المحتوى الرئيسى

"قوائم موت" اليمين المتطرف.. تهديدات بقتل شبلي وحيالي

12/06 09:38

تعرضت سياسية ألمانية بارزة من أصول فلسطينية للتهديد بالقتل من جانب يمينيين متطرفين. ونشرت سوسن شبلي، وكيلة وزارة الداخلية بولاية برلين على صفحتها على موقع "تويتر" خطابا من مجهول يحتوي على تهديد بالقتل.

رغم كل الصعوبات التي واجهتها منذ صغرها ورغم انحدارها من أسرة فلسطينية غير متعلمة، نجحت سوسن شبلي في أن تصبح أول امرأة من أصول أجنبية تتولى رئاسة قسم حوار الثقافات لدى وزير داخلية الحكومة المحلية في ولاية برلين. (23.07.2010)

رفعت سياسية ألمانية من أصول فلسطينية راية التحدي في وجه أشخاص مجهولين تقول إنهم من اليمين المتطرف، الذين أرسلوا لها خطابا يتضمن تهديدا بالقتل ويخبرونها فيها أنها على "قائمة الموت" الخاصة بهم، حسبما كتبت على موقع تويتر. (02.12.2019)

وجاء في نص الخطاب الذي نشرته شبلي، والذي تعرضت فيه للسب والإهانة العنصرية، أنه تم وضعها ضمن "قائمة الموت". ورفعت شبلي دعوى جنائية، وكتبت على "تويتر": "لن ترهبوني أيها النازيون، وسوف أواصل رفع صوتي، وأدعو إلى التنوع، وسوف أكافح من أجل مجتمع منفتح ومن أجل مهاجرين ولاجئين ومن أجل ذوي البشرة السمراء واليهود والمسلمين ومن أجل جميع من هم أعداؤكم، لاسيما الآن".

وكذلك تم وضع اسم الصحفية الألمانية من أصل عراقي دنيا حيالي، التي تعمل في القناة الثانية بالتلفزة الألمانية (ZDF)، على "قائمة الموت" المذكورة.

ويذكر أن سياسيَين بحزب الخضر وهما جيم أوزدمير وكلاوديا روت تلقيا أيضا تهديدات بالقتل من قبل أشخاص يشتبه أنهم يمينيون متطرفون. وكان رئيس حكومة مقاطعة كاسل، فالتر لوبكه قتل في شرفة منزله بالمقاطعة في الثاني من حزيران/يونيو الماضي بطلق ناري في الرأس. ويقبع مشتبه فيه في الحبس الاحتياطي. ويفترض الادعاء العام وجود خلفية يمينية متطرفة وراء الجريمة.

راينر فيندت عبر لـ DW عن امتعاضه من مضمون الرسائل الموجهة للسيدتين. وفيندت هو رئيس نقابة الشرطة الألمانية، ثاني أكبر نقابة شرطة في ألمانيا. وقال إنه في حال هذا التهديد تجاه شخص ما فإن الشرطة تتحرك باتباع استراتيجية مزدوجة: "من جهة تقوم الشرطة الجنائية بتحقيقات لمعرفة من وراء الرسالة. وخلال مؤتمر يتم مناقشة جميع الرسائل والخلفيات". ويشدد فيندت على أنه "بغض النظر عن الشخص، فإن كل حالة يتم التعامل معها بنفس الجدية".

راينر فينت، رئيس نقابة الشرطة الألمانية

وتقيّم الشرطة بعدها حجم الخطر المباشر على الشخص المعني. "وفي ارتباط مع تصنيف درجة الخطورة يتم اتخاذ تدابير حمائية". وهذا قد يمتد من الحماية المؤقتة أثناء تظاهرات معينة "إلى المراقبة على مدار الساعة. وحسب علمي تحظى السيدة شبلي مثلا بحماية مستمرة".

وهذا النوع من الإجراءات الحمائية لدى سياسيين ليس شيئا غير عادي. واليوم تطال التهديدات حتى أشخاصا من السياسة المحلية، بل حتى بعض رؤساء البلديات يتم تهديدهم واستنتاج فينت هو "أن لدينا وضع ساخن".

وحقيقة أن يتم ارسال النص التهديدي للصحفية دنيا حيالي هي مثال على أن تهديدات القتل تتجاوز السياسيين. واشتهرت حالة الصحفي غيورغ ريستله في الصيف عندما اتخذ في تعليق للقناة الأولى بالتلفزة الألمانية (ARD) موقفا انتقاديا تجاه حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي وصفه "بالذراع البرلمانية" لحركة الهوية التي يعتبرها جهاز المخابرات الألمانية منظمة يمينية متطرفة.

وطالب الصحفي ريستله بتصنيف "البديل" اليميني الشعبوي حزبا يمينيا متطرفا. وعلى إثرها هاجم العديد من ساسة حزب البديل مثل زعيم الحزب يورغ مويتن الصحفي. وبعدما تم الكشف عن تهديد بالقتل، رفعت القناة التي يعمل فيها الصحفي شكوى جنائية.

ويعتقد راينر فيندت أنه "واضح أن المتطرفين يعتقدون أنه بإمكانهم استخدام وسائل التواصل الحديثة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي لنشر كراهيتهم وعنفهم في سرية". وهنا يرى فيندت ضرورة تحرك الشرطة: "يجب علينا أن نوضح أن الإنترنت ليس مجالا سريا، بل إن الذين ينشرون الكراهية والعنف سيتم الكشف عنهم وسينالون عقابا شديدا. فدولة القانون موجودة في كل مكان. وحتى في الإنترنت ينطبق القانون الجنائي العادي".

سوسن شبلي تريد أن تكون نموذجا

وحقيقية أن يتم استخدام الإنترنت لاتخاذ موقف ضد اليمين المتطرف تكشفها حالة سوسن شبلي ودنيا حيالي. فمن جميع الأحزاب الألمانية جاءت مواقف تضامنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. جميعها (الأحزاب) برهنت على امتعاضها وأظهرت في آن واحد تضامنها. وأكدت سوسن شبلي أمام لـ DW أنها لن تركع أمام التهديدات "التي تشجعها على مواصلة نهجها بالتأكيد بأنها مواطنة ألمانية تعيش في هذا البلد وتشجع آخرين على رفع صوتهم". وتعتبر شبلي أن الكثير من الناس مازالوا في ألمانيا يلتزمون الصمت.

بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).

كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.

بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.

رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.

مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل