المحتوى الرئيسى

تطور الاختلاف الإنساني إلى عمق الخلاف

11/20 18:47

الاختلاف الإنسانى فى كل الاتجاهات أحد أهم اسباب استمرارية الحياة وتطورها الدائم فى كل الأزمنة والأماكن، بشرط أن يكون قائما على العدل والإحترام والتعمق بفكر طبيعى مجتهد، وبإرادة حرة واستنباط عالم وإبداع قائم على المعرفة، وجهد فى الإلمام ببواطن وظواهر موضوع الاختلاف، فالاختلاف الحقيقى الإيجابى لا يمكن أن ينشأ من خلال عناد وتكبر وابتداع ورمى بالباطل وشائعات وحكايات لا تمت للواقع ولا للحقيقة من قريب أو بعيد.

فالاختلاف هدفه التصويب من أجل الوصول الى المثالية المجتمعية، وهدفه إيجاد سبيل لتعمير الأرض لا من أجل الفساد والإفساد، وهدفه إيقاظ الضمير النائم فى سبات، وهدفه تأويل النصوص بحكاياتها الحقيقية لا بالإبتداع فى سرد الخيال الفنتازى، كما أن الاختلاف هدفه إقناع الفرد برأى الأغلبية، وإبراء الذمة فى تحليل المعانى بعيدا عن التسرع فى إصدار الأحكام، ومحاربة الغرور والكسل والتوغل فى أعماق الحياة لإيجاد كل ما هو جديد وعبقرى فى خدمة المجتمعات التى تتميز بها سمة الاختلاف الجوهرى الحقيقى المتبع بأساليب الإنسانية.

وللأسف الشديد تحولت الثمة الجميلة والخصال الفريدة من عبقرية الاختلاف وتحولها الى جهل الخلاف الدائر بشكل دائم بين البشر، فالمجموعات باتت لا تطيق التحاور، والفرد يغرد بعيدا عن السرب، والحياة دائرة بعنف وبقوة على الجميع، طالما أن الخصال الإنسانية التى تتبع الحياة وأحد أهم أسبابها ونتائجها لم تعد موجودة على أرض الواقع حينما تحول الاختلاف الى خلاف دائر ودائم بين البشر.

فالخلاف الواقع الآن بين الجميع إذا تعمقت فى جوانبه الأساسية، لن تجد له أى داع، ولن تجد له أى دافع، وحينما تحولت الثقافة من الإيجابيات الى السلبيات وقعت فى الطريق كل الدوافع الشريفة لاستمرار الحياة دون نزاع ودون غموض ودون كراهية مطلقة من الجميع للجميع، فلا أحد بات يطيق أحدا، لدرجة أن الشر بات ظاهرا على مرآة غرفة نوم كل منا، وكأن الجميع لا يقوى على حمل الخير، الذى هو أساس استمرارية الحياة دون كد أو عناء ودون الإحساس بأن العالم الذى نحيا فيه لا يساوى شيئا.

ذلك الأمر الذى يحمله الناس لبعضهم البعض، أصابهم بالإحباط وأصاب عيونهم بالعمى رغم أنها لم تفقد خصائصها المادية التى خلقها الله من أجلها، فالعيون الآن لا تريد أن ترى إلا كل قبيح برغم أن الجمال يملأ العالم من حولنا، والضمائر وضعها أهل الشر فى علب المجوهرات ولا يتزينون بها أبدا، والعقول من أجل الخلاف تحجرت ولم يعد لها قيمة طالما لا تؤدى جزءا ولو بسيطا مما خلقها الله عليه وهو التفكير والتدبر والإبداع وقبول الآخر والتنوع واحتواء الجميع للجميع.

إننا كبشر لابد أن نعيد حساباتنا فى أمورنا من جديد، فيجب أن نبدأ بنشر الحب والسلام والإخاء، وتقبل الرأى والرأى الآخر، وأن يتقبل الجميع رأى الأغلبية، والابتعاد عن العناد والتكبر، وإصلاح ما فى النفوس والضمائر، والاحتكام للمعروف والقدوة الحسنة، وإيجاد الأعذار فى هذا العالم الملىء بالتفاصيل، وعدم تشويه الصورة، والقيام بالواجبات والمسئوليات على أكمل وجه، والابتعاد عن الكسل والخنوع، والاقتراب من السماء لسمو الروح والجسد معا، فالجميع عليه مسئولية، وتحمل المسئوليات أحد أسباب البناء والابتعاد عن الخلاف.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل