريين، الذى صكوا مصطلح «عضو نادى وندسور»، ومن أبرز رواده: محمود حميدة، وعاطف الطيب، والشاعر سيد حجاب، وممدوح عبدالعليم، وسعيد صالح.

الخبر من المصدر