اللبنانيون في الشوارع مجددا معترضين على قرارات الحكومة الإنقاذية

اللبنانيون في الشوارع مجددا معترضين على قرارات الحكومة الإنقاذية

منذ 4 سنوات

اللبنانيون في الشوارع مجددا معترضين على قرارات الحكومة الإنقاذية

خرج اللبنانيون مجدداً الثلاثاء إلى الشوارع لليوم السادس على التوالي، معترضين بإجراءات اصلاحية جذرية اتخذتها الحكومة في محاولة لامتصاص نقمة المتظاهرين المصرّين على التمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بأكملها.\nواعتمدت الحكومة اللبنانية الاثنين رزمة اجراءات اصلاحية، عبر اقرارها موازنة العام 2020 مع عجز نسبته 0,6 في المئة واجراءات من خارجها، لا تتضمن فرض أي ضرائب جديدة. وتتمحور أبرز الاجراءات حول خفض النفقات العامة للدولة والموافقة على بدء تنفيذ مشاريع اصلاحية وردت في مؤتمر "سيدر".\nوقال حسين العالية (36 عاما) وهو سائق حافلة لنقل الركاب من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، خلال وجوده في ساحة الشهداء وسط بيروت "ورقة الحكومة لن تمر. إذا كانوا قادرين على وضعها وإقرارها خلال ثلاثة أيام، فلماذا لم يقروها منذ ثلاثين عاماً؟".\nوأكد عزمه على الاستمرار في التظاهر مع "الشعب اللبناني"، موضحاً "نزلنا من كل الطوائف إلى الشارع لاسقاط الدولة بأكملها".\nواحتشد الآلاف من اللبنانيين في الشوارع في مختلف المناطق منذ الصباح وعملوا على قطع الطرق الرئيسية في وقت مبكر، فيما حاولت وحدات الجيش اللبناني التفاوض مع المتظاهرين لاقناعهم بفتح الطرق.\nوأمام مصرف لبنان المركزي في بيروت، تجمّع عشرات من المتظاهرين مرددين شعارات "يسقط يسقط حكم المصرف"احتجاجاً على "السياسات المالية" المتبعة في البلاد. ويعتبر هؤلاء أن القطاع المصرفي، الذي يعود له الجزء الأكبر من ديون الدولة، شريك في إفقار اللبنانيين.\nوأبقت المصارف والجامعات وغالبية المدارس أبوابها مغلقة مع تعذّر الوصول إليها جراء قطع الطرق.\nتتضمن خطة الحكومة الإنقاذية وفق خبراء اقتصاديين اصلاحات جذرية، لم يكن ممكناً التوصل اليها لولا خروج اللبنانيين من مختلف المناطق في تحرك غير مسبوق على خلفية قضايا مطلبية ومعيشية.\nومن أبرز بنود هذه الخطة، أن يساهم القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز خمسة آلاف مليار ليرة (3,3 مليارات دولار) خلال العام 2020، وزيادة الضريبة على ارباح المصارف. كما تتضمن اجراء دراسة لخصخصة جزئية أو كلية للعديد من المؤسسات والقطاعات العامة، ضمنها قطاع الهاتف المحمول، ومرفأ بيروت، وكازينو لبنان وخطوط طيران الشرق الأوسط.\nوفشلت الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في القيام بإصلاحات بنيوية وتأهيل المرافق العامة وتحسين الخدمات والبنى التحتية. ويجد اللبناني نفسه مضطراً لأن يدفع كلفة الخدمات الأساسية مضاعفة كالكهرباء والمياه التي لا تتوافر دائماً. كما تعد كلفة الاتصالات الخليوية في لبنان من الأكثر ارتفاعاً في المنطقة.\nويلفت المحلل الاقتصادي في مجموعة الأزمات الدولية هيكو فيمن إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة "عبارة عن تدابير تقنية قد تحسن الوضع المالي في البلاد، ولكنها لا ترقى إلى مستوى التحدي الذي يفرضه المحتجون".\nويقول حسين من وسط بيروت حيث ارتفعت أعداد المتظاهرين تدريجياً خلال ساعات النهار "النواب والوزراء سارقون وحاكم مصرف لبنان يغطي عليهم" مضيفاً "ثمة صبايا وشباب يدرسون في الجامعات ويمكنهم أن يتولوا المسؤولية في البرلمان والحكومة".\nوعلى بعد أمتار منه، يوضح المهندس المعماري شربل أبو جودة "نحن هنا لنعمل على أن نحافظ على الحراك ولكي لا يذهب سدى" مضيفاً "من المفروض أن تتنحى هذه الحكومة وتترك مجالاً لحكومة أخرى".\nوعلى غرار متظاهرين كثر، يرى هذا الشاب أن "لدى اللبنانيين طاقات استثنائية" تمكنهم من قيادة البلاد في المرحلة المقبلة.\nيتحدث الأستاذ في العلوم السياسية كريم المفتي لوكالة فرانس برس عن "كباش" حالياً بين الشارع والسلطة. ويقول "بعد سماع ردود الفعل الأولى، يبدو أن الشارع لم يبتلع الطعم".\nويعتبر أنه كان حريّاً بالحكومة أن تبادر بالإضافة إلى التدابير الاقتصادية العاجلة، لاتخاذ "إجراءات أكثر جذرية"، تقنع اللبنانيين الذين يطالبون بإصلاح شامل للنظام.\nواتخذت التحرّكات منحى تصاعدياً منذ الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعاً، في تحرك شلّ البلد وأغلق مؤسساته كافة. ويحمل المتظاهرون على الطبقة السياسية لسوء إدارتها شؤون البلاد وفسادها وعجزها عن إيجاد حلول لمشاكل متفاقمة منذ عقود.\nوشكل سعي الحكومة لفرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي الشرارة التي أطلقت هذه التحركات الغاضبة، إذ لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.\nويصرّ المتظاهرون على مطلب رحيل الطبقة السياسية كاملة، في وقت لا يبدو واضحاً أفق استمرار تحركاتهم ومدى قدرتهم على الاستمرار في شلّ البلد ومؤسساته.\nويقول المفتي "دعا الرأي العام نفسه إلى مائدة الكبار، ويعتزم البقاء هناك".\nإلا أن الحراك يفتقر في هذه المرحلة بحسب المفتي إلى شخصيات قادرة على تمثيله والبحث عن بديل سياسي في ظل وضع اقتصادي وسياسي دقيق.\nويتساءل "إذا كانت الحكومة والبرلمان والرئيس لا يمثلون الشارع، فما البديل؟" محذراً في الوقت نفسه من أن "الفراغ ليس خياراً".

الخبر من المصدر