المحتوى الرئيسى

مؤتمر الفاتيكان الثاني والعلمانية (32) | المصري اليوم

11/22 06:46

جاء في كتاب الكاردينال هانس كينج المعنون «المعصوم من الخطأ» (1970) «إن تجديد الكنيسة الكاثوليكية قد توقف ومعه توقف التفاهم المسكونى مع انكماش الكنائس المسيحية الأخرى، وكذلك توقف الانفتاح الجديد على العالم المعاصر. وقد حدث هذا التوقف بعد خمس سنوات من انعقاد المجمع. وأنا أظن أن هذا التوقف أو الجمود مردود إلى صراع خفى بين مجمع عقيدة الإيمان والمجلس البابوى للثقافة. ففى 16 سبتمبر 1986 تسلمت خطاباً من الأب هيرفى كارييه، أمين عام المجلس البابوى للثقافة، ينبئنى فيه بأن الكاردينال بول بوبار، رئيس المجلس، قد وافق على عقد مؤتمر مشترك بين المجلس والجمعية الفلسفية الأفروآسيوية، التي شرفت بتأسيسها ورئاستها، تحت عنوان «الثقافات في صراع أم في حوار». وقد انعقد هذا المؤتمر في نوفمبر 1990، وأهم ما جاء في الكلمة الافتتاحية للكاردينال بول بوبار قوله «إننا اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى الكشف عن عوامل الصراع بين الجماعات البشرية، وإلى البحث عن حلول تستند إلى العقل والعدالة والحب الأخوى، خاصة أن مصر ما زالت حتى يومنا هذا نموذجاً أصيلاً لملتقى الثقافات بين الغرب والشرق». في هذه العبارات يبدو أن ثمة تناقضاً خفياً بين مجمع عقيدة الإيمان والمجلس البابوى للثقافة من حيث إن الأول يدور حول المطلق والثانى يدور حول النسبى، والغلبة للمجمع دون المجلس. وهكذا تكون عبارة هانس كينج على صواب، وتكون الأصولية أقوى؛ فلا تفسح مجالاً للانتقال إلى المرحلة الثالثة وهى العلمانية فيتم الوقوف عند المرحلة الثانية وهى الأصولية. ولا أدل على صواب عبارة الكاردينال هانس كينج مما جاء في كتاب البابا بنديكت السادس عشر المعنون «الكنيسة والمسكونية والسياسية» (1987) حيث يقول: «إن الكنيسة لا تصنع الحقيقة إنما الحقيقة هي التي تصنع الكنيسة». الحقيقة إذن منفصلة عن الكنيسة ومتصلة بها في آن واحد، وبالتالى فإن الحقيقة، في عقيدة الكنيسة، ليست في العقل ولكن في الإيمان الذي يستدعى العقل ويدفعه إلى النور، ومهمة العقل بعد ذلك تكمن في أنه يتعرف على شرط وجوده وهو عدم الاندفاع نحو المطلق لأنه إذا تجاوز العقل ذلك الشرط واندفع نحو حقيقة مطلقة فإنه بحكم المنطق سيندفع نحو اللامعقول، ومن ثم يتحول إلى اللاعقل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل