بنايات مصر «تفقد رونقها».. ومتخصصون: تدهور الذوق العام السبب

بنايات مصر «تفقد رونقها».. ومتخصصون: تدهور الذوق العام السبب

منذ 4 سنوات

بنايات مصر «تفقد رونقها».. ومتخصصون: تدهور الذوق العام السبب

غريب: التفكير بمنظور البناء وراء فقر الفكر المعمارى.. وطرابية: الأزمة لها علاقة بالحالة الاقتصادية للعالم.. وعبدالسلام: نقابة المهندسين لا تملك سلطة التدخل فى الشكل أو المظهر الحالى\nتدنى الذوق العام للمجتمع قتل الجيد من فنون العمارة\nأرجع عدد من الأساتذة والمتخصصين فى فنون الهندسة المعمارية، السبب فى تحول مبانى العاصمة ومدنها الجديدة إلى بنايات تفتقر إلى هندسة المعمار وتخلو من الإبداع، إلى تخلف دراسة العمارة، مع التفكير بمنظور البناء والتشييد وليس باعتبار العمارة أم الفنون والإبداع.\nوقال المتخصصون فى تصريحات لـ«الشروق»، إن مبانى القاهرة القديمة خلال القرن التاسع عشر كانت تعكس قيمة ورونق وحضارة وإبداع ما جعلها جديرة بالوصف أنها قطعة من أوروبا لكن ضعف الثقافة والفن وجودة التعليم لخريجى الكليات المختلفة ذات العلاقة بالهندسة المعمارية، بالإضافة إلى رغبة المقاولين فى ضبط التكلفة الاقتصادية أصبحت من أهم أسباب تراجع الشكل الجمالى والفنى لتلك المبانى.\nوأكد مؤسس جهاز التنسيق الحضارى، سمير غريب، أن فقر الفكر المعمارى والإبداع سببه تخلف دراسة العمارة، والتفكير بمنظور البناء والتشييد وليس بمنظور أن العمارة أم الفنون والإبداع وكيف تنشئ شيئا جديدا.\nوأضاف، غريب، أن الطلاب عند التحاقهم بكليات الهندسة والفنون الجميلة وأقسام العمارة لا يمتلكون الحس الفنى والإبداع لأن غالبيتهم حصلوا على مجموع كبير من الثانوية العامة اعتمادا على الحفظ والتلقين وبالتالى التحقوا بتلك الكليات.\nووصف اختبارات القدرات التى تجرى لاختيار الطلاب فى تلك الكليات المتخصصة بالفاشلة ولا تصلح لأن تكون معيارا لاختيار الطلاب، مضيفا: «أن الأساتذة القائمين على وضعها وتقييم الطلاب ليس لديهم الإبداع الكافى».\nوأشار إلى أن مهندسى العمارة فى التجمعات الجديدة يعتمدون على التقليد وليس الإبداع، كما يعتمدون على رسومات تقدمها شركات الإنشاءات والمقاولين ليتم إنشاء نفس المبنى بذات الشكل فى كل مكان، بالإضافة إلى محاولة تقليد العمارة اليونانية والرومانية رغم فوات الزمن عليها».\nوحمّل الدولة ممثلة فى الحكومة هذا الشكل غير الحضارى فى التجمعات الجديدة وافتقار مبانيها الجديدة إلى الذوق والرقى، مؤكدا أن الحكومة مهتمة ببناء المدن الجديدة ولكن لا تفكر فى القوة البشرية التى ستشيدها»، مؤكدا أن الثقافة تعد قاطرة التقدم ويمكن توظيفها فى تشييد المبانى.\nوأوضح: أن قرار طلاء المبانى صحيح لأن لون الطوب الأحمر يعكس فقر العمارة، مطالبا بأن يكون اختيار اللون من حق المالك تحت إشراف جهاز التنسيق الحضارى لتحقيق عنصر الانسجام، لافتا إلى تهميش عمل جهاز التنسيق الحضارى قائلا: «إنه لا يطبق بالفعل وليس له أى تأثير فى المجتمع»، مشيرا إلى أن حزام المدن الجديدة حول القاهرة، يعد توسيعا للمساحة الجغرافية للعاصمة عبر وضع حزام من المدن الجديدة بما يخالف فنون المعمار وسينتج عنه خلال فترة قليلة التحام للعاصمة القديمة مع الجديدة بما يمثل كارثة جديدة.\nومن جهته، أكد عميد كلية الهندسة جامعة عين شمس وأستاذ الهندسة المعمارية محمد أيمن عاشور، أن التعليم المعمارى جيد وخريجه متميز فى مصر، ولكن المتسبب فى المشهد المعمارى الحالى هو طبيعة السوق التى يعمل بها الطالب عقب تخرجه.\nوأشار عاشور، إلى أن عدم الالتزام بالتخصصات فى مزاولة المهنة أدى إلى المشهد الحالى، متابعا: «المقاولون لا يعطون العيش لخبازه وكثيرا ما نقابل مهندسا إنشائيا يقوم بدور المعمارى وربما يكون خريج كلية الهندسة وليس له أى صلة بأقسام المعمار والإنشاءات وهذه مشكلة مكاتب الإنشاء التى توظف وتقبل من غير التخصص».\nوطالب بضرورة مراجعة المنظومة المسئولة عن تكوين وتشكيل المهندس المعمارى، موضحا أن أطراف تلك المنظومة تشمل نقابة المهندسين وكليات الهندسة والمقاولين ومكاتب الإنشاء الذين لا يعتدون بالتخصصات فى عملهم.\nوأشار إلى ضرورة تفعيل مثلث «المعمارى والمقاول والمالك» مع نشر ثقافة التفاعل بينهم كما فى الدول التى حققت نجاحا وتقدما فى فن الهندسة المعمارية، لافتا إلى أن الدول الخارجية تمنح المالك الذى يساعد المهندس المعمارى على تأسيس واجهة بناية أو منظر حضارى جيد جائزة مادية، مشددا على ضرورة تطويع قوانين البناء والتخطيط العمرانى لصالح المعمارى.\nولفت إلى أن عنصر التكلفة يلعب دورا مهما فى التخطيط العمرانى، وفى إنتاج الأشكال الإبداعية، مؤكدا أنه يمكن للمهندس تأسيس مناظر جمالية بأقل وأبسط التكاليف ولكن تحتاج إلى مجهود وتفكير وذوق عام.\nمن جانبه، قال أستاذ مساعد التصميم المستدام بقسم الهندسة الإنشائية والمعمارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة خالد طرابية، إن أزمة تراجع الفن المعمارى وانعكاسه على المبانى والتجمعات السكنية الجديدة يرجع إلى عدة أسباب أبرزها تدهور الذوق العام ومستوى التعلم الفنى الثقافى لدى طلاب الكليات المختصة بدراسة الفنون المعمارية.\nوأكد «طرابية»، أن الأزمة لها علاقة بالحالة الاقتصادية التى يمر بها العالم والارتفاع الذى شهدته مواد البناء ما أثر على الموارد والقائمين على فن العمارة ودفعهم إلى استخدام الأرخص فى البناء والأرخص فى التشييد والشكل الحضارى.\nوأضاف: «أساتذة العمارة يتساءلون كل يوم هل نحن نقوم بالتدريس خطأ لكى نخرج مهندسين بهذا المستوى»، موضحا: «أنه للأسف توجد مشكلة فعلية فى التعليم تتمثل فى تدهور التعليم بالكليات وتدهور الذوق العام فى الفنون للأجيال الجديدة مع عدم توافر مقومات الثقافة العامة للطلاب والذوق العام».\nوتابع: «أن طلاب أقسام العمارة ليس لديهم أدنى معرفة بالرسامين المصريين كما لم يزر غالبيتهم متاحف ومعارض الفنانين المصريين المشهورين فى هذا المجال لتشكيل اتجاهاتهم»، مشيرا إلى أن تنمية ثقافة الطلاب الإبداعية ليست بمعقدة ويمكن إصلاحها عبر سماع الموسيقى الذوقية وليس موسيقى المهرجانات الشعبية، وتوفير مشاهد فنية أفضل، بالإضافة إلى تغيير طرق التعليم لتواكب طرق العمارة العالمية مع تغيير قواعد التدريس الثابتة منذ 50 سنة.\nوأشار إلى تأثير عنصرى عدم توافر المواد والعمالة المدربة المتخصصة وضعف التمويل، على تدنى المظاهر الحضارية للبنايات، موضحا «أن مبانى وسط القاهرة حالتها أفضل وأحسن من المبانى الحديثة من ناحية الإنشاءات والخامات».\nمن جهتها، قالت أستاذ العمارة بكلية الهندس جامعة القاهرة سهير عبدالسلام، إن نقابة المهندسين والجهات النقابية الأخرى المسئولة عن فنون العمارة والتنسيق الحضارى لا تملك أى سلطة للتدخل فى الشكل أو المظهر الحالى، نظرا لوجود قانون وجهات إدارية قائمة بهذه المهام، مؤكدة أن الجهات الإدارية هى من تتحمل المظهر الحضارى الحالى.\nوأضافت عبدالسلام: «أن تدنى الذوق العام للمجتمع أمات الجيد من فنون العمارة، بالإضافة إلى ذوق الزبون وتعود عدد كبير من المقاولين على الاشتغال بالعمارة والتأسيس دون الرجوع إلى التخصص توفيرا للنفقات وزيادة ربحيتهم».

الخبر من المصدر