المحتوى الرئيسى

لكل اسم حكاية.. دير سدمنت الجبل من بني سويف إلى العالمية

11/21 08:03

يقع دير مارجرجس بناحية سدمنت الجبل بمركز اهناسيا المدينة غرب محافظة بني سويف، علي الحدود مع محافظة الفيوم .

كما يقع الدير على الجانب الغربى لترعة بحر يوسف "المسماه قديما ببحر الفيوم وشمال مدينة اهناسيا نحو 7كم وغرب مدينة بنى سويف بحوالى 23كم تقريبا .

وكلمة سدمنت مصرية قديمة مركبة من "صا, أمنت" وتعني "غرب " ولذا نجد كلمات كثيرة فى بلاد من محافظة بنى سويف مثل أشمنت وتزمنت وهربشنت والفنت.

والدير جغرافيا ينسب الى ناحية سدمنت الجبل ويقال له دير سدمنت وهذه الناحية قديما كانت من توابع عمل الفيوم ثم أضيفت بعد ذلك الى الأعمال البهنساوية ومن عندها يبدأ درب "طريق "سدمنت الجبل وهو طريق صحراوى يربط بين ناحية سدمنت وناحية قلمشاة بمركز اطسا بمحافظة الفيوم.

والدير من الناحية التاريخية يدخل ضمن أديرة أقليم الفيوم وكان تابعا قبل ذلك لإيبارشية الفيوم وبعد التقسيم الادارى الحديث الذى جرى فى القرن التاسع عشر الميلادى وبموجبه نشأت محافظة بنىي سويف الحالية وأصبحت منطقة سدمنت وما حولها من النواحى داخل حدود هذة المحافظة الى هذا اليوم.

وفى عام 1881 م تنيح الانبا أيساك الذى كان لمدة نحو خمسين عاما أسقفا لايبارشية واسعة تشمل البهنسا والفيوم والجيزة وأطفيح وفى ذاك العام أيضا فصلت بنى سويف والبهنسا عن الفيوم وصار لها أسقف خاص بها لاول مرة منذ زمن بعيد فتبع دير سدمنت إداريا الايبارشية الجديدة بنى سويف الى اليوم .

وفيه دفن أباؤها الاساقفة والمطارنة الراحلون وعرف الدير باسم مارجرجس أو أبو جورج فى كل المصادر القديمة التى كتبت عنه.

ويرجع تاريخ الدير الى القرن السادس الميلادى وهو كان ديرا عامرا بالرهبان المجدين الدارسين المحجين فى علمهم وفهمهم للتراث الكنسى ولما توقف الرهبان عن سكناه أقام به كهنة متزوجون.

والدير يقع على الحدود بين محافظتى بنى سويف والفيوم وهو متسع لاستقبال الكثيرين لكبر مساحته ومبانيه ويقع على ما يقرب من أثنى عشر فدانا وتوجد كنيسة قديمة أدخلت عليها بعض الترميمات والتجديدات.

وللدير موقع ممتاز فهو يطل على المياه الزرقاء الجميلة وبحر يوسف المتسع ووراء البحر من الناحية الشرقية رقعة زراعية خضراء على إمتداد البحر من الناحية الغربية فتوجد صحراء شاسعة كلها رمال منبسطة تريح النفس وتجعل الروح تحلق فى جو صاف جميل يساعد على التامل الروحى الهادى وتجديد نشاط الانسان وبجوار الدير من الناحية البحرية مدافن الاقباط والناظر اليها يتذكر الموت والحياة الاخرى فيخشع ويهتم بتوبته وحياته الروحية والابدية.

ويفد الى الدير أفواج من الرحلات من كل المحافظات كما أن للدير مواسم ياتى فيها الزوار من محافظتى الفيوم وبنى سويف ويقضون به أياما لنيل البركة ، فمثلا ياتون فى أسبوع الالام وكذلك فى ما قبل عيد الصعود وعيد مارجرجس شفيع المكان فى أيام مايو من كل عام .

وكان بسدمنت رهبان على درجة عالية من العلم والمعرفة واليهم ينسب ترتيب المزامير وصلوات السواعى على مدى ساعات النهار كما ينسب اليهم ايضا ترتيب كتب القراءات المعروفة بالقطمارس السنوية وكتب البصخة وسجلوا مخطوطات القداس الغريغورى والقداس الكيرلسى قبطيا باللغة البحيرية وترجمته باللغة العربية وكان عددهم لا يقل عن 1300 راهب ضمن عشرة الاف راهب كانوا يقطنون تلك المنطقة على هيئة مجموعات ومن المجموعة التى كانت تقيم بسدمنت الجبل القس بطرس السدمنتى وظل الدير عامرا بالرهبان فترة من الزمان الى نحو منتصف القرن الخامس عشر الميلادى وقد صمد هولاء الاباء الرهبان بما لهم من قوة إيمان وغرارة علم أمام اضطهادات الملكانيين بقيادة المقوقس , صمدوا أمام غزوتين عنيفتين كان لهما أثر كبير على تخريب الاديرة وهذا هو أحد الاماكن التى مازالت قائمة منذ ما يقرب من 1400 سنة وتؤكد كتب التاريخ أن الدير ظل عامرا فترة طويلة من الزمن.

وقد شهد الدير أشهر معركة حربية للحملة الفرنسية في بنى سويف1798 م ، كما أن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من الأديرة ولم يبق الآن من الأعداد الكثيرة سوى خمسة وهي: دير مارجرجس الرومانى بسدمنت، ودير الملاك ميخائيل ويبعد عن دير سدمنت بحوالى 2كم، ودير الملاك غبريال الشهير بأبوخشبة ويبعد عن الدير بحوالى 25كم، ودير الأنبا أبرام الشهير بدير العزب بالفيوم ويبعد عن دير مارجرجس بحوالى 20كم، ودير السيدة العذراء الشهير بدير الحمام ويبعد عن دير سدمنت بحوالي 15 كم.

ويعتبر دير مارجرجس بسدمنت الجبل من أقدم أديرة هذه المنطقة، حيث يرجع إنشائه على أرجح قول إلى القرن السادس الميلادي.

ويعتبر النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي العصر الذهبي لدير مارجرجس بسدمنت، حيث استطاع الراهب العلامة (بطرس السدمنتي) أن يؤسس جماعة من الرهبان بالدير يظهر دورها في ترتيب الطقوس والصلوات في نظام خاص بهم، وينسب إليهم أنهم كانوا على درجة كبيرة من إدراك علوم الكنيسة في عصرهم، حسب ما وصفهم القس شمس الرياسة ابن كبر في كتابه "مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة".

أما العلامة القس بطرس السدمنتي أحد أعلام رهبان الدير، ففتحت مؤلفاته اللاهوتية مجالًا للدراسة والبحث العلمي وهو ما تبنته جامعة ليون بفرنسا، ويعتبر كتابة (التصحيح في الآم السيد المسيح) من أفضل المؤلفات التي بلغت أربعة عشر مؤلفًا، وهذه المؤلفات مبعثرة بين المكتبة الأهلية بباريس ومكتبة الفاتيكان ومكتبات بعض أديرة لبنان.

وقد تعرض الدير لهجوم في عام 1987م أدى إلى هدم أسواره وسرقة الكثير من ممتلكاته العينية والمادية، وتأثر الدير بزلزال 12 أكتوبر 1992م أدى إلى اعادة بناء كنيسته كاملة في ذات الفترة.

كما يرجع الفضل إلى نيافة الأنبا أثناسيوس (1925م) في الاهتمام بدير مارجرجس، حيث قام بترمييمه وبتجديد الدير وإنشائه (طافوس) مكان يحوي أجساد ورفات الآباء الرهبان القدسين، ويضم الآن رفات الأنبا إيساك مطران بني سويف والفيوم الذي توفى في 15 أغسطس1924م ونيافة الأنبا أثناسيوس الثاني المتوفى أول القرن الحادي والعشرين .

ومما يُذكر أن منطقة دير سدمنت الجبل شهدت أشهر المعارك الحربية للحملة الفرنسية (1798-1801م)، وهي معركة 7 أكتوبر 1798م بسدمنت الجبل، فبعد أن واصلت الفرقة الفرنسية سيرها في 5 أكتوبر 1798م بقيادة الجنرال (ديزيه) لملاقاة جيش (مراد بك) الذى تقهقر بالجبل شمالًا، تعقبه ديزيه طوال النهار فلم يستطع اللحاق به إذ كان جنوده قد أنهكهم التعب من سيرهم فى رمال الصحراء الوعرة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل