عُمان والصين تتفقان على أهمية الحوار والتسامح والابتعاد عن الصراعات

عُمان والصين تتفقان على أهمية الحوار والتسامح والابتعاد عن الصراعات

منذ 4 سنوات

عُمان والصين تتفقان على أهمية الحوار والتسامح والابتعاد عن الصراعات

فى الحاضر والمستقبل تكتسب العلاقات العمانية الصينية أهمية بالغة امتدادا لصلات تاريخية، وتهدف البلدان اليوم إلى التأكيد على الاهتمام بتفعيل الشراكة المعاصرة.\nوما بين مسقط وبكين أصبحت تمتد جسور جديدة من الحوار بين حضارتين عريقتين، وأخيرًا وليس آخرًا استضافت العاصمة الصينية بحفاوة ملتقى الصحافة العمانى الصينى، الذى يعد امتدادًا لفعاليات مهمة سبقته، كما يمثل تمهيدا للمزيد منها. وعلى الصعيد الاقتصادى تشهد منطقة الدقم مشروعاً عملاقاً لإقامة مدينة صناعية بمواصفات عالمية.\nوتكفل الشراكة الاستراتيجية الحالية تطوير آليات وسبل ومجالات التعاون بين الدولتين، فى مختلف المجالات، فضلاً عن الاسهام العمانى النشط فى المشاريع المتصلة بمبادرة «الحزام والطريق» والتى يتم تنفيذها لإحياء طريق الحرير، ومن ثم التوظيف الكامل للمزايا التكاملية لدى الجانبين فى الاقتصاد والتجارة والصناعة والطاقة التقليدية والمتجددة، وفى البحث العلمى والثقافة والسياحة والإعلام والشباب والرياضة وغيرها من المجالات التى تحقق المزيد من الرخاء. يُعد كل ذلك تتويجًا للتطور المستمر ودفعًا لجهود تحقيق التنمية، ويعكس حرصًا على إعطاء الأولوية لكل ما يحقق المصالح المشتركة ويدعم التنسيق تجاه القضايا الإقليمية والدولية.\nوقبل واحد أربعين عاماً، أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ثم نمت وتطورت بشكل مطرد؛ لتحقيق الكثير فى مجالات عديدة، وبمناسبة مرور أربعة عقود منذ تأسيس هذه العلاقات، فإنها سجلت نقلة نوعية نحو تعزيز وتعميق مجالات التعاون، حيث قرر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، والرئيس الصينى شى جين بينج إقامة «الشراكة الاستراتيجية بين البلدين».\nمن جانبها استضافت مسقط فعاليات الملتقى السياحى العمانى الصينى الثانى الذى أقامته جمعية الصداقة العمانية الصينية فى أبريل الماضى بالتعاون مع وزارة السياحة والطيران العمانى بهدف دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية.\nوأشادت جمعية الصداقة العمانية الصينية بتطور العلاقات عبر الحقب المختلفة مؤكدة أن «رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة» وفقا لمقولة صينية شهيرة. وقد شهد عام 2010 تأسيس الجمعية لتكون جسراً يربط الشعبين الصديقين لتحقيق المزيد من الازدهار فى علاقاتهما.\nعلى مسار مواز تتوالى استحقاقات تعكس تميز الحوار الإعلامى والثقافى، وفى هذا الإطار احتضنت مدينة «جوانجو» الصينية الشهيرة الاحتفالية الثقافية الإعلامية بإزاحة الستار عن النصب التذكارى للسفينة «صحار». وقد ألقى الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسنى وزير الإعلام كلمة خلال احتفالية التدشين أكد فيها عمق العلاقات التى تربط عمان بالحضارة الصينية امتداداً للإرث التاريخى الذى تتشاركان فيه منذ سنوات ما قبل الميلاد، منوهاً برحلة السندباد البحرى العمانى أبوعبيدة عبدالله ابن القاسم إلى هذه المدينة العريقة عبر سفينته الشراعية التى أخذت من الطريق البحرى القديم (طريق الحرير) فى القرن الثانى الهجرى مساراً لها حاملة معها المحبة والصداقة والسلام.\nوأكد أن هذه العلاقات الجيدة التى امتدت عبر آلاف السنين لم تنقطع، وفى هذا الإطار أمر جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان فى عام 1980، بإعادة ذكرى هذه العلاقة التاريخية من خلال بناء السفينة صحار التى رحلت عبر نفس المسار إلى مدينة جوانزو التى سلكته قديمًا لتصل إلى نفس هذه المدينة لذلك نستعيد جميعا ذاكرة الأجداد ونرفع الستار عن النصب التذكارى لسفينة صحار لتكون شاهدا على عمق العلاقات العريقة بين الشعبين الصديقين والى المحبة والصداقة التى غرست منذ قرون لتكون شاهداً للأجيال الحاضرة والقادمة على الخصوصية التى تميزت بها.\nكما وقَّعت السلطنة والصين اتفاقية تعاون فى مجال التبادل الإعلامى، ومثَّل السلطنة وزارة الإعلام، فيما مثل الصين مكتب المعلومات بمجلس الدولة. ووقَّع الاتفاقية من الجانب العُمانى الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسنى وزير الإعلام، ومن الجانب الصينى شو لين مدير مكتب المعلومات. ونصَّت الاتفاقية على أنْ يعمل الطرفان على تأسيس آلية مشتركة بينهما لتشجيع التعاون الإعلامى، والتبادل فى المجالات الإعلامية بما فى ذلك الصحافة والمطبوعات والبث الإذاعى والأفلام والتليفزيون، إضافة على عقد الندوات وحلقات العمل بشأن تطبيقات الإعلام الحديث، بمشاركة المؤسسات الرسمية فى البلدين، كما يعمل الطرفان على تأسيس آلية لتقديم المساعدة الضرورية للمراسلين للقيام بأنشطة التغطية الإعلامية. واتفق الطرفان على إرسال وفود بينهما بالتناوب.\nوتتضمَّن الاتفاقية تشجيع الطرفين على الاتصالات المشتركة فى المجال الإعلامى، وتبادل تبادل الخبرات والآراء حول السياسات الإعلامية والتنظيم والتخطيط الإعلامى. وتشتملُ الاتفاقية على تعاون المؤسسات الإعلامية الحكومية للبلدين؛ بما فى ذلك تبادل البرامج والأخبار والتغطية الإعلامية المشتركة والزيارات المتبادلة، علاوة على تشجيع التغطية المشتركة لأخبارهما الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.، وغيرها من الفعاليات فى وسائل الإعلام التابعة للبلدين.\nمنتدى المراسلين فى أكتوبر المقبل\nلتفعيل الحوار المتجدد تشارك جمعية الصحفيين العمانية فى منتدى المراسلين للحزام والطريق لعام 2019 الذى سيعقد فى الصين فى الفترة من 27 سبتمبر إلى 2 أكتوبر المقبل، بمشاركة عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين من ممثلى عدة دول. وتأتى هذه المشاركة فى إطار التعاون القائم وتفعيلًا لمواد مذكرة التفاهم فى المجال الإعلامى الموقعة بين البلدين. وسيقام المنتدى مع احتفالات جمهورية الصين الشعبية بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيسها.\nانطلاق من هذه الأرضية الصلبة للعلاقات الوثيقة عقدت فى بكين منذ أيام فعاليات ملتقى الصحافة المشترك، والذى أشرفت على تنظيمه جمعية الصحفيين العمانية بالتعاون مع سفارة السلطنة وشمل برنامجه افتتاح معرض الصور «ملامح من عمان».\nأصدرت ندوة العلاقات العمانية الصينية، التى اقيمت ضمن فعاليات الملتقى توصيات انقسمت إلى 3 مجالات رئيسية. ومن أبرزها العمل على إنشاء مركز ثقافى يعمل على اعداد التقارير والأبحاث التاريخية والحالية بين البلدين، وتعزيز التعاون فى مجالات الإعلام وعقد برامج الزيارات والدورات التدريبية بين البلدين، والعمل على التقارب اكثر من خلال بث أخبار ومواد إعلامية مختلفة باللغتين العربية والصينية، وتعزيز عقد اتفاقيات مع مراسلين اعلاميين فى كلا البلدين والاستفادة من التجارب الإعلامية الناجحة بين البلدين، وعقد المزيد من الملتقيات التى من شأنها تقريب وجهات النظر والأفكار وتبادلها لما يصب فى صالح البلدين ويعزز العلاقات على كافة مستوياتها. أما توصيات الجانب الاقتصادى فقد أكدت أهمية تعزيز بناء القدرات فى القطاع اللوجستى من خلال التعليم والتدريب، وتسهيل إجراءات الاعمال التجارية بين البلدين، وكذلك تطوير التسويق للسلطنة والمناطق الحرة والموانئ بشكل خاص، والاهتمام بالبنية الناعمة لتكون مكملة للبنية الأساسية لمختلف المشاريع. وفى المجال التاريخى خرج الملتقى بعدد من\nاستعرض الملتقى 9 أوراق عمل، مقسمة على ثلاث جلسات. أوضحت المناقشات أن نقل اللبان والذى يعتبر منتجا خاصا بعُمان إلى الصين يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد.\nفى افتتاح الفعاليات أكد الدكتور عبدالله بن صالح السعدى سفير السلطنة أن الـعلاقـات الـعمانـیة الـصینیة واحـدة مـن أبرز عـلاقـات الـتعاون الـمثالـیة بـین الـدول نـظرا لـتوفـر الـعدیـد مـن الـمقومـات المشـتركـة مـن بـین الـعلاقـات الـتاریـخیة والـحضاریـة والـدبـلومـاسـیة والسـیاسـیة والـثقافـیة، ویـأتـى الـتطور والـنمو فـى الـعلاقـات الاقـتصادیـة لـيثبت الـثقة الـمتبادلـة الـتى تـتمتع بـها تـلك الـعلاقـات بـین الـبلدیـن الصدیقین. وأكد على الحـرص المشـترك عـلى تـفعیل مـبادئ الشـراكـة الاسـتراتـیجیة الـتى أعـلن عـنها قـائـدا الـبلدیـن فـى مـایـو من عـام 2018 بـمناسـبة مـرور 40 عـامـاً عـلى إقـامـة الـعلاقـات الـدبـلومـاسـیة بـین الـبلدیـن.\nقال سالم بن حمد الجهورى نائب رئيس جمعية الصحفيين العمانية رئيس وفدها الزائر للصين: «قرابة 2000 عام يتجلى فيه رصيد حافل من العلاقات العمانية الصينية، التى تجذرت رواسخ لها بين البلدين فى وقت شهد فيه التواصل بين الأمم معجزة كبيرة، إما برًا أو بحرًا أو كلاهما محفوفان بنسب مخاطر عالية، كانت عمان والصين رائدتين فى بناء الحضارة الإنسانية وتسهمان بفاعلية فى توثيق عرى التعاون والصداقة ونشر السلام والأمن، ولعل الزيارة التاريخية للوفد العمانى فى تلك الفترة برئاسة عبدالله العمانى إلى امبراطور الصين ومشاهد الصوارى التى يممت كانتون ناشرة أشرعة السلام وناخرة عباب أعالى البحار، واحدة من تلك المحطات المضيئة فى ذلك التاريخ الناصع بين الدولتين والذى ترك إسهامات ملهمة للأجيال تواصلت بنفس النسق والاهتمام البالغ حتى تتويج الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مؤخراً».\nأضاف: «تقف عمان والصين اليوم كبلدين فاعلين فى السياسة الدولية، مستندتان إلى ذلك التاريخ الطويل، بدءا من طريق الحرير إلى الحزام والطريق، ما يثبت للعالم أن الأمم لا تجمعهما المصالح فقط، بل ما هو أثمن من ذلك، وهى القيم والمبادئ والإرث الممتد فى كلا الإمبراطوريتين اللتين بزغتا فى شرق المعمورة، واللتين لا زالتا تسهمان فى الحضارة الإنسانية وتنيران دروب الأمل وترسخان مفهوم الشراكات والتعاون».\nحملت جلسة العمل الأولى عنوان «تاريخ العلاقات العمانية الصينية وتضمنت عدة محاور منها الطرق البحرية التى سلكتها السفن العمانية فى إبحارها إلى الموانئ الصينية، والصادرات والواردات المتبادلة، وتطرقت إلى عدة نتائج منها أنه تم نقل اللبان والذى يعتبر منتجا خاصا بعُمان إلى الصين فى القرن الخامس قبل الميلاد، وفى سنة 100 ميلادى قامت كل من «مجان» و«ظفار» العمانيتين بإيفاد رسل إلى مدينة «لوه يانغ» لاستلام هدايا الإمبراطور الصينى، وأشار إلى أن رحلات البحار الصينى «تشنج خه» التى قادته إلى المحيط الهندى تشير إلى أن الطرق التى سلكها قد تأثرت بشكل كبير بأنشطة البحارة العمانيين.\nأما الجلسة الثانية فتناولت تعزيز التعاون الاقتصادى وتضمنت رؤية سلطنة عمان لتكون مركزًا دوليًا للوجستيات، وركزت على آلية إعداد التخطيط الاستراتيجى للتنويع من خلال تسليط الضوء على موقعها وجاهزية موانيها لتكون بوابة لدول الخليج العربية، والاستقرار السياسى والأمنى، والكوادر البشرية الشابة والمتعلمة، العلاقات الدولية المتميزة، والموارد الطبيعية.\nواستعرضت عدة محاور منها الأهمية الاستراتيجية لموقع الدقم للمستثمرين الصينيين، ومشاريع البنية الأساسية.\nانطلقت آخر الجلسات بعنوان «الإعلام العمانى ودوره فى تعزيز العلاقات «، وتضمنت ثلاث أوراق عمل، ركزت الأولى على التقارب الحضارى بين البلدين،\nأما الثانية فقدمتها أمل بنت طالب الجهورية وحملت عنوان «المرأة فى مسيرة الإعلام العمانى»، مستعرضة تجربة المرأة العمانية ومشاركتها الفاعلة منذ بداية النهضة حيث تواجدت بصوتها عبر المذياع، وحضورها عبر شاشة التلفاز، ومشاركة بقلمها وفكرها فى رصد المشهد التنموى عبر الصحافة المحلية. وقدم نائب مدير القسم الدولى لوكالة شنخوا آخر أوراق العمل. عقب ذلك، فتح باب النقاش فى جلسة حوارية أدارتها الإعلامية خلود العلوية مدير عام إذاعة هلا إف إم.

الخبر من المصدر