ثوران بركان في أيسلندا يجعلها مقصدا سياحيا وينعش اقتصادها

الصور التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي تجعل أيسلندا تبدو وكأنها ديزني لاند من العجائب الطبيعية، وتعج بينابيع مياه ساخنة سحرية وبراكين كبيرة مثيرة للدهشة والمشاعر وأنهار جليدية.\nوكان هذا هو السبب الذي دفع زونجدا هو ونانان لي للقيام برحلة من بلدهما الصين إلى أيسلندا، ليستكشفا مع سياح آخرين، بحيرة جوكولسارلون الجليدية الباردة والجميلة. واستقلا الصينيان هو ولي مركبة برمائية، جرفتها كتل جليدية بلغ ارتفاعها عدة أمتار انفصلت عن الجبل الجليدي الضخم فانتا جوكول الذي يرتفع إلى الأفق، وهنا عجز لي عن الكلام جراء هذا المشهد.\nوذاعت شهرة أيسلندا في السنوات القليلة الماضية، ويرجع ذلك جزئيا إلى ثوران بركان كبير في قمة جبل يوجافجالاجوكول في عام 2010 والذي أعقبه انتشار سحب الرماد التي تسببت في شل حركة النقل الجوي الدولي لعدة أسابيع، مما أدى إلى انتشار اسم الجزيرة الواقعة في شمال المحيط الأطلسي في جميع أنحاء العالم.\nوأدى ذلك أنذاك إلى انفجار ثانٍ في أعداد الزائرين، ووفقًا لمديرة برنامج "زورا ايسلندا" إنجا هلين بالسدوتير: "فجأة أدرك الناس أن هناك جزيرة في وسط المحيط الأطلسي".\nوقبل ذلك، لم يكن يستطيع معظم الناس من تحديد موقع أيسلندا في خريطة العالم. وبعد ذلك، بدا أنهم يدركون أن رحلة من أوروبا أو الأمريكتين إلى أيسلندا لاتستغرق وقتا طويلا.\nومنذ ذلك الوقت، ترتفع أعداد السياح بشكل مطرد. ففي عام 2010، سافر حوالي 489 آلف شخص إلى أيسلندا،و بعد ثماني سنوات ارتفع العدد إلى مليونين و34 ألف سائح.\nورغم أن هذا العدد لا يبدو مرتفعا مقارنةً بأعداد السياح إلى دول أخرى، مع الوضع في الاعتبار بصفة خاصة أن أيسلندا ليست صغيرة جدا، إلا أن هذا العدد من السياح يفوق ستة أضعاف عدد سكان الجزيرة.\nويتدفق السياح من جميع أنحاء العالم إلى ايسلندا، و يشكل الزوار الصينيون والهنود والروس السواد الأعظم منهم في الوقت الحالي.\nوأشهر الصيف هي الأسوأ بالنسبة لبعض سكان أيسلندا.\nوفي أحد مقاهي ريكيافيك، اعترف شخص أيسلندي بأن السياحة أنقذت البلاد من كساد بعد الأزمة المالية التي اندلعت في عام 2008. لكنه أضاف أن أيسلندا لم تعد بحاجة إلى تلك الأموال، متابعا "هناك ما يكفي من المال الآن."\nوكل الخدمات موجودة في جنوب أيسلندا، ويتحمل الطريق الدائري في البلاد، الذي يلتف حول الأجزاء المأهولة من الجزيرة، بشكل خاص عبء تدفق الوفود السياحية، حيث يتعين تحسين جودة طبقة الأسفلت في العديد من أجزاء الطريق، كما تحدث اختناقات مرورية وهى ظاهرة جديدة.\nوتهدف الاستراتيجية الحالية لأيسلندا بشأن صناعة سياحة أكثر استدامة، للتركيز على الارتقاء ببعض المناطق الأقل جذبا للسياح في الجزيرة، حيث أن معظم السياح يذهبون فقط إلى ريكيافيك، والجنوب والدائرة الذهبية، التي تعد "برج إيفل أيسلندا"، وفقا لبالسدوتير.\nوتُبذل جهود لزيادة عوامل جذب السياح في الأشهر الأكثر برودة في الموسم.\nويتوافد قرابة 90 ألف مسافر إلى أيسلندا في شهر يوليو، بينما يصل عددهم في فصل الشتاء إلى حوالي 30 ألفا بحسب تقديرات بالسدوتير.\nولدى أيسلندا صندوق للحفاظ على مناطق الجذب السياحي، حيث يتم تخصيص أموال بصفة خاصة لشق الطرق وإقامة المراحيض وغيرها من البنية التحتية. وترصد الحكومة أيضاً تأثيرات السياحة على الاقتصاد والبنية التحتية والقضايا الاجتماعية، لمتابعة أي مشاكل قد تظهر.\nوقال بالسدوتير: "النتائج الأولية تظهر أننا لم نصل بعد إلى الحد الأقصى من تلك المهام".\nولا تزال ريكيافيك، مع مطار كيفلافيك الدولي القريب، نقطة الدخول الرئيسية إلى أيسلندا.\nويمر جميع الزوار تقريبًا بالعاصمة خلال فترة وجودهم في البلاد.\nوقالت كارين ماريا جونسدوتير من برنامج (زورا ريكيافيك) "إنه أمر جيد وسيء في آن واحد".\nوتتذكر جونسدوتير وقتا كانت فيه شوارع وسط المدينة خالية تمامًا ؛ أما في الوقت الحاضر، فإن شارع التسوق الرئيسي لوجافيجوير ليس هو المكتظ فقط بالأشخاص، ولكن أيضا أجزاء أخرى من المدينة .\nوإذعانا لرغبات السكان، يتم في الوقت الحالي حظر سير الحافلات السياحية الكبيرة في وسط مدينة ريكجيافيك.\nوقالت جونسدوتير أنه يتم بناء العديد من الفنادق التي هناك حاجة ماسة إليها في جميع أنحاء المدينة.\nوأضافت جونسدوتير أن الغالبية الساحقة من الاشخاص في ريكيافيك متفقون حاليا في الرأي الذي مفاده أن السياحة قد ارتقت بجودة معيشتهم، وأضافت "الأشخاص يشعرون بالسعادة إزاء عدد العروض وتنوعها".\nوفي دلالة على أن الجزيرة ربما تكون قد تجاوزت ذروة السياحة، انخفضت في العام الحالي 2019 أعداد السياح لأول مرة منذ عقد.\nوقالت بالسدوتير إن إفلاس شركة ووإير والمشاكل التي تواجهها طائرات 737ماكس تشكل جزءا من السبب وراء تراجع عدد السياح. لكن بالسدوتير اختتمت حديثها بقولها "لا نشعر بالقلق حيال ذلك في هذا الوقت".