المحتوى الرئيسى

مغردون عرب يوظفون ديمقراطية تونس للسخرية من أوضاع بلدانهم

09/17 19:20

ما بين الشعور بالمرارة وروح الدعابة، أثار نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي العرب موجة من السخرية يقارنون من خلالها بين الأوضاع السياسية في بلدانهم وانتخابات تونس، التي جرت يوم 15 سبتمبر أيلول 2019، في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من أزمات سياسية وهيمنة أنظمة حكم غير ديمقراطية.

وملأ مغردون ومعلقون مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وفيديوهات وصور ساخرة تقارن بين التجربة الديمقراطية في تونس والأوضاع في دول عربية أخرى منها الجزائر التي تجتاز بصعوبة مأزقا سياسيا بعد ثمانية أشهر من الحراك المطالب بتغيير للنظام السياسي، ومصر التي يشتد فيها الجدل حول قضايا الفساد والحكم.

فقد أظهر رواد موقع تويتر من المصريين اهتماماً واسعاً بالانتخابات التونسية، لاسيما بعد الزوبعة الأخيرة والجدل على خلفية اتهامات بفساد في الجيش المصري واتهامات للرئيس السيسي ببناء قصور فاخرة، أطلقها الفنان ورجل الأعمال محمد علي. إذ غردت صفحة مصرية يطلق عليها "الإعلامي": "الي تونس فيه ده بسبب أن جيشها طلع خاين ومبيخفش عليها..."

وجاءت الردود المصرية على هذه التغريدة بقالب ساخر أيضاً، إذ رد أحدهم قائلاً: "اصبر شوية يامعتز لما نشوف ايه المستخبى"، فيما كان رد أحدهم: "ربنا يستر بس ومتصفيش على وزير الدفاع المستقيل اواحد شرفاء النظام".

ولم تمر مشاركة وفد مصري في مراقبة شفافية الانتخابات التونسية، دون إشارات نقد لاذعة عبر تغريدات عديدة، فقد أعاد الإعلامي أسعد طه نشر تغريدة تتحدث عن ما أسماه معلقون مصريون لمزا: "خروقات رصدتها لجنة المراقبة المصرية"، ليطلق بها موجة ردود جديدة ساخرة، "معودين ع البلح"، و "الحرية عند الطغاة خروقات!".

ويبدو أن الانتخابات التونسية جاءت في وقت رأى فيه كثير من المغردين مناسبة للتعبير عن رغبة الشباب العربي في التغيير، في ظل أزمات عديدة تواجهها بلدان عربية وارتفاع أصوات المطالبين بانتخابات حرة ونزيهة.

كما حظيت الانتخابات التونسية باهتمام رواد مواقع جزائريين، لاسيما بعد قرار السلطات الجزائرية بإجراء الانتخابات الرئاسية في 12 من كانون الأول/ديسمبر 2019، وسط المطالبات بتنحية رموز النظام قبيل أي انتخابات، ومع ازدياد الحركة الاحتجاجية الراغبة بإنشاء مؤسسات انتقالية.

وقد قارن الصحفي الجزائري المقيم بألمانيا رشدي شياحي بين الانتخابات في تونس والجزائر، متهماً سياسيي الجزائر ببيع "الهراء". 

 أما الستاند أب الفلسطيني علاء أبو دياب، فقد عبر ساخراً عن مطالبته بشراء الانتخابات، لتنهال عليه التعليقات: "طب ع الاقل نزلولنا القديمة عن السِدة (الرف)"، فيما كان تعليق آخر: "دايما بيشتريلكم شغلات وتفصيل وبلبسكم ياها .. وبتزعلوا .. هلأ ضاقت عينك وحليتلك تبعت جيرانك؟ تطلعش عليهم وخليهم يلبسوا .. أصلا مش حلو"، وسخر آخرون من أن ثمن الانتخابات غالٍ. 

وكتب الصحفي الفلسطيني أحمد يوسف منشوراً عبر فيسبوك يطالب فيه وبأسلوب لاذع بسحب عضوية تونس من جامعة الدول العربية، مستغرباً التداول السلمي للسلطة في هذا البلد العربي: 

وتعددت أشكال تعبير رواد موقع تويتر على الانتخابات التونسية، اذ زج بعضهم بأسماء نجوم كرة القدم، وغردت إحدى الصفحات الرياضية المصرية واسعة الانتشار، ساخرة من إدراج اسم محمد صلاح كأحد المرشحين في الانتخابات.

ومزجت التعليقات ما بين النقد السياسي للأوضاع في العالم العربي والسخرية التي يمكن تسميتها بـ "الكوميديا السوداء"، معربين عن رغبتهم بممارسة الديموقراطية في بلدانهم. 

التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الإجتماعي تحمل معها تطلعات لدى فئات واسعة من الشباب العربي إلى تحقيق ما وصلت إليه تونس، باعتبارها تجربة سياسية استثنائية في العالم العربي.

تحققت المفاجأة في انتخابات الرئاسة بتونس، وفاز أستاذ القانون قيس سعيد وقطب الإعلام نبيل القروي المحتجز بتهمة غسل الأموال في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت يوم الأحد 15 سبتمبر أيلول في تونس. وحصل سعيد على 18.4 بالمئة من الأصوات بينما جاء القروي في المركز الثاني بنسبة 15.6 بالمائة، ومنيت الأحزاب الكبرى بهزيمة مدوية في الإنتخابات التي جرت في إطار النزاهة والحرية وسط إشادة أوروبية ودولية.

أعلنت الهيئة التونسية العليا المستقلة للانتخابات بلوغ نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة 45.02 بالمئة. وقال رئيس الهيئة نبيل بافون، إن النسبة تعتبر مقبولة مقارنة بالإحصائيات قبل غلق مكاتب الاقتراع. وبلغت نسبة المشاركة في الخارج 19.7 بالمئة.

في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 وفي ولاية سيدي بوزيد، أضرم محمد البوعزيزي البائع المتجول النار في نفسه بعد اتهامه لشرطية بإهانته. عقب وفاته وقعت مواجهات عنيفة بين المحتجين والشرطة امتدت لباقي البلاد لتندلع الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني 2011 طالب خلالها المتظاهرون برحيل الرئيس زيد العابدين بن علي وإسقاط نظامه اعتراضاً على الانسداد السياسي وتدهور الاقتصاد، ليهرب بعدها بن علي إلى السعودية.

في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 تم انتخاب "المجلس الوطني التأسيسي التونسي"، وتم تشكيل "الترويكا" وهي ائتلاف حاكم رئاسي وحكومي وبرلماني مكون من ثلاثة أحزاب ذات أغلبية وهي حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي لليبراليين. وانتخب المجلس التأسيسي بدوره المنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية التونسية فيما تولى حمادي الجبالي رئاسة الحكومة ومصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس التأسيسي.

تسبب اغتيال المحامي شكري بلعيد المعارض الشرس لحزب النهضة، بالرصاص في 6 شباط/فبراير 2013 أمام منزله، واغتيال محمد براهمي السياسي والنائب المعارض في المجلس التأسيسي في إحداث هزة بالبلاد. على إثر الاغتيالات استقالت حكومة حمادي الجبالي وشهدت البلاد مظاهرات دعت إلى إحقاق العدالة في القضيتين.

دفعت إطاحة الجيش بأول رئيس مصري منتخب البعض في تونس لتوجيه دعوات لدخول الجيش المشهد السياسي وتغيير الأوضاع، وهو ما وصفه المرزوقي بـ "المحاولة الانقلابية". لكن الجيش التونسي أعلن نأيه بنفسه عن الجدل السياسي والتزامه بواجبه كما حدده الدستور، وتعهد للمرزوقي بالدفاع عن الجمهورية والنظام السياسي، ورفضت قوى المجتمع المدني وقطاعات عريضة من التونسيين المشاركة في مظاهرات سُميت "الرحيل" بهدف تغيير النظام.

في 15 أغسطس/آب عام 2013 اتفق الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي على الوصول لصيغة تعاون وتعايش بين حزبي نداء تونس والنهضة وتشكيل حكومة تكنوقراط وصياغة دستور جديد وهو ما أسفر عن تنظيم انتخابات حرة في 2014. ورغم اعتراضات من هنا وهناك على الاتفاق لكن الرجلين قررا الحفاظ على التوافق لضمان استقرار الحالة السياسية في البلاد لأطول فترة ممكنة، وأطلق عليه "توافق الشيخين".

في 17 سبتمبر/أيلول عام 2013 رعت أربعة منظمات مدنية تونسية (الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الهيئة الوطنية للمحامين، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) الحوار الوطني بين الحكومة الانتقالية وجبهة أحزاب المعارضة ما أدى للوصول إلى اتفاق سياسي شامل جنب دخول البلاد في نفق مسدود ليفوز الرباعي التونسي على إثر ذلك بجائزة نوبل للسلام عام 2015.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل