كيف أثر متطرفو الإنترنت في عقول الأولاد البيض في أمريكا؟

كيف أثر متطرفو الإنترنت في عقول الأولاد البيض في أمريكا؟

منذ ما يقرب من 5 سنوات

كيف أثر متطرفو الإنترنت في عقول الأولاد البيض في أمريكا؟

عبرت أم عن قلقها من المحتويات المتطرفة المسممة لعقول الأولاد الذين يستخدمون الإنترنت، في تغريدة نشرتها على موقع تويتر وحظيت بانتشار كبير.\nويبدو الأولاد البيض في الولايات المتحدة، في هذا العصر الذي يستطيع فيه أي شخص الوصول إلى أي شيء تقريبا على الإنترنت، معرضين لخطر التطرف أكثر من غيرهم.\nوهناك ثلاثة أشياء تجمع بين المشتبه بهم في حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، وهي: أنهم شباب، وأنهم بيض، وأنهم ذكور.\nويعتقد أن المشتبه به في حادثة إطلاق النار في (ال باسو)، التي قتل فيها 22 شخصا في ولاية تكساس، نشر (مانيفيستو) بيانا عنصريا على الإنترنت.\nوقالت الشرطة التي تحقق في الهجوم الدموي الذي حدث في دايتون في اليوم التالي إن المسلح تأثر بـ"أيديولوجية عنف"، وإن لم يكشف عن الدافع وراء الحادثة.\nولا تعد مخاطر الإنترنت موضوعا جديدا بالنسبة إلى الآباء والأمهات والمعلمين، لكن الحوداث المأساوية الجديدة أثارت الجدل مرة أخرى بشأن ما يمكن أن تفعله الأسر، وما يجب أن تفعله، خاصة فيما يتعلق بتربية الأولاد البيض في الولايات المتحدة.\nوتقول جوانا شرودر، وهي أم لثلاثة أطفال، وكاتبة وناقدة إعلامية: "بدأت النذر تظهر قبل عام أو نحو عام، حينما أخذ أولادنا يطرحون أسئلة تدل على وصولهم إلى موضوعات يتناولها اليمين المتطرف".\nوقالت لبي بي سي إن أحد ولديها بدأ يتناول "بسخرية وفي نكات مواقف اليمين المتطرف"، متسائلا مثلا عن سبب تقليد السود "لثقافة البيض، مع عدم إمكانية نقل البيض لثقافة السود". وبدأت شرودر تعرف كيف يشارك الأولاد الآخرون بعض المواد العنصرية والمناهضة للمثليين، وتدرك أيضا أنها على أكثر احتمال مستقاة من منتديات على الإنترنت.\nوفي الأسبوع الماضي انتشرت التغريدة التي نشرتها شرودر عن دور آباء وأمهات الأولاد البيض، في عالم يسهل فيه الوصول إلى وجهات النظر المتطرفة، وأن هؤلاء الآباء يجب أن يراقبوا وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها أولادهم، وأن يعلموهم التعاطف مع الآخرين.\nوأصبحت التغريدة مثار نقاشات واسعة، وبلغ عدد المعجبين بها 180000 شخص، ووصل عدد التعليقات ومن شاركوها إلى 8500 عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.\nوتقول شرودر: "لا تدل جميع النكات التي يستخدمها الأولاد على تعرضهم إلى خطر أيديولوجي. لأن السؤال الأكبر الذي يجب أن يطرحه الآباء والأمهات على أنفسهم هو: حينما يطرح أبناؤهم نكاتا عنصرية أو مناهضة للمثليين، هل يفهم أولادهم العواقب العميقة المترتبة على ما يقولونه؟".\nلكن بعض الناس سخر من اقتراحها مراقبة وسائل التواصل التي يستخدمها الأولاد، لأن فيه تدخلا في خصوصياتهم ومبالغة في رد الفعل.\nوقال آخرون إن ما تقوله لا يقتصر فقط على الأولاد البيض، وإن التركيز على عرق واحد يجعل المشكلة أقل عمومية. وأشاروا أيضا إلى دور وسائل الإعلام الكبيرة في الخلط بين وجهات نظر وقيم المحافظين، أو غير المتحررين فكريا، بالتعصب الأعمى واستعلاء البيض.\nويقول بعض الخبراء إن لوغاريتمات وسائل التواصل الاجتماعي تلهب انتشار وجهات النظر المتطرفة أو التي تتسم بالتآمر، عن طريق إيجاد ما يعرف بغرف الصدى على الإنترنت، أي الغرف التي تردد ما يطرح. ومع التأكد من أن تأثير دعايات الإنترنت ليس مقصورا على الأولاد فقط، في الولايات المتحدة على الأقل، فإنه يبدو أن هذا يدفع الشباب بوجه خاص إلى الرد بعنف، دفاعا عن أنفسهم.\nوقال أحد الشباب في رده على شرودر: "رأيت هذا يحدث لأناس كانوا يحيطون بي في المدرسة. وشاهدت الانقسام بين من تأثروا بشدة، ومن لم يتأثروا".\nوربما يتضمن فيديو ألعاب على يوتيوب إشارة إلى شيء سياسي، على سبيل المثال. وربما يكون هذا موضوعا بعناية لاجتذاب الشباب، بحسب ما تقوله شرودر، مضيفة: "بعد مشاهدة هذا الفيديو، ربما يكون الفيديو التالي أكثر من سابقه تطرفا".\nوفي أوائل هذا الشهر نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقا عن الطرق التي يستخدمها يوتيوب في تمكين اليمين المتطرف في البرازيل، عن طريق التوصية ببعض القنوات المشجعة على نظرية التآمر، والمروجة لمحتويات اليمين المتطرف لمستخدميها.\nوأفادت صحيفة التايمز بأن تأثيرات توجيه وجهات النظر إلى تلك المحتويات شوهد في مدارس البرازيل، وفي أنظمة الصحة العامة، وفي السياسة بطبيعة الحال. وكان جائير بولسونارو، قبل انتخابه، نجما لليمين المتطرف على يوتيوب.\nويقول توم ريديماتشر، المعلم في المرحلة الثانوية في مينيسوتا إن المدارس تستطيع بذل المزيد من الجهد لـ"وقف مثل هذا التطرف" بدون القضاء على أي مجموعة سياسية أو أيديولوجية خاصة.\nويضيف: "يجب أن ندرّس التفكير النقدي والتعاطف. ولا ينبغي أن ندرس الأطفال ما الذي يفكرون فيه، بل كيف يستمعون إلى الآخرين الذين يفكرون بطريقة مختلفة عنهم".\nيقول تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي يحلل حوادث إطلاق النار من عام 2000 إلى 2013 إن 63 في المئة من المسلحين كانوا بيضا وصغار السن، أو في منتصف العمر. ومقارنة بذلك، يأتي السكان الأمريكيون من أصول إفريقية، في المرتبة التالية، بنسبة 16 في المئة.\nويشير تحقيق أجرته شركة (ماذر جونز) على حوادث إطلاق النار من عام 1989 وحتى عام 2019 إلى نتائج مماثلة، من حيث إن مرتكبيها كانوا بيضا من صغار السن.\nوقال رئيس مكتب التحقيقات، كريستوفر راي، في يوليو/تموز أمام مجلس الشيوخ إن أغلب حالات الإرهاب المحلي "كان دافعها بعض أنواع ما يمكن أن نصفه بعنف استعلاء البيض".\nوأمضت البروفيسورة مارغريت هاغرمان في جامعة ميسيسيبي سنتين وهي تدرس مجموعة أسر من البيض الأغنياء، والطرق التي تناقش بها تلك الأسر موضوع العرق وتعلمه.\nوتقول هاغرمان إنها اندهشت عندما عرفت أن كثيرا من الآباء والأمهات يعتقدون أن أطفالهم لا يعرفون عن العرق وأنهم "عمي بالنسبة إلى موضوع اللون".\nوأضافت: "عندما قضيت وقتا وجها لوجه مع الأطفال، أو مع أصدقائهم، كان من الواضح أن لديهم فكرة عن العرق، والعنصرية وعدم المساواة".\nوتقول: "يتعلم الأطفال عن العرق في أمريكا من خلال جوانب مختلفة من حياتهم اليومية".\n"التطرف" على الإنترنت يثير جدلا بين بريطانيا وشركات التكنولوجيا\nوتشير إلى أن الآباء والأمهات يجب أن يفكروا في الطرق التي يربون بها أبناءهم، وكيف أن معيشتهم في أجواء يهيمن عليها البيض، وذهابهم إلى مدارس للبيض، قد "يرسخ في أذهانهم رسالة" تجعلهم غير مهيئين للتعامل مع بعض المحتويات، من قبيل ما يروج له أصحاب أيدويولوجيات استعلاء البيض.\nوتقول: "غالبا ما أسمع آباء وأمهات يقولون لي إنهم غير مرتاحين للحديث عن العنصرية مع غيرهم من الكبار. وهذا يدهشني، لأنه إذا كان البيض الكبار لا يستطيعون إجراء حديث عن العنصرية في أمريكا مع كبار آخرين من البيض أيضا، فلست أفهم كيف يفكرون في الاستعداد لمثل هذه الأحاديث مع الأطفال".\nووصف ريديماتشر مجموعة من الأولاد البيض في فصل يدرسه بأنهم كانوا غالبا ما يسخرون من العرق، والجندر، والميول الجنسية للأشخاص، بطريقة يعتقد أنها نابعة من منتديات الإنترنت.\nولم يؤد التوبيخ إلى كبح هذا السلوك لديهم، ولذلك دعا ريديماتشر هؤلاء الأولاد إلى مناقشة على الغداء.\nوقال له أحد الطلاب إن "الأولاد البيض يقلقون باطراد من وصفهم بأنهم عنصريون إلى درجة أنهم يسخرون فيما بينهم من ذلك بإطلاق النكات، كوسيلة للتعامل مع ما يخافون منه".\nويقول ريديماتشر إن بعض الأولاد، بعد انتهاء النقاش، انضم إلى مجموعة قيادية لمناهضة العنصرية في المدرسة.\nويضيف أنهم "لا يزالون صغار السن. لكنهم يحاولون التعرف على الحدود الفاصلة بين القضايا. وكيف تكون هناك أمور مثيرة للفكاهة، وأمور أخرى يتسم التعرض لها بالهجوم والعدوان".\nويقول إن صغار السن من البيض "في سن تجعلهم عرضة للانخراط في التطرف"، ولكنهم الآن يعيشون تغييرات ثقافية واسعة النطاق تجعلهم "يشعرون أنهم يتعرضون للهجوم" من التيار العام في المجتمع.\nويضيف أن ثقافة التقليد، وثقافة الألعاب، وثقافة القومية البيضاء، قد تتداخل جميعا، وأنه من السهل جدا أن يبدأ الصغار بإحداها وينتقلون إلى أخرى دون أن يدركوا ذلك.\nتقول شرودر إن الآباء والأمهات بحاجة إلى أن يتدخلوا لأن أطفالهم لن يتوقفوا عن الفحص المدقق للمناقشات التي يسمعونها على الإنترنت. وعلى الآباء أن يسألوا أولادهم أين سمعوا ذلك، وأن يعرضوا عليهم تفسير السياق لهم إن أرادوا.\nالغرب "يخسر معركته ضد التطرف" على الإنترنت\nوتضيف: "غالبا ما أبدأ حديثي معهم هكذا (أعلم أنك لا تريد إيذاء أحد، لذلك أود أن أشرح لك كيف أن نكتة مثل هذه غير مناسبة بالمرة، وأنها مؤذية للمشاعر. بهذه الطريقة ستعرف لماذا لا نريدك أن تقولها مرة أخرى".\nويقول ريديماتشر إنه من المهم بالنسبة إلى المعلمين أن يظلوا متذكرين أن الآباء قد يلجأون هم أيضا إلى وسيلة الدفاع إذا تعرض أطفالهم إلى موقف مخجل. (وقولك في رسالة بريد إلكتروني لوالد أو أم، إن طفلك سيكون من القوميين البيض، ليس كلاما فيه تحمل للمسؤولية".\nولكن كثيرا من الآباء والأمهات قلقون جدا من المواد المتاحة أمام أولادهم على الإنترنت.\nويقول ريديماتشر: "ما كنا نرتكبه من أخطاء غبية هو الأخطاء الغبية التي ستجعلك مثار الأخبار لفترة. ولذلك من الأفضل دائما مشاركة والديك في أي موقف تتعرض له إن استطعت".\nويضيف أن تطبيق مثل تلك الأفكار خلال المنهج الدراسي طوال العام، قد يكون سبيلا سهلا لعلاج مسألة التطرف على الإنترنت. ولكن الآباء الذين يخشون من أن هذا قد يكون "ضد البيض" مخطئون.\nويقول" "ما أعنيه هو أن الفصل الدراسي يمكن أن يكون مكانا يستطيع الأطفال فيه استكشاف الأمور دون أن يتعرضوا إلى أي خجل. إذ إننا إن عرضنا مجموعة إلى الخجل، فإننا ندفعها إلى طريق سلبي".\nوتقول الكاتبة والناقدة الإعلامية شرودر: "أطفالنا بحاجة إلى أن يعرفوا أننا نتوقع منهم أن يكونوا لطفاء، ومحترمين، وأمناء، ليس لأننا نعتقد أنهم ليسوا كذلك بالفعل، بل لأننا نعرف أنهم بالفعل في داخلهم جيدون".

الخبر من المصدر