المحتوى الرئيسى

ألمانيا- لاجئة سورية تنجح في الجمع بين الأمومة وتحقيق الذات

11/11 09:15

"الحياة صعبة بالتأكيد، ولكن ما يُحلّيها هو إحساسنا بالإنجاز"، هكذا لخصت اللاجئة السورية آلاء محمود رحلتها الطويلة والصعبة، التي بدأت عام 2013 حين اضطرت للهرب مع زوجها وأطفالها من ويلات الحرب في سوريا.

تروي آلاء لـ"مهاجر نيوز" تفاصيل قصتها حيث جاءت لألمانيا حاملة معها بناتها الصغيرات وطموحها وأحلامها. فمن أم شابة لطفلتين لم تكمل تعليمها للنهاية ولا تتحدث الألمانية، إلى متقنة للغة الألمانية وعلى أبواب الاختبارات النهائية لتأهيلها للعمل بمجال التأمين الصحي مع أربعة أطفال يدخلن البهجة لقلبها.

توجهت آلاء مع أسرتها الصغيرة إلى مصر، حيث عاشوا جميعاً لأكثر من عامين، حتى شعروا بالاضطرار للرحيل عنها: "عندما جئنا لمصر لم نكن نفكر إطلاقاً بالسفر إلى أوروبا، ولكن نظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية هناك بعد قيام الثورة وارتفاع تكلفة المعيشة، بالإضافة إلى صعوبة إلحاق الأطفال بالمدارس لكوننا أجانب، لم يكن أمامنا خيار سوى الهجرة للخارج".

قرر الزوجان الشابان الانطلاق في رحلة غير شرعية محفوفة بالمخاطر عبر البحر نحو أوروبا تدفعهما الرغبة في ضمان مستقبل أفضل لبناتهما. تحرك القارب الصغير بشهر نيسان/أبريل عام 2015 وعلى متنه آلاء وأسرتها الصغيرة ومئات المهاجرين الآخرين، ليُبحر على مدار ثمانية أيام بالبحر المتوسط إلى أن تم إنقاذ المركب بواسطة سفينة إيطالية. 

وتحكي آلاء: "عندما وصلنا لإيطاليا، كان عمر أصغر بناتي سنتين بما جعل الرحلة شاقة جداً عليها وعلينا جميعا، ولهذا ما أن وصلنا الحدود الألمانية لم نستطع الاستمرار في السفر لأكثر من ذلك نحو النرويج أو السويد وقررنا محاولة البقاء في ألمانيا".

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

حطت رحال آلاء وأسرتها في مدينة نرزبورغ بولاية سكسونيا-أنهالت الألمانية، إلا أنها لم تتمكن حينها من توفير مكان لبناتها بالروضة طوال السنة الأولى لها في ألمانيا مما اضطرها للبقاء طوال الوقت بالمنزل للعناية بهما، وتقول: "رغبت كثيراً في تعلم اللغة الألمانية وبمجرد أن تمكنت من حجز أماكن لبناتي بالروضة، قمت بالتسجيل في دورة لتعلم اللغة امتدت لـ 6 أشهر".

البدء في تعلم اللغة الألمانية فتح باباً جديداً أمام آلاء حيث شرعت في حضور منتدى أسبوعي للنساء أقامته سيدة ألمانية تابعة للكنيسة بالمدينة، لتلاحظ السيدة رغبة آلاء القوية في تعلم اللغة الألمانية.

اقترحت السيدة على آلاء أن تعمل معها بشكل تطوعي، وهو ما سيساهم بدوره في تحسين اللغة الألمانية لديها. تحمست آلاء للفكرة، خاصة وأن المطلوب منها كان المساعدة على تسهيل التواصل بين الألمان والسوريين من خلال قيامها بترجمة الحديث بين الطرفين. رافقت آلاء بفضل التدريب، العديد من النساء السوريات أثناء زيارتهن لاستشارة أطباء أمراض النساء بالمدينة، ما ساعدها على تعلم الكثير من المصطلحات الطبية وفتح أمامها الفرصة للسعي نحو العمل بمجال جديد. وبمرور الوقت، بدأت بالاستمتاع بالعمل بالمستشفيات والعيادات الطبية، حيث وجدت آلاء العمل بهذه المؤسسات ممتعاً ومريحاً، كما أنها أعجبت بالجانب الإنساني الكبير له.

المهاجرون يساهمن في سد حاجة سوق العمل الألمانية إلى الأيدي العاملة

وراء نجاح آلاء زوج محب

عندما رغبت آلاء في استكمال دراستها للغة الألمانية، لم تستطع الحصول على منحة تغطي تكلفة المراحل المتقدمة من دورات اللغة بسبب تسجيلها كمتدربة تحصل على 200 يورو شهرياً، لكنها لم تستطع دفع تكلفة دورات اللغة، والتي وصلت إلى 3000 يورو. إلا أن هذا لم يوقف آلاء واستمرت بالبحث حتى وجدت فرصة لاستكمال تعلم اللغة عن طريق برنامج تموله "المنظمة الألمانية للتبادل الطلابي" DAAD، لكنها لم تستطع خوض الاختبارات النهائية حينها لالتزامها بالتدريب، فضلاً عن مسؤوليتها نحو أسرتها وبناتها.

وهنا بالتحديد، تحدثت آلاء عن الدور الكبير الذي يلعبه زوجها في دعمها وتشجيعها حيث تقول: "الفضل الرئيسي لما حققته يعود لزوجي، فكلما اقتربت من الانهيار بسبب تعبي الشديد، كان يُسرع لتشجيعي وبث الحماس والثقة في نفسي من جديد وإخباري بضرورة استكمال ما بدأته قائلاً أن بعد كل ما بذلته من مجهود لا يمكن التوقف وإهدار كل التعب". وقف زوج آلاء بجوارها طوال الوقت حيث تحمل مسؤولية بناتهما الأربعة أثناء غيابها، سواء لاستكمال دورات اللغة الألمانية حتى النهاية أو من أجل التدريب، وقام برعايتهن ومتابعة دراستهن.

كانت آلاء تحلم منذ صغرها باستكمال دراستها، لكنها لم تتمكن من تحقيق حلمها في سوريا، لتقرر لدى قدومها إلى ألمانيا استكمال دراستها إذ تقول: "عندما قدمت من سوريا كانت لدي رغبة في إعادة بناء نفسي من جديد وتحقيق طموحي وحلمي".

وأشارت آلاء إلى صعوبة اعتماد أسرتها على دخل زوجها فقط بسبب عدد بناتهما، كما ذكرت شعورها بالحاجة إلى العمل والاجتهاد من أجل "رد جزء مما قدمته ألمانيا لنا".

وتعيش آلاء اليوم حالة من السعادة لتحسن وضع أسرتها مقارنة بحالها من ذي قبل. ولا تقتصر مشاعر الإيجابية على آلاء وأسرتها فقط إذ يشعر أصدقائها، وفي مقدمتهم الألمان، بالفخر بها وبما حققته في فترة قصيرة مع كل ما تتحمله من مسؤوليات. وتقول آلاء: "أشعر أنني أنجزت وألاحظ التطورات التي تحققت خلال الأربع سنوات التي عشتهم بألمانيا وألمس التغير بحياتي من شهر إلى آخر".

مازالت ألاء في سعيها لتحقيق المزيد من الأحلام والطموحات عقب انتهائها من اختبارات التدريب، الذي سيؤهلها للعمل رسمياً بقطاع التأمين الصحي في المستقبل القريب.

عندما يمشي يوسف صليبا في شوارع برلين، قد يعتقد المرء أنه رجل أعمال. وبالفعل كان رجل أعمال قبل مجيئه إلى ألمانيا. وعندما كان في التاسعة من عمره، أرسله والده إلى دمشق للعمل عند صديق في معالجة الخشب. وهذا ما جلب له متعة كبيرة، مما جعله يستقل في عمله، الذي ازدهر إلى حين تفجرت الحرب في سوريا في عام 2011.

يوسف صليبا كان يخشى أن يساق إلى الجيش السوري ـ وهكذا فر قبل ثلاث سنوات إلى أوروبا. وعندما ـ لاحقا في ألمانيا ـ قام ضمن دروس تعلم الألمانية برحلة استكشافية في كاتدرائية برلين شعر فورا بارتباط ما بالمكان. وعرض أن يساعد بشكل تطوعي في أعمال الترميم. وبعدها بسنة عرضت عليه الكنيسة عملا.

وتحولت كاتدرائية برلين بسرعة إلى موطن صليبا بخلاف ألمانيا. ولا تريد سلطات برلين إصدار هوية شخصية له وتحيله على السفارة السورية في برلين. لكنه يرفض دخول سفارة البلد الذي هرب من حكومته، ولهذا قدم شكوى ضد ألمانيا. ولا يُعرف كيف سيستمر الوضع بالنسبة إليه في ألمانيا.

علي محمد رضائي لا يعرف تاريخ ميلاده. لكن الشاب البالغ من العمر 26 عاما يعرف تاريخا آخر: الـ 15 من أكتوبر 2015 حين وصل الأفغاني إلى برلين وقدم طلب لجوء. وبرلين كانت وجهة سفره، الذي استمر شهرين من أفغانستان عبر البلقان إلى ألمانيا حيث عمل أشياء كثيرة منها عزف الموسيقى.

علي محمد رضائي التحق بفرقة موسيقية تعرف فيها على كريس فاخهولتس، التي استضافته في منزلها للطبخ هناك مع زوجها وتعلم الألمانية. وتبين أن علي محمد رضائي وزوج كريس لهما نفس الشغف ـ الدراجات النارية. وارتبط علي بالزوجين اللذين يعتبرهما كأمه ووالده.

في ألمانيا قام علي محمد رضائي ببعض الدورات التدريبية، لكنه لم يحصل على عمل ـ في دار عجزة وفي مخبزة وفي فنادق ومطاعم. وفي وقت الفراغ يحاول تحسين لغته الألمانية مثلا داخل مقهى برليني يقدم دروسا في هذا المجال.

عندما لا يحضر علي محمد رضائي الأكل في صالة استراحة لوفتهانزا في مطار برلين أو ينظف، فإنه يلتقي مع أصدقاء في حانة. إلا أن خطر الترحيل يطارده :" لدي شقة وأعرف الكثير من الناس اللطفاء. وإذا رحلوني، فإنني سأخسر كل شيء". لأنه تم رفض طلب لجوئه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل