المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: الانتخابات الإسرائيلية.. ومصير حل الدولتين!

09/16 08:15

بنيامين نتنياهو في مأزق. فهو يحكم إسرائيل لمدة 13 عاماً. ويوم الثلاثاء المقبل (17 سبتمبر/أيلول 2019)، يطمح إلى إعادة انتخابه. لكن الأمور لا تسير كما يتصور "بيبي". رغم أن نتنياهو يروج منذ أشهر بلا كلل ولا ملل وبنجاح ويثير المخاوف من مخاطر إيران العدائية على أمن إسرائيل، حيث تمكن من تسجيل نقاط في السياسة الداخلية وحتى في التعامل مع بعض الأنظمة العربية في منطقة الخليج. والأهم من ذلك، في موقفه الصارم والمناهض لإيران، كان باستطاعته الاعتماد بشكل واضح على دعم الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العظمى الحليفة، كما كان الحال في مسألة ضم مرتفعات الجولان السورية والاعتراف الأحادي بالقدس كعاصمة إسرائيلية "غير مقسمة".

ما مدى التوافق بين نتنياهو وترامب؟

غير أن حليفه الأهم، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يحمل معه دائماً المفاجآت. والآن ترامب ـ كما حدث مع كوريا الشمالية ـ لا يستبعد حدوث لقاء شخصي مع رئيس إيران. ولو حصل هذا بالفعل، قد يُشعر نتنياهو وكأن الرئيس الأمريكي يخونه. وما قد يزيد من ارتباك نتنياهو الآن هو مغادرة سياسيين اثنين متشددين من أصدقائه الحكومة الأمريكية وهما مستشار الأمن المتشدد جون بولتون والمفاوض في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات. كما قد تؤثر التقارير الإعلامية الأخيرة بشأن التجسس الإسرائيلي في واشنطن على العلاقة بين نتنياهو وترامب.

لكن مأزق نتنياهو الأكبر شخصي الطابع، إذ تنبأت استطلاعات الرأي بمنافسة حادة له مع رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، بيني غانتس. إذا سارت الأمور بشكل سيء بالنسبة له، فقد يخسر نتنياهو الانتخابات. وقد يكون لخسارته نتيجة شخصية خطيرة عليه، إذ تهدد رئيس الوزراء ثلاث تهم بالفساد. ومن دون وجوده في منصب رئيس الوزراء يفقد حصانته القانونية وتتضاءل فرصه في حماية نفسه من الملاحقة الجنائية.

الصحفي والخبير بشؤون الشرق الأوسط بمؤسسة DW الإعلامية راينر زوليش

وهذا أيضاً من أحد الأسباب وراء شراسة حملة نتنياهو من أجل إعادة انتخابه. ولهذا السبب يصعد من لهجته تجاه الميليشيات المعادية لإسرائيل مثل حزب الله وحماس. ولهذا السبب أيضاً، وعد في حالة فوزه بالانتخابات، بضم "فوري" لغور الأردن، الذي يعيش به إلى جانب 60 ألف فلسطيني، 5 آلاف مستوطن إسرائيلي.

يرى كثير من المراقبين في إسرائيل، وكذلك في ألمانيا أن هذا الضم المعلن لغور الأردن من قبل نتنياهو هو مناورة انتخابية. هم بهذا على حق! بالتأكيد الأمر ليس كذلك على الإطلاق. حملة نتنياهو تثير جدلاً حامياً الآن في إسرائيل - خصومه الرئيسيون سيدعمون هذا المشروع لأسباب أمنية. لكنهم يشككون في أن يكون نتنياهو جاداً في وعده وأنه يستطيع فرض ضم غور الأردن. ما يضع مصداقية نتنياهو على المحك أيضاً. ففي حالة إعادة انتخابه، هل يمكن لنتنياهو تجاهل وعده الانتخابي هذا؟

هذا الوعد يمكن أن ينفذه فقط بدعم من الرئيس الأمريكي، الذي يبقي موقفه محتشماً. منذ شهور تحوم الكثير من التخمينات حول الرؤى والإجراءات التي تحملها خطة الشرق الأوسط التي أعلنت عنها حكومة ترامب والتي لم يتم نشرها بعد. فهل سيكشف عنها بعد الانتخابات الإسرائيلية، كما سبق وأن أعلن؟ وهل من ضمنها ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية؟

تأثيرات سلبية على كلا الجانبين

وإذا تحقق ذلك، فسيكون أمرا خطيراً للغاية! وبسبب بناء المستوطنات الإسرائيلية والصراعات الفلسطينية الداخلية والعنف المتبادل وانعدام الإرادة من جميع الأطراف، يبدو حل الدولتين أقل واقعية. عمليات الضم الإضافية تجعل من إنشاء دولة فلسطين مهمة مستحيلة تقريباً. وقد تجر معها المزيد من العنف إلى المنطقة.

كما أن هناك مشكلة أخرى لإسرائيل: كلما زاد عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، أصبح من الصعب الحفاظ على طابع دولة يهودية وديمقراطية في آن واحد. وإذا بقي الفلسطينيون محرومون من الحقوق التي يعتبرها المواطنون الإسرائيليون أمراً بديهيا، فقد تكتسب التهم الشعوبية التي تفيد بأن إسرائيل "دولة عنصرية" المزيد من الشعبية. وتعيد التقارب الحاصل خلف الكواليس مع دول عربية مختلفة إلى نقطة البداية.

في الوقت نفسه، فإن المقارنة مع جنوب إفريقيا غير دقيقة على الأقل تاريخياً، وتُفقد إسرائيل مصداقيتها. ولا يمكن أن يكون من مصلحة إسرائيل الأمنية تذكية هذه التهمة ضدها مباشرة بعد الانتخابات.

لم تنجح قمة كامب ديفيد، التي عُقدت في يوليو/ تموز عام 2000، وجمعت آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في التوصل إلى اتفاق بشأن وضع القدس أو ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وبعدها انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 2000 على إثر زيارة رئيس الوزراء آنذاك، ارييل شارون، للمسجد الأقصى.

على إثر الانتفاضة الثانية، قررت إسرائيل الانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية. وانسحبت بعض القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ليتم بعدها إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 21 مستوطنة في القطاع، وفقًا لخطة ارييل شارون. وبنت إسرائيل جداراً عازلاً يصل طوله إلى 750 كيلومتراً حول الضفة الغربية، بهدف منع وقوع هجمات.

بلغ الصراع في الشرق الأوسط ذروته عام 2006. في حين كانت إسرائيل تشن حرباً ضد حزب الله في لبنان، ساد الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة. وفي عام 2007، أضعف انقسام السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم، الجانب الفلسطيني.

في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شنت إسرائيل هجمات اسمتها عملية "الرصاص المصبوب" على مجموعة أهداف في غزة. الهدف من هذه العملية كان إضعاف حركة حماس والقضاء عليها. وسبق الضربة العسكرية الإسرائيلية، تصعيد للصراع بين حركتي فتح وحماس. لكن بعد سيطرة حماس على القطاع، عاد التوتر. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009، انتهى الصراع بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفقًا للمصادر الفلسطينية.

بقي الصراع مستمراً عام 2009، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي، نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، ما أجج الصراع بين الجانبين. في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت اسرائيل عملية اسمتها "عمود السحاب". بعدها وافقت الحكومة الإسرائيلية وحماس على وقف إطلاق النار مرة أخرى.

تعد حرب غزة عام 2014 أو ما يعرف بعملية "الجرف الصامد" الصراع العسكري الأكثر عنفاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العشرين سنة الماضية. الحرب، التي استمرت سبعة أسابيع، تسببت في مقتل أكثر من ألفي شخص.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل