المحتوى الرئيسى

الفيلم الهندي "فجر"...سينما واقعية على طريقة ساتياجيت راي

12/06 20:02

الفكرة المأخوذة عن السينما الهندية عند الكثيرين هى أفلام بوليود التي يغلب عليها الأغاني والألوان والمواضيع الميلودرامية والمبالغات الدرامية والنهايات السعيدة وغيرها من التيمات التي تغلب على الأفلام الهندية واسعة الانتشار Mainstream movies والتي بدورها جعلتها سينما لديها جماهيرية كبيرة في العالم، لكن في المقابل هناك أفلام هندية تغرد خارج سرب بوليود، أفلام تتمتع بمستوى فني عالي ولا يوجد بها العلامات المميزة للفيلم الهندي ومنها الفيلم موضوع المقال "فجر Dawn" وهذه النوعية من الافلام المختلفة ليست لها جماهيرية كبيرة لدى مشاهد الفيلم الهندي الذي يميل أكثر للفيلم البوليودي التقليدي.

فيلم "فجر" عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة في قسم البانوراما الدولية، الفيلم تدور أحداثه في الريف الهندي في قرية بيهار حيث يرصد واقع اجتماعي قاسي يواجهه الفلاحين الفقراء وتحديدًا المرأة في هذا المجتمع.

مخرج الفيلم نارايان سينغ قال في المؤتمر الصحافي الذي عقب عرض الفيلم أنه تربى على مشاهدة أفلام بوليود التقليدية لكنه عندما ذهب للجامعة وبدأ في مشاهدة سينما من مختلف أنحاء العالم وشاهد سينما مغايرة لما اعتاد عليه وانجذب أكثر للسينما الواقعية وقرر أن هذا الاتجاه هو الذي يريد تقديمه.

البطلة الرئيسية هى فتاة في سن المراهقة ابنة مزارع فقير متفوقة دراسيا ولديها رغبة في استكمال دراستها لكن يجبرها أبوها على الزواج حيث الفتيات في هذا العمر يتم تزويجهم. تشترط الفتاة على زوجها المستقبلى أن يسمح لها بإستكمال دراستها ويوافق على هذا الشرط، تنتقل الفتاة لمنزله ومن هنا تبدأ حبكة الفيلم.

عندما تذهب الفتاة لمنزل زوجها تجد أنه لا يحتوى على دورة مياه وهذه بالمناسبة مشكلة شائعة في الهند حيث ترفض الفتاة أن تخرج لقضاء حاجتها في الخلاء وتظل في منزلها وهذا ما يثير استغراب المرأة الأخرى في العائلة ، هنا يقرر زوجها أن يأتي لها بوعاء لقضاء حاجتها في المنزل ينتشر الموضوع في القرية ويصبح مثار للتندر.

دلالة اسم الفيلم "فجر" يأتي من أن المرأة في هذه المناطق تخرج لقضاء حاجتها بعد الغروب وقبل شروق الشمس وهذا هو الوقت الوحيد المتاح فيه للمرأة بقضاء حاجتها حتى لا يراها الرجال.

الفيلم في نصفه الأول في رصده للقرية الهندية يعتمد كثيرًا على اللقطات الواسعة Wide shots مصاحبًا بموسيقى هندية أصيلة، النصف الأول يذكرنا كثيرًا بسينما المخرج الهندي ساتياجيت راي وتحديدًا "ثلاثية آبو Apu Trilogy " التي ترصد واقع الفلاحين الفقراء فنحن أمام شخصيات مهمشة تعمل لكسب لقمة عيشها ليس لديها من الرفاهية أن تمرض أو تتوقف عن العمل، ففي هذه الحالة لن يستطيعوا توفير لقمة عيشهم، الفيلم يسير مع هذه الفتاة التي تمتلك طموح كبير في أن تحقق شيء في حياتها وأن تخرج خارج نطاق عائلتها وأهل القرية الذين لم يحصلوا على أى قسط من التعليم.

مخرج الفيلم كاماخيا نارايان سينغ قادم من السينما الوثائقية وهذه هى تجربته الروائية الأولى، الفيلم به حس وثائقي ورغبة في التقاط حياة الشخصيات بشكل حقيقي وصادق.

الفيلم يبرز قوة المرأة وسط مجتمع ذكوري، فالفتاة هنا هى التي تأخذ المبادرة هى التي تفوقت في دراستها وهى التي تطالب بإنشاء دورة مياه في منزلها وترفض ما يقولوا لها زوجها وأبوه بأن عليها أن تفعل ما يفعله بقية نساء القرية، الرجال هنا مفعول بهم فاقدين للطموح.

في النصف الثاني من الفيلم تنتقل الفتاة مع زوجها لمدينة دلهي حيث يحصل على وظيفة هناك ويسكنان لدى شقيقه الذي يعيش بجانب محطة سكة حديد دلهي ولا يوجد كذلك دورات مياه فيضطرون إلى الذهاب لقضاء حاجتهم بجانب القضبان، يصل صوت الفتاة لرئيس الوزراء الهندي وتبدأ الصحافة تهتم بقضية الفتاة حتى تصبح قضية قومية.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل