المحتوى الرئيسى

أصحاب الهمم (20).. القادمة من المكسيك "2"

11/28 21:02

بدأت فريدا كاهلو مشوارها الفني بالتعلم من أصحاب الخبرة ممن كانت تعرض عليهم لوحاتها لأخذ ملاحظاتهم عليها وتقييمهم لها ومن بين هؤلاء الفنانين الذين التقتهم فريدا، الرسام المتميز الموهوب "تيجو ريفيرا"، والذي كانت تعتبره واحدًا من أهم رسامي المكسيك وقد تعرفت عليه سنة 1929.

أُعجِبَ تيجو بلوحات فريدا أيما إعجاب، مثلما أُعجِبَت هي بشخصيته ثم سرعان ما تحول هذا الإعجاب إلى حب جارف غرقا فيه الاثنان إلى أن قذفت بهما أمواج هذا الحب إلى شاطئ الزواج، لم تكن حياة فريدا مع زوجها هانئة مستقرة بل كانت مليئة بالتوترات والمشاحنات، ربما لاستعصاء فهم كل منهما الآخر بسبب فارق السن والذي بلغ حوالي 21 سنة، فقد كان عمر فريدا عندما تزوجت حوالي 21 سنة، أما عمر تيجو فكان 42 سنة وربما لاختلاف سماتهما الجسمية حتى كان يقال عنهما بأن: "الفيل قد تزوج من حمامة"، وربما لاعتياد تيجو الخيانة الزوجية والتي كانت سببا مباشرًا في انفصاله عن زوجتين سابقتين لتكون فريدا الزوجة الثالثة.

بالطبع، كانت فريدا على دراية بخيانات زوجها، والذي لم يتردد في ممارسة تلك الخيانة حتى مع أختها الصغرى "كترينا"، حملت فريدا عدة مرات انتهت جميعا بالإجهاض نتيجة الحادث الأليم الذي سبق أن تعرضت له، ورغم نصح الطبيب لها بالتزام السرير أثناء فترة الحمل، فإنها لم تفعل، وبالتالي لم تنجب الطفل الذي طال انتظارها له، الأمر الذي أصابها بالاكتئاب الحاد والعيش في البؤس، قالت ذات مرة تعبيرًا لخصت فيه كراهيتها للحياة الزوجية: "تعرضت في حياتي لحادثين فادحين شديدي الخطورة، أولهما حادث الحافلة، وثانيهما: زوجي تيجو".

هذه العلاقة الزوجية المتوترة، جعلت تيجو حاضرا بشكل دائم في لوحات فريدا، فبعد عامين من الزواج رسمت فريدا لوحة الزفاف، "أنا وتيجو"، وبعد انفصالهما رسمت لوحتها الشهيرة "الفريدتان"، وهي تظهر جانبين مختلفين من شخصيتها، يبدوان متصلين بالوريد يظهران على اليسار فريدا مكسورة القلب في يدها مقص جاهز لأن تقطع به وريدها، وفريدا الأخرى لديها قلب ممتلئ تحمل في يدها صورة لتيجو حبيبها، ثم رسمت لوحة أخرى لصورة شخصية بقلادة شائكة ورغم أن القلادة تسبب لها نزيفًا فإنها مصرة على ارتدائها بكل فخر واعتزاز.

ابتكرت فريدا 55 صورة أخرى جميعها كانت تظهر فيها محاطة بالحيوانات التي كانت تحبها وتتآلف معها بل وتربيها في منزلها: "كلاب وقردة وببغاوات وحمام"... إلخ.

في سنة 1940 بدأت معاناة فريدا مع المرض تزداد وتتفاقم، وتم نقلها إلى المستشفى، ولما علم تيجو بما جرى لها، أشفق عليها وطلب منها الزواج مرة أخرى، فقَبِلَت مضطرة، لإحساسها بوحدتها وعدم قدرتها على العيش بعيدا عن تيجو.

بمرور الوقت كانت الحالة الصحية لفريدا تتدهور أكثر فأكثر، فبُتِرَت ساقها اليمنى سنة 1953، في الوقت الذي كانت تقيم فيه معرضها بالمكسيك، واضطرت لحضوره على "سرير المرض"، أحست فريدا بأنها سوف تفارق الحياة قريبا، لذلك كتبت في مذكراتها: (أتمنى أن يكون الخروج سعيدًا، وآمل ألا أعود مجددًا).

أنهت فريدا كاهلو عملها الأخير قبل رحيلها بثمانية أيام، بعدها توفيت عن عمر يناهز 47 سنة، وذلك في عام 1954، ثم حرق رمادها ليوضع في البيت الأزرق الذي عاشت حياتها فيه وقد كتب تيجو رفيرا لاحقا في سيرته أن (اليوم الذي ماتت فيه كاهلو كان أكثر الأيام مأساوية في حياته) مضيفا أنه (اكتشف متأخرًا أن الجزء الأفضل من حياته كان حبه لفريدا).

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل