المحتوى الرئيسى

علماء الأوقاف: الأخذ بالأسباب لا يتعارض مع التوكل على الله

12/06 18:15

انطلقت اليوم الجمعة القافلة الدعوية العشرون المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف إلى محافظة القاهرة إدارة أوقاف القاهرة الجديدة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان : من سنن الله تعالى الكونية إجراء المسببات على الأسباب ، وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الفكر الوسطي المستنير ، وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية ، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا.

وأكد د. حسين سيد مجاهد حسن الأستاذ بجامعة الأزهر من على منبر مسجد الوهاب بالتجمع الثالث أن الله (عز وجل) جعل للكون سننا وقوانين تحكمه ، وقواعد تسيّر حركته ، فلا يتقدم لاحق على سابق ، ولا يتأخر سابق عن لاحق ، قال تعالى : {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، وقال تعالى : {فلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ، ولقد جعل الله (عز وجل) هذه السنن ميزانًا يضبط قواعد الحياة ، ويتحقق به إعمار الأرض ، والحفاظ عليها الذي هو غاية من غايات الخلق ، حيث يقول سبحانه : {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} ، ويقول جل شأنه : {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا.

وأضاف أن الأمم التي أدركت حقيقة هذه السنن الإلهية ، وعملت بمقتضاها ، سادت ، وتقدمت حتى ولو لم تكن مسلمة ، بل ولو لم تكن تدين بدين أصلا لأن هذه السنن لا تحابي أحدًا ، ولا تجامل مخلوقًا ، وإن من سنن الله تعالى الكونية : إجراء المسببات على الأسباب ؛ فلقد خلق الله تعالى الأسباب ومسبباتها ، وأمرنا بالأخذ بالأسباب ، فإذا وجدت الأسباب تحققت النتائج ، وهذا قانون عام محكم ، يجري على الكون كله ، في كل زمان ومكان .

ومن على منبر مسجد الصحابة (السويدي) بالتجمع الثالث أكد الشيخ محمد سعد موسى عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الأمر بالسعي في الأرض والعمل فريضة دينية ، وواجب شرعي ووطنيّ ، حيثُ يقول سبحانه : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ، ويقول سبحانه : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، فهذا مفهوم الدين الإسلامي للسعي والجد والعمل والاجتهاد ، وإعمار الأرض ، فلا حجة لنا حين نتخلف ، تحت أي دعاوى لا تمت للدين بأي صلة ؛ إنما هي دعاوى الخمول ، والكسل ، والتخلف عن ركب الحضارة .

ومن على منبر مسجد الكريم بالتجمع الثالث أكد صلاح السيد محمد عضو مجمع البحوث الإسلامية أن المتأمل في سيرة الأنبياء والصالحين يجد أنهم اجتهدوا في الأخذ بالأسباب في كل شئون حياتهم ، فهذا سيدنا نوح (عليه السلام) كان نجارًا ، وبعد عمر طويل في دعوة قومه أمره الله سبحانه أن يصنع السفينة ، قال تعالى : {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} ، وكان يمكن أن ينجيه الله تعالى بقدرته بلا سبب ، أو عمل ، ولكن الله تعالى يعلمنا كيف يكون الأخذ بالأسباب ، فاستجاب نوح (عليه السلام) لأمر ربه ، وأخذ يصنع السفينة ، ولم يتوان رغم سخرية قومه منه ، قال تعالى : {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} ، واستمر في عمله ، وكافأه الله تعالى فنجاه هو والمؤمنين من قومه ، وكان سيّدنا داود (عليه السّلام) حدادًا ، علمه الله هذه الصنعة التي يعود أثرها ونفعها عليه وعلى الناس ، قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : (ما أَكَلَ أَحَدٌ طعامًا قطُّ ، خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِه ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ (عليهِ السّلامُ) كان يأكلُ من عملِ يدِه).

ومن على منبر مسجد طيبة بالتجمع الخامس أشار الشيخ محمد جابر صادق بديوان عام الوزارة إلى أنه في قصة نبي الله يوسف ( عليه السلام ) كان الأخذ بالأسباب والتخطيط المحكم سببًا لنجاة البلاد والعباد من مجاعة مهلكة ، وخطر محدق ، فقد أخذ نبي الله يوسف (عليه السلام) بالأسباب وأعدَّ خطة طويلة مدروسة لإنقاذ البلاد من مجاعة أحاطت بالعالم كله ، فتحقق لبلاده الرخاء والازدهار ، والحماية ، والقوة الاقتصادية ، وجاءه الناس من كل فج عميق لينالوا من خيرات مصر .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل