أجمل ما قيل في رثاء الأب

أجمل ما قيل في رثاء الأب

منذ 4 سنوات

أجمل ما قيل في رثاء الأب

الرثاء واحدٌ من أهم أشكال الشعر العربي القديم كما لم يغب عن الشعر الحديث أيضاً، وإن أصبح أكثر صدقاً في العصر الحديث كون رثاء الملوك والأمراء والرثاء المصطنع لم يعد عملاً محموداً للشعراء كما كان.\nوعندما نقلب صفحات الرثاء -قديمها وجديدها- نجد فيها رثاء الأحبة والأهل يسبق في لهفته وصدقه أي رثاء، ولعل ما قيل في رثاء الأم وفي رثاء الأب من أجمل ما قيل في الرثاء كله.\nفي هذه المادة؛ سنتعرف معاً على أجمل أبيات رثاء الأب، والقصائد التي حاول الشعراء من خلالها إعطاء الأب حقه من الحزن والتقدير في آنٍ معاً، وكيف تضاربت المشاعر بين الحزن والإنكار أو التصالح مع الفاجعة.\nبين فقدان الشعور بالأمان والحنين إلى المثل الأعلى.. هكذا رثا الشعراء آباءهم\nفي القصائد التي سنتعرف عليها معاً، سنلمس معنى وجود الأب بالنسبة لهؤلاء الشعراء، فمنهم من افتقد الأمان، كقولة هند بنت عتبة ترثي والدها:\n(أبـكي عـميد الأبطـحـين كليهما... وحـاميـهما مـن كـل باغ يريدها)\nومنهم من افتقد المعلم والموجه، فيما نجد بعضهم أكثر عاطفةً يبحث عن حنانٍ ضائع بفقدان الأب، وفي هذا الزحام من المشاعر والأفكار، وأمام مصيبة من العيار الثقيل بالنسبة لهم، قاموا باللجوء إلى القصيدة كصندوق لحفظ الألم.\nأشعار وقصائد شعرية قيلت عن الأب أشهر قصائد شعر الرثاء قصائد عن الشوق في الشّعر العربي أجمل قصائد وأشعار الشاعر المتنبي قصائد وأشعار عن الأم أجمل أبيات وقصائد شعر عن المطر\nرائعة أحمد شوقي في رثاء والده\nنبدأ مع قطعة فنية مميزة لأمير الشعراء أحمد شوقي، لم يتوقف فيها عند الحزن والرثاء، بل صور علاقته المميزة بوالده، ومدى اتحادهما.\nكما طرح على نفسه مجموعة من الأسئلة الوجودية الكبيرة عن لقاء الأحياء والأموات، وعن الموت نفسه.\nيبدأ شوقي قصيدته بمخاطبة من عاتبه أنَّه لم يرثُ ِ أباه، فيقول:\nسأَلوني لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟ ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ\nأَيُّها اللُّوّامُ ما أَظلمَكم! أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟\nيا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌ، كلُّ نفسٍ للمنايا فرضُ عَيْنْ\nهلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى ونَعى الناعون خيرَ الثقلين\nغايةُ المرءِ وإن طالَ المدى آخذٌ يأخذه بالأصغرين\nوطبيبٌ يتولى عاجزاً نافضاً من طبَّه خفيْ حنين\nإنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْ أَوشكَتْ تصْدعُ شملَ الفَرْقَدَيْنْ (الفرقدين: النجم القطبي ونجم آخر يشبهه)\nالعلاقة بين أمير الشعراء ووالده\nأنا منْ ماتَ، ومنْ ماتَ أنا، لقيَّ الموت كلانا مرتين\nنحن كنا مهجةً في بدنٍ ثمَّ صِرْنا مُهجةً في بَدَنَيْن\nثم عدنا مهجة في بدنٍ ثم نُلقى جُثَّةً في كَفَنَيْن\nطالما قمنا إلى مائدةٍ كانت الكسرةُ فيها كسرتين\nوشربنا من إناءٍ واحدٍ وغسلنا بعدَ ذا فيه اليدينْ\nوتمشَّيْنا يَدي في يدِه من رآنا قال عنّا: أخوين\nيا أبي والموتُ كأسٌ مرةٌ لا تذوقُ النفسُ منها مرتينْ\nكيف كانت ساعة قضيتها كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟\nأَشرِبْتَ الموت فيها جُرعةً أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟\nلا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكا، جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عينْ\nأنت قد علمتني تركَ الأسى كلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْن\nليت شعري هل لنا أن نلتقي مَرّةً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟ (يقصد الليل والنهار)\nوإذا متُّ وأُودعتُ الثرى أَنلقَى حُفرةً أَم حُفْرتين؟\nأبو القاسم الشابي ورثاء أبيه\nكعادته، يقدم الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي نمطاً مختلفاً من القصيدة من حيث طريقة تناوله لفكرتها.\nفهو في رثاء والده -وبشكل نادرٍ واستثنائي- يتحدث عن استمرار الحياة على الرغم من الفقد، فهو الذي اعتقد أن الحياة انتهت برحيل أبيه، لكنه وجد نفسه بعد سنين وقد أقبل على الحياة، إنهيرثي والده متمسكاً بالفرح، فيقول:\nما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي ومشاعري عمياء بأحزانِ\nأني سأظمأُ للحياةِ، وأحتسي مِنْ نهْرها المتوهِّجِ النّشوانِ\nوأعودُ للدُّنيا بقلبٍ خَافقٍ للحبِّ والأفراحِ والألحانِ\nولكلِّ ما في الكونِ من صُوَرِ المنى وغرائبِ الأهُواء والأشجانِ\nحتى تحرّكتِ السّنون، وأقبلتْ فتنُ الحياةِ بسِحرِها الفنَّانِ\nفإذا أنا ما زلتُ طفْلاً مُولَعاً بتعقُّبِ الأضواءِ والألوانِ\nوإذا التشاؤمُ بالحياةِ ورفضُها ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ\nإنَّ ابنَ آدمَ في قرارةِ نفسِهِ عبدُ الحياةِ الصَّادقُ الإيمانِ\nقصيدة (أبي) لنزار قباني واحدة من أكثر قصائد الرثاء شهرة في الشعر الحديث\nلمتخلُ حياة الشاعر السوري الراحل نزار قباني من المصائب التي غيرت في تكوينه الشعري وفي تعامله مع القصيدة.\nفحزنه الوطني بعد نكسة عام 1967 جعله ينتقل من الغزل والرومانسية إلى القصيدة السياسية والاجتماعية.\nكذلك حزنه الشخصي نتج عنه مجموعة من قصائد الرثاء التي تحولت لعلامة بارزة في دفتر الشعر الحديث.\nفقد رثا زوجته بلقيس بقصيدة طويلة، ورثا ابنه توفيق الأمير الدمشقي، ورثا والديه، فيقول في رثاء أبيه في قصيدته الضهيرة بعنان (أبي):\nضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي....\nففي البيت منه روائحُ ربٍّ وذكرى نَبي\nهُنَا رُكْنُهُ... تلكَ أشياؤهُ... تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي\nجريدتُه، تَبْغُهُ، مُتَّكَاهُ... كأنَّ أبي بَعْدُ لم يّذْهَبِ\nلم يغادر والد الشاعر نزار قباني منزله!\nيكمل نزار قباني وكأنَّه ينكر رحيل والده، ويرى أنَّ ذاك الرجل ما زال موجوداً في كل التفاصيل:\nأجولُ الزوايا عليه؛ فحيثُ أمرُّ، أمرُّ على مُعْشِبِ\nأشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ، أُصلِّي على صدرهِ المُتْعَبِ\nأبي لم يَزلْ بيننا، والحديثُ حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ\nيسامرنا فالدوالي الحُبالى تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ\nهل يعود أبي في تموز؟! يسأل القباني\nحَمَلْتُكَ في صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..\nأشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي، فكيف ذَهَبْتَ ولا زلتَ بي؟\nإذا فُلَّةُ الدار أعطَتْ لدينا ففي البيت ألفُ فمٍ مُذْهَبِ\nفَتَحْنَا لتمُّوزَ أبوابَنا ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي..\nالشاعر عبد الله الفيصل في رثاء والده\nأمَّا مع الشاعر السعودي الراحل الأمير عبد الله بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود، فالشاعر لم يرثِ والده فقط، وإنَّما رثا الملك.\nوتأتي هذه المرثية بعد عام من اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز  عام 1975، لكن شاعرنا يبدأ قصيدته بالحزن أولاً، ويرثي والده قبل أن يرثي السمو الملكي، فيقول:\nأيّ ذكرى تعودُ لي بعد عامٍ لم تزل فيه نازفاتٍ جراحي\nأيّ شهرٍ ربيعُ عمري ولّى فيه وارتاح في ضلوعي التياحي\nأيّ خطبٍ مروّعٍ كنت أخشاهُ فأبلى عزمي وفلّ سلاحي\nأيّ يتمٍ أذلَّ كبرَ أنيني وأراني دجنَ المسا في صباحي\nأيّ يومٍ ودّعتُ فيه حبيبي ثم أسلمتُ مهجتي للنّواحِ\nإنه يوم ميتتي قبل موتي واختلاجُ الضياء في مصباحي\nليتني كنتُ فديةً للذي ماتَ، فماتتْ مِن بَعْدِهِ أفراحي\n"فيصلي" يا مهنداً ما أحبّ الغمدَ يوماً، ولا ارتوي من طماحِ\nيا حساماً في قبضة الحقّ والإيـمان سَلّت شباهُ أعظمُ راحِ\nراحُ "عبد العزيز" ملحمةُ العز وأسطورة العُلى والكفاحِ\nكيف أرثيك يا أبي بالقوافي والقوافيّ قاصراتُ الجناحِ\nكيف أبكيك والخلودُ التقى فيـكَ شهيداً مجسّماً للفَلاحِ\nالعودة إلى الحزن في رثاء فيصل الأب\nكيف تعلو ابتسامةُ الصفو ثغري كيف تحلو الحياةُ للمُلتاحِ\nكيف لا أحسبُ الوجود جحيماً يحتويني في جيئتي ورواحي\nكيف أقوى على احتباس دموعي وأنا لا أخاف فيك اللاّحي\nكيف أنساك يا أبي... كيف يمحو من خيالي خيالك الحُلْوَ ماحِ\nليس لي والذهول أمسى نديمي والأسى رغم وأده فضَّاحي\nغيرُ ربّي أرجوه مدّيَ بالصبــر، ولقياكَ في الجنان الفساحِ\nالشاعر فاروق شوشة في رثاء والده\nأمَّا مع الشاعر المصري الراحل فاروق شوشة فالأمر مختلف، حيث يبدأ قصيدته متلمساً مدى التطابق بينه وبين والده، وكأنَّهما قد حلَّ أحدهما في الآخر روحاً وجسداً، يقول فاروق شوشة مخاطباً أباه الغائب:\nيفاجئني الذي اكتشفتْ... أنتَ في نفسي حللت!!\nفي صوتي المرتجِّ بعض صوتك القديم\nفي سحنتي بقيةٌ من حزنكَ المنسلِّ في ملامحك\nوفي خفوت نبرتي إذا انطفأت ألمح انكساراتك\nوالد فاروق شوشة بقي يلعب دوره كموجهٍ وسندٍ لابنه في الشدائد\nيفاجئني أنَّكَ لم تزل معي\nوأنت شاخص في وقفتي الصماء، والتفاتاتي\nأرقبني فيكَ، وأستدير باحثاً لدي عنك\nتحوطني، فأتكئ... تمسك بي إذا انخلعت... تردني لوجهتي\nالبحث عن حضن الأب وحمايته\nفي هذا المقطع من القصيدة يعبر فاروق شوشة عن رغبة شديدة في الحصول على مساعدة الأب التي اعتاد عليها، ويتمنى بحرقة أن يستمد من والده سكينته، كما استمد منه خيبته:\nها أنا ذا ألوذ بك... أنا المحارب الذي عرفته، المفتون بالنزال\nوابنك .. حينما يفاخر الآباء بالبنوة الرجال\nمنكسراً أعدو إليك... أشكو سراب رحلتي، وغربتي، ووحدتي\nمحتمياً بما لديك من أبوتي\nولم يزل في صدركَ الرحيبِ مُتسع\nوفي نفاذ الضوءِ من بصيرتكَ جلاءُ ظلمتي وكربتي\nهذا ابنك القديم... وابنك الجديد\nيبحث فيك عن زمانه، وحلمه البعيد\nدون تكلُّف، ودون خوض في التفاصيل يكتفي الشاعر أدونيس (علي أحمد سعيد إسبر) بمقطعين فقط وكلمات قليلة.\nليبوح بما يدور في نفسه عن فقدان والده، في قصيدته بعنوان (مرثيتان إلى أبي )، يختصر أدونيس الكثير من المعاني العاطفية التي تربط الابن بأبيه فيقول:\nأبي غدٌ يخطر في بيتنا\nشمساً وفوق البيت يعلو سحابْ\nأحبّه صدراً رميماً، وطينْ .\nعلى بيتنا ، كان يشهق صمتٌ ويبكي سكونُ\nلأن أبي مات، أجدبَ حقلٌ وماتت سنونو.\nالشاعر فاروق جويدة، عن وصية أبيه والضياع\nفي هذه القصيدة يستخدم الشاعر فاروق جويدة رمزية الأب للتعبير عن حالة الضياع التي يعيشها، بل الضياع الذي تعيشه مدينته كلها، فيستهل قصديته بقول أبيه له:\nقد قال لي يوماً أبي: إن جئت يا ولدي المدينة كالغريبْ\nوغدوت تلعق من ثراها البؤس في الليل الكئيبْ\nقد تشتهي فيها الصديق أو الحبيبْ\nإن صرت يا ولدي غريباً في الزحامْ\nأو صارت الدُّنيا امتهاناً في امتهانْ\nأو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوانْ\nإن ضاقت الدنيا عليك فخذ همومك في يديك\nواذهب إلى قبر الحسين وهناك صلي ركعتين\nكانت حياتي مثل كل العاشقين، والعمر أشواق يداعبها الحنين\nكانت هموم أبي تذوب بركعتين\nكل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين\nأو دعوة لله أن يرضى عليه لكي يرى جد الحسين\nقد كنت مثل أبي أصلي في المساء\nوأظلُ أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء\nأبتاهُ .. لا تحزن فقد مضت السنين\nولم أصلِّ .. في الحسين\nلو كنتَ يا أبتاهُ مثلي لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء\nبالرغم منا .. قد نضيع\nبالرغم منا .. قد نضيع\nمن يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟\nمن يجعل الغصنَ العقيمَ يجيء يوماً .. بالربيع ؟\nمن ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟\nأبتاهُ.... بالأمس عدتُ إلى الحسين\nشعراء آخرون في رثاء آباءهم\nالشاعر ابراهيم نصر الله في رثاء والده:\nكلما حدثتنيَ عنه اكتشفتُ بلاداً بعيدةْ\nلم أكن قمحها ذات يومٍ ولم أطوها في قصيدةْ !!\nعن عصافيرَ تخفقُ في سـمهِ\nوعن رحمة اللـه تجري كما النهرِ في دمهِ\nكلما حدثتنيَ عن خوفه كجناحٍ علينا\nوعن حُلْمهِ بصباحٍ أليفٍ تناثرَ\nندعوه، يأتي كما الطيرِ سعياً إلينا\nكلما حدثتنيَ عن شجرٍ يتدفَّـقُ كالماءِ في كلماتِـهْ\nوعن زهوهِ آخرَ العمرِ سراً بأقمارِ أبنائـهِ وبناتِـهْ\nكلما حدثتنيَ عن ذلك البحرِ في صدرهِ\nوعن عِـزَّةِ النّخل في فقرهِ\nوعن حُلْمهِ بثلاثينَ حرفاً يُـرَتِّـبُها\nكي يسطرَ أسماءنا مثلَ طفلٍ بدفترهِ\nخلتُ أن أبي كانَ يكتبُ شعراً ولسنا سوى بعضِ أشعارِهِ\nالشاعر ريان عبد الرزاق الشققي\nقلبي يحدثني حديث معاتب ويحيك في صدري خيوط مراكبي\nهذي مراكب وحدتي تنساب في طرق الأثير\nفوق الحقول تعانق السهل الوثير\nتمضي يسابقها العبير والشوق يجعلها تسير\nللحب ، للذكرى ، لرابية الروافد والمصير\nأبتاه دعني أستريح من المتاعب والمسير\nعندي يقين عندي مراتع ذكريات\nعندي معاني الحب تسمو فوق هامات الجبال\nعندي حنين يشتري شهب السماء\nعندي هيام يقطف العبرات من جوزائها\nفيحيلها قصبا ، وشجو الناي في أرجائها\nأين المسالك ، أين مسرى وجهتي ،،،\nأين المرابع ، بل إلى أين المسير؟\nوَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ وأُقْصِيتَ عَنَّا\nفَلَمَّا فَقَدْناكَ ذاكَ النَّهارْ وجُرِّدْتَ مِنَّا\nفَقَدْ كُنْتَ فينا كعصْفورِ أيْكْ بِحُبٍ تَغَنَّى\nوقَدْ كُنْتَ فينا مع الحُلْمِ حُلْمَاً\nمعَ العُمْرِ عُمْرَاً، معَ اللَّيْلِ بَدْراً بهِ قَدْ فُتِنَّا\nلَقَدْ كانَ يَوْمَاً عَصيباً عَلَيْنا\nفَوا أسَفا حَيْثُ ضَاعَ الشَّبابْ\nفَقَدْ كانَ كالشَّمْسِ ما إن تَبَدَّتْ\nفَكَيْفَ تَوارَى وفى الفَجْرِ غَابْ؟!\nوَها صارَ كالحُلْمِ نَهْفوا إليهِ\nوما كُنْتُ أَحْسَبُ أنَّ الليالي\nوأنَّ نُجومَ السَّما النَيْراتِ سَتَهْوِى\nويُصْبِحُ مَنْ كانَ يَمْشى الهُوَيْنا\nويَجْتاحُنا الحُزْنُ حتَّى كَأنَّا كَفُلْكٍ\nوَدَاعاً أبي... وَدَاعاً فللمَوْتِ جُرْحٌ عَمِيقٌ، وَدَاعاً فللمَوْتِ ظُفْرٌ وَنَابْ\nودَاعاً أبى وَلْتَنلْ حَيْثُ تَرْقَى رَفيعَ الجِنانِ وحُسْنَ المَآبْ\nظلال أبي... هل تذكرين مساءنا\nونحن هنا حول الحكايات نسمر\nنغنـّي معاً... نلهو... نعابث عمرنا\nوصوت أبي كالحلم ريـّان أخضر\n وأمـّي تضيء الوقت، تنسج دفئنا\nأراها تحطّ الآن كالطير في يدي\nوتشرب من صوتي الحنين فيزهر\nختاماً.... كما رأينا، فلكل شاعر طريقته في التعبير عن علاقته مع والده وأسلوبه في نعيه ورثائه، فعلى الرغم من الحزن.\nإلَّا أن الحياة لا بد أن تستمر؛ لأنَّ الفقد من طبيعتها، وهذا ما عبر عنه أبو القاسم الشابي في قصيدته المذكورة أبلغ تعبير حين قال:\nوإذا التشاؤمُ بالحياةِ ورفضُها ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ\nإنَّ ابنَ آدمَ في قرارةِ نفسِهِ عبدُ الحياةِ الصَّادقُ الإيمانِ

الخبر من المصدر