المحتوى الرئيسى

هل يبدأ سقوط الدومينو في إيران لينتهي في العراق ولبنان؟

11/18 18:47

في عام الاحتجاجات التي انتشرت في أكثر من بلد، لدرجة حديث محلّلين عن "ربيع عالمي" وليس فقط عربي جديد، يخرج آلاف المتظاهرين في إيران. في الظاهر تتوقف المطالب على رفض رفع أسعار البنزين، لكن في العمق، قد تتوحد مطالب الإيرانيين مع مطالب اللبنانيين والعراقيين، ضد النظام السياسي ككل، لا سيما مع وجود قواسم كثيرة بين البلدان الثلاثة، أبرزها القبضة الإيرانية التي تتجاوز حدود بلدها.

ووصلت الاحتجاجات الإيرانية حدّ مقتل متظاهر وشرطي، في وقت تقول فيه تقارير أخرى إن رقم الوفيات يبقى أكبر، بينما نقلت وكالة فارس للأنباء أن السلطات اعتقلت أكثر من ألف متظاهر، في رد على العنف الذي تسبّب بإضرام النيران في مئة بنك.

من جهته، يعيش العراق على وقع أكبر مظاهرات في تاريخه منذ سقوط نظام صدام حسين، إذ يطالب المحتجون بإقالة الحكومة وحل البرلمان. ووفق وكالات الأنباء، تسبّبت هذه المظاهرات -منذ بدئها قبل أسابيع- بمقتل أكثر من 300 شخص. أما في لبنان، فقد تسبّبت الاحتجاجات التي ترفع مطالب سياسية واقتصادية باستقالة حكومة سعد الحريري.

منذ سقوط نظام صدام، احتفظت طهران بتأثير كبير على الساحة العراقية، مستفيدة في ذلك من كون الشيعة أغلبية في البلد، ومن القرب الجغرافي، ومن غياب الاستقرار، لتتمكن من التغلغل العسكري والسياسي. وحسب تصريحات سابقة للإعلامي العراقي أحمد الركابي لـDW عربية، فالعراق يمثل خطاً أحمر بالنسبة لإيران، ليس فقط من الناحية الأمنية نظراً للحدود الشاسعة بينهما، أو استفادتها من العائدات النفطية، بل كذلك لوجود أحزاب عراقية ترتبط بإيران.

وفي لبنان، لا ترّكز إيران تأثيرها فقط عبر حزب الله، الذي كان رافضًا للاحتجاجات الأخيرة وسعى إلى وقفها، بل تلعب كذلك على قوة الطائفة الشيعية في بلدٍ يعتمد الطائفية نظامًا سياسياً رغم كل الانتقادات الموجهة لها. لكن المفارقة أن عدداً من المحتجين في العراق، طالبوا برفع طهران يدها عن البلد، بل إن "الحاضنة الرئيسية لإيران في العراق أو في لبنان  (أي المناطق الشيعية) لم تعد تقبل أن تكون طهران هي من تحكمها، حسب تحليل لحنين غدار.

غير أن المحلل السياسي نجاح محمد علي، يرى أن هناك تعميمًا في هذا القول، متحدثا عن أن إيران تملك قاعدة شعبية واسعة في البلدين، وعندما تخرج مجموعة من الشيعة للاحتجاج ضدها، فهي لا تعكس توجهات الطائفة ككل. ويدافع المتحدث في تصريحات لـDW عن الوجود الإيراني في العراق، متحدثا عن أن طهران قامت بدور كبير في محاربة "داعش" وفي تقديم الدعم اللازم للبلاد، فيما تتحمل واشنطن جلّ المشاكل، فهي من "احتلت العراق وأنشأت النظام السياسي وهي من جاءت بالطبقة الفاسدة للحكم" حسب قوله.

ستتأثر إيران سلبًا في حال نجح المتظاهرون العراقيون واللبنانيون في إضعاف الأحزاب السياسية المرتبطة بقادة طهران، حسب تحليل لنيويورك تايمز، لذلك سعت وسائل الإعلام الإيراني، حسب المصدر ذاته، إلى تصوير سيء للمظاهرات في لبنان والعراق، وتصفها بكلمة "تحريض" التي استخدمت لوصف المظاهرات المناوئة للحكومة في إيران، فضلا عن اتهام أمريكا وإسرائيل والسعودية بتأجيج هذه الاحتجاجات بغية إضعاف إيران.

غير أن هناك من يرى أن احتجاجات إيران ليست بـ"البراءة" التي تصوّر بها، إذ يقول نجاح محمد علي، إن طهران اختارت عمدا هذا التوقيت، لأجل تنفيذ "قرار تقنين استخدام البنزين ورفع الدعم عن بعض أصنافه"، حتى "تقوم بجرّ جماعات تعمل مع دول خارجية إلى الفخ، فيتم فرز المتظاهرين الذين يرغبون بتقويض النظام".

إحراق محطة وقود في طهران ردا على ارتفاع أسعار الوقود

ويشرح محمد علي أكثر بالقول إن "غالبية الشعب الإيراني لا يمكن أن تحتج على هذه الخطوة الحكومية، لأنها ستضخ أموالاً لدعم 75 % من الشعب الإيراني"، أما مظاهرات التخريب التي وقعت، فهي "مدعومة من الخارج"، تماما كما حدث في لبنان والعراق وفق قوله، مشيراً إلى أن استهداف هذه الدول الثلاث يعود إلى انتمائها إلى "محور المقاومة".

المسؤولون الأمريكيون لا يخفون ابتهاجهم بما يجري من مظاهرات في إيران، طمعاً في سقوط هذا النظام. لكن هل هم الذين أطلقوا هذه الاحتجاجات؟ من الصعب ربط الأمر بالمؤامرة الخارجية بهذا الشكل. فقد شهدت البلاد مظاهرات متعددة في تاريخها الحديث، كما جرى في صيف عام 2018، عندما خرج المتظاهرون ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفي الوقت الذي تبّرر فيه طهران مشاكلها الاقتصادية بالعقوبات الأمريكية، فإن المشاكل المالية ليست بكل هذه الحدة عند حرسها الثوري، أداتها للتغلغل العسكري في سوريا ومناطق أخرى، إذ كشفت جريدة "وول ستريت جورنال" مؤخراً أن هذا الحرس تمكن من إيجاد مصادر تمويل جديدة.

وعموما فإن الاحتجاجات في إيران ولبنان والعراق غير مرتبطة ببعضها بالضرورة، فالعالم يشهد مظاهرات متعددة، سواء في دول أخرى بالمنطقة العربية، كالجزائر والسودان، أو في أمريكا اللاتينية، وتحديدا الإكوادور وبوليفيا والتشيلي، أو حتى في دول شرق آسيا كهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، بل وصلت المظاهرات إلى القارة العجوز، إذ تتواصل في فرنسا مظاهرات السترات الصفراء التي خرجت لأسباب اجتماعية، وتسّببت في إحراج كبير للرئيس ماكرون.

ويعلّق كلاوس ديتر فرانكنبيرغر، من صحيفة "فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ" بالقول: إن هناك بالتأكيد آثار عدوى بين كل هذه الاحتجاجات، لأن الحكومة الجيدة غائبة في الكثير من البلدان، مقابل تفشي الفساد وسوء الإدارة. ويتابع الصحفي أنه لم يعد مقبولاً الإقصاء السياسي والحرمان الاجتماعي-الاقتصادي، وأنه إذا لم تتجاوب الحكومات مع مطالب المتظاهرين بشكل مبكر، فإن "التطرف سيكون هو النتيجة، فالعنف سيؤدي إلى فوضى وسيغذي القمع المضاد" حسب تعبيره.

قدّم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة الحكومة إلى رئيس لبنان بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها الثاني، ويبقى القرار رهن موافقة الرئيس ميشال عون على قرار الإقالة. إقالة جميع المسؤولين الحاليين تصدرت شعارات المحتجين.

انطلقت مظاهرات اللبنانيين في 17 تشرين الأول/ أكتوبر احتجاجًا على إعلان الحكومة عن خطط لحزمة ضرائب جديدة وصلت حتى تطبيقات المكالمات الهاتفية، لتكون "القشة الأخيرة" نتيجة أزمة الدولار والحرائق التي اجتاحت البلاد، والضريبة المفروضة على البنزين والقمح.

اقتصرت الاحتجاجات في اليوم الأول على عشرات المتظاهرين، لتتسع خلال فترة قصيرة، حتى وصلت إلى آلاف المحتجين في جميع أنحاء البلاد. المظاهرات السلمية سلطت الضوء على مطالب عامة تتعلق بالطبابة المجانية، وحماية المرأة وتوفير فرص عمل للشباب، ودعم التعليم، ورحيل النخبة الحاكمة كاملة تحت شعار #كلن_يعني_كلن.

في الـ18 من تشرين الأول/أكتوبر ألقى رئيس الوزراء سعد الحريري خطاباً، اتهم فيها القوى السياسية اللبنانية بالانشغال في المناكفات السياسية، وأكد أن الحل يكمن في زيادة النمو وضخ أموال ودماء جديدة في الاقتصاد، وأمهل شركاءه في الحكومة 72 ساعة لدعم الإصلاحات. وفي ذات الوقت تم الإعلان عن سقوط قتيل جراء تعرضه لإطلاق النار في احتجاجات شمالي طرابلس.

لم تفلح محاولات الحريري في تهدئة الشارع اللبناني، حيث ردد المحتجون في مظاهرات قبالة المبنى الحكومي وسط العاصمة بيروت، هتافات تطالب بإقالة الحكومة، وإسقاط النظام. إذ ظهر اسم الحريري في أكثر من 25 ألف تغريدة خلال الـ24 ساعة منذ خطابه، متسائلين كيف للحكومة أن تحقق الإصلاحات المقدمة خلال 3 أيام فقط.

الأمين العام لحزب الله (الشيعي) يخرج بخطابٍ في محاولة لإلقاء اللوم على الرئاسة الحالية، ويعبر عن معارضته لاستقالة الحكومة، ليعقّب بعد ذلك في خطاب آخر عن خوفه من وقوع حرب أهلية، متهمًا الحراك الاحتجاجي بأنه لم يعد "حركة شعبية عفوية".

لم يفلح نصر الله في توجيه غضب المحتجين نحو الحكومة اللبنانية، بل إن الاحتجاجات وصلت إلى مدينة النبطية، أحد معاقل الحزب الشيعي، فيما نشبت اشتباكات بين المعتصمين ومجموعة موالية لحزب الله وحركة أمل في العاصمة اللبنانية، واستمر المحتجون في المطالبة باستقالة جميع المسؤولين من بينهم نصر الله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل